تحقيق الحياد الكربوني في تايلاند.. طموح واقعي أم معضلة؟ (تقرير)
الغاز الطبيعي يستحوذ على النسبة الأكبر في توليد الكهرباء
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
يواجه مسار الحياد الكربوني في تايلاند معضلة الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء، وطموح البلاد إلى التحول لمركز إقليمي لتجارة الغاز المسال بجنوب شرق آسيا.
وحددت البلاد هدفًا طموحًا لخفض الانبعاثات الكربونية بنسب تتراوح بين 30% و40% بحلول عام 2030، ما يمهّد الطريق للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ويواجه مسار الحياد الكربوني في تايلاند معضلة كثافة الانبعاثات الصادرة من صناعة الطاقة المعتمدة بصورة رئيسة على الوقود الأحفوري، لا سيما الغاز الطبيعي والفحم، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وأظهرت بيانات وزارة الموارد الطبيعية والبيئة (MNRE) مسؤولية قطاع الطاقة عن أكثر من ربع إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى البلاد، وفقًا لموقع غلوبال إنرجي مونيتور المتخصص (global energy monitor).
انبعاثات قطاع الطاقة
بلغ حجم الانبعاثات الصادرة من قطاع الطاقة قرابة 103.4 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في عام 2019، ما يمثّل 28% من إجمالي الانبعاثات البالغة 372.7 مليون طن مكافئ من الكربون.
وتعتمد تايلاند على الغاز الأحفوري في توليد أغلب احتياجاتها من الكهرباء، وفقًا لبيانات متصلة منذ 4 عقود (1986- 2022)، يليه الفحم في المرتبة الثانية بين مصادر التوليد في البلاد.
ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- خريطة الانبعاثات الصادرة من قطاع الطاقة عالميًا:
واستحوذ الغاز الأحفوري على 53% من توليد الكهرباء في تايلاند عام 2022، في حين بلغت حصة الطاقة المتجددة 10% فقط.
كما تشكّل محطات التوليد العاملة بالغاز -حاليًا- قرابة 57% من إجمالي سعة التوليد المركبة حديثًا في البلاد، مقابل 13% فقط للطاقة المتجددة، وفقًا لبيانات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة .
تحديث خطة الطاقة المتجددة 2037
اعتمد المجلس الوطني لسياسات الطاقة (NEPC) خطة طموحة في عام 2020، تستهدف زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني خلال المدة من 2021 إلى 2030.
وتعكف وزارة الطاقة في تايلاند على تحديث خطة الطاقة المتجددة في البلاد، لتزيد حصتها إلى 50% على الأقلّ خلال المدة من 2023 إلى 2037، وفقًا لمسودة أولية اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
على الجانب الآخر، يواجه مسار الحياد الكربوني في تايلاند تحديات أكبر متمثلة في رغبة البلاد تعزيز جهود التجارة الحرة والحفاظ على سياسة الغاز الأحفوري لضمان أمن الطاقة في ظل واقع عالمي مضطرب.
طموحات التحول لمركز إقليمي لتجارة الغاز المسال
يصطدم مسار الحياد الكربوني في تايلاند بطموحات البلاد للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة الغاز المسال في جنوب شرق آسيا، ما يشير إلى معضلة تنافر المسارين وصعوبة اجتماعهما معًا.
وتؤدي واردات الغاز المسال القادمة من دولة الجوار ميانمار دورًا مهمًا بالحفاظ على أمن الطاقة في تايلاند منذ عام 2011، مع زيادة ملحوظة في معدلات الاستيراد خلال الآونة الأخيرة، مقارنة بزيادة سابقة في استيراد الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب.
وتتوقع خطة الغاز الوطنية الصادرة في عام 2018 زيادة استهلاك الغاز الأحفوري في تايلاند ذات الـ72 مليون نسمة، من 4.67 مليار قدم مكعبة يوميًا عام 2018، إلى 5.3 مليار قدم مكعبة يوميًا بحلول 2037.
وجاء قطاع توليد الكهرباء على رأس أكبر القطاعات المستهلكة للغاز ضمن هذه الخطة، يليه صناعة البتروكيماويات، ثم قطاع النقل.
وتحتاج تايلاند إلى زيادة واردات الغاز المسال من مناطق أخرى لتأمين احتياجات البلاد بحلول عام 2037، إذ لا تُتوقع مساهمة الواردات القادمة من ميانمار وخليج تايلاند في تلبية أكثر من 32% من الطلب المحلي بموجب العقود طويلة الأجل.
بينما ستحتاج البلاد إلى تدبير كميات أكبر لتلبية 68% من الطلب المحلي بحلول 2037، ما يعني ضرورة البحث عن مصادر بديلة لتأمين الغاز المسال بكميات أكبر في المستقبل.
وتشير هذه العناصر مجتمعة إلى أن مسار الحياد الكربوني في تايلاند يواجه تحديات شديدة التعقيد، أبرزها صعوبة فطم البلاد عن الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء حتى 2037 على الأقلّ.
موضوعات متعلقة..
- قطر للطاقة تقترب من توقيع صفقة غاز مسال ضخمة مع تايلاند
- تايلاند تبني أكبر محطة طاقة شمسية على الأسطح في العالم
- الغاز المسال الأميركي ينقذ تايلاند في صفقة ضخمة لمدة 20 عامًا
اقرأ أيضًا..
- دولة عربية تستقبل شحنات ديزل رديئة وتعيد تصديرها
- هل تحل الألواح الشمسية على الأسطح بمفردها مشكلة تغير المناخ؟ (تقرير)
- بالأرقام.. حجم سوق النفط الخام مقابل أكبر 10 أسواق عالمية للمعادن