وقود الطائرات المستدام سلاح الإمارات لخفض انبعاثات النقل الجوي
ياسر نصر
يُعَد وقود الطائرات المستدام أحد المرتكزات الأساسية في إستراتيجية الإمارات لخفض الانبعاثات من قطاع النقل الجوي، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.
إذ تشهد الإمارات طفرة ملحوظة في مجال الاستدامة بقطاع الطيران، مع سعى الأطراف الحكومية والخاصة كافة إلى تحقيق توازن فعّال بين تلبية احتياجات النقل الجوي المتزايدة وفي الوقت نفسه الحفاظ على البيئة، وذلك في إطار إستراتيجية شاملة.
الطفرة التي تشهدها صناعة الطيران في مجال الاستدامة لا تقتصر على مجال معين، بل تشمل الجهات والنواحي كافة، بدءًا من المطارات مرورًا بشركات الطيران على اختلافها، وجهود صناعة وقود الطائرات المستدام، وصولًا إلى قطاع صناعي أكثر استدامة في مجال الطيران، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتبذل الإمارات جهودًا كبيرة لإنشاء بنية تحتية مبتكرة، مع تطوير مطارات أكثر صداقة مع البيئة واعتماد تقنيات الطيران الذكي لتحسين كفاءة الرحلات وتقليل استهلاك الطاقة.
وقود الطائرات
يحظى ملف الوقود في قطاع الطيران باهتمام بارز في الأجندة الوطنية لدولة الإمارات؛ إذ أثمر الاهتمام تأسيس لجنة الوقود المستدام والوقود منخفض الكربون لقطاع الطيران عام 2020، برئاسة وزير الطاقة والبنية التحتية، وعضوية وزارة الخارجية، ووزارة التغير المناخي والبيئة، ووزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ووزارة الاقتصاد، والهيئة العامة للطيران المدني، وشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك".
وتسعى اللجنة إلى الإسهام في وضع إستراتيجية سياسة عامة للدولة حول وقود الطائرات المستدام والوقود منخفض الكربون في قطاع الطيران، وتشجيع الشراكة مع القطاع الخاص ودعوة المستثمرين للاستثمار في الطاقة المستدامة بهذا القطاع، وتطوير الدراسات والبحوث العلمية في المجالات ذات الصلة بالوقود المستدام للطائرات والوقود منخفض الكربون، ودعم الهيئة العامة للطيران المدني في المفاوضات الدولية والإقليمية ذات الصلة بالتغير المناخي.
وتقود شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" العديد من الجهود لدعم تنمية قطاع وقود الطائرات المستدام في دولة الإمارات والعالم؛ إذ وقّعت اتفاقيات مع شركتي بوينغ وإيرباص؛ الأمر الذي من شأنه دعم التوجهات نحو تحقيق الحياد الكربوني لقطاع الطيران التجاري بحلول 2050.
ومن جهة أخرى أعلنت "أدنوك"، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حصول مصفاة الرويس التابعة لها على الشهادة الدولية للاستدامة والكربون لإنتاج وقود الطائرات المستدام؛ ما يجعلها الشركة الأولى على مستوى الشرق الأوسط التي تحصل على هذا التقدير الدولي المميز، الذي يؤكد التزامها الراسخ بالتعاون مع عملائها لتسريع جهودهم لخفض الانبعاثات.
وبحصولها على الشهادة الدولية لإنتاج وقود الطائرات المستدام من خلال المعالجة المشتركة باستعمال مصافي التكرير الحالية، وفقًا لخطة التعويض عن الكربون وخفضه في مجال الطيران الدولي، ستتمكن "أدنوك" من تزويد شركات الطيران الدولية في "مطار أبوظبي الدولي" بالوقود المستدام الذي يتم إنتاجه باستعمال زيوت الطهي المستعملة، بوصفها مادةً أوليةً تُمزَج بوقود الطائرات في مصفاة "الرويس".
مطارات الإمارات
تسعى مطارات الإمارات، أيضًا، إلى تخفيض انبعاثاتها من الكربون؛ إذ وضعت مطارات دبي أهدافًا طموحة لخفض انبعاثات الكربون الناتج عن تشغيل مطار دبي الدولي بشكلٍ كبير بحلول عام 2030، وتوجيه الانتباه للطاقة والماء والنفايات واستهلاك الوقود، في حين يلتزم مطار دبي بالعمل عن كثب مع شركات الطيران وأصحاب المصلحة الآخرين لتعزيز ممارسات الطيران المستدامة.
وتشمل مبادرات مطارات دبي تحسين كفاءة وفاعلية الكثير من العمليات والخدمات داخل المطار مثل الإضاءة المحسنة والتعهد بإعادة توجيه 60% من النفايات من مكبات مدافن النفايات، وتبني حلول الطاقة النظيفة واعتماد نماذج نقل صديقة للبيئة، واستعمال وقود الطائرات المستدام ومصادر الطاقة المتجددة في الإضاءة والتدفئة والتهوية وتكييف الهواء.
وفي مطار أبوظبي تعد الاستدامة ركيزة أساسية في تصميم مبنى المسافرين A، إذ تم تركيب 7540 لوحًا لتوليد الطاقة الشمسية في مواقف السيارات، بهدف تظليل السيارات وتقليل انبعاثات الكربون، وهو ما يسهم في تخفيض الانبعاثات بمقدار 5300 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، ما يعادل الانبعاثات الصادرة عن 1060 مركبة متوسطة للاستعمال العائلي لمدة 12 شهرًا.
جدير بالذكر أن مبنى المسافرين A حاصل على اعتماد "المباني الخضراء" بموجب نظام تقييم المباني "PBRS" مع تقييم 3 لآلئ للتصميم، في حين أن أكثر من 70% من النباتات المستعملة في منطقة المبنى أنواع محلية قابلة للتكيف ومقاومة للجفاف والملوحة.
وخلال إنشاء المبنى تمت إعادة تدوير أكثر من 90% من الفولاذ المستعمل واعتماد 82% من الأخشاب المستعملة التي تم الحصول عليها من مصادر قانونية ومستدامة، كما تم تركيب المواد والتجهيزات الخاصة بكفاءة استعمال المياه في جميع أنحاء المبنى؛ ما أدى إلى تقليل استهلاك المياه بنسبة 45% مقارنة بأرقام معيار استدامة.
حماية البيئة
تظهر جهود الإمارات في مجال الاستدامة من خلال ما تقوم به شركات الطيران في الدولة كطيران الاتحاد وطيران الإمارات من تشجيع وتبني الابتكار والتطوير المستدام للإسهام في حماية البيئة وتحقيق تنمية مستدامة على المدى الطويل.
إذ تقود "الاتحاد" عملية تطوير أنواع من الوقود المستدام الجديد للحد بشكل كبير من انبعاثات الكربون، عن طريق إنتاج أنواع الوقود الحيوي من النباتات التي تتحمل المياه المالحة، وتتعهد بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وترتكز إستراتيجية الاستدامة في "الاتحاد للطيران" على مبادئ تحقيق الانخفاض في الانبعاثات الكربونية من خلال تطبيق إجراءات خاصة بقطاع الطيران، بالتوافق مع خطط وأطر العمل الطوعية التي يطبّقها الشركاء في القطاع، وبالتعاون مع الهيئات المعنية، إضافة إلى اعتماد الشفافية والحلول الاستباقية لمعالجة قضايا الاستدامة، ومواصلة تطوير خريطة طريق إستراتيجية لتحقيق هذه الأهداف.
ومن جهتها تتبنّى طيران الإمارات العديد من المبادرات الهادفة إلى دعم وترسيخ قطاع طيران أكثر استدامة وصداقة مع البيئة؛ من بينها تخصيص 200 مليون دولار أميركي لتمويل مشروعات البحث والتطوير التي تركز على الحد من تأثير الوقود الأحفوري في عمليات الطيران التجاري، في أكبر التزام منفرد من قِبل ناقلة جوية بشأن الاستدامة.
وتركز سياسة وإستراتيجية طيران الإمارات البيئية طويلة الأمد أنشطتها على 3 مجالات، تشمل الحد من الانبعاثات، والاستهلاك المسؤول، والحفاظ على الحياة البرية والموائل.
وأكملت طيران الإمارات بنجاح أول رحلة تجريبية عمل أحد محركي الطائرة فيها بوقود مستدام بنسبة 100%، وهي تواصل المشاركة بنشاط في سوق هذا النوع من الوقود والبحث عن فرص لاستعماله ضمن شبكتها، وتشارك في عدد من مجموعات العمل بالصناعة والجهات ذات الصلة بمبادرات وقود الطائرات المستدام.
موضوعات متعلقة..
- مصدر الإماراتية تقتحم قطاع وقود الطائرات المستدام باتفاق مع "إيرباص"
- إينوك لينك.. أول محطة وقود متنقلة تعمل بالطاقة الشمسية في العالم
اقرأ أيضًا..
- أمين عام أوابك: دول النفط والغاز تواجه تحديات.. و4 بلدان لديها خطط كبيرة للطاقة المتجددة (حوار)
- هبوط صادرات النفط لـ5 دول عربية في 9 أشهر.. ومصر تخالف الاتجاه (رسوم بيانية)
- الغاز المسال الروسي يتدفق إلى أوروبا بمعدلات ضخمة.. و3 دول في المقدمة