سلاسل توريد طاقة الرياح البحرية تحتاج إلى 100 مليار دولار لتحقيق أهداف 2030 (تقرير)
مطالب المطورين بإعادة التفاوض حول العقود تُربِك حسابات الصناعة
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- أهداف الحكومات باستثناء الصين تصل إلى 80 غيغاواط بحلول 2030.
- تحديات التضخم وارتفاع التكاليف تعوق الموردين عن التوسع في الصناعة.
- مطورو الرياح البحرية يتراجعون عن مشروعاتهم بسبب التكلفة.
- اضطراب توقعات الطلب على المعدات والتوربينات بسبب تأخير المشروعات.
تتزايد الرهانات على طاقة الرياح البحرية لتحقيق الأهداف الطموحة التي وضعتها الحكومات الوطنية لسعة المصادر المتجددة بحلول عام 2030، إلا أن سلاسل توريد الصناعة ستحتاج إلى استثمارات مكثفة للمضي قدمًا.
وأظهرت تقديرات تحليلية حديثة حاجة سلاسل التوريد في قطاع الرياح البحرية إلى استثمارات بقيمة 27 مليار دولار بحلول عام 2026، و100 مليار دولار بحلول عام 2030، وفقًا لتقرير صادر عن شركة أبحاث الطاقة "وود ماكنزي".
واستند التقرير إلى أهداف الحكومات في العالم -باستثناء الصين- لمضاعفة نمو سعة التركيبات السنوية في قطاع طاقة الرياح البحرية 5 مرات بحلول عام 2030، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتستند هذه التقديرات إلى سيناريو الحالة الأساسية لتحول الطاقة، الذي تستعمله شركة وود ماكنزي في تحليلاتها الدورية، إلى جانب سيناريوهات الانتقال السريع نحو الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
أهداف الحكومات غير واقعية
يتوقع سيناريو الحالة الأساسية -الذي يفترض النمو وفق معطيات الواقع الحالي- وصول حجم إضافات السعة في قطاع طاقة الرياح البحرية إلى 30 غيغاواط سنويًا بحلول 2030.
ويقل هذا المستوى بصورة كبيرة عن الأهداف الحكومية الطموحة التي تستهدف الوصول إلى 80 غيغاواط سنويًا بحلول نهاية العقد (باستثناء الصين)، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وأضاف العالم 8.8 غيغاواط من سعة طاقة الرياح البحرية في العام الماضي، لتصل السعة التراكمية إلى 64.3 غيغاواط، وفق بيانات مجلس الرياح العالمي.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- خريطة سعة طاقة الرياح البرية والبحرية بالمناطق خلال عامين:
وتحتاج الحكومات إلى ضخ استثمارات في سلاسل توريد طاقة الرياح البحرية تتجاوز 100 مليار دولار، إذا أرادت تحقيق أهدافها الطموحة لنهاية العقد.
ويعتقد بعضهم أن الوصول إلى الأهداف الحكومية غير واقعي، بل حتى الوصول إلى هدف 30 غيغاواط سنويًا لن يكون واقعيًا إذا لم تكن هناك استثمارات فورية لتوسعة وتعزيز سلاسل التوريد المتصلة بالقطاع، وفقًا لمحلل وود ماكنزي المشارك في التقرير كريس سيبل.
وينصح المحلل المطورين وحكومات العالم ذات الأهداف الطموحة في طاقة الرياح البحرية بضرورة تعديل السياسات باتجاه تعزيز القدرات الصناعية لدعم مرونة سلاسل التوريد.
هوامش الأرباح تعوق الموردين
يواجه الاستثمار في صناعة مكونات طاقة الرياح البحرية -حاليًا- تحديات انخفاض هوامش الأرباح مع فائض العرض الناتج عن التوسع في بناء سلسلة توريد عام 2015؛ إذ زادت قدرة الصناعة على الإمداد من 500 توربين سنويًا إلى 800 توربين في الوقت الحالي.
ويواجه الموردون منذ عامين تحديات تسارع التضخم وارتفاع التكاليف وزيادة أسعار السلع الأساسية؛ ما قد يجعلهم حذرين في الخطط الاستثمارية المقبلة مع ضعف هوامش الأرباح المتوقعة، بحسب ما ترصده وحدة أبحاث الطاقة بصورة دورية.
ويمكن لهذا الحذر الاستثماري أن يعوق قدرة قطاع طاقة الرياح البحرية على النمو، مع ضعف تمويل توسعات القدرة التصنيعية في القطاع؛ ما قد يؤدي إلى تعطل الابتكار في الصناعة، وفقًا لتوقعات وود ماكنزي.
كما يواجه الموردون تحديات حالة عدم اليقين بشأن توقيتات مشروعات طاقة الرياح البحرية في بعض البلدان، مع التأخر في قرارات الاستثمار النهائية؛ ما يربك الحسابات.
لماذا علّق بعض المطورين مشروعاتهم؟
رصدت وود ماكنزي سلسلة مشروعات بسعة 24 غيغاواط، كان من المقرر تشغيلها بين عامي 2025 و2027، إلا أنها لم تصل بعد إلى مرحلة قرار الاستثمار النهائي، رغم تأمينها عقودًا طويلة لشراء الكهرباء وحصولها على أشكال مختلفة من الدعم.
ويرجع السبب في ذلك إلى تحديات التكلفة التي واجهت أغلب المطورين حول العالم منذ العام الماضي؛ ما اضطرهم إلى تعليق مشروعاتهم أو التأخر في خططها، والمطالبة بإعادة التفاوض حول بنود الاتفاقيات الموقّعة معهم لشراء الكهرباء من مشروعاتهم.
ورصد تقرير أعدته شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس المتخصصة، مطلع أغسطس/آب 2023، خريطة أبرز مشروعات الطاقة الرياح البحرية المعلقة التي تطالب بإعادة التفاوض، وهو تقرير رصدته وحدة أبحاث الطاقة وحللت تفاصيله في وقتها.
ومن المتوقع أن تؤدي تأخيرات المشروعات إلى إرجاء الطلب المتوقّع على المعدات والتوربينات وغيرها من مدة (2025-2027) إلى (2028-2030)؛ ما سيؤدي إلى ضعف الحاجة لتوسعات التصنيع خلال السنوات القليلة المقبلة، على عكس ما تتطلبه خطط الحكومات الطموحة لعام 2030.
وإذا استمرت حالة عدم اليقين بشأن توقيتات المشروعات المعلقة أو الجديدة؛ فقد لا يجري بناء بعض المشروعات على الإطلاق بين عامي 2028 و2030؛ ما يعني مخاطر كبيرة للحكومات بالتراجع أكثر عن أهدافها، وفقًا لكبير المحللين في وود ماكنزي، فينلي كلارك.
هل يتكرر سيناريو عام 2015؟
يحتاج الموردون في قطاعات الطاقة المتجددة عمومًا إلى ضمان الطلب على منتجاتهم لمدة 10 سنوات أو أكثر؛ لتحقيق عائدات معقولة، في حين تؤدي حالة عدم اليقين السائدة إلى إحجامهم عن التوسع الاستثماري خشية غدر الطلب.
ويخشى كثير من المستثمرين من ضعف الطلب الكافي على المعدات بعد عام 2030، حال التوسع في بناء سلاسل توريد كافية لتلبية ذروة الطلب على التركيب بحلول نهاية العقد؛ تماشيًا مع أهداف الرياح الحكومية.
ويسيطر على المستثمرين شبح انخفاض هوامش الأرباح الذي تعرضوا له بعد عام 2015؛ إذ توسعوا في سلسلة توريد طموحة أدت إلى زيادة المعروض بصورة أكبر من توقعات الطلب التي خذلتهم، وفقًا للمحلل كلارك.
وتحتاج الحكومات إلى تعديل السياسات وحسم ملفات إعادة التفاوض حول العقود الحالية مع المطورين المعلقين لمشروعاتهم، بينما يحتاج المطورون إلى التفكير في شركات مبتكرة مع الموردين لتوفير استقرار الطلب اللازم لزيادة السعة، وفقًا لتوصيات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة من تقرير وود ماكنزي.
موضوعات متعلقة..
- استثمارات طاقة الرياح البحرية تتقلص في أوروبا وأميركا.. والصين صامدة (تقرير)
- طاقة الرياح البحرية في إسكتلندا تشغّل منصات النفط والغاز ببحر الشمال
- طاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة تواجه مخاطر.. "قد لا تصل للسعودية"
اقرأ أيضًا..
- استثمارات التنقيب عن النفط والغاز قد تتجاوز 22 مليار دولار سنويًا حتى 2027 (تقرير)
- صاحبة أكبر احتياطي نفطي في العالم.. كيف تفتك بالبيئة والمناخ؟
- صفقات الغاز المسال في قطر تشهد نشاطًا استثنائيًا خلال 12 شهرًا (تقرير)