ندرة معدن البلاتين تهدد الجدوى التجارية لإنتاج الهيدروجين النظيف
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- البلاتين عنصر مهم في جعل المحلل الكهربائي أكثر تنافسية
- انخفاض المعروض من البلاتين يمثل تحديًا أمام تحول الطاقة
- توقعات بارتفاع الطلب على البلاتين بدعم من سياسات الحياد الكربوني
- الهيدروجين النظيف سيصبح أكبر مصدر للطلب على البلاتين
رغم بروز معدن البلاتين بصفته أحد الحلول أمام جعل تقنيات الهيدروجين النظيف أكثر تنافسية، فإن محدودية إمداداته قد تهدد أهداف الحياد الكربوني والجدوى التجارية لإنتاج الهيدروجين.
ووصف تقرير حديث -حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخة منه- البلاتين بأنه عنصر بالغ الأهمية في الانتقال إلى الطاقة النظيفة عالميًا، رغم أنه معدن أكثر ندرة بنحو 30 مرة من الذهب.
ويتطلب التحول العالمي إلى الطاقة النظيفة التوسع في المصادر المتجددة والبنية التحتية الداعمة لها، وفي مقدمتها بطاريات تخزين الكهرباء، والمحللات الكهربائية وشواحن السيارات الكهربائية، ما يؤدي إلى زيادة الطلب على المعادن.
أهمية البلاتين للتحليل الكهربائي
يأتي البلاتين من بين أندر المعادن، في الوقت الذي يُعد فيه عنصرًا مهمًا لجعل المحلل الكهربائي المستعمل في إنتاج الهيدروجين الأخضر أكثر تنافسية فيما يتعلق بالتكلفة، بحسب تقرير حديث صادر عن منتدى الطاقة الدولي.
ويرى التقرير أن عدم القدرة على زيادة المعروض من البلاتين، لتلبية الطلب سيمثّل تحديًا أمام تحول الطاقة، مؤكدًا أن المعدن سيكون مساهمًا مهمًا في جعل تقنيات الهيدروجين النظيف قابلة للتطبيق تجاريًا.
يُشار إلى أن الهيدروجين النظيف يمكن إنتاجه من الغاز باستعمال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، وهنا يُسمى "الهيدروجين الأزرق"، أو باستعمال التحليل الكهربائي عبر المصادر المتجددة ويطلق عليه "الهيدروجين الأخضر".
وتوجد في السوق أنواع مختلفة للتحليل الكهربائي، ومع ذلك يفضل مطورو مشروعات الهيدروجين المحلل الكهربائي الذي يعمل بتقنية غشاء البولمير، إذ يعدونه أكثر كفاءة من التقنية القلوية، وفقًا لما نقله التقرير عن وكالة الطاقة الدولية.
ورغم بروز وقود الهيدروجين بقدرته على تقليل انبعاثات الصناعات التي يصعب إزالة الكربون منها، مثل صناعة الصلب وقطاع النقل، فإنه يظل مكلفًا نسبيًا، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وبحسب منتدى الطاقة الدولي، تبلغ تكلفة إنتاج الهيدروجين من مصادر الطاقة المتجددة ما بين 3 و8 يورو (3.21- 8.56 دولارًا) لكل كيلوغرام، مقابل ما بين 1 و2 يورو (1.07- 2.14 دولارًا) لكل كيلوغرام للهيدروجين المصنع من الوقود الأحفوري.
وتؤدي كفاءة وطول عمر المحلل الكهربائي الذي يعمل بتقنية غشاء البولمير المصنعة من معدن البلاتين دورًا رئيسًا في خفض تكلفة الهيدروجين النظيف.
الطلب على البلاتين متواضع
في الوقت الذي يُصنف فيه معدن البلاتين بأنه عامل مهم في خفض تكلفة إنتاج الهيدروجين النظيف، ما يزال الطلب متواضعًا، مع توقعات أن يتغيّر الوضع في ظل السياسات الداعمة للحياد الكربوني.
ومن المتوقع أن يكون الطلب على البلاتين قويًا، في ظل تميز التحليل الكهربائي ذي تقنية غشاء البولمير المصنعة من معدن البلاتين، بقدرته على خفض 11% من انبعاثات الكربون التي تتطلبها اتفاقية باريس للمناخ بحلول عام 2030، وفقًا للتقرير.
وبدأت الدول تدرك الأهمية الإستراتيجية للبلاتين في الانتقال إلى الطاقة النظيفة، على رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين، مع وجود سياسات لتحفيز الطلب.
وعلى سبيل المثال، يهدف قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة إلى تسريع إنتاج الهيدروجين النظيف واعتماد السيارات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود، ويتضمن حافزًا ضريبيًا كبيرًا للهيدروجين منخفض الكربون.
وفي السياق نفسه، يهدف الاتحاد الأوروبي إلى زيادة قدرة إنتاج الهيدروجين النظيف إلى 80 غيغاواط بحلول عام 2030.
وبناءً على تلك الخطط المعلنة، يتوقع مجلس الاستثمار العالمي للبلاتين، أن يصبح إنتاج الهيدروجين النظيف أكبر مصدر للطلب على هذا المعدن بحلول عام 2040، ليمثل ما يصل إلى 35% من الاستهلاك العالمي.
عقبات زيادة الإمدادات
تُعد إمدادات معدن البلاتين ضئيلة بصورة كبيرة، ولا يمكن أن تلبي الأهداف المناخية عالميًا، إذ تستطيع الإمدادات الحالية تصنيع محللات كهربائية بقدرة ما بين 3 و7.5 غيغاواط سنويًا فقط، وفق الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا).
ولذلك لا تسمح الكمية المتوفرة منه في تحقيق الحد الأدنى لإجمالي القدرة المركبة، الذي اقترحته وكالة الطاقة والبالغ 134 غيغاواط بحلول عام 2030، خاصة مع عدم وجود أي علامة على أن العرض قد يتوسع لتلبية الطلب المتوقع حتى الآن.
وبصفة عامة، تواجه جميع المعادن المستعملة في الانتقال للطاقة النظيفة مشكلة الفجوة بين العرض والطلب، ويظهر ذلك بصورة خاصة في معدن البلاتين الذي يتوافر في عدد قليل جدًا من الدول.
وتنتج جنوب أفريقيا وحدها أكثر من 70% من إمدادات البلاتين عالميًا، في الوقت الذي تواجه فيه صناعة التعدين بالبلاد تحديات مستمرة جراء الإضرابات والنزاعات.
ومع سلاسل التوريد المحدودة، من المتوقع أن يؤدي ارتفاع الطلب على البلاتين إلى حدوث تقلبات في أسعاره خلال السنوات المقبلة، وفق التقرير، الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
ونتيجة لذلك، يحذّر منتدى الطاقة الدولي من أن الجدوى التجارية للهيدروجين النظيف وخلايا الوقود على المحك، مع مخاوف عرقلة مشروعات البحث والتطوير في مجال التقنيات الخضراء.
كما حذّر من حدوث صراع جيوسياسي قد ينشأ بسبب التنافس على تأمين معدن البلاتين والمعادن المهمة الأخرى.
وتوصل التقرير إلى أن ندرة معدن البلاتين قد تهدد أهداف حيادية الكربون، حال عدم اتخاذ إجراءات لمعالجة الفجوة بين العرض والطلب.
موضوعات متعلقة..
- وكالة الطاقة الدولية: 3 دول أفريقية تشكل غالبية إنتاج الكوبالت والمنغنيز والبلاتين
- خريطة توقعات الطلب على المعادن الحيوية حتى عام 2050 (تقرير)
- اليابان تؤمّن إمدادات المعادن الأرضية النادرة من 5 دول أفريقية
اقرأ أيضًا..
- كيف توقع صندوق النقد إيرادات السعودية من النفط حتى عام 2028؟
- سعة الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ترتفع 57% خلال عام واحد
- احتياطيات النفط في مصر ترتفع بمقدار 27 مليون برميل