صادرات النفط النيجيري إلى الولايات المتحدة تنتعش في 2023

منحت الولايات المتحدة الأميركية صادرات النفط النيجيري قُبلة الحياة، بعد أن شهدت الأخيرة هبوطًا حادًا في حصتها بالعديد من الأسواق خلال الشهور الأخيرة، لا سيما الآسيوية التي تفضّل الخام الروسي مُنخفض التكلفة.

فمع تضرر حصص الخام النيجيري في بعض الأسواق الرئيسة، مثل الهند، نجح الذهب الأسود في البلد الكائن غرب أفريقيا في استغلال الطلب المتزايد على تلك السلعة الحيوية في الأسواق الأميركية والأوروبية، مستفيدًا من حظر الخام الروسي المنقول بحرًا.

وفي هذا الصدد، لامست صادرات النفط النيجيري إلى الولايات المتحدة الأميركية أعلى مستوياتها منذ أواخر عام 2019، في أول أسبوعين من يونيو/حزيران (2023)، متجاوزة نظيرتها من ليبيا والنرويج، اللتين تصدران -أيضًا- الخام الحلو الخفيف إلى السوق الأميركية، وفق ما ورد في تقرير أسواق الطاقة اليومي لشركة "إنرجي أوتلوك أدفايزرز".

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- صادرات نيجيريا من النفط والمكثفات حسب المنطقة:

أميركا المنقذة

إبان الأشهر الـ5 الأولى من عام 2023، بلغت صادرات النفط النيجيري إلى الولايات المتحدة 145 ألف برميل يوميًا، مقارنة بـ94 ألف برميل يوميًا خلال المدة ذاتها من العام الماضي (2022)، بحسب بيانات صادرة عن شركة تحليل البيانات كبلر، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وبلغت صادرات النفط النيجيري أعلى مستوياتها على الإطلاق في يناير/كانون الثاني (2023)، 235 ألف برميل يوميًا.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- صادرات نيجيريا من النفط الخام إلى الولايات المتحدة:

في غضون ذلك، ومع استبدال أوروبا الخامين النرويجي والجزائري بنظيرهما الروسي، هبطت واردات أميركا من هذين البلدين، ما يفتح الطريق أمام تدفق صادرات النفط النيجيري إلى واشنطن.

ووفقًا لبيانات صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، تدفقت صادرات النفط النيجيري كافة إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة، الذي يشمل ولايات غير مُنتِجة للخام، ما يضطرها إلى استيراده من الخارج.

ويحظر قانون جونز على تلك الولايات استيراد النفط من ولايات أخرى داخل أميركا، وينص على أن يكون النقل البحري للسلع بين السواحل الأميركية قاصرًا على السفن المُصنعة والموثقة في أميركا، و-أيضًا- تلك المملوكة ملكية محلية خالصة.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- واردات المنطقة (1) في الولايات المتحدة من النفط الجزائري والليبي والنرويجي والنيجيري:

أسواق أوروبية

ليست الولايات المتحدة الأميركية هي السوق الوحيدة المستقبلة لصادرات النفط النيجيري، إذ تزاحمها في ذلك بعض الأسواق الأوروبية التي حظرت من جانبها شحنات الخام الروسي المنقولة بحرًا منذ ديسمبر/كانون الأول (2022).

فعلى سبيل المثال، بلغت صادرات الخام النيجيري إلى هولندا 164 ألف برميل يوميًا في المتوسط خلال الأشهر الـ5 الأولى من العام الجاري (2023)، قياسًا بنظيرتها البالغة 152 ألف برميل يوميًا في المتوسط خلال المدة ذاتها من العام الماضي (2022).

وبالمثل، سجلت صادرات النفط النيجيري صعودًا قويًا إلى فرنسا حتى الآن في عام 2023، مقارنة بسنوات سابقة.

ووفق بيانات كبلر، لامست صادرات النفط النيجيري إلى فرنسا 125 ألف برميل يوميًا في المتوسط، قياسًا بـ92 ألف برميل يوميًا خلال المدة ذاتها من عام 2022.

الهند

في غضون ذلك ما تزال الهند، ثاني أكبر مستورد للخام في آسيا، تقتنص حصصًا كبيرة من النفط الروسي الرخيص، ما هوى بصادرات الخام النيجيري إلى نيودلهي لأدنى مستوياتها حتى الآن هذا العام (2023)، مقارنة بكل من عامي 2022 و2021.

ووصلت صادرات النفط النيجيري إلى الهند 103 آلاف برميل يوميًا في المتوسط خلال الأشهر الـ5 الأولى من عام 2023، مقارنة بـ264 ألف برميل يوميًا في عام 2022، و330 ألف برميل يوميًا في عام 2021، بحسب أرقام كبلر، التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- صادرات نيجيريا من النفط الخام إلى الهند:

خريطة النفط والغاز العالمية

جراء العقوبات الغربية المفروضة على النفط الروسي، التي أجبرت موسكو على تحويل شحناتها إلى وجهات أخرى، لا سيما في آسيا، هبطت صادرات الخام النيجيري إلى الهند، ما أجبر أبوجا على إعادة توجيه شحناتها إلى أسواق أخرى.

وأعاد الغزو الروسي لأوكرانيا وما تلاه من فرض عقوبات غربية على صناعة الطاقة الروسية، تشكيل تجارة النفط والغاز والفحم العالمية.

وكان من الصعب في البداية التنبؤ بالتوجهات في صادرات النفط ووارداته، مع استمرار تغير وجهات الشحن البحري ومساراته.

ويقيم العديد من اللاعبين في السوق أفضل السبل لتعظيم الأرباح، لا سيما وسط العقوبات المفروضة على النفط الروسي.

ومع ذلك، تُظهر البيانات أن هناك دائمًا بعض الشحنات النفطية في التجارة العالمية التي تتسم بالمرونة، وتشمل التدفقات من منتجين يشهدون تقلبات في الإنتاج، مثل ليبيا ونيجيريا.

وتفترض السوق أن هؤلاء المنتجين سيضخون حدًا أدنى معينًا من الإنتاج، وأن أي إضافات ستحتاج إلى إيجاد مشترين جدد.

وتؤثر بيانات التجارة والتوجهات في سوق النفط في إمدادات الخام ومخزوناته، وكلاهما عنصر رئيس لتحديد أسعار السوق.

جودة الخام

يُعد فهم العوامل التي تؤثر في اتجاه التجارة غاية في الأهمية بالنسبة إلى التجار، والمستثمرين، والمحللين وصانعي السياسات، والأهم من ذلك أن مسارات التجارة ووجهاتها إنما تتحدد بجودة الخام.

فعلى سبيل المثال تُنتج الولايات المتحدة الأميركية أكبر كمية من الخام الحلو الخفيف في العالم، ومع ذلك يستورد الساحل الشرقي للولايات المتحدة الخام الخفيف الحلو أو المتوسط الحلو من أسواق خارجية.

وفي أوقات التعافي الاقتصادي، من الممكن أن ترتفع واردات الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية من درجات الخام الخفيف الحلو/المتوسط الحلو.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- صادرات نيجيريا من النفط والمكثفات:

مُعضلة المشكلات الـ4

على صعيد آخر، يواجه إنتاج النفط النيجيري 4 معضلات كبيرة هي:

• الاضطراب السياسي الذي يُزيد التقلبات في الإنتاج والصادرات.
• موقع نيجيريا بالنسبة إلى الأسواق الآسيوية التي تشهد أقوى معدلات في نمو الطلب، ما يجعل النفط النيجيري غير مرغوب فيه، لا سيما وسط تدفق شحنات النفط الروسي رخيصة الثمن إلى الأسواق الآسيوية.
• جودة الخام النيجيري تفرض قيودًا على قاعدة عملائه، ويحصرها فقط على أولئك الذين يستهلكون الخام الخفيف الحلو/المتوسط الحلو، ويُعد خام بوني الخفيف الحلو/المتوسط الحلو الذي تُنتجه نيجيريا أحد أعلى أنواع الخام ثمنًا في العالم.
• المنافسة الرئيسة التي يواجهها النفط النيجيري تأتي من النفط الصخري الأميركي، ويُشار إلى أن قرابة ثُلث صادرات الخام النيجيري هي من درجات الخام الحلو الخفيف. وتتسم عمليات النفط الصخري، بطبيعة الحال، بمرونة أكبر من نظيرتها الخاصة بالنفط التقليدي، وإن كانت الأولى ذات دورة عُمرية أقصر، ما يجعل النفط الصخري أكثر تنافسية.

موضوعات متعلقة..

• سرقة النفط النيجيري وبيعه للصين.. هل تآمرت حكومة أبوجا؟
• انفجار خط لنقل النفط في نيجيريا.. أعمال التخريب تطل برأسها من جديد

• سرقة النفط تكبد نيجيريا ملياري دولار في 8 أشهر

• تقرير يكشف عن سرقة السيارات المستوردة في نيجيريا

اقرأ أيضًا..

• وكالة الطاقة الدولية: الطلب العالمي على النفط قد يبلغ ذروته قبل 2030
• أنس الحجي: دول أوبك والسعودية تأخذان زمام الأمور بالأسواق العالمية
• مصير غامض لخطط الحياد الكربوني على أجندة حزب العمال البريطاني (تقرير)