طاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة تواجه مخاطر.. "قد لا تصل للسعودية"
دينا قدري
تواجه سلسلة من مشروعات طاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة عدّة عقبات تعرقل مسيرتها بوصفها مصدرًا رخيصًا للكهرباء، في ظل ارتفاع التكاليف في الآونة الأخيرة؛ إذ أدت الزيادة في تكاليف سلسلة التوريد إلى ارتفاع أسعار توربينات الرياح، في حين أدت الزيادات في أسعار الفائدة العالمية إلى ارتفاع تكاليف إعادة التمويل بشكل كبير.
وجعل ذلك العديد من المشروعات غير قابلة للتطبيق بعد عام واحد فقط من فوزها بعقود دعم حكومية، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة، نشرته صحيفة "التليغراف" البريطانية (The Telegraph).
وأدى ذلك إلى إثارة المخاوف من داخل الصناعة من أن مستقبل المملكة المتحدة في خطر حتى تكون مثل "السعودية في طاقة الرياح".
فقد تعهّد رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، في كلمته الافتتاحية أمام قمة المناخ كوب 26 التي انعقدت في غلاسكو، بأن المملكة المتحدة ستكون "السعودية في الرياح"، مشددًا على امتلاك البلاد للتكنولوجيا اللازمة، مع ضرورة البحث عن التمويل من قبل القطاع الخاص الذي مكّن من إنهاء الاعتماد على الفحم.
كما حذّر جونسون من نفاد الوقت لإنقاذ الأرض من تداعيات أزمة تغيّر المناخ، فضلًا عن اللوم الذي سيتحمله الجميع من الأجيال المقبلة.
صعوبات الرياح البحرية في المملكة المتحدة
تثير الصعوبات التي يواجهها بعض أكبر مطوري طاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة أسئلة جديدة حول ما إذا كانت الحكومة ستحقق هدفها البالغ 50 غيغاواط من الرياح البحرية بحلول عام 2030، من المستويات الحالية التي تبلغ نحو 14 غيغاواط.
وقد وصف كبار المسؤولين التنفيذيين أيضًا وزير الحياد الكربوني غرانت شيبس، بأنه شخصية "بعيدة" مترددة في التعامل مع رؤساء الشركات.
بينما أصر متحدث باسم وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني على أن شيبس "يتعامل بانتظام مع الصناعة"؛ قائلًا: "الرياح البحرية جزء حيوي من عملنا لتعزيز أمن الطاقة وخفض الانبعاثات".
وشدد المتحدث على "أن خططنا لإمداد المملكة المتحدة بالكهرباء، بالإضافة إلى عملية المزاد السنوية المعمول بها الآن، تمنح الصناعة مزيدًا من الثقة للاستثمار".
وأضاف: "لقد نجحنا بالفعل في جذب 120 مليار جنيه إسترليني من الاستثمار الخاص في مصادر الطاقة المتجددة منذ عام 2010، ونتوقع جذب 100 مليار جنيه إسترليني أخرى من الاستثمار، والتي ستدعم ما يصل إلى 480 ألف وظيفة بحلول عام 2030".
مشروع طاقة الرياح البحرية إينش كيب
يواجه مشروع "إينش كيب" الخطر، وهو مشروع مشترك بين "إي إس بي" الأيرلندية وشركة "ريد روك باور" الصينية لتطوير مشروع يقع على بُعد 15 كيلومترًا من الساحل الشرقي لإسكتلندا؛ إذ يرفض الجانب الأيرلندي المضي قدمًا في قرار الاستثمار النهائي.
فقد جرى تصميم ما يُسمى بالعقود مقابل الفروقات لضمان أن الشركات التي تعمل في مشروعات طاقة الرياح البحرية تحصل على أسعار ثابتة لبيع الكهرباء على مدى 15 عامًا.
إذا انخفض سعر السوق عما يُسمى بسعر التنفيذ؛ فإن الحكومة تعوّض الفرق؛ وإذا كان العكس صحيحًا؛ فيجب على الشركات إعادة الأموال إلى الحكومة.
ومع ذلك، من المفهوم أن سعر التنفيذ البالغ 37.35 جنيهًا إسترلينيًا، والذي تضمّنه "إينش كيب" هو حاليًا أقل من التوقعات بالنسبة إلى "إي إس بي"؛ ما يعني أنهم غير راضين عن مستوى العوائد المعروضة.
وذكر تقرير "التليغراف" أنه "يجب أن يكون أقرب من 50 إلى 55 جنيهًا إسترلينيًا"، نقلًا عن أحد المصادر.
ويبدو أن "ريد روك باور"، وهي شركة تابعة لشركة سي دي آي سي الصينية المدعومة من الدولة، مستعدة للمضي قدمًا مع "إينش كيب" أقل من التكاليف، من أجل تجنب الإحراج الناجم عن التخلي عما سيكون أكبر استثمار لها في الرياح البحرية في أوروبا.
ومع ذلك؛ يجب أن يتضمن أي قرار بالمضي قدمًا، إعادة تصميم المشروع.
وذكر بيان مشترك صادر عن "إي إس بي" و"ريد روك باور" أن الشركتين ملتزمتان بتسليم مشروع طاقة الرياح البحرية "إينش كيب".
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- سعة طاقة الرياح البحرية في عامي 2021 و2022:
مشروعات أخرى في خطر
في سياقٍ متصل، تُعَد مزرعة الرياح البحرية في نورفولك بوريس -التي تديرها شركة فاتنفول السويدية- معرّضة للخطر مع ارتفاع التكاليف.
إذ تحدثت الشركة عن ظروف السوق "الصعبة للغاية"، محذرة من أن الحكومة يجب أن تعكس واقع السوق، مشيرًا إلى أن فاتنفول لم تكُن مستعدة للمضي قدمًا دون مزيد من المساعدة من الدولة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وقالت رئيسة قسم الرياح البحرية في الشركة كاترين جونغ: "لم تتخذ فاتنفول قرار الاستثمار النهائي بعد في مزرعة الرياح البحرية بالمملكة المتحدة، في نورفولك بوريس".
وأضافت: "ظروف السوق صعبة للغاية في الوقت الحالي، مع ارتفاع التكاليف وأزمة سلسلة التوريد بالإضافة إلى زيادة تكاليف رأس المال".
كما قالت: "نحن نبحث عن أفضل طريقة للمضي قدمًا لجميع المشروعات الـ3 التي تشكّل 4.2 غيغاواط في منطقة نورفولك البحرية، وكيف يمكننا العمل مع سلسلة التوريد؛ بما في ذلك الفرص المتاحة للشركات البريطانية".
وتواجه مزرعة الرياح البحرية "هورنسي 3" -التي تديرها شركة أورستد الدنماركية في بحر الشمال- خطرًا مماثلًا، على الرغم من أن الشركة كانت "واثقة بشكل متزايد بأننا سنكون في وضع يسمح لها باتخاذ قرار استثماري نهائي خلال عام 2023".
وأضاف متحدث باسم الشركة: "لقد حقق قطاع الرياح البحرية نموًا هائلًا في المملكة المتحدة على مدى العقد الماضي، لكنه وصل إلى نقطة انعطاف".
كما قال: "سيتطلب الأمر تركيزًا مستمرًا من أصحاب المصلحة في الحكومة وعبر الصناعة، لضمان تقديم طاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة لإمكاناتها؛ لتصبح العمود الفقري لنظام الطاقة في المملكة المتحدة، وجلب المزيد من الاستثمار، وتوفير الكهرباء منخفضة التكلفة للمستهلكين والمساعدة في تحقيق طموحنا نحو الحياد الكربوني".
موضوعات متعلقة..
- طاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة تئن تحت ضغط التكاليف
- مستقبل الرياح البحرية في المملكة المتحدة (تقرير)
- مزارع الرياح البحرية في المملكة المتحدة تضيف 5 آلاف وظيفة خلال عام
اقرأ أيضًا..
- مصادر لـ"الطاقة": السعودية تمدد خفض إنتاج النفط مليون برميل يوميًا
- اكتشافات الغاز المصري تتلقى صدمة على يد إيني الإيطالية
- تطوير الهيدروجين في آسيا يتطلب 90 مليار دولار بحلول عام 2030
- أكبر مزرعة شمسية عائمة في أميركا الجنوبية تبدأ العمل رسميًا (فيديو)