الغاز الطبيعي غير التقليدي.. سلاح صيني جديد في معركة أمن الطاقة
إنتاجه يقفز إلى 6.82 مليار متر مكعب في شانشي
محمد عبد السند
- ارتفع إنتاج الغاز الطبيعي غير التقليدي بمقاطعة شانشي في الصين
- تستهدف الصين الوصول إلى ذروة الانبعاثات قبل نهاية العقد الجاري (2030)
- الاحتياطي المقدر من غاز الميثان المستخرج من الفحم في شانشي يلامس 8.31 تريليون متر مكعب
- ما تزال عمليات الاستكشاف الخاصة بالغاز الطبيعي غير التقليدي بالصين في مراحلها الأولى
- انخفض استهلاك الغاز الطبيعي وواردات الغاز الطبيعي المسال في الصين خلال العام الماضي (2022)
فتح الغاز الطبيعي غير التقليدي في الصين جبهة جديدة في معركة أمن الطاقة التي تقودها ثاني أكبر بلد تعدادًا للسكان في العالم -بعد الهند- والتي ترمي من خلالها إلى تنويع مصادر الوقود المُستعمل في توليد الكهرباء، وعدم الاعتماد كليةً على الفحم المساهم الرئيس في التغيرات المناخية.
والغاز غير التقليدي هو غاز طبيعي محاصَر في المسام الصغيرة للصخور، ويصعُب الوصول إليه في الغالب، ويُستخرج عادةً عبر تقنيات مبتكرة -مثل التكسير الهيدروليكي- لجلبه إلى السطح.
وتستهدف الصين الوصول إلى ذروة الانبعاثات قبل نهاية العقد الجاري (2030)، تمهيدًا لتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2060.
ومن هذا المنطلق، زاد إنتاج الغاز الطبيعي غير التقليدي في مقاطعة شانشي شمال الصين بنسبة 5.7% على أساس سنوي إلى 6.82 مليار متر مكعب في النصف الأول من العام الجاري (2023)، مُسجلًا مستوى قياسيًا تاريخيًا جديدًا، وفق ما أعلنته وكالة شينخوا الصينية الرسمية، نقلًا عن السلطات المحلية.
وتُعد شانشي محافظة رئيسة في إنتاج الفحم، وهي تمتلك وفرة من موارد الغاز الطبيعي غير التقليدي، من بينها غاز الميثان المستخرج من الفحم، والغاز المستخرج من الصخور الرملية والغاز الصخري، وفق بيانات مكتب الإحصاء الإقليمي، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
يُشار إلى أن غاز الصخور الرملية يجري استخراجه بطريقة الغاز الصخري نفسها.
الاحتياطي المُثبت
بحلول نهاية عام 2020، بلغ إجمالي الاحتياطي المثبت من الغاز الطبيعي غير التقليدي في شانشي أكثر من 1.06 تريليون متر مكعب.
وتستهدف شانشي أن تصبح مركزًا للغاز الطبيعي غير التقليدي في خطتها التنموية الخمسية الـ14 الممتدة من 2021 حتى 2025.
وفي السنوات الأخيرة شهدت شانشي زيادة سريعة في إنتاج الغاز الطبيعي غير التقليدي، من 8.15 مليار متر مكعب في عام 2020 إلى 11.33 مليار متر مكعب في العام الماضي (2022)، بمتوسط نمو سنوي بلغ قرابة 1.6 مليار متر مكعب.
وسجلت شانشي زيادة في إنتاج الغاز الطبيعي غير التقليدي بنسبة 20.2% على أساس سنوي إلى 11.33 مليار متر مكعب في العام الماضي (2022)، بحسب تقرير منفصل نشره موقع هيلينيك شيبينغ نيوز، نقلًا عن وكالة شينخوا.
وأظهرت البيانات المنشورة في أبريل/نيسان (2023) أن الاحتياطي المقدر من غاز الميثان المستخرج من الفحم في شانشي يلامس 8.31 تريليون متر مكعب، والموجود على نطاق ألفي متر تحت سطح الأرض، ما يمثّل نحو 30% من إجمالي الغاز الطبيعي غير التقليدي.
ويلامس الاحتياطي المُثبت لغاز الميثان المستخرج من الفحم في شانشي 667.5 مليار متر مكعب.
استيراد الغاز الطبيعي
أصبحت الصين بلدًا مستوردًا للغاز الطبيعي بالكامل، نتيجة تسارع وتيرة الزيادة في استهلاك تلك السلعة الحيوية في السنوات الأخيرة.
وستحافظ الصين على ذروة إنتاجها من الغاز الطبيعي، نظرًا لكونه موردًا قابلاً للنفاد.
ومع اقتراب ذروة إنتاج الغاز الطبيعي التقليدي، يجذب الغاز الطبيعي غير التقليدي اهتمامًا متزايدّا -أيضًا-.
ورغم توافر احتياطيات الغاز الطبيعي غير التقليدي في الصين، ما تزال عمليات الاستكشاف الخاصة به في مراحلها البدائية.
ولذا، فإنه مع تزايد تنافس الدول على تحقيق التنمية منخفضة/أو حيادية الكربون، ومع تواصل سياسات إصلاح أسعار الغاز الطبيعي في الصين، فإن دراسة آثار تطوير الغاز الطبيعي غير التقليدي على إمدادات الغاز الطبيعي في البلد الآسيوي لها أهمية عملية.
وسيُسهم استغلال الغاز الطبيعي غير التقليدي في تحسين إنتاج الغاز الطبيعي السنوي، وهو ما يُعد غاية في الأهمية بالنسبة إلى أمن إمدادات الغاز الطبيعي في الصين، إذ إنه من الممكن أن يقلل من اعتماد بكين على واردات الغاز من الخارج.
ولكونه أنظف أنواع الوقود الأحفوري، سيتيح الغاز الطبيعي غير التقليدي الوقت لتطوير الطاقة المتجددة بالنظر إلى التكاليف الباهظة والجدل المثار حول تطويرها في الصين.
أول تراجع في 3 عقود
انخفض استهلاك الغاز الطبيعي وواردات الغاز الطبيعي المسال في الصين في العام الماضي (2022)، نتيجة لتراجع النمو الاقتصادي وأسعار الغاز المرتفعة، ما يمثّل أول تراجع سنوي في معدل الاستهلاك منذ عام 1990، بحسب المعلومات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، نشرتها وكالة رويترز في 26 مايو/أيار (2023).
وهبط استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 1% (بواقع 0.4 مليار قدم مكعبة يوميًا) قياسًا بالعام الماضي (2022)، بحسب البيانات المنشورة على منصة إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس "S&P Global Commodity Insights".
ويُعزى الانخفاض في استهلاك الغاز الطبيعي في الصين إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الذي يرجع أساسًا إلى اللوائح التنظيمية ذات الصلة بسياسة "صفر كوفيد"، وجولات الغلق المُطبقة على نطاق واسع، بالإضافة إلى السياسات الحكومية التي تمنح أولوية لأمان الطاقة على أهداف الانبعاثات الكربونية.
أكبر مستورد للغاز المسال في العالم
صُنّفت الصين بصفتها أكبر مستورد للغاز المسال في العالم خلال عام 2021.
ومع ذلك هبطت وارداتها من تلك السلعة الإستراتيجية بنسبة 20% (2.0 مليار متر مكعب يوميًا) خلال عام 2022، على خلفية هبوط الطلب وارتفاع الأسعار، بحسب تقديرات صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وقبل عام 2022، نزلت واردات الصين من الغاز الطبيعي مرة واحدة، وتحديدًا في عام 2015، بنسبة أصغر بكثير، وفق التقديرات ذاتها التي تثبتت منها منصة الطاقة المتخصصة.
ورغم الزيادة الكبيرة في إنتاج الغاز الطبيعي المحلي، تعتمد الصين اعتمادًا متزايدًا على الواردات، بهدف سد احتياجاتها المتنامية جدًا من الغاز.
وخلال المدة بين عامي 2010 و2022، زاد استهلاك الغاز الطبيعي في الصين بأكثر من 3 أضعاف على خلفية النمو الاقتصادي القوي، والتوسع الحضري، إلى جانب السياسات البيئية، بحسب بيانات معلومات الطاقة.
أكبر ملوث في العالم
تُعد الصين أكبر بلد في العالم في إطلاق الانبعاثات الكربونية، لكن الرئيس شي جين بينغ أكد أن بلاده تسعى جاهدة لتحقيق ذروة الانبعاثات قبل نهاية العقد الجاري (2030)، أملًا في تحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2060، وفق ما أورده موقع ماينينغ تكنولوجي.
لكن استمرار توسع الصين في إنتاج الفحم واستعماله في توليد الكهرباء يتناقض تمامًا مع رغبة بكين في التخلص من الوقود الأحفوري، والاستعاضة عنه بمصادر الطاقة البديلة النظيفة.
وقبل نحو عامين حذّرت وكالة الطاقة الدولية من أن أهداف الحياد الكربوني العالمية تعني أنه لن يكون هناك مكان للتنمية القائمة على النفط أو الغاز أو الفحم.
صعود قياسي في واردات الفحم
شهدت واردات الفحم الصينية مستوى قياسيًا جديدًا خلال شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان (2023)، وهو ما يتناقض -ظاهريًا- مع الزيادة الكبيرة التي شهدتها إمدادات الفحم المحلية مؤخرًا، وفق ما نشره موقع أبحاث الطاقة والهواء النظيف "سيرا".
وخلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2023، ارتفعت واردات الفحم الصينية بنسبة 89% على أساس سنوي، واستمرت تلك الزيادة في أبريل/نيسان (2023) بنسبة 73% على أساس سنوي -أيضًا-.
كما قفزت إمدادات الفحم المحلية بنسبة 10.5% في العام الماضي (2022)، وبنسبة 5.5% في الربع الأول من عام 2023.
في غضون ذلك، زاد إجمالي استهلاك الفحم بنسبة 4.3% في عام 2022، وبنسبة 3.6% في الربع الأول من عام 2023.
وارتفع معدل توليد الكهرباء من الطاقة الحرارية، المستهلك الرئيس للفحم المستورد بنسبة 1.4% على أساس سنوي في عام 2022، وبنسبة 1.7% خلال الربع الأول من عام 2023.
موضوعات متعلقة..
- النفط والغاز في الصين.. نمو متزايد رغم زخم الطاقة المتجددة
- أول صاروخ يعمل بالغاز المسال في العالم ينقل الصراع الصيني الأميركي إلى الفضاء
-
%10 زيادة متوقعة باستهلاك الغاز في الصين خلال 2021
- السعودية تمنح عقدًا جديدًا لتطوير الغاز الطبيعي غير التقليدي
اقرأ أيضًا..
- أكبر 7 محطات نووية في العالم.. طاقة هائلة تَعِد باقتصادات قوية (صور)
- طاقة عربية تبيع 20% من رأسمالها لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية المصري
- السيارات الكهربائية في الإمارات تشهد 4 تحركات لتسريع انتشارها (تقرير)