نقل الهيدروجين عبر خطوط الغاز الجزائري يوفر 10% من احتياجات أوروبا
ياسر نصر
تتطلع دول أوروبا إلى نقل الهيدروجين عبر خطوط الغاز الجزائري للمساهمة في توفير جزء كبير من احتياجاتها من مصدر الطاقة الذي يُنظر إليه بصفته وقود المستقبل.
وتمتلك الجزائر خطوط غاز قائمة تربطها بإيطاليا وإسبانيا مباشرة، وتستهدف إنشاء خط جديد، مع خطط لإعادة تهيئة البنية التحتية القائمة حاليًا لاستيعاب نقل الهيدروجين في المستقبل.
ويعدّ نقل الهيدروجين عبر خطوط الغاز أحد أبرز الخيارات المتاحة حاليًا لدى دول الاتحاد الأوروبي، إذ وقّعت وزارات الطاقة في النمسا وألمانيا وإيطاليا خلال مايو/أيار 2023 خطاب دعم سياسي مشترك لتطوير ممر الهيدروجين إلى أوروبا، معتمدة في ذلك على البنية التحتية الخاصة بخطوط الغاز القائمة، مع إعادة تطويرها وتوجيهها.
الهيدروجين الأخضر في الجزائر
تعتزم دول أوروبا الاستفادة من خطوط الغاز الجزائري في نقل الهيدروجين الأخضر المنتج من محطات الطاقة الشمسية العملاقة في شمال أفريقيا، وصولًا إلى الأسواق الأوروبية.
وقالت وزارة الاقتصاد والمناخ الألمانية، إن الخطط جارية لتوسيع ممر خط أنابيب الغاز الموجود من الجزائر إلى جنوب ألمانيا عبر تونس وإيطاليا، والذي سينقل في نهاية المطاف الهيدروجين الأخضر.
يبلغ طول خط أنابيب (ترانسميد)، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، 2475 كيلومترًا، إذ ينقل الغاز من الجزائر إلى إيطاليا عبر تونس وصقلية، ويُعدّ من أكبر أنابيب النفط والغاز في أفريقيا.
ويمثّل خط أنابيب ترانسميد، الذي بدأ تشغيله في عام 1983، أطول نظام دولي لأنابيب الغاز في العالم، وتبلغ سعة خط الأنابيب 110 ملايين متر مكعب يوميًا، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وكشفت وزارة الاقتصاد والمناخ الألمانية خططًا للاستعانة بخطوط الغاز الجزائرية في نقل الهيدروجين إلى أوروبا خلال افتتاح اجتماع الشراكة الألمانية الجزائرية في مجال الطاقة بالجزائر العاصمة، بحضور وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب وكاتب الدولة الألماني المكلف بالاقتصاد وحماية المناخ ستيفان فينزل.
وتأمل الجزائر -وهي مورّد رئيس للغاز إلى أوروبا- في توفير ما يصل إلى عُشر الطلب على الهيدروجين الأخضر في أوروبا، حسبما ذكر موقع هيدروجين إنسيت (hydrogeninsight)
وتستهدف الجزائر إنتاج وتصدير ما بين 30 مليارًا و40 مليار كيلوواط/ساعة (ما يصل لمليون طن عند تحويله إلى هيدروجين)، في شكل هيدروجين غازي وسائل ومشتقاته
وأوضحت وزارة وزارة الاقتصاد والمناخ الألمانية أن الدولة الواقعة في شمال إفريقيا عقدت هذا العام أيضًا مناقصتين كبيرتين للطاقة الشمسية، وقالت وكالة أنباء آر إن دي (RND) الألمانية، إنه من المقرر أن تنتج مزارع الطاقة الشمسية العملاقة في الصحراء الكبرى الجزائرية الطاقة المتجددة اللازمة لإنتاج الهيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي المقرر تصديره إلى أوروبا.
وتمتلك الحكومة الجزائرية مخططًا يستهدف توليد نحو 15 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2035، من خلال الاعتماد على الطاقة الكهروضوئية والطاقة الشمسية الحرارية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى التوليد المشترك، والكتلة الحيوية، والطاقة الحرارية الأرضية.
الغاز الجزائري
من جهة أخرى، زارت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني الجزائر يوم الإثنين 23 أكتوبر/تشرين الأول، وأبرمت صفقات بشأن "جسر الطاقة" الجزائري الإيطالي بهدف جعل إيطاليا مستقلة عن إمدادات الغاز الروسي حتى شتاء 2024/2025.
وقالت ميلوني بعد لقائها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون: "الجزائر اليوم هي بالفعل أهم مورّد للغاز لدينا، وإستراتيجية لإمدادات الطاقة".
وأضافت: "وبفضل التعاون الجديد، سنعمل على توسيع الاتصال الحالي بين أفريقيا وإيطاليا"، حسبما ذكرت وسائل إعلام إيطالية.
وكان رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراجي قد تفاوض على اتفاقية تعاون جديدة مع الجزائر، أدت لمضاعفة إمدادات الغاز إلى إيطاليا لأكثر من 20 مليار متر مكعب العام الماضي، وهو حجم من المقرر أن يصل إلى 36 مليار متر مكعب في السنوات المقبلة.
ووقّعت الجزائر خلال الأشهر الماضية عدّة اتفاقيات مع إيطاليا، تتضمن زيادة قدرة نقل الغاز الحالية، وإنشاء خط أنابيب جديد أيضًا لنقل الهيدروجين من الجزائر إلى أوروبا، ومدّ خط كهربائي بحري للربط بين البلدين، وزيادة القدرة على إنتاج الغاز المسال.
ممر الهيدروجين
ناقشت ألمانيا أيضًا فكرة إنشاء خطوط أنابيب مخصصة للهيدروجين الأخضر في أعقاب شراكات الطاقة مع دول أخرى، مثل النرويج.
ويعدّ ممر الهيدروجين إلى أوروبا -يُطلق عليه أيضًا "ممر الهيدروجين الجنوبي "ساوث إتش 2"- أحد المشروعات البارزة في هذا الإطار، إذ يمكن ربطه بالخطوط القادمة من الجزائر.
وممر الهيدروجين هو خط أنابيب مخصص وجاهز لنقل للهيدروجين بطول 3 آلاف و300 كيلومتر، بقيادة 4 مشغّلين رؤساء لنظام التوزيع الأوروبي: سنام، وتاغ، وجي سي إيه، وبايرنتس.
الخريطة التالية، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، تستعرض مسار ممر الهيدروجين في أوروبا:
ومع تزايد الاهتمام بنقل الهيدروجين عبر خطوط الغاز، عاد خط أنابيب غالسي بين الجزائر وإيطاليا، الذي جُمِّد قبل 10 سنوات، إلى دائرة المباحثات منذ نهاية العام، وسط خطط لاستعماله في تصدير الهيدروجين إلى أوروبا.
كان خبير الهيدروجين والصناعات الغازيّة لدى منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول "أوابك"، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، قد قال في تغريدات سابقة عبر حسابه في "تويتر": "إن التصميم الأصلي لخطّ أنابيب غالسي هو نقل الغاز الطبيعي، أمّا إذا تمّ تحويله للعمل بالهيدروجين النظيف، فيستطيع نقل ما يعادل 2.5 مليون طن سنويًا من الهيدروجين، وهو ما يجعله من أكبر مشروعات تصدير الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا".
وأضاف عبدالمعطي: "بتقديري، إذ أُعيد إحياء مشروع خط أنابيب غالسي لنقل الهيدروجين، فستستطيع الجزائر من خلاله تغطية نحو 25% من واردات أوروبا المستقبلية من الهيدروجين بحلول عام 2030".
موضوعات متعلقة..
- نقل الهيدروجين عبر خطوط الغاز.. التكلفة المنخفضة هل تجعله خيارًا عالميًا؟
- 3 دول تسبق المغرب والجزائر في مشروع نقل الهيدروجين عبر خطوط الغاز
اقرأ أيضًا..
- انهيار واردات مصر من الغاز الإسرائيلي بعد حرب غزة.. بالأرقام
- إيرادات صادرات النفط السعودي تتراجع 27% خلال أغسطس
- 4 من عمالقة الطاقة في الخليج يوسعون استثماراتهم بقطاع الغاز