أزمة الطاقة في فيتنام تهدد الاستثمارات الأجنبية
وصول أول شحنة غاز مسال لا يعني إنهاء معوقات العلاج
حياة حسين
تهدد أزمة الطاقة في فيتنام الاستثمارات الأجنبية، ولا يبدو أن وصول أول شحنة غاز مسال إلى البلاد يمكن أن يضع نهاية لهذه المشكلة.
وكشف استطلاع رأي لأنشطة الأعمال، أجرته غرفة التجارة الأوروبية في هانوي، خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، عن أن 50% يرون أن أزمة الطاقة أضرت بخطط الشركات الاستثمارية؛ إذ إن بعضها بدأ البحث عن بدائل للدولة الآسيوية، بينما قررت نسبة أخرى تعليق توسعاتها مؤقتًا، حسبما ذكرت وكالة رويترز، اليوم الإثنين 17 يوليو/تموز 2023.
ولعلاج أزمة الطاقة في فيتنام، والحد من تغير المناخ في الوقت ذاته، وضعت الدولة -صاحبة الاقتصاد الهش- خطة لاستيراد الغاز والاعتماد على هذا الوقود الأنظف بين أنواع الوقود الأحفوري الأخرى في مرحلة تحول الطاقة، وفق تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
أول شحنة غاز مسال إلى فيتنام
استقبلت فيتنام ببهجة أول شحنة غاز طبيعي مسال، في شهر يوليو/تموز الجاري، في وقت لا تزال مشكلات عديدة تواجه مواصلة تدفقات الوقود الانتقالي إلى الطاقة المتجددة، وفق رؤية البلاد.
وتنوعت أسباب أزمة الطاقة في فيتنام، التي تتركز في صعوبات الحصول على الغاز المسال؛ منها فسخ عقود الشراء بسبب الأسعار المرتفعة، وتأجيل بناء محطة الاستقبال بسبب شح التمويل، إضافة إلى نقص الإمدادات.
وتعوق تلك المشكلات طموحات فيتنام لجعل الغاز المستورد، الوقود الأساسي في البلاد، وفق بعض المصادر في القطاع الصناعي.
وتظهر أزمة الطاقة في فيتنام بانقطاع التيار الكهربائي المتكرر؛ ما أثار قلق المستثمرين الأجانب، وتساؤلاتهم حول ما إذا كانت الدولة الآسيوية بديلًا موثوقًا لتنويع الاستثمارات في مواقع بعيدة عن الصين.
وأغلقت فيتنام مناقصة شراء أول شحنة غاز مسال في 11 مايو/أيار الماضي، وكان من المفترض بدء تسليم كميات تتراوح بين 50 ألفًا و70 ألف طن، خلال المدة من 1 يونيو/حزيران حتى 31 يوليو/تموز، بنظام التسليم على ظهر السفينة، وفق تقارير اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتُعَد الشحنة بمثابة اختبار تشغيلي أولي للمحطة في مدينة "دونغ ناي"، والتي بلغت تكلفتها 1.4 مليار دولار، وذلك قبل انطلاق مرحلة التشغيل التجاري.
وتتوقع شركة "بتروفيتنام باور" قدرة المحطة على تزويد ما يتراوح بين 680 ألفًا و850 ألف طن سنويًا من الغاز المسال، بدءًا من العام الجاري (2023) حتى عام 2027.
تغير المناخ
تخلق الصعوبات أمام علاج أزمة الطاقة في فيتنام -بسبب عدم قدرتها على تنفيذ خطة استيراد الغاز المسال- مشكلة أخرى تتعلق بعلاج تغير المناخ.
وكانت فيتنام قد وضعت خطة الكهرباء التي تُعَد بمثابة خريطة طريق للكهرباء حتى 2030، في شهر مايو/أيار 2023.
وتبلغ التكلفة الاستثمارية لتلك الخطة 135 مليار دولار، وتتضمن من بين استثمارات أخرى إنشاء 13 محطة كهرباء تعمل بالغاز المسال المستورد.
وتتشابه خطة فيتنام للكهرباء مع جاراتها الآسيويات مثل تايلاند وسنغافورة والفلبين، واللاتي أطلقت خرائط طريق لمزيج الطاقة مؤخرًا.
وتبلغ الطاقة الكهربائية المتوقع توليدها في فيتنام، اعتمادًا على الغاز المسال المستورد، نحو 22.4 غيغاواط حتى 2030، وهي كافية لتلبية احتياجات 20 مليون منزل، وضمان 15% من الإمدادات الوطنية.
غير أن بعض المحللين يستبعدون وصول فيتنام إلى هذه القدرة المتوقعة أو حتى نصفها، مثل محلل "ريستاد إنرجي" في أوسلو كاوشال رامش، الذي يرى تلك التوقعات غير واقعية، وأن القدرة لن تتجاوز 5 غيغاواط.
ومع صعوبة تحقيق هذه الكميات من الكهرباء المولّدة اعتمادًا على الغاز المسال المستورد، تبرز انتقادات أخرى للخطة، وهي أن جهود الحكومة لتدشين محطات غاز تتركز في جنوب البلاد، رغم أن أزمة الطاقة في فيتنام أسوأ حالًا، وانقطاعات الكهرباء متفاقمة في المناطق الشمالية.
ووفق الشركة اليابانية "طوكيو غاز"، وهي مطور مشارك في بناء محطات الغاز المسال؛ فإن خطة بناء مشروعات في الشمال لن تبدأ قبل النصف الثاني من عام 2027.
عقبة ثالثة
هناك عقبة ثالثة تقف أمام توليد الكهرباء من الغاز المسال المستورد في فيتنام، وهي الخلاف القائم بين شركة بتروفيتنام المسؤولة عن توليد الكهرباء، ومشغل الشبكة "إي في إن".
وترتفع تكلفة الغاز المسال المستورد بنسبة 50% عن المحلي، وتريد بتروفيتنام بيع نحو 90% من الكهرباء المولّدة للشبكة بهذه الأسعار وبعقود طويلة الأجل تمتد إلى 20 عامًا، في حين يريد مشغل الشبكة الحصول على كميات أقل، وفق وكالة رويترز.
ويبحث مطورو مشروعات محطات الغاز المسال حصولهم على ضمانات حكومية لتعاقداتهم مع الشبكة الوطنية في فيتنام، محذرين من أن عدم حصولهم على تلك الضمانات يعني امتناع الجهات التمويلية عن منحهم تمويلًا لبناء المحطات.
وتمتد مشكلة الخلاف على تسعير الكهرباء التي تحصل عليها الشركات من مشغل الشبكة إلى الكهرباء المتجددة من مزارع الرياح؛ لذلك تنخفض مساهمتها في علاج أزمة الطاقة في فيتنام، وتقف عند 4.6 غيغاواط من المزارع البرية منذ سنوات.
موضوعات متعلقة..
- إندونيسيا تُخطط لتصدير الغاز الطبيعي إلى فيتنام وتمدد شراكتها مع بي بي البريطانية
-
فيتنام.. سيمنس تنضم إلى مشروع تحويل الغاز الطبيعي المسال إلى كهرباء
-
"دلتا أوفشور" الفيتنامية تسعى لإبرام أكبر صفقة لشراء الغاز المسال
اقرأ أيضًا..
- "الساعدي": نقل الهيدروجين إلى أوروبا سيكون أفضلية لدول المغرب العربي.. وهذه أبرز المخاطر (حوار)
-
سفينة إنقاذ خزان صافر تصل سواحل اليمن.. هل يتخلص العالم من "القنبلة الموقوتة"؟