رئيسيةتقارير النفطنفط

أسعار البنزين في أميركا لم تنخفض رغم المستوى القياسي لإنتاج النفط.. ما السر؟

دينا قدري

اقرأ في هذا المقال

  • إنتاج النفط الأميركي يستعد لتسجيل مستوى قياسي جديد في عام 2023
  • ارتفاع أسعار البنزين في أميركا هذا الصيف كان مدفوعًا بقرار أوبك وروسيا خفض إمدادات النفط
  • أسعار البنزين في أميركا مرتبطة بالأسواق العالمية وليس إنتاج النفط المحلي
  • أميركا لم تنجح في التخلص من سيطرة أوبك رغم طفرة النفط الصخري

تُعد أسعار البنزين في أميركا بمثابة "غصة في حلق" الرئيس جو بايدن، الذي يخشى تداعيات الأمر على ترشحه لولاية رئاسية ثانية في عام 2024.

فقد أدى الارتفاع المفاجئ في أسعار البنزين أواخر الصيف إلى تفاقم المخاطر التي يشكّلها التضخم على الرئيس بايدن، ويمنح الجمهوريين فرصة جديدة لإلقاء اللوم على أجندته الخضراء.

ومع ذلك، يُعد هذا الاتهام غير صحيح، إذ يستعد إنتاج النفط الأميركي -وهو الأعلى في العالم- لتسجيل رقم قياسي جديد في العام الجاري (2023)، ومن المحتمل أن يرتفع أكثر في عام 2024، وفق تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

إلا أن هذا التدفق المتزايد من النفط الخام فشل في السيطرة على أسعار البنزين، ما يُظهر مرة أخرى أن السوق العالمية هي التي تحرّك أسعار الوقود، التي تشكل -بدورها- المستقبل السياسي للرؤساء في أميركا.

وهذا يعني أن الأحداث التي تقع خارج حدود البلاد ستؤدي دورًا كبيرًا في حكم الناخبين على "خطة بايدن الاقتصادية"، مع ارتفاع أسعار النفط العالمية وانخفاضها استجابةً للظروف المصرفية في أوروبا، وسوق العقارات المتراجعة في الصين، والحرب الروسية في أوكرانيا، والمناورات الأخيرة التي قامت بها السعودية.

عوامل ارتفاع أسعار البنزين في أميركا

ارتفعت أسعار البنزين في أميركا عام 2022، عندما انتعش الطلب على الوقود في البلاد بعد انهيار السوق بسبب جائحة فيروس كورونا، وبعد أن أدى غزو أوكرانيا إلى خفض الدول الأوروبية وارداتها من روسيا، ما أدى إلى إعاقة التدفقات التجارية.

ومع ذلك، فإن ارتفاع هذا الصيف كان مدفوعًا إلى حد كبير بقرار أوبك وروسيا بخفض إمدادات النفط، لضمان عدم ضعف الأسعار، وفق ما جاء في تقرير نشرته صحيفة "بوليتيكو" (Politico) الأميركية.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطورات الطلب على البنزين في أميركا:

الطلب على البنزين في أميركا

وقد سلّطت التخفيضات الطوعية الإضافية التي قامت بها السعودية على وجه الخصوص بمقدار مليون برميل يوميًا، إلى جانب اتفاقية تحالف أوبك+ لخفض الإمدادات، الضوء على توتر العلاقات بين واشنطن والرياض.

ولم يكن من المفترض أن تكون الولايات المتحدة معرضة إلى هذا الحد لأهواء السوق العالمية، بحسب التقرير.

فقد أدى ظهور تقنية التكسير المائي (الهيدروليكي) التي أطلقت طفرة النفط في الولايات المتحدة في أواخر العقد الأول من القرن الـ20، إلى زيادة الآمال في حقبة جديدة مما يُسمّى استقلال الطاقة.

في هذا السيناريو، تستطيع الولايات المتحدة الغنية بالنفط أن تنسحب من الشرق الأوسط، وتعزل نفسها عن تحولات السوق المتقلبة، وتتراجع إلى حالة مريحة من الاكتفاء الذاتي من الطاقة.

هل نجحت طفرة النفط الصخري؟

أكد الزميل في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، بن كاهيل، أن الواقع كان مختلفًا تمامًا، موضحًا: "افترض الناس أن طفرة النفط الصخري ستحدث تغييرًا هائلًا في الجغرافيا السياسية، وأن هذا من شأنه أن يغير بصورة أساسية علاقة الولايات المتحدة مع أوبك".

وأضاف: "لقد رسمنا هذا المسار نحو استقلال الطاقة الذي من شأنه أن يقلب جيوسياسة الطاقة رأسًا على عقب.. ولكن لم يحدث ذلك".

كما قال كاهيل: "نحن أكبر منتج للنفط في العالم.. نحن أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم.. ولكن الحقيقة هي أن أسعار الطاقة في الولايات المتحدة ما تزال تعتمد على الأسواق العالمية".

يحدث ذلك، لأنه على الرغم من أن حقول النفط في ولايات مثل تكساس ونيو مكسيكو وداكوتا الشمالية دفعت الولايات المتحدة إلى قمة الدول المنتجة للنفط، فإن الأسواق الإقليمية ما تزال تجد أنه من الأسهل استيراد درجات معينة من النفط الخام من كندا والمكسيك والمملكة العربية السعودية وأماكن أخرى.

وما تزال الولايات المتحدة تستورد نحو 40% من النفط الذي تستهلكه، على الرغم من أن صادرات النفط الخام والمنتجات النفطية ما تزال تتجاوز تلك الشحنات.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إنتاج النفط الأميركي منذ عام 1990:

إنتاج النفط الأميركي

"أوبك" تسيطر على أسعار البنزين في أميركا

إنها ليست النتيجة التي كان بعض الخبراء يأملون فيها من صعود الولايات المتحدة إلى قوة عظمى في مجال الطاقة.

فقد توقع كاتب عمود الرأي في وول ستريت جورنال والتر راسل ميد، في عام 2018، أن إمدادات الطاقة الوفيرة في الولايات المتحدة ستمكن أسواق الطاقة من "التغلب على الصدمات الجيوسياسية".

وتوقع محلل سوق النفط إد مورس، في عام 2015، أن إنتاج النفط الأميركي سيدفع الأسعار إلى الانخفاض بصورة حادة، ويبشّر بـ"نهاية أوبك"، بحسب ما جاء في التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة.

وبدلًا من ذلك، في حين تضاءل اعتماد الولايات المتحدة على أوبك في واردات النفط، فإن سوق الوقود في البلاد ما تزال تعتمد على قرارات منظمة الدول المصدرة للنفط في فيينا، بغض النظر عن كمية النفط التي تخرج من حقول النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، في أحدث توقعاتها، إنه من المتوقع أن يبلغ متوسط إنتاج النفط الأميركي أعلى مستوى على الإطلاق عند 12.8 مليون برميل يوميًا في العام الجاري (2023)، ويستمر في النمو إلى 13.1 مليونًا في عام 2024.

وهذا أعلى من أدنى مستوياته الأخيرة البالغة 5 ملايين برميل يوميًا في عام 2008، وربما يكون كافيًا لمساعدة الولايات المتحدة في الحفاظ على لقبها بوصفها المنتج العالمي الأول للنفط الخام.

مستوى قياسي لإنتاج النفط.. وانتقادات عنيفة

في الوقت نفسه، قد تؤدي القوى العالمية إلى انخفاض أسعار النفط في العام المقبل (2024)، إذ تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن إمدادات النفط في العام المقبل ستتجاوز الطلب.

إلا أن هذا الأمر لم يمنع المرشحين الجمهوريين للبيت الأبيض من انتقاد بايدن وسياساته في مجال الطاقة، بما في ذلك الحوافز الخضراء المدرجة في قانون المناخ الذي وقّعه قبل عام.

في أحد إعلانات الحملة الانتخابية، يتظاهر نائب الرئيس السابق مايك بنس بأنه يملأ شاحنته الصغيرة بالوقود، ويلقي باللوم على سياسة الطاقة التي ينتهجها بايدن في "التسبب في مشقة حقيقية" للأميركيين.

وانتقد السيناتور الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا تيم سكوت، الشهر الماضي، إدارة بايدن، التي أكد أنها "أوقفت إنتاج الطاقة في أميركا"، وتساءل: "لماذا لا يستغل هذا الرئيس موارد الطاقة الوفيرة لدينا محليًا، ويخفض الأسعار في محطات البنزين؟".

في الواقع، على الرغم من ذلك، ارتفع إنتاج النفط من الأراضي والمياه الفيدرالية في عهد بايدن، إذ وصل إلى أكثر من 3 ملايين برميل يوميًا في العام الماضي (2022). وكان أعلى مستوى خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترمب هو 2.75 مليون برميل يوميًا.

ونادرًا ما يروّج البيت الأبيض لهذه البيانات، لأنها تتعارض مع تعهد حملة بايدن لعام 2020 بإنهاء أعمال الحفر الجديدة على الأراضي الفيدرالية، وهو أمر لم تفعله إدارته، بحسب تقرير الصحيفة الأميركية.

أسعار البنزين في أميركا تنخفض ولكن!

من جانبه، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض: "ما زلنا نركز على الأسعار بالنسبة إلى المستهلكين الأميركيين، وقد انخفضت الأسعار بصورة ملحوظة منذ العام الماضي".

وأضاف: "سنواصل العمل مع المنتجين والمستهلكين، لضمان أن تدعم أسواق الطاقة النمو الاقتصادي، وخفض الأسعار للمستهلكين الأميركيين"، وفق ما رصدته منصة الطاقة، نقلًا عن صحيفة "بوليتيكو" الأميركية.

ووراء هذا الخطاب تكمن القفزة في متوسط سعر البنزين العادي على المستوى الوطني إلى 3.87 دولارًا للغالون في الأسبوع الماضي، أي بزيادة أكثر من 30 سنتًا في شهر واحد، وفقًا لجمعية السيارات الأميركية.

واستقرت الأسعار بالقرب من 3.50 دولارًا لمعظم العام، لكن قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يرى السائقون هذا المستوى مرة أخرى، خاصةً بعد أن أدى انفجار إلى إغلاق مصفاة غاريفيل في ولاية لويزيانا التابعة لشركة ماراثون بتروليوم -ثالث أكبر مصفاة في البلاد- يوم الجمعة (25 أغسطس/آب 2023).

ولفت السعر انتباه السائقين والمعلقين السياسيين، حتى لو كان أقل دراماتيكية بكثير من الارتفاع إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 5.02 دولارًا للغالون الواحد في يونيو/حزيران 2022.

وردّت إدارة بايدن -في ذلك الوقت- بالإفراج عن نحو 200 مليون برميل من احتياطي النفط الإستراتيجي، ما يستنزف ما يقرب من نصف مخزون الحكومة الفيدرالية، وهي خطوة نسبتها وزارة الخزانة إلى المساعدة في خفض أسعار البنزين في أميركا بمقدار 40 سنتًا للغالون.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق