سر إقالة "حكار" من رئاسة سوناطراك.. هل يتغلب حشيشي على التحديات؟
الجزائر: عماد الدين شريف
طرحت إقالة توفيق حكار من رئاسة شركة سوناطراك العديد من التساؤلات في الشارع الجزائري، نظرًا لجملة مؤشرات تتجاوز المبررات المنطقية التي عادةً ما تأخذ الأخطاء في التسيير أو حتى التداول على هذا النوع من المناصب معيارًا لها.
ويأخذ التغيير في أعلى هرم شركة النفط والغاز الجزائرية أهميته من أهمية الشركة في حدّ ذاتها، كونها تعدّ الشركة الأكبر في الجزائر ومسؤولة على ما يفوق 94% من إيرادات البلاد من العملة الصعبة، وفق البيانات التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتتولى سوناطراك تصدير المواد النفطية، وعلى رأسها الغاز الطبيعي، الموجّه في الغالب نحو بلدان الضفة الشمالية للمتوسط، عبر خطوط الأنابيب البحرية التي تصل الجزائر بكل من إسبانيا وإيطاليا.
تصنَّف سوناطراك أول شركة رائدة في القارة الافريقية، وأهم مورد للجباية في الجزائر نحو 5548 مليار دينار (40.29 مليار دولار) في 2022 .
دلالات التغيير
تجعل إعادة رشيد حشيشي مجددًا على رأس مؤسسة سوناطراك خلفًا لتوفيق حكار الأصغر سنًا، من فرضية التداول على تسيير أهم المؤسسات العمومية الوطنية مستبعَدة، من منطلق أنّ ذلك يفرض منح المسؤولية لمسؤولين أصغر، لدفع الشركة نحو التطوير أكثر مع الحفاظ على الاستمرارية المطلوبة في إنجاز البرامج.
وعلى هذا الأساس، يبدو أنّ المحطة التي سيقود فيها حشيشي سوناطراك ستركّز بالمقام الأول على تسيير مرحلة معينة، رغم أنّه أعلن في كلمته المقتضبة خلال مراسيم التعيين جملة من الأهداف، يسعى لتحقيقها في المدة المقبلة.
الشفافية ومكافحة الفساد
التزمت سوناطراك، بالعمل على وضع وتطوير كل الوسائل البشرية والمادية لضمان التطبيق الصارم للنظام المتعلّق بمكافحة الفساد، واتخاذ الإجراءات ذات العلاقة بتطبيق آليات نظام إيزو 37001 لإدارة مكافحة الفساد والرشوة، إذ سيعمل فريق مستفيد من هذا التكوين المتخصص على إنجاح مهمة وضع وتنفيذ النظام الذي يعتمد على آليات الرقابة والتسيير الشفاف.
وعلى الرغم من ذلك، ما تزال الشركة الجزائرية تعاني من إشكالات في تنظيمها وإدارتها، بسبب نمط ثقافة العمل البيروقراطي، ما يعوق التحوّل الحقيقي نحو تحقيق الاستدامة والتنافسية في سوق النفط العالمية، بينما يشكّل الفساد الإداري تحديًا كبيرًا في هذا الاتجاه.
حصيلة "إيجابية"
لم يشفع لـ"توفيق حكار" حصيلة وُصفت بـ"الإيجابية" سجلتها سوناطراك، بداية بمستويات الإيرادات، إذ بلغت إيرادات صادرات المحروقات خلال المدة من يناير/كانون الأول إلى مايو/أيار من العام الجاري (2023) نحو 21 مليار دولار، تعود أساسًا لارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية.
ضمن السياق نفسه، توقَّع مشروع قانون المالية التصحيحي لسنة 2023، المعروض حاليًا على البرلمان، بلوغ إيرادات صادرات المحروقات في الجزائر خلال العام الجاري نحو 47.5 مليار دولار، بالموازاة مع رفع قدرات الإنتاج إلى مستوى يقارب 200 مليون طن (1.42 مليار برميل)، كما تمّ من التفاوض على 9 عقود غاز مع الشركاء ومراجعة بنودها من مجمل 11 عقدًا.
وقُدِّر اجمالي الإنتاج الأولي للمحروقات في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي 80 مليون طن (568 مليون برميل) من النفط المكافئ، محققًا زيادة قدرها 2% مقارنة مع المدة نفسها من العام الماضي، التي سجلت إنتاج 72 مليون طن (511 مليون برميل) من النفط المكافئ.
وحققت سوناطراك في عام 2022 خلال وجود توفيق حكار على رأسها 15 اكتشافًا جديدًا للنفط والغاز، من بينها 12 بالجهود الذاتية لسوناطراك، وإتمام 37 عملية حفر للآبار في مجال الاستكشاف، و112 بئرًا في مجال التطوير، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وبلغ مجموع إنتاج النفط الخام في السنة نفسها نحو 45.4 مليون طن (322 مليون برميل) من النفط المكافئ، منها 29.5 مليون طن (209 ملايين برميل) بالجهود الفردية لسوناطراك، و16 مليون طن (114 مليون برميل) في إطار الشراكة.
كما بلغ مجموع إنتاج المكثفات 8.1 مليون طن (56 مليون برميل)، والإنتاج الإجمالي للغاز الطبيعي 132.7 مليار متر مكعب، منها 109.8 مليار متر مكعب بجهود سوناطراك الخاصة، و22.9 مليار متر مكعب ضمن الشراكة.
أكد وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، خلال حفل تنصيب رشيد حشيشي، المجهودات التي قام بها توفيق حكار على رأس شركة سوناطراك، إذ سخّر كفاءته وخبراته الميدانية ليكون في مستوى الثقة التي وُضعت في شخصه.
وشدد عرقاب على أن التغيير، على رأس أهم المؤسسات الوطنية، جاء لإعطاء نفَس جديد للشركة في ظل التحديات الراهنة.
تحديات المسؤول الجديد
حدّد المسؤول الجديد على رأس سوناطراك الأبعاد الأساسية لإستراتيجيته، من خلال العمل على دعم إنتاج المحروقات وتثمين المخزون الوطني، فضلًا عن إيلاء أهمية للتصدير، وضمان استمرار وتكريس قوّتها، في جميع النشاطات، بداية من المنبع إلى المصبّ، وتحريك عجلة نشاط التكرير والبتروكيماويات، بالإضافة إلى شبكة نقل المحروقات وانخراط سوناطراك في التخصصات الجديدة، لتنمية المزيج الطاقي وتطوير الطاقات المتجددة.
وأكد رشيد حشيشي، أيضًا، تلبية احتياجات الوطن في جميع أنواع المحروقات ومشتقاته وتوجيه الفائض للتصدير للمحافظة على مكانة الجزائر في الأسواق الخارجية، بالإضافة إلى التركيز على الاستكشاف لتجديد وتعويض الاحتياطيات النفطية والغازية وضمان ديمومة الشركة، موازاة مع تطوير الإنتاج من النفط والغاز والمكثفات وغاز النفط المسال، من منطلق أنه يعدّ عنصرًا حيويًا لتزوير الوحدات الخاصة بتكرير النفط والمكثفات، ومركبات البتروكيماويات وإسالة الغاز.
من جانبه، دعا وزير الطاقة الجزائري المسؤول الجديد إلى ضرورة التركيز على إبراز موارد جديدة من المحروقات، ووضع برنامج لتطويرها وتثمينها، من خلال تطوير الصناعات التحويلية والرفع من الإنتاج الوطني وخلق فرص عمل جديدة، منبّهًا لضرورة تحقيق استكشافات جديدة وتطوير الحقول وتعزيز قدرات التصدير بالاعتماد على الكفاءات الوطنية، من أجل دعم الاقتصاد الوطني والمشاركة الفعالة في الانتقال الطاقي للبلاد.
حصل رشيد حشيشي، من مواليد 1964، على شهادة مهندس دولة دفعة 1987 من المعهد الوطني للمحروقات والكيمياء، له خبرة 36 سنة في سوناطراك، وشغل عدّة مناصب ومسؤوليات خاصة بنشاط المنبع في ولايات الجنوب (27 عامًا)، وكذلك على المستوى المركزي (9 سنوات)، وترأّس إدارة مجمع سوناطراك عام 2019.
موضوعات متعلقة..
- من هو مدير عام سوناطراك الجديد رشيد حشيشي؟ (فيديو)
- الجزائر تترقب 4 مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر قبل نهاية 2024
اقرأ أيضًا..
- تطورات إنتاج الغاز في مصر قبل تصفية أصول شركة بريطانية
- تحالف أوبك+ يستمر بخفض إنتاج النفط حتى نهاية 2024 دون تغيير
- أنس الحجي: النفط والغاز يواجهان حربًا من دعاة تحول الطاقة.. بدعم إعلامي