محطات الكهرباء الافتراضية.. رقم مهم في معادلة الحياد الكربوني (تقرير)

برزت محطات الكهرباء الافتراضية بوصفها أداة فاعلة جدًا يمكن استدعاؤها وقت الحاجة؛ لتوفير كميات ضخمة من الكهرباء عندما تكون إمدادات الشبكة محدودة، أو حتى تخزينها عندما تكون الكهرباء المولّدة من طاقتي الشمس والرياح أكثر من الحاجة المطلوبة.

ويقول خبراء الكهرباء إن تلك المحطات لا غنى عنها لتقليص اعتماد صناعة الكهرباء على الوقود الأحفوري المدمر للمناخ، ولا سيما وسط تكثيف الجهود العالمية لكهربة وسائل النقل والمباني والقطاعات الصناعية.

وفي مواجهة مشكلات تقطع مصادر الطاقة المتجددة التي تساعد الوقود الأحفوري ليظل مصدر الكهرباء المهيمن، تبرز محطات الكهرباء الافتراضية باعتبارها حلًا مثاليًا في هذا الخصوص، وفق ما أورده موقع "سمارت إنرجي إنترناشونال".

وعلى مدار العقود القليلة الماضية، أصبحت المباني التجارية نقطة محورية في الجهود الرامية لخفض البصمة الكربونية العالمية؛ لأنها تستهلك كثيرًا من الكهرباء نتيجة الاستعمال المتزايد لأنظمة التبريد والتدفئة والتهوية، والإضاءة وأجهزة الحاسوب، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

الغرف النظيفة

تستخدم بعض الشركات ما يُطلق عليه "الغرف النظيفة" التي تتطلب كهرباء أكثر 50 ضعفًا، من المساحات غير المصنفة.

ويُقصد بالغرف النظيفة، تلك الغرف ذات التلوث الهوائي المنخفض جدًا؛ إذ يجري التحكم في نسبة الجزيئات الموجودة في الهواء، مثل الغبار والميكروبات والأبخرة الكيميائية، وغيرها، وتُستَعمل في المجالات الصناعية والأبحاث العلمية.

ويعني هذا أن المباني التجارية لديها الكثير لكسبه والإسهام عبر استعمال مزيد من موارد الطاقة المتجددة؛ رغم عدم قدرة تلك المباني على اختيار استعمالها للوقود الأحفوري أو الطاقة المتجددة؛ إذ إنها تخضع لإمدادات الشبكة.

وفي المستقبل القريب، ربما لا يكون أمام تلك المباني التجارية خيار؛ إذ إنها تواجه اللوائح التنظيمية المتطورة باستمرار، والتي إما أن تشجع الملاك على اتخاذ تلك الخطوة المستدامة، وإما تطالبهم باتخاذها.

معضلة في طريقها للحل

رغم أن الوقود الأحفوري يبقى مصدرًا مهيمنًا لتوليد الكهرباء بسبب الطبيعة المتقطعة للمصادر المتجددة البديلة، ستحل محطات الكهرباء الافتراضية تلك المُعضلة، وستدفع المباني والشركات في الاتجاه الصحيح.

ومحطات الكهرباء الافتراضية هي أجهزة صغيرة لإنتاج الكهرباء وتخزينها، مثل الألواح الشمسية والبطاريات، ويجري توصيلها ببعضها لخدمة الشبكة الكهربائية، ويمكن استغلال الكهرباء المولدة منها في أوقات الطلب المرتفع، أو يمكن احتجازها واستخدامها لاحقًا.

ووفق تقديرات صادرة عن شركة "آر إم آي" غير الربحية المعنية بتحول الطاقة، يمكن أن تخفض محطات الكهرباء الافتراضية ذروة الطلب بواقع 60 غيغاواط في الولايات المتحدة بحلول نهاية العقد الجاري (2030)، عبر تحويل الاستهلاك إلى أوقات أخرى من اليوم، واستبدال توليد الكهرباء المركزي.

ويعادل هذا متوسط كمية الكهرباء التي تستهلكها 50 مليون أسرة في عموم الولايات المتحدة، وفق الأرقام التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

قضية مُلحِّة

تُبرز المصادر المتجددة مستقبل الكهرباء المستدامة، مع إعلان مشغل سوق الطاقة الأسترالية "إيه إي إم أو" -مؤخرًا- أن تخزين الكهرباء طويل الأجل هو "القضية الأكثر إلحاحًا في العقد المقبل".

ويعني هذا القدرة على تخزين الكهرباء من المصادر المتجددة واستخدامها لاحقًا للأغراض المختلفة عند الحاجة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويوجد مفهوم محطات الكهرباء الافتراضية منذ 40 عامًا، وهي تتيح القدرة على تسخير الكهرباء المتجددة عبر الجمع بين مصادر الكهرباء المتجددة، ويُشار إليها -أيضًا- بمصطلح "موارد الكهرباء الموزّعة"، مثل الألواح الشمسية والبطاريات وتوربينات الرياح.

وتُشكِّل محطات الكهرباء الافتراضية نظامًا قائمًا على العرض والطلب يمكن التحكم فيه وفقًا لاحتياجات الشبكة الحالية، ومن ثم يمكنها تجنب استهلاك الكهرباء عندما تكون باهظة الثمن، أو اقتصارها على استهلاك الكهرباء عندما تكون رخيصة ووفيرة، وهو ما يعيد الكهرباء إلى الشبكة عندما يكون العرض محدودًا، على أمل تقليص اعتماد الشبكة على الوقود الأحفوري.

طبيعة متقطعة

تعمل بعض مصادر الطاقة المتجددة في وقت النهار فقط (على سبيل المثال الألواح الشمسية)، بينما تصبح أقل كفاءة في الأوقات التي تكون فيها السماء ملبدة بالغيوم أو في الأجواء المطيرة.

وتعتمد الكهرباء المولدة من الرياح على تدفقات الهواء غير المستقرة، وتعتمد الكهرباء المولّدة من طاقة الأمواج على موجات المحيط، بينما تستغل الطاقة الكهرومائية قوة الجاذبية للمياه المتدفقة أو الساقطة.

وبناءً عليه هناك بعض التبرير للشركات في التردد في الاعتماد على مصادر الكهرباء المتجددة، التي تُعَد غير مستقرة.

ونظرًا إلى أن التوقف لساعة واحدة يمكن أن يكبد الشركات إيرادات مفقودة تزيدة على 100 ألف دولار، إلى جانب الضرر الذي سيلحق بسمعة هذه الشركة أو تلك، تتردد تلك الكيانات في الاعتماد على تلك الحلول دون وجود احتياطي كافٍ من الوقود الأحفوري.

مزايا عديدة

تتيح محطات الكهرباء الافتراضية آلية فاعلة لاستعمال الكهرباء المتجددة، وتفي هذه المحطات بوعودها عبر إنهاء عملية إلغاء دمج مزيد من الموارد في الشبكة؛ ما يُعزز مرونتها، ويمكن من مشاركة أكبر لموارد الطاقة المتجددة، ومن ثم تعزيز سعة كهرباء الشبكة.

ويعني هذا أن محطات الكهرباء الافتراضية تستطيع تأدية مهمتين؛ الأولى هي التحكم في مرونة الطلب، وتلك هي المهمة الأسهل التي توقف الطلب حينما تكون الشبكة مُثقلة بالأحمال.

والمهمة الثانية تتمثل في إتاحة خدمات العرض عبر إعادة الكهرباء ثانية إلى الشبكة مقابل أسعار كهرباء منخفضة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وعبر تلك الخدمات، تقل مخاطر الاعتماد على موارد حساسة، وتزداد القدرة على إتاحة إمدادات مستمرة للكهرباء على أساس الطلب الحقيقي.

في غضون ذلك، تضمن حلول تخزين الكهرباء في الموقع -في أوقات ارتفاع الإمدادات- عدم إهدار الفائض، بل تخزينه والاستعانة به وقت الحاجة.

ويمكن أن تكون المباني التجارية جزءًا من شبكة تقدم حلاً ذكيًا موثوقًا وميسور التكلفة، يأخذ في الحسبان احتياجات الكوكب والشركات، على حد سواء.

وتُمكِّن محطات الكهرباء الافتراضية المباني من الإسهام في تقديم حل كبير بجانب الشبكة الكهربائية؛ ما يخلق في النهاية بيئة طاقة أفضل بالنسبة إلى الشركة والمجتمعات والكوكب بوجه عام.

ومع تطور محطات الكهرباء الافتراضية، تتطور القدرة كذلك على التحول من موارد الطاقة الضارة، ومنح الأجيال المستقبلية إستراتيجية أكثر استدامة.

موضوعات متعلقة..

• أستراليا تجمع تربية الأغنام والطاقة الشمسية وتخزين البطاريات في مشروع واحد
• تقنية جديدة لإنتاج البطاريات بتعاون أوروبي أميركي.. هل تهدد الصين؟
• إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية في أميركا تقوض الهيمنة الصينية (تقرير)

اقرأ أيضًا..

• أكثر الدول العربية استهلاكًا للغاز.. السعودية في الصدارة (إنفوغرافيك)
• تقنية لإنتاج أرخص هيدروجين أخضر في العالم
• أنس الحجي: النفط الإيراني يتحول إلى مخزون صيني.. وهكذا تتأثر السعودية وأميركا