مضيق هرمز.. 5 تساؤلات عن أهميته لتجارة النفط والغاز وتهديدات إغلاقه
تم تحديثه 17 يونيو 2025
وحدة أبحاث الطاقة

- مضيق هرمز يتحكم في مرور ربع النفط المنقول بحرًا وخُمس تجارة الغاز المسال.
- لماذا تُعد السعودية والإمارات الوحيدتين القادرتين على تجاوز المضيق؟
- أغلب النفط الخام والمكثفات المتدفقة عبر مضيق هرمز يتجه إلى آسيا.
- الولايات المتحدة استوردت 500 ألف برميل نفط خليجي فقط عبر المضيق في 2023.
كثرت التكهنات حول احتمالات إغلاق مضيق هرمز من جانب إيران بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على منشآتها النووية والعسكرية، وقتل عدد من كبار قادتها العسكريين والعلماء العاملين في البرنامج النووي، وهو ما أسفر عن رد إيراني بعدّة هجمات صاروخية.
وعادةً ما تتوالى التحليلات بشأن مضيق هرمز مع كل اضطراب أمني وسياسي يقع في منطقة الشرق الأوسط تكون إيران طرفًا فيه بصورة مباشرة أو غير مباشرة؛ نظرًا إلى أهميته الكبرى في حركة تجارة النفط والغاز العالمية.
ورغم أن هذا المضيق ليس الممر الوحيد للنفط في العالم، فإنه ما يزال الأهم عالميًا؛ بالنظر إلى حجم تدفقات النفط الخام والمكثفات التي تمرّ عبره.
وبحسب أحدث بيانات متاحة -حصلت عليها وحدة أبحاث الطاقة ومقرها واشنطن- فقد بلغ متوسط تدفقات النفط عبر المضيق في عام 2024، قرابة 20.3 مليون برميل يوميًا، أو ما يعادل 20% من إجمالي الاستهلاك العالمي للسوائل النفطية المقدر بنحو 102.7 مليون برميل يوميًا.
ويقل مستوى التدفقات خلال العام الماضي بنسبة 5% أو ما يعادل 1.1 مليون برميل يوميًا عن إجمالي التدفقات البالغة 21.1 مليون برميل يوميًا في عام 2023.
وكانت تدفقات النفط الخام والمكثفات والمنتجات النفطية المارة من المضيق، قد ارتفعت بين عامي 2020 و2022، بمقدار 2.3 مليون برميل يوميًا، مع عودة الطلب على النفط للانتعاش عقب التباطؤ الاقتصادي المرتبط بجائحة كورونا.
ما مشكلات مضيق هرمز وغيره من المضائق؟
يربط مضيق هرمز -يقع بين سلطنة عمان وإيران- بين الخليج العربي وخليج عمان وبحر العرب؛ ما يجعله محط أنظار تجّار النفط الإقليميين والدوليين بصورة كبيرة.
ويبلغ عرض المضيق 50 كيلومترًا، بينما يبلغ عمق المياه فيه 60 مترًا، أمّا عرض ممرَّي الدخول والخروج منه فيبلغ 10.5 كيلومترًا، تستوعب 20 إلى 30 ناقلة نفط يوميًا.
وتوضح الخريطة التالية -أعدتها وحدة أبحاث الطاقة- المضائق والممرات المائية في الشرق الأوسط وموقع مضيق هرمز منها:
وعادة ما تكون المضائق المائية شديدة الحساسية لأيّ اضطرابات أمنية أو جيوسياسية، سرعان ما تنعكس آثارها في شكل أزمات عبور للسفن أو تأخّرها لأيام أو أكثر، بحسب ما ترصده وحدة أبحاث الطاقة دوريًا.
لهذا السبب، تصنّف المضائق مناطق اختناق على طول الطرق البحرية العالمية، لها أهمية قصوى لضمان أمن الطاقة العالمي، إذ يمكن أن تتسبب إعاقة تدفقات النفط عن المرور عبر ممر رئيس -ولو بشكل مؤقت- في تأخيرات كبيرة بالإمدادات وزيادة تكاليف الشحن، ما ينعكس على زيادة أسعار الطاقة العالمية،
وعلى الرغم من إمكان التحايل على معظم نقاط الاختناق أو المضائق، باستعمال طرق بحرية أخرى، فإنها غالبًا ما تؤدي إلى زيادة وقت العبور بصورة كبيرة، كما أن بعض الممرات ليس له بدائل عملية.
لماذا لا تستطيع إيران إغلاق المضيق؟
عادة ما يكثر الحديث عن احتمالات إغلاق مضيق هرمز -من قبل إيران تحديدًا- مع كل توتر يحدث في المنطقة، إلّا أن هذه الأحاديث يغلب عليها الطابع الدعائي والإعلامي أكثر مما تسمح به معطيات الواقع التي تبدو أكبر من قدرات إيران في إغلاقه، بحسب خبير اقتصادات الطاقة ومستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي.
وأشار الحجي في حلقة مخصصة من برنامج أنسيات الطاقة عن هذا الموضوع، إلى أن مضيق هرمز يتّسم بالسعة، إذ يبلغ عرض أضيق نقطة تمرّ منها السفن 33 كيلومترًا، كما أن أغلب ممراته تقع في سلطنة عمان.
استنادًا إلى ذلك، استبعد الحجي مسألة إقدام إيران على غلق المضيق في أيّ وقت؛ لأن إرسال قوّاتها البحرية إلى المضيق سيعني -بالضرورة- احتلال سلطنة عمان عبر السيطرة على المياه العمانية، ما سيؤدي إلى عواقب وخيمة على إيران والمنطقة، مع احتمالات الاحتكاك بالقوات البحرية الأميركية والبريطانية القريبة من محيط المضيق.
كما سيكون لذلك تداعيات عالمية واسعة بالنظر إلى حجم تدفقات النفط الخام والمنتجات النفطية التي تمر عبر المضيق يوميًا، ويبلغ متوسطها 20 مليون برميل يوميًا.
ولا يقتصر أثر الإغلاق على الأسواق العالمية فحسب، بل سيمتد إلى إيران نفسها لاعتمادها على المضيق بصورة أساسية في نقل صادراتها النفطية، فضلًا عن تأثُر حلفائها إذا توقفت صادراتها.
ورغم استبعاد الحجي قيام إيران بغلق المضيق، فإن بعض الفاعلين غير الحكوميين التابعين لها أصبح لديهم قدرة على إثارة التوترات حول المضيق، كما أن تطورات التقنيات في الأعوام الأخيرة مكّنت فئات ومجموعات صغيرة من الشبان الصغار من القدرة على القيام بأعمال تخريبية باستثمارات ضئيلة في الطائرات المسيرة الصغيرة، على سبيل المثال.
خريطة تدفقات النفط عبر المضيق
يكتسب مضيق هرمز أهميته من حجم التدفقات النفطية التي تمرّ عبره من الشرق الأوسط إلى أوروبا وآسيا وأفريقيا، والتي تشكل ربع إجمالي النفط العالمي المنقول بحرًا.
وانخفض إجمالي التدفقات النفطية (شاملة النفط الخام والمكثفات والمنتجات النفطية) العابرة لمضيق هرمز بنسبة 5.1% على أساس سنوي لتصل إلى 20.3 مليون برميل يوميًا في عام 2024.
وجاء ذلك مع انخفاض تدفقات النفط الخام والمكثفات إلى 14.3 مليون برميل يوميًا في عام 2024، مقارنة بنحو 15.5 مليونًا عام 2023.
ويرجع سبب ذلك إلى تخفيضات الإنتاج في تحالف أوبك+، التي أدّت إلى تراجع صادرات النفط وتدفقاته عبر المضيق؛ خاصة من السعودية والكويت والإمارات، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
على الجانب الآخر، ارتفعت تدفقات المنتجات النفطية إلى 5.9 مليون برميل يوميًا خلال 2024، مقارنة بنحو 5.8 مليون برميل يوميًا في عام 2022.
وعلى مستوى الأداء الفصلي، تشير أحدث بيانات صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى انخفاض إجمالي تدفقات النفط الخام والمكثفات والمنتجات النفطية المارة عبر مضيق هرمز إلى 20.1 مليون برميل يوميًا خلال الربع الأول من عام 2025.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور تدفقات النفط عبر مضيق هرمز مقارنة بحجم تجارة النفط العالمية المنقولة منذ عام 2020 وحتى الربع الأول من عام 2025:
وعلى المستوى العالمي، انخفض حجم تجارة النفط العالمية المنقولة بحرًا إلى 75.5 مليون برميل يوميًا في عام 2024، مقارنة بنحو 76 مليونًا خلال عام 2023، بينما ارتفع حجم التجارة إلى 75.7 مليون برميل يوميًا خلال الربع الأول من عام 2025.
حجم تجارة الغاز المسال عبر المضيق
لا يتحكم مضيق هرمز في مرور ربع تجارة النفط العالمية المنقولة بحرًا فحسب، بل يتحكم -أيضًا- في مرور خُمس تجارة الغاز المسال العالمية، كما تستعمله قطر والإمارات في تصدير الغاز المسال.
وبلغت صادرات قطر من الغاز المسال عبر مضيق هرمز، خلال عام 2023، قرابة 9.5 مليار قدم مكعبة يوميًا، في حين بلغت صادرات الإمارات 0.6 مليار قدم مكعبة يوميًا، أما الكويت فتعتمد عليه في استيراد الغاز الطبيعي المسال.
وبصورة عامة، انخفض إجمالي تدفقات الغاز المسال العابرة للمضيق إلى 10.3 مليار قدم مكعبة يوميًا خلال عام 2024، مقارنة بنحو 10.5 مليار قدم مكعبة يوميًا في عام 2023.
بينما ارتفعت التدفقات إلى 11.5 مليار قدم مكعبة يوميًا خلال الربع الأول من عام 2025، بحسب أحدث بيانات صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية (16 يونيو/حزيران 2025).
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور إجمالي تدفقات الغاز المسال عبر مضيق هرمز خلال منذ عام 2020 وحتى الربع الأول من عام 2025:
ما الدول القادرة على تجاوز اضطراباته؟
رغم صعوبة تجاوز مضيق هرمز بالنسبة لأغلب دول الشرق الأوسط، فإن السعودية والإمارات هما الدولتان الوحيدتان اللتان لديهما القدرة على الالتفاف حول المضيق وتجاوزه اضطراباته؛ لامتلاكهما خطوط أنابيب عاملة تمكّنهما من ذلك.
وتدير شركة أرامكو السعودية -على سبيل المثال- خط أنابيب (شرق-غرب) الذي تبلغ طاقته في نقل النفط الخام قرابة 5 ملايين برميل يوميًا، وُسِّعَت -مؤقتًا- إلى 7 ملايين برميل يوميًا عام 2019، عندما حولت الشركة بعض خطوط أنابيب سوائل الغاز الطبيعي إلى خطوط مهيأة لنقل النفط الخام.
ويمتد الأمر نفسه إلى الإمارات التي تربط حقولها النفطية البرية بمحطة الفجيرة للتصدير الواقعة على خليج عمان عبر خط أنابيب تبلغ طاقته 1.8 مليون برميل يوميًا.
وافتتحت إيران عام 2021 خط أنابيب غوره جاسك "Goreh-Jask" بطاقة 0.3 مليون برميل يوميًا، مرفق به محطة تصدير على خليج عمان، لكنها استعملته مرات قليلة أولها كان في يوليو/تموز 2021، ثم استعمله مرة أخرى في صيف 2024 لتصدير 70 ألف برميل يوميًا، ولم تستعمله مجددًا منذ سبتمبر/أيلول 2024.
وتشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى وجود 2.6 مليون برميل يوميًا من قدرة خطوط الأنابيب غير المستعملة، بالنسبة للإمارات والسعودية، ما قد يمكنهما من تجاوز أيّ اضطرابات قد تؤدي إلى انقطاع الإمدادات عبر مضيق هرمز.
ما حجم النفط السعودي المتدفق عبر المضيق؟
تنقل السعودية كميات كبيرة من النفط الخام والمكثفات عبر مضيق هرمز أكبر من أيّ دولة أخرى، ويُصدّر معظمها إلى دول أخرى، بحسب بيانات منصة فورتيكسا (Vortexa) المتخصصة في تتبّع حركة ناقلات النفط والغاز عالميًا.
وبحسب بيانات عام 2024، فقد شكلت صادرات السعودية من النفط الخام والمكثفات قرابة 38% أو ما يعادل 5.5 مليون برميل يوميًا، من إجمالي تدفقات النفط الخام والمكثفات المارة عبره خلال العام والبالغة 14.3 مليون برميل يوميًا.

وترجّح تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية توجُّه 843% من تدفقات النفط الخام والمكثفات، و83% من تدفقات الغاز المسال العابرة للمضيق إلى الأسواق الآسيوية في عام 2024.
وكانت الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية أكبر الوجهات الرئيسة للنفط الخام الذي يتحرك عبر مضيق هرمز إلى آسيا، لتستحوذ هذه الدول مجتمعة على 69% من إجمالي تدفقات الخام والمكثفات عبر المضيق في عام 2024.
كما أظهر جانب آخر من بيانات عام 2024، استيراد الولايات المتحدة قرابة 0.5 مليون برميل يوميًا من النفط الخام والمكثفات من دول الخليج عبر مضيق هرمز، ما يمثّل 7% من واردات النفط الخام والمكثفات الأميركية، و2% من استهلاك السوائل النفطية في الولايات المتحدة.
تجدر الإشارة إلى أن واردات الولايات المتحدة من النفط الخام من دول الخليج قد انخفضت بمقدار النصف منذ عام 2018، كما سجل مستوى الواردات في عام 2024 أدنى مستوياتها منذ 40 عامًا، مدفوعًا بزيادة الإنتاج المحلي وارتفاع الواردات من كندا.
موضوعات متعلقة..
- تأثير هجمات إسرائيل على إيران.. هل ترتفع أسعار النفط لـ100 دولار؟
- مضيق باب المندب.. لماذا يتصارعون حوله وما أهميته لتجارة النفط والغاز؟ (تقرير)
- 6 تساؤلات عن طريق رأس الرجاء الصالح ومقارنته مع قناة السويس (أرقام وخرائط)
اقرأ أيضًا..
- وقف ضخ الغاز الإسرائيلي إلى مصر والأردن.. ومحاولات لعدم قطع الكهرباء
- 6 دول عربية تواجه أزمة كهرباء في الصيف (تقرير)
- حقل شتوكمان الروسي.. كنز غاز في قلب القطب الشمالي
- أمين عام أوبك: وكالة الطاقة الدولية تعزز مخاوف سوق النفط بتقديرات خاطئة