السعودية وأسواق النفط.. ما قصة المدة الذهبية والصدام مع المضاربين؟ (صوت)
أحمد بدر
قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن السعودية تدير أسواق النفط في توقيت تتطور فيه سرعة كل شيء، وأولها الحواسيب التي مكنت الكثيرين من تحقيق ملايين الدولارات بفارق ثوانٍ معدودة.
وأوضح الحجي -في حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها على منصة إكس بعنوان "النفط: الصدام بين أوبك والمضاربين ووسائل الإعلام"-، أن هناك استثمارات ضخمة في الحواسيب الخاصة فائقة السرعة بما يخدم أرباح المستثمرين في مجالات أخرى.
وأضاف: "أصبح بإمكان شخص أن يشتري أو يستعمل عقودًا أو غيرها، على نصف مليون برميل أو 200 ألف برميل من النفط الخام، ويبيعها خلال لحظات، وعلى كل برميل (سنت واحد فقط)، ويكرر هذا خلال اليوم عشرات المرات بسبب السرعة الفائقة للحواسيب، كما أن أغلب تجارة النفط المستقبلية تتم وفقًا لبرامج في هذه الحواسيب فائقة السرعة".
وأشار الحجي إلى أن أوبك -بقيادة السعودية- تريد الآن أن تدير أسواق النفط في ظل السرعة الحالية، موضحًا أنه عندما جاءت أزمة كورونا والإغلاقات، ونتج عنها تخفيض الإنتاج الضخم في حدود 10 ملايين برميل تقريبًا، تطلّب ذلك أن تكون هناك اجتماعات شهرية لأوبك، وهي الاجتماعات التي أفادتها مع أوبك+.
السعودية في مواجهة الإعلام والمضاربين
يرى الدكتور أنس الحجي، أن مدة إغلاقات كورونا -خاصة عام 2021- كانت ذهبية بالنسبة إلى أوبك والسعودية من ناحية الأداء، لأنها كانت تفاجئ أسواق النفط شهريًا، ومن ثم لم تكن هناك قدرة لا للحواسيب فائقة السرعة ولا للبرامج أو المضاربين وغيرهم أن يتنبؤوا بما يمكن أن يحدث.
وأضاف: "بفضل هذه الاجتماعات الشهرية التي تفاجئ أسواق النفط كانت هناك إشكالية للمضاربين وأصحاب البرامج، ومن ثم تمكّن أوبك وأوبك+ من السيطرة على السوق، ولكن هذا الأمر انتهى، هذه الاجتماعات الدورية انتهت بنهاية العام الماضي 2022".
"الإشكالية هنا أن هذه السرعة الكبيرة التي تحصل يوميًا وكل ساعة، وربما خلال دقائق، لم تكن تهتم بها أوبك أو السعودية على الإطلاق، فقديمًا عندما كانت جريدة تنشر مقالًا فإنه ينتهي بعد أسبوع أو أسبوعين وينتهي أثره في السوق، كما أن الناس يقرؤونه بعد يومين أو 3 من حدوث الخبر، أي أنه يصلهم متأخرًا في كل الحالات"، حسبما قال أنس الحجي.
وبالنسبة إلى التجارة -وفق الحجي- كان الناس يفتحون صحيفة "وول ستريت جورنال" ويقرؤون أسعار الأسهم والسلع، ثم يتصلون بوكلائهم ويطلبون شراء سهم ما، وهذا الشراء يتأخر حتى اليوم التالي، ولكن الآن أصبح على السعودية وأوبك تغيير نهجهما بالكامل والتحرك على المدى القصير.
وبالتالي، احتاج الأمر إلى أن تقرر المملكة التخفيضات الإضافية الطوعية، وهي التي مكّنتها من أخذ زمام القيادة من المضاربين من جهة ووسائل الإعلام من جهة أخرى، إذ إن الإعلام بدوره شهد تغيرًا سريعًا، إذ يتسابق الصحفيون على وضع الأخبار أولًا على "تويتر" أو "فيسبوك" أو "إنستغرام".
يقول الدكتور أنس الحجي: "أصبحت الأخبار الآن فورية، وكذلك أسواق النفط أصبحت فيها الأخبار فورية، ويتلقاها المضاربون والحواسيب فائقة السرعة، كما أن هناك مشكلات التحوط والصحفيين الذين يتسارعون لنقل الأخبار، إذ إن خبرًا واحدًا في (وول ستريت جورنال) تسبّب في خفض أسعار النفط بأكثر من 5 دولارات خلال دقائق".
وأوضح أن أي خبر في تويتر من هذا النوع من جهة موثوقة يخفّض الأسعار أو يرفعها، ومن ثم أصبح على أوبك والسعودية الاستجابة إلى هذا الأمر، فقد صار على أوبك الدخول من التحرك على المدى الطويل "أشهر" إلى التحرك اليومي، أي أنها أُجبرت على التحرك إلى مناطق المضاربين والصحفيين، لذا كان لا بد من التصادم.
السعودية تدير أسواق النفط
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن أسواق النفط شهدت تغيرات شهرية، في حين كانت هناك متابعة شبه يومية أو لحظية من جانب وسائل الإعلام لتصرفات المضاربين، وذلك في متابعة "نبض السوق".
وأوضح أن "نبض السوق" يختلف عن أي شيء آخر في متابعته، وأن بعض الدول المنتجة تستغل الذكاء الاصطناعي لمعرفة نبض السوق، بطرق مختلفة، إذ هناك شركات تتابع تويتر وفيسبوك وأشياء أخرى في محاولة لقياس نبض السوق من ذلك.
وأضاف الدكتور أنس الحجي: "خلاصة الأمر هنا أن التسارع الكبير في التقنية أدى إلى تغيرات كبيرة في المضاربات، وتغيرات كبيرة في الإعلام وإدارة أسواق النفط، ما أجبر دول أوبك بقيادة السعودية على الدخول ضد هؤلاء على المدى القصير وحدث الاصطدام بينهم، لذلك وجدنا ما حصل مؤخرًا".
وأشار إلى أن الاصطدام حدث في الأشهر الأخيرة، حينما تحدث الوزراء عن دور المضاربين بصورة متكررة، وجاءت انتقادات شديدة لهم ولوسائل الإعلام، وصل إلى حد منعها.
وتابع: "الفكرة هنا أن أوبك والمملكة صارتا مجبرتين بسبب هذه التطورات الكبيرة على الانتقال إلى المدى القصير، وهنا حصل التصادم بين المضاربين والإعلام من جهة ومنتجي النفط من جهة أخرى".
موضوعات متعلقة..
- هل يخفّض النفط الروسي حصة السعودية في أسواق الهند؟ أنس الحجي يجيب (صوت)
- السعودية و7 دول من أوبك+ تفاجئ الأسواق بخفض إضافي في إنتاج النفط
- السعودية.. ماذا تعرف عن الدولة الأكثر تأثيرًا في أسواق النفط العالمية؟
اقرأ أيضًا..
- وزير الطاقة الأردني: اتفقنا على رفع إمدادات الكهرباء من مصر.. وهذه خطتنا لإنتاج الهيدروجين (حوار)
- اتفاقية سفن الكهرباء العائمة في جنوب أفريقيا حبر على ورق.. هل يتبدد الحلم؟
- هل يهدد تأمين ناقلات الظل استمرار السقف السعري للنفط الروسي؟ (تقرير)