التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الكهرباءرئيسيةطاقة متجددةكهرباء

أكبر محطة كهرباء في العالم.. هل يحول بحر الشمال الحلم إلى واقع؟

9 دول أوروبية تستفيد من طاقة الرياح البحرية الهائلة

هبة مصطفى

هل يمكن أن يتحول بحر الشمال إلى أكبر محطة كهرباء في العالم، بعد أن ظل لسنوات طويلة أبرز مواقع صناعة النفط والغاز البحرية؟ تساؤل بات مطروحًا بقوة، بعدما أبدت 9 دول أوروبية رغبتها في التأسيس لمرحلة جديدة من "كهربة" القارة.

واتفق المشاركون في قمة بحر الشمال (أكبر تجمع سياسي لبحث شؤون الطاقة في المنطقة) -والتي انعقدت مؤخرًا- على ضرورة الاهتمام بطاقة الرياح البحرية بصورة أكبر، لا سيما إذا ما رغبت دول القارة في الإبحار بعيدًا عن الاعتماد على واردات الطاقة الروسية.

وبينما ضمت القمة دولًا أوروبية (أعضاء في الاتحاد الأوروبي، ودولة غير عضو)، خلصت 9 دول، وهي: (بلجيكا، والدنمارك، وألمانيا، وفرنسا، وأيرلندا، ولوكسمبورغ، وهولندا، والنرويج، والمملكة المتحدة)، إلى التزامات ومستهدفات جديدة أكثر طموحًا لتطوير شبكة الكهرباء في بحر الشمال، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة حينها.

وبينما يبدو لبعضهم أن الأهداف الطموحة قابلة للتحقيق، بالنظر إلى الموارد المالية والتقنية للدول المرحّبة، فإن هناك صعوبات تحديات سياسية وتنظيمية تهدد الطموح الأوروبي لطفرة بحر الشمال وإنشاء أكبر محطة كهرباء في العالم، بحسب مقال لمساعد أول شركة "غلوبال كونسيل" للاستشارات الإستراتيجية "جاس باسي" نُشر في يوراكتيف (Euractiv).

مقومات كهرباء بحر الشمال

أبدت الدول الـ9 رغبتها في تحويل بحر الشمال إلى أكبر محطة كهرباء في العالم بتشكيل ما يشبه "جزر" للطاقة، عبر الربط البيني بين مزارع الرياح في الدول الأوروبية.

مزعة رياح بحرية قد تكون نواة لأكبر محطة كهرباء في العالم ببحر الشمال
مزرعة رياح بحرية - الصورة من يوراكتيف

وبموجب هذا الطموح، يتعين تهيئة بحر الشمال ليصبح نظام طاقة متكاملًا لا يعتمد على طاقة الرياح البحرية وحدها، بل يُدمج إنتاجها مع خطوط الربط، ويستفيد أيضًا من فائض إنتاج مصادر الطاقة المتجددة لإنتاج وقود الهيدروجين وتزويد وسائل النقل به، أو دمجه في الاستعمالات الصناعية.

وتُجري الدنمارك وبلجيكا دراسات الجدوى الأولية لما أطلقت عليه "جُزر الطاقة"؛ تمهيدًا لبدء بناء أكبر محطة كهرباء في العالم ببحر الشمال.

وتملك الدول الـ9 سعة مركبة من طاقة الرياح في بحر الشمال تُقدَّر في الآونة الحالية بنحو 30 غيغاواط، في حين إن المستهدفات المعلَنة بختام القمة ارتفعت إلى 120 غيغاواط بحلول نهاية العقد 2030، و300 غيغاواط بحدّ أدنى في منتصف القرن 2050.

وفورات ومستهدفات

رغم أن المملكة المتحدة ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي، فإنها تولّت زمام المبادرة لتمهيد الطريق لبناء أكبر محطة كهرباء في العالم ببحر الشمال -بصفتها واحدة ضمن الدول الـ9 التي تبنّت مستهدفات الرياح البحرية في القمة- وعرضت مقترحًا شاملًا لشبكة يمكنها نشر أهداف الرياح البحرية بحلول 2030.

ويوفر نظام الكهرباء المتكامل الذي تطمح إليه الدول الـ9 ما يُقدَّر بنحو 5.5 مليار جنيهًا إسترلينيًا للمستهلكين في المملكة المتحدة وحدها، عبر زيادة سعة الشبكة.

وبالنظر إلى أن الطريق إلى أيّ تطوير ليس مفروشًا بالورود، بات التساؤل حول قدرة صانعي السياسات على الوصول لسعة طاقة الرياح المستهدفة بمعدلات ضخمة، سواء لعام 2030 أو 2050، لا سيما أنها تفوق المعدلات الحالية بمراحل.

ولم تثنِ التحديات المتوقعة قادة الدول الأوروبية عن الاتجاه لتطوير مشروعات طاقة الرياح في بحر الشمال تمهيدًا لإنشاء أكبر محطة كهرباء في العالم، وبخلاف الإرادة السياسية المترسخة بالفعل، كانت هناك عوائق أكبر ومتطلبات لطفرة قطاع الكهرباء في بحر الشمال.

ويُلخص الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز المعلومات حول مشروع نقل الكهرباء في أوروبا، ويشمل ربط مزارع الرياح في بحر الشمال بشبكات الكهرباء:

أكبر مشروع لنقل الكهرباء في أوروبا

متطلبات وتحديات التطور

هناك نقاط شائكة يغلب عليها الطابع التنظيمي والإداري، ورغم بساطتها فإنها قد تعرقل جهود الدول الأوروبية الـ9 لبناء أكبر محطة كهرباء في العالم ببحر الشمال، بالاستفادة من موارد الرياح البحرية الضخمة، نتناولها فيما يلي:

1) البنية التحتية والتخطيط:

كعادة المشروعات الكبرى، تتطلب تخطيطًا واضحًا وإطارًا معلنًا لكيفية تنسيق وتنظيم عمل البنية التحتية، وبالنظر إلى أن المشروع مشترك بين 9 دول، فيتعين على مسؤوليها الاتفاق على إطار تشغيلي.

ويهدف الاتفاق على آليات التشغيل والإطار التنظيمي لها إلى ضمان حالة من التوازن، بين مُشغّلي أنظمة نقل الكهرباء في الدول الـ9 من جهة، والمستثمرين من جهة أخرى.

ومن ضمن الأطر التنظيمية التي قد تسبّب جدلًا بين الدول المتعاونة في المشروع، ما سبق أن أقرّته هيئة تنظيم الطاقة لدول الاتحاد الأوروبي حول ضرورة ادّخار مشغّلي الشبكات لما نسبته 70% من السعة المتاحة لتجارة الكهرباء خارج الحدود.

وبتطبيق هذه القاعدة على أكبر محطة كهرباء في العالم في صورة مزرعة رياح ضخمة ببحر الشمال، يتبين أن الدول الـ9 لن تحقق متطلبات السعة المستهدفة لعامي 2030 و2050، إذا ما خصَّص مشغّلو أنظمة النقل 70% من سعة المحطة لتجارة الكهرباء.

ومن شأن هذه المفارقة أن تُحدث حالة من الارتباك لدى مالكي المشروع، بالإضافة إلى أن المشروع يضم محطات عدّة للرياح تحت مظلة أكبر محطة كهرباء في العالم، بما يشير إلى أن التراخيص والموافقات التنظيمية لن تتعلق بمحطة بعينها، خاصة إذا كانت كل محطة فرعية تخضع لسلطة مختلفة.

2) حصص العائدات:

يتطلب توزيع حصص العائدات بين المحطات وشركات النقل اتفاقًا تنظيميًا واضحًا، إذ إنه يُرسّخ لمشروعات مزارع الرياح البحرية في بحر الشمال مستقبلًا.

مزرعة رياح بحرية في بحر الشمال الذي يُخطط لضمه أكبر محطة كهرباء في العالم
مزرعة رياح بحرية في بحر الشمال - الصورة من MVRDV

ولا يقتصر ضبط هذه الإشكالية على أكبر محطة كهرباء في العالم التي تطمح الدول الـ9 في إنشائها بالاستفادة من موارد الرياح في بحر الشمال فقط، بل هو أساس رئيس مع اتجاه دول القارة العجوز (سواء دول الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة) إلى إجراء إصلاحات في أسواق الكهرباء، في ظل تقلبات الأسعار، عقب اندلاع الحرب الأوكرانية قبل ما يزيد عن عام.

وتطرَّق المساعد الأول شركة "غلوبال كونسيل" للاستشارات الإستراتيجية "جاس باسي" في مقاله إلى إمكان فتح المجال أمام إنشاء منطقة مشتركة للعطاءات البحرية، بوصفها آلية تنظيمية لمستقبل الصناعة البحرية.

3) علاقة المملكة المتحدة بالاتحاد الأوروبي:

انفصلت المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي قبل سنوات، لكنها تشترك مع دول الاتحاد في فلك القارة العجوز، ويتطلب ذلك حسمًا واضحًا لحجم التعاون والتآزر حتى تتمكن أكبر محطة كهرباء في العام من الاستفادة من إمكانات الرياح البحرية ببحر الشمال بالكامل.

وقد يندرج هذا التعاون تحت إطار مذكرة التفاهم حول سياسات الطاقة الذي تبنّتها الحكومة البريطانية مع دول الجوار في بحر الشمال، ومن بينها الاتفاق على التعاون وتطوير طاقة الرياح البحرية والبنية التحتية والشبكات.

ورغم هذه الخطوات، فإنه ما زالت هناك حاجة أكبر لإطار واضح لأنظمة تداول الكهرباء بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وربما تكون أكبر محطة كهرباء في العالم المعتمدة على طاقة الرياح في بحر الشمال دافعًا لإنشاء ربط جديد بين المملكة المتحدة وأيرلندا من جهة وسوق الكهرباء الأوروبية من جهة أخرى.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق