مسؤول سابق: النفط الإيراني مُحاصَر.. والخفض السعودي غير كافٍ للمنافسة
هبة مصطفى
تُخطط طهران لزيادة إنتاج النفط الإيراني، لكنها في الوقت ذاته تقف مكتوفة الأيدي أمام التوسع في تصدير الشحنات الفائضة عن الاستهلاك المحلي، خاصة أن فتحها أسواقًا ومنافذ جديدة -بخلاف الصين- يُعَد أمرًا صعبًا.
وقال المسؤول السابق بالشركة الوطنية الإيرانية للنفط محسن قمسري، إن فرص التصدير خارج أسواق بكين "محدودة" حتى في ظل الخفض الطوعي الإضافي الذي أقرّته السعودية مؤخرًا على إنتاج النفط، حسب تصريحاته التي نقلتها صحيفة إيران إنترناشيونال (Iran Intl) عن مقابلة له مع وكالة أنباء العمل "إيلنا".
ورغم العقوبات الأميركية وعرقلة طرق الدفع؛ فقد توقّع وزير نفط إيران "جواد أوجي" -في وقت سابق- بلوغ مستويات الإنتاج 3.4 مليون برميل يوميًا، بنهاية شهر سبتمبر/أيلول المقبل، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
الصين سوق خصبة لإيران
أشار المسؤول السابق بالشركة الوطنية الإيرانية للنفط محسن قمسري، إلى أن هناك حالة من "العزوف" عن شراء الخام من طهران، إثر استمرار تداعيات العقوبات الأميركية؛ ما يُفسِّر الاعتماد على التصدير للسوق الصينية بصورة كبيرة.
ويتفق ذلك مع ما سبق أن طرحه مستشار تحرير منصة الطاقة خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، ضمن حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة" قدمها على موقع إكس "تويتر سابقًا" بعنوان "هل هناك تنسيق أميركي-إيراني للسحب من المخزونات الإستراتيجية والعائمة؟".
وأوضح الحجي، خلال الحلقة، أن الصين تُعَد وجهة لغالبية صادرات الخام الإيراني بنسبة تتراوح من 94% إلى 95% سواء بصورة رسمية أو غير مباشرة عبر ماليزيا، مشيرًا إلى أن بكين استفادت من انخفاض أسعاره لتعزيز مخزونها الإستراتيجي.
وقال إن المخزون العائم من النفط الإيراني أصبح "مخزونًا صينيًا" حتى إن لم يرد ذلك في البيانات الرسمية، كاشفًا عن أن طهران تُفَضِّل البيع إلى بكين؛ نظرًا إلى أن الأخيرة تلتزم بنظام الدفع النقدي المباشر بخلاف ما تفعله الدول الأخرى التي تعلق الدفع لحين رفع العقوبات الأميركية عن إيران.
تحديات رغم زيادة الصادرات
تعددت الدلائل على "محدودية" نطاق صادرات النفط الإيراني التي ذكرها المسؤول السابق بالشركة الوطنية الإيرانية للنفط محسن قمسري؛ إذ أوضح أن الخفض الذي أقرّته السعودية طوعيًا لمستويات أقل من تخفيضات تحالف أوبك+ لم يُفسح مجالًا أكبر لصادارت النفط الإيراني.
ورغم تكثيف إيران تعاونها مع روسيا في قطاع الطاقة خلال مرحلة ما بعد عقوبات الحرب الأوكرانية؛ فقد قال قمسري إن موسكو تعد طهران في منافسة معها، دفعتها نحو تقليص مساحتها في أسواق النفط العالمية.
وأضاف أن السوق الصينية بدورها ليست آمنة تمامًا رغم أنها أبرز وجهات صادرات نفط إيران حاليًا، مفسّرًا ذلك بتوافر بنية تحتية وخطوط أنابيب تسمح بزيادة صادرات النفط الروسي إلى بكين؛ ما يفاقم التحديات التي تواجهها طهران.
وربما تدفع هذه التحديات نحو تقويض خطط زيادة الإنتاج إلى 3.4 مليون برميل يوميًا بحلول شهر سبتمبر/أيلول المقبل، لكن بيانات الصادرات لشهر أغسطس/آب الجاري عكست تفاؤلًا حول تنفيذ طهران خططها الطموحة.
وصدّرت إيران ما يزيد متوسطه على مليوني برميل من النفط يوميًا خلال المدة من 1 إلى 20 أغسطس/آب الجاري، بزيادة قدرها 30% مقارنة بمتوسط صادرات الأشهر القليلة الماضية من النفط الخام، طبقًا لبيانات تانكر تريكرز.
معضلة تحصيل العائدات
من المقرر أن تُفرِج البنوك في كوريا الجنوبية عن مستحقات متأخرة لصالح إيران قدرها 6 مليارات دولار؛ ما شجّع طهران على زيادة الإنتاج والصادرات لتحصيل المزيد من العائدات.
ويقارن الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- واردات الصين من الخام الإيراني، خلال المدة من يناير/كانون الثاني 2022 حتى أغسطس/آب 2023:
وبسبب عرقلة العقوبات الأميركية للدفع المباشر مقابل صادرات النفط الإيراني اكتسبت الصين أفضلية عن أسواق آسيوية أخرى مثل الهند.
يفسّر ذلك مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، قائلًا إن العقوبات لا تمنع تصدير طهران للنفط، لكنها تمنع الأسواق المستقبلة من الدفع النقدي مقابل هذه الشحنات.
وأضاف أن هدف الحكومة الإيرانية الآن البحث عن مشترين يتبعون نهج الصين والعراق في "الدفع النقدي" أو مبادلة المواد الرئيسة مثل الغاز والبنزين والكهرباء مقابل شحنات النفط، خاصة عقب تجربة طهران مع الهند التي طلبت شحنات ثم امتنعت عن الدفع بدعوى "العقوبات".
اقرأ أيضًا..
- نتائج أعمال سينوبك في النصف الأول 2023 تشهد انخفاض الأرباح 20%
- مصفاة الدقم العمانية.. أحد أكبر مشروعات التكرير في الشرق الأوسط (تقرير)
- تجارة النفط بين روسيا والهند.. قصة صعود وهبوط تنسجها العملات (مقال)
- محطات الكهرباء الافتراضية.. رقم مهم في معادلة الحياد الكربوني (تقرير)