اكتشاف مادة جديدة قد تُحدث ثورة في إنتاج الهيدروجين الأخضر
خطط الطاقة النظيفة تعتمد على الهيدروجين بصفته وقود المستقبل
نوار صبح
- التكنولوجيا الحالية لفصل الهيدروجين لا تزال قاصرة عن تحقيق أهداف الكفاءة والاستدامة.
- بدلًا من إنتاج الميكسين أنتج التفاعل خيوطًا ليفية رفيعة قائمة على أكسيد التيتانيوم.
- المادة ظلّت نشطة بعد أكثر من 180 يومًا من التعرض لأشعة الشمس المحاكاة.
- العالم يحتاج إلى أنواع وقود نظيفة جديدة ضخمة يمكنها أن تحل محل الوقود الأحفوري.
توصّل باحثون إلى اكتشاف مادة تحفيزية ضوئية قائمة على أكسيد التيتانيوم يمكنها تعزيز إنتاج الهيدروجين الأخضر.
وتعتمد خطط الطاقة النظيفة؛ بما في ذلك "الخطة التفصيلية للهيدروجين النظيف" لقانون الاستثمار في البنية التحتية الأميركية، على الهيدروجين بصفته وقود المستقبل، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ولا تزال التكنولوجيا الحالية لإنتاج الهيدروجين الأخضر قاصرة على تحقيق أهداف الكفاءة والاستدامة، بحسب ما نشرته جامعة دركسل الأميركية (drexel.edu) في يوليو/تموز الجاري.
جاء الاكتشاف الجديد، من خلال باحثو كلية الهندسة في جامعة دركسل الأميركية بقيادة الدكتور ميشيل بارسوم والدكتور حسين أوه بدر، بالتعاون مع علماء من المعهد الوطني لفيزياء المواد في العاصمة الرومانية بوخارست.
مصادر الطاقة البديلة
بوصفه جزءًا من الجهود المستمرة لتطوير المواد القادرة على تمكين مصادر الطاقة البديلة، أنتج باحثون في كلية الهندسة بجامعة دركسل في ولاية بنسلفانيا الأميركية مادة نانوية من أكسيد التيتانيوم يمكنها تسخير أشعة الشمس لإطلاق إمكانات الجزيء في كل مكان بصفته مصدرًا للوقود.
ويقدم الاكتشاف بديلًا للطرق الحالية التي تولّد غازات الدفيئة وتتطلب قدرًا كبيرًا من الطاقة، وفق البيانات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتم استكشاف التحفيز الضوئي، وهو عملية يمكن أن تفصل الهيدروجين عن الماء باستعمال ضوء الشمس فقط، لعدة عقود، لكنها ظلت بعيدة المنال؛ لأن المواد المحفزة التي تمكن من هذه العملية يمكنها البقاء على قيد الحياة لمدة يوم أو يومين فقط؛ ما يحد من كفاءتها على المدى القصير؛ ومن ثَم جدواها التجارية.
ويُقدم مقال الباحثين بعنوان "الخيوط النانوية أحادية البعد المستقرة للصور التي تحتوي على معدن ليبيدوكروكيتا القائم على ثاني أوكسيد التيتانيوم لإنتاج الهيدروجين التحفيزي في خلائط الماء والميثانول"، الذي نشرته مجلة ماتر، مسارًا مستدامًا وبأسعار معقولة لإنتاج وقود الهيدروجين.
نشاط المحفز الضوئي
قال الباحث في جامعة دركسل الأميركية، الدكتور حسين أوه بدر: "أظهر المحفز الضوئي أحادي البعد من أكسيد التيتانيوم لدينا نشاطًا أعلى بكثير -من حيث الحجم- من نظيره أكسيد التيتانيوم التجاري".
وأضاف: "علاوة على ذلك وجدنا المحفز الضوئي لدينا مستقرًا في الماء لمدة 6 أشهر، تمثل هذه النتائج جيلًا جديدًا من المحفزات الضوئية التي يمكنها أخيرًا إطلاق الانتقال الذي طال انتظاره للمواد النانوية من المختبر إلى السوق".
واكتشف فريق باحثي كلية الهندسة في جامعة دركسل الأميركية بقيادة الدكتور ميشيل بارسوم البنى النانوية المشتقة من الهيدروكسيدات -وهي عائلة المواد النانوية لأكسيد التيتانيوم، التي تنتمي إليها مادة التحفيز الضوئي- قبل عامين.
جاء ذلك حين كان الفريق يشرف على عملية جديدة لصنع مواد الميكسين، التي يستكشفها باحثو جامعة دركسل لعدد من التطبيقات.
وبدلًا من استعمال حمض الهيدروفلوريك الكاوي القياسي لحفر طبقات الميكسين ثنائية الأبعاد كيميائيًا من مادة تسمى ماكس فيز، استعملت المجموعة محلولًا مائيًا لقاعدة عضوية مشتركة، هيدروكسيد رباعي ميثيل الأمونيوم.
وبدلًا من إنتاج الميكسين، أنتج التفاعل خيوطًا ليفية رفيعة قائمة على أكسيد التيتانيوم، التي وجد الفريق أنها تمتلك القدرة على تسهيل التفاعل الكيميائي الذي يفصل الهيدروجين عن جزيئات الماء عند تعرضه لأشعة الشمس.
وقال الدكتور ميشيل بارسوم: "لقد أظهرت مواد أكسيد التيتانيوم سابقًا قدرات تحفيزية ضوئية؛ لذا فإن اختبار الخيوط النانوية الجديدة الخاصة بنا لهذه الخاصية كان جزءًا طبيعيًا من عملنا".
وأوضح: "لكننا لم نتوقع أن نجد أنها ليست محفزة ضوئيًا فحسب؛ بل إنها محفزات منتجة ومستقرة للغاية لإنتاج الهيدروجين الأخضر من خلائط الماء والميثانول."
واختبرت المجموعة 5 مواد تحفيز ضوئي -للبنى النانوية القائمة على أكسيد التيتانيوم، المشتقة من مواد أولية متنوعة منخفضة التكلفة ومتوافرة بسهولة- وقارنتها بمادة أكسيد التيتانيوم لدى شركة إيفونيك آيرو، المسماة بي 25، التي يتم قبولها على نطاق واسع باعتبارها مادة المحفز الضوئي الأقرب إلى الجدوى التجارية.
وتم غمر كل مادة في محلول ميثانول مائي وتعريضها للضوء المرئي فوق البنفسجي الناتج عن مصباح مضيء قابل للضبط يحاكي طيف الشمس.
وقاس الباحثون كمية الهيدروجين المنتج ومدة النشاط في كل مجموعة تفاعلات، بالإضافة إلى عدد فوتونات الضوء الذي أنتج الهيدروجين عند تفاعلها مع مادة المحفز، وهو مقياس لفهم الكفاءة التحفيزية لكل مادة.
ووجدوا أن جميع المحفزات الضوئية المكونة من أكسيد التيتانيوم الـ5 تعمل بكفاءة أعلى في استعمال ضوء الشمس لإنتاج الهيدروجين الأخضر مقارنة بمادة بي 25.
وتُعَد واحدة منها، مشتقة من ثنائي كربيد التيتانيوم، أكثر كفاءة 10 مرات من مادة بي 25 في تمكين الفوتونات لفصل الهيدروجين عن الماء، بحسب ما نشرته جامعة دركسل الأميركية (drexel.edu) في 13 يوليو/تموز الجاري.
استمرار نشاط المادة
يقول فريق الباحثين إن هذا التحسن مهم جدًا، ولكن الاكتشاف الأكثر أهمية هو أن المادة ظلّت نشطة بعد أكثر من 180 يومًا من التعرض لأشعة الشمس المحاكاة، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال عضو فريق الباحثين، الدكتور حسين أوه بدر: "حقيقة أن موادنا تبدو مستقرة ديناميكيًا ونشطة ضوئيًا في خلائط الماء والميثانول لأوقات طويلة لا يمكن المبالغة فيها".
وأضاف: "نظرًا إلى أن تصنيع موادنا ليس مكلفًا، وسهل التوسعة، ومستقر في الماء؛ فإن تطبيقاتها في مختلف عمليات التحفيز الضوئي تستحق الاستكشاف".
الخطوة التالية في البحث
تتمثل الخطوة التالية في البحث في فهم أفضل لسبب تصرف المادة بهذه الطريقة، بحيث يمكن تحسينها بشكل أكبر بوصفها محفزًا ضوئيًا.
وتفترض النظرية الحالية للفريق أن الطبيعة أحادية البعد ومساحة السطح النظرية للمادة تُسهِم في نشاطها المستدام، ولكن هناك حاجة إلى اختبارات إضافية لتأكيد هذه الاقتراحات.
في المقابل، تعمل مجموعة الباحثين على إيجاد إضافات أخرى، إلى جانب الميثانول، لتكون بمثابة "مخمدات ثقوب"، وهي مواد كيميائية تمنع تفاعل انقسام الماء من عكس مساره، وهو أمر شائع بسبب الطبيعة الفوضوية، إلى حد ما، للتفاعلات التحفيزية الضوئية.
وكانت النتائج واعدة للغاية لدرجة أن المجموعة أسست شركة هيدروجين خضراء ناشئة بشأن التكنولوجيا وتعمل مع مكتب جامعة دركسل للابتكار وهيئة الابتكار التابعة لمؤسسة العلوم الوطنية للتحرك نحو تسويقها.
وقال الباحث لدى جامعة دركسل الدكتور ميشيلبارسوم: "نحن متحمسون للغاية لإمكانات هذا الاكتشاف".
وأشار إلى أن "العالم يحتاج إلى أنواع وقود نظيفة جديدة ضخمة يمكنها أن تحل محل الوقود الأحفوري. "ونعتقد أن هذه المادة يمكن أن تطلق العنان لإمكانات إنتاج الهيدروجين الأخضر".
بالإضافة إلى ذلك، تستكشف المجموعة عددًا من التطبيقات الأخرى للبنى النانوية؛ بما في ذلك استعمالها في البطاريات والخلايا الشمسية وتنقية المياه والعلاجات الطبية.
إن قدرة البنى النانوية لشبكات الهيدروكسيدات على الإنتاج بسهولة وأمان بكميات كبيرة، تميزها عن غيرها من المواد النانوية؛ ما يمهد الطريق أمام مجموعة متنوعة من الاستعمالات الممكنة.
اقرأ أيضًا..
- صفقة الجزائر وتوتال الفرنسية تثير الجدل.. 5 خبراء يكشفون الأسباب
- أسعار الألواح الشمسية في مصر تنخفض بصورة حادة.. فرصة ذهبية للشراء
- قفزة كبيرة في إيرادات دول أوبك من تصدير النفط.. السعودية تتصدر (إنفوغرافيك)