في أول ردّ على نتائج استفتاء بشأن وقف إنتاج النفط في الإكوادور بالمربع 43 داخل غابات الأمازون، كشفت وزارة الطاقة موقفًا ربما يقلب الموازين.
فبعد إحصاء 98% من الأصوات، تشير النتائج الأولية للاستفتاء، الذي أُجري يوم الأحد 20 أغسطس/آب 2023، إلى تصويت 59% من السكان لصالح قرار وقف عمليات التنقيب، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وبحسب هيئة الانتخابات، فقد صوّت 58% من سكان مقاطعة أوريلانا لصالح القرار، وفي مقاطعة سوكومبيوس 52%.
وتجري 90% من أنشطة التنقيب عن النفط في الإكوادور في هاتين المقاطعتين، ويحقّ لهما -بموجب الدستور- الطعن على النتائج من أجل استمرار تدفّق إيرادات النفط، بحسب تقرير نشرته وكالة "أرغوس ميديا" (argus media).
وقال وزير الطاقة الإكوادوري فرناندو سانتوس، إن سكان المقاطعات قد يطعنون في نتائج الاستفتاء.
من جانبها، تقول جماعة ياسونيدوس البيئية، إنها ستظل يقظة لضمان تنفيذ نتائج الاستفتاء، كما رفضت تعليق وزير الطاقة.
أسباب الاستفتاء
سمحت المحكمة العليا، في شهر مايو/أيار 2023، بإجراء استفتاء ليقرّر المواطنون بشأن وقف إنتاج النفط في الإكوادور لصالح حماية البيئة من عدمه.
وتقول المؤشرات الصادرة في وقت مبكر من صباح يوم الإثنين 21 أغسطس/آب 2023، إن نحو 6 من كل 10 مواطنين رفضوا التنقيب عن النفط في حقول "آي تي تي" داخل المربع 43 الواقع داخل حديقة ياسوني الوطنية، بحسب تقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس" (APnews)، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
تقع حديقة ياسوني على مساحة مليون هكتار، بما يعادل 2.5 مليون فدان، وفيها تعيش قبائل تاغري وتاروميناني ومجموعات أخرى من السكان الأصليين، فضلًا عن تميزها بالتنوع البيولوجي؛ إذ تضم 610 أنواعًا من الطيور و139 فصيلة من البرمائيات و121 نوعًا من الزواحف.
يقول زعيم قبيلة واوراني، نيمو غويكويتا: "اجتمع الإكوادوريون لدعم هذه القضية لخلق فرصة حياة لأشقائنا وإخوتنا من السكان الأصليين، ولنُظهر للعالم أجمع -في خضم هذه الأوقات العصيبة لتغير المناخ- أننا نقف إلى جوار الغابات المطيرة".
ووفق تقديرات شركة بتروإكوادور والبنك المركزي، ستخسر الإكوادور ما يتراوح بين 14 و16 مليار دولار من عائدات النفط في الإكوادور حتى عام 2043، في حالة تنفيذ نتائج الاستفتاء.
وبلغ إنتاج حقول "آي تي تي" النفطي، خلال المدة بين شهري يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز 2023، نحو 53 ألفًا و35 برميل يوميًا، بزيادة 5% على أساس سنوي.
قصة وقف إنتاج النفط في الإكوادور
بدأت الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية مسيرة التنقيب عن النفط في غابات الأمازون منذ سبعينيات القرن الماضي، وبعدها انضمت البلاد لمنظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك)، ثم انسحبت منها في عام 2020.
ولعقود كان النفط هو المصدر الرئيس للصادرات، وفي عام 2022 المنصرم شكّل 35.5% من إجمالي الصادرات.
كما يُسهم المربع 43 بـ1.2 مليار دولار سنويًا لخزينة الدولة، بحسب تقديرات البنك المركزي.
ولسنين طوال، انتقد مدافعون عن البيئة التنقيب عن النفط داخل حديقة ياسوني من أجل حماية حقوق السكان الأصليين والتنوع البيئي ولإنقاذ غابات الأمازون، التي توصف بأنها "رئة الأرض"، من التداعي، وسط جهود خفض الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري الذي يهدد الحياة على سطح الكوكب.
استجاب لتلك الدعوات الرئيس السابق رافائيل كوريا في عام 2007، الذي طالب المجتمع الدولي بتعويض بلاده التي ضرب الفقر أركانها عن وقف التنقيب عن النفط بالمربع 43 من أجل إنقاذ المنطقة الحساسة بيئيًا.
وبحسب المخطط الذي لم يستجب له إلّا قليل، كان سيُقام صندوق بقيمة 3.6 مليار دولار، بما يعادل 50% من العائدات المتوقعة من المربع.
وردًا على ذلك، أعلن كوريا، في أغسطس/آب 2013، نية بلاده الشروع في التنقيب عن النفط بالمربع.
ثم بعد عقد كامل من المعارك القانونية والعقبات البيروقراطية، قضت المحكمة العليا في مايو/أيار 2023 بضم الاستفتاء مع الانتخابات العامة.
خطة أخرى
بعيدًا عن الاستفتاء، يقول وزير الطاقة في الإكوادور فيرناندو سانتوس، إن شركة بتروإكوادور المملوكة للدولة ووزارتي البيئة والطاقة تعدّ خطة لوقف أنشطة النفط الخام في الحقل وإزالة جميع المرافق النفطية.
من المقرر أن يستغرق إعداد الخطة 3 أشهر على أقلّ تقدير، ولحين ذلك الوقت سيستمر استخراج نحو 58 ألف برميل يوميًا.
وأمام شركة بتروإكوادور عام واحد لتنفيذ الخطة، لكن الوزير قال، إن تلك المدة غير كافية، مشيرًا إلى أنها ستكلّف الدولة نحو 500 مليون دولار.
النفط في الأمازون
لا يبدو الخلاف على التنقيب عن النفط قرب نهر الأمازون جديدًا، فقد شهد أحداثًا ساخنة مؤخرًا، بعدما حظيت شركة بتروبراس المملوكة للدولة في البرازيل بدعم حكومي صريح يسهّل استمرار أعمال الحفر عند مصبّ أحد أكبر أنهار العالم.
فضلًا عن أهميته للبيئة والمناخ، يحمل نهر الأمازون إمكانات نفطية واعدة، ويطل على 7 دول، هي البرازيل والإكوادور وكولومبيا وفنزويلا وبيرو وبوليفيا وغايانا.
وأثارت الاستكشافات النفطية التي أعلنتها شركة إكسون موبيل الأميركية في غايانا شهية البرازيل والإكوادور لتحقيق أرباح مماثلة.
ورغم صيحات المدافعين عن البيئة، دعم مكتب المدّعي العام، الذي يمثّل مصالح الحكومة البرازيلية في المسائل القضائية، بدء شركة بتروبراس البرازيلية أعمال الحفر في بئر نفطية عند مصب نهر الأمازون.
وقال، إن متطلبات وكالة حماية البيئة "إيباما" (Ibama) لبدء الحفر قرب نهر الأمازون "غير ضرورية"، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.
يمثّل ذلك انتصارًا لشركة بتروبراس البرازيلية التي فازت في 2013 بعطاء للتنقيب عن النفط في المربع "إف زد إيه-إم-59" البحري شمالًا، لكن لم تحصل على التراخيص اللازمة لأسباب بيئية.
يُشار إلى أن المنطقة يعيش بها السكان الأصليون، وتحتوي على 80% من أشجار المانغاروف والشعاب المرجانية، وتتميز بالتنوع البيولوجي البحري النادر، كما تحتوي على فصائل نادرة من الأسماك.
موضوعات متعلقة..
- تعليق عمليات خط أنابيب النفط في الإكوادور بعد زلزال مدمر
- تشغيل خطوط النفط في الإكوادور قد يستغرق 3 أسابيع.. اختبارات وتعديلات جديدة
- خطوط النفط في الإكوادور تتوقف بعد انهيار أرضي.. وإعلان القوة القاهرة
اقرأ أيضًا..
- إيرادات صادرات النفط السعودي تتراجع 38.3% خلال يونيو
- بالأرقام.. صفقة الغاز التاريخية بين تركيا والمجر والكشف عن دور قطر
- صفقة غاز إسرائيلية إلى مصر.. والقاهرة لم تعلّق