تشغيل محطات الطاقة الكهرومائية دون قتل الأسماك.. تقنية جديدة
محمد عبد السند
- يتزايد استعمال محطات الطاقة الكهرومائية عالميًا في توليد الكهرباء النظيفة.
- هناك معضلة بين محطات الطاقة الكهرومائية والأسماك.
- أصبح ثُلث جميع أنواع أسماك المياه العذبة مهددًا بالانقراض.
- من المتوقع أن يُحدث مشروع هيدروأوير تطورات حاسمة في تقنية تتبع الأسماك.
- تؤدي حلول تتبع الأسماك دورًا حاسمًا في مراقبة سلوك تلك الكائنات داخل محطات الطاقة الكهرومائية وحولها.
توفر محطات الطاقة الكهرومائية الكهرباء النظيفة المستدامة، لكنها تأتي مقترنة بمعدلات نفوق هائلة للأسماك في معضلة عالمية تتعين معالجتها بحلول جذرية للحيلولة دون فقدان التنوع الحيوي البيئي من أجل تحول الطاقة.
وتشهد الطاقة الكهرومائية، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة، معدلات نمو مضطرة عالميًا؛ إذ يوفر هذا المصدر من مصادر الطاقة المتجددة ما يصل إلى 16% من الكهرباء في العالم.
ومن المتوقع أن تتضاعف تلك النسبة -تقريبًا- بحلول أواسط القرن الحالي (2050)، مع وجود أكثر من 3 آلاف و700 سد جديد قيد الإنشاء أو التخطيط؛ معظمها في أميركا الجنوبية وجنوب شرق آسيا وأفريقيا.
عالميًا، أضحى ثُلث أنواع أسماك المياه العذبة مهددًا بالانقراض، وهو ما يُعزى، من بين أسباب رئيسة عديدة أخرى، إلى محطات الطاقة الكهرومائية والسدود التي تعمل على تعديل موائل الأنهار، وإغلاق طرق هجرة الأسماك، ونفوق الأسماك وإصابتها.
معضلة الطاقة الكهرومائية والأسماك
لا تهدد محطات الطاقة الكهرومائية أعدادًا ضخمة من الأسماك فحسب، بل تتسبب أيضًا في خسائر في إيرادات الصناعة (على سبيل المثال، بسبب الغرامات) وتقليل الجودة البيئية للمجتمع.
وبناءً عليه يتضح أن سيناريو نمو الطاقة الكهرومائية في جميع أنحاء العالم يتعارض مع أهداف الحفاظ على البيئة العالمية والوطنية؛ الأمر الذي يمكن أن يعوق التوسع في هذا القطاع، ويخلق سياقًا عدائيًا بين الطاقة الكهرومائية والأسماك.
تتبع الأسماك بالذكاء الاصطناعي
في مساعيها الرامية لإنهاء معضلة محطات الطاقة الكهرومائية والأسماك، كشفت شركة أوشن سوبركلاستر Ocean Supercluster الكندية النقاب عن مشروع هيدروأوير، مبادرة تبلغ قيمتها 10.5 مليون دولار وتهدف إلى تطوير إمكانات تلك الطاقة المتجددة مع ضمان المحافظة على الموائل المائية عبر مراقبة الأسماك بتقنية الذكاء الاصطناعي، بحسب ما أورده موقع ووتر باور أند دام كونستركشن Water Power and Dam Construction المتخصص.
ومن المتوقع أن تعزز مبادرة تقنية تتبع الأسماك مواجهة التحديات التي تفرضها البيئات البحرية، وتحسين استحداث رؤى تتبع الأسماك في المواقع النائية.
ومن المتوقع -أيضًا- أن يُحدث مشروع هيدروأوير الذي تقوده شركة إنوفاسي Innovasea تطورات حاسمة في تقنية تعقب الأسماك؛ إذ تستهدف تلك التطورات مواجهة التحديات القائمة التي تواجهها شركات الطاقة الكهرومائية مثل تيسير عمليات الحصول على تراخيص لمشروعات محطات الطاقة الكهرومائية وطاقة المد والجزر، وخفض القواعد البيروقراطية المتعلقة بالتنظيم، وتعزيز فرص تحقيق الإيرادات في قطاع الطاقة المتجددة.
ويُعَد المشروع الذي يدعم استثمارات إجمالية قيمتها قرابة 10.5 مليون دولار، جهدًا تنسيقيًا؛ إذ تسهم فيه أوشن سوبركلاستر بما قيمته 5 ملايين دولار عبر برنامج إستراتيجية الذكاء الاصطناعي لعموم كندا.
ويأتي الدعم المالي المتبقي من شركاء آخرين في المشروع؛ من بينهم مركز أبحاث طاقة المحيطات، وشركات بيغ مون باور BigMoon Power ، ونوفا سكوتيا باور Nova Scotia Power ، ونيو برنزويك باور كوربوريشن New Brunswick Power Corporation ، وديب سينس DeepSense.
خيار صعب
تواجه شركات الطاقة الكهرومائية غالبًا خيارًا صعبًا بين إنتاج الكهرباء والمحافظة على البيئة؛ ما يجعلها في مواجهة تحدي تقليل آثار بنيتها التحتية في موائل الأسماك مع الالتزام في الوقت ذاته بالقواعد الصارمة، بحسب معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتؤدي حلول تتبع الأسماك دورًا حاسمًا في مراقبة سلوك تلك الكائنات داخل محطات الطاقة الكهرومائية وحولها.
ويدشن مشروع هيدروأوير عصرًا جديدًا لتقنية تتبع الأسماك عبر استعمال الذكاء الاصطناعي والذي سيتيح لشركات الطاقة الكهرومائية جمع مزيد من البيانات حول سلوك الأسماك، وتسريع الموافقات التنظيمية، وتعزيز جهود كندا في توليد الكهرباء من محطات الطاقة الكهرومائية.
وسيساعد هذا النظام القائم على الذكاء الاصطناعي في جمع أدلة مادية على المرور الآمن للأسماك؛ ومن ثم تبسيط عملية الحصول على الموافقات التنظيمية.
وفي معرض تعقيبها على هذا المشروع الإبداعي، قالت كيندرا ماكدونالد الرئيسة التنفيذية لشركة أوشن سوبركلاستر: "الذكاء الاصطناعي في المحيطات لديه القدرة على المساعدة في إحداث تحول في الطريقة التي نمارس بها الأعمال ذات الصلة بالمحيطات".
أهداف عدة
يستهدف مشروع هيدروأوير، الذي يضم شركاء من مختلف قطاعات المحيطات، تطوير الذكاء الاصطناعي في تقنية تتبع الأسماك، وإدارة حركة الأسماك حول البنية التحتية الخاصة بالطاقة الكهرومائية، ودعم النمو المستدام للصناعة وخلق فوائد اقتصادية وتوفير فرص عمل جديدة في تلك الصناعة الحيوية.
وسلط رئيس شركة إنوفاسي مارك جوليمور، الضوء على إمكان دمج قدرات الذكاء الاصطناعي في تكنولوجيا تتبع الأسماك، قائلًا إن "دمج قدرات الذكاء الاصطناعي في تكنولوجيا تتبع الأسماك الحالية لدينا سيساعد على ضمان قدرة منتجي الطاقة الكهرومائية في كندا وخارجها على تحقيق أهدافهم في مجال الطاقة الخضراء بطريقة تحافظ على الموائل وتقلل من التأثيرات على الحياة البحرية".
وأوضح جوليمور: "الذكاء الاصطناعي سيمكننا من مراقبة نشاط الأسماك في البيئات التي كانت في السابق نائية جدًا، أو غير مواتية؛ ما يُعَد محفزًا للجيل القادم من محطات الطاقة الكهرومائية أو طاقة المد والجزر (الطاقة القمرية)"، في تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويبني مشروع "هيدروأوير" على التقدم الكبير الذي أحرزته شركة إنوفاسي في تقنية تتبع الأسماك القائمة على الذكاء الاصطناعي التي تزود منتجي الطاقة الكهرومائية ببيانات في أوقات فعلية حول نشاط السمك داخل محطات الطاقة الكهرومائية وحولها، بما يُحقق في النهاية فائدة مزدوجة؛ حماية الحياة البرية وتعزيز كفاءة التشغيل.
ودعمًا للدور الذي تؤديه طاقة المد والجزر في تحقيق أهداف الطاقة النظيفة، أكد مركز أبحاث طاقة المحيطات أهمية هذا المشروع، مردفًا: "طاقة المد والجزر يمكن أن تساعد على تحقيق أهداف الكهرباء النظيفة، والإسهام في اقتصادنا الوطني، وخفض الاعتماد على استيراد الكهرباء".
وواصل: "سيساعدنا مشروع هيدروأوير على استغلال تلك الإمكانات عبر تحسين فهمنا للكيفية التي تتفاعل بها الأسماك وطاقة المد والجزر، وضمان حماية النظم الإيكولوجية البحرية لدينا".
موضوعات متعلقة..
- الجفاف يضرب محطات الطاقة الكهرومائية في تنزانيا.. والحكومة تلجأ إلى تقنين الكهرباء
- تنزانيا تعتمد على محطات الغاز لتوليد الكهرباء بعد أسوأ موجة جفاف
- ما أكبر 10 محطات لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا؟ (إنفوغرافيك)
اقرأ أيضًا..
- الطلب على الهيدروجين قد يصل إلى 150 مليون طن سنويًا بحلول 2030 (تقرير)
- الطائرات المسيرة تُشعل ثورة في صناعة النفط والغاز.. 5 مهام شاقة
- هل يفقد الوقود الأحفوري هيمنته في توليد الكهرباء بسبب الطاقة الشمسية؟.. خبراء يجيبون