الطلب على الوقود الحيوي قد ينمو 11% بقيادة الاقتصادات الناشئة (تقرير)

يتزايد الطلب على الوقود الحيوي في الاقتصادات الناشئة بصورة قوية ضمن بدائل المصادر الأحفورية، لا سيما في الهند والبرازيل وإندونيسيا، التي تسعى إلى تطوير قدراتها الفنية والإنتاجية لهذا النوع من الوقود منذ سنوات طويلة، بهدف تنويع مصادر الطاقة المحلية، وزيادة درجة الحماية من التعرض لتقلبات الأسواق العالمية، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية.

وأسهمت مخاوف أمن الطاقة العالمي في زيادة المبادرات العالمية للتوسع في إنتاج الوقود الحيوي منذ عام 2022، الذي شهد ارتفاعات قياسية في أسعار النفط والغاز لم تحدث منذ عقود، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ورغم تطلع الأنظار إلى زيادة إنتاج الوقود الحيوي عالميًا، فإن الاقتصادات الناشئة ما زالت الأكثر اهتمامًا بهذا النوع من الوقود، مقارنة بالاقتصادات المتقدمة المنشغلة بتعزيز مصادر الطاقة المتجددة الأخرى، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين والطاقة النووية وغيرها.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية، في تقرير حديث، نمو الطلب على الوقود الحيوي عالميًا بنسبة 11%، ما يعادل 18 مليار لتر بحلول 2024، على أن تستحوذ الاقتصادات الناشئة، خاصة الهند والبرازيل وإندونيسيا، على ثلثيه تقريبًا.

وتسعى الاقتصادات الناشئة إلى تسريع خطط انتشار الوقود الحيوي بحلول 2024، أما الدول المتقدمة فمن غير المرجح أن تؤثر سياساتها الجديدة في الإنتاج أو الطلب حتى بعد عام 2024.

موارد محلية وفيرة وتكلفة أقل

تتمتع الهند والبرازيل وإندونيسيا بموارد وسيطة محلية وفيرة تمكّنها من تعزيز القدرة الإنتاجية للوقود الحيوي بتكاليف أقل نسبيًا من الاقتصادات المتقدمة التي لا تتوافر لديها الموارد نفسها، ومن ثم يكون مكلفًا لها، مقارنة بمصادر أخرى.

وأسهمت عوامل ارتفاع أسعار المواد الأولية والقيود التقنية في الحد من نمو الطلب على الوقود الحيوي في الاقتصادات المتقدمة، بما تجاوز توقعات وكالة الطاقة الدولية لعام 2021.

ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- تطور إنتاج الوقود الحيوي في العالم خلال 31 عامًا:

وتتوقع الوكالة الدولية زيادة الطلب على الوقود الحيوي في الاقتصادات الناشئة خلال عامي 2023 و2024، لا سيما في الهند والبرازيل وإندونيسيا، مدعومًا بمجموعة من السياسات الحكومية الداعمة للقطاع.

وتنظر البلدان الـ3 إلى الوقود الحيوي بوصفه أحد البدائل المعززة لأمن الطاقة، لما له من أثر في تعويض بعض واردات النفط والغاز ذات الأسعار العالمية المتقلبة.

واستوردت الهند 87% من احتياجاتها للنفط الخام في عام 2021، كما استحوذت واردات النفط على 20% من إجمالي الواردات الصافية في إندونيسيا خلال العام نفسه.

أما البرازيل فرغم أنها مصدر صافٍ للنفط، فإنها ما زالت تستورد كميات كبيرة من البنزين والديزل بلغت نسبتها 19% عام 2021، وفقًا للتقرير، الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

خطط الاقتصادات الناشئة

أعلنت إندونيسيا -أكبر اقتصادات جنوب شرق آسيا- مبادرتين لتسريع نشر الوقود الحيوي في نهاية عام 2022، الأولى تستهدف زيادة تفويض مزج وقود الديزل الحيوي إلى 35% في عام 2023، مقارنة بـ30% العام الماضي.

بينما تختص المبادرة الثانية بزيادة استعمال الإيثانول على المستوى المحلي، لكن تفاصيل تنفيذ هذه المبادرة ما زالت محدودة وغير واضحة، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

وتخطط البرازيل -أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية- لاستعادة هدف خلط وقود الديزل الحيوي المتصاعد في البلاد إلى 15% بحلول عام 2024، مقارنة بـ10% في عام 2022.

كما تدرس البرازيل زيادة متطلبات مزج الإيثانول الإلزامية على مستوى البلاد بنسبة 2.5%، لكن هذه الخطة لم يحدد تاريخ تنفيذها بعد.

ويمكن لمنتجي قصب السكر في البرازيل تحويل بعض الإنتاج من السكر إلى الإيثانول، لكن ارتفاع أسعار السكر ربما يدفع المنتجين إلى التفكير في الربح بصورة أكبر من تحويل الإنتاج إلى أنواع الوقود الحيوي.

أما في الهند، فلم تعلن سياسات جديدة للوقود الحيوي عام 2022، إلا أن الدولة ما زالت ملتزمة بهدف مزج الإيثانول بنسبة 20% بحلول 2025، ما يرجح زيادة الطلب خلال السنوات المقبلة في ثاني أكبر اقتصاد آسيوي بعد الصين.

الطلب على الوقود الحيوي أقل في الدول المتقدمة

تتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الطلب على الوقود الحيوي بنسبة 6% في الاقتصادات المتقدمة بين عامي 2022 و2024، ما يعادل 5.7 مليار لتر، أغلبها تتركز في الولايات المتحدة وأوروبا، ما يعني أنها تمثّل نسبة أقل من مقدار زيادة الطلب العالمي المتوقع عند 18 مليار لتر خلال المدّة نفسها.

وتدعم الولايات المتحدة زيادة التوجه نحو الطاقة المتجددة بمصادرها المختلفة، وأقر الرئيس جو بايدن أكبر حزمة إعفاءات ضريبية للصناعة في تاريخ البلاد خلال العام الماضي عبر قانون خفض التضخم، بحوافز تصل إلى 370 مليار دولار بحلول 2030.

كما يدعم الاتحاد الأوروبي التوجه نفسه عبر خطط طموحة تستهدف زيادة محتوى الوقود المتجدد في قطاع النقل بالدول الأعضاء إلى 29% بحلول 2030.

ورغم ذلك، لا تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تزيد مخاوف أمن الطاقة من الطلب على الوقود الحيوي في الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة بوتيرة أسرع خلال عامي 2023 و2024.

أسعار الإيثانول والديزل الحيوي عائق

تستند توقعات الوكالة الدولية بتباطؤ الطلب على الوقود الحيوي في الاقتصادات المتقدمة إلى عدة عوامل مثبطة لمشروعات هذا الوقود، خاصة في أوروبا وأميركا، أبرزها ارتفاع أسعار الإيثانول والديزل الحيوي والديزل المتجدد بمعدلات أعلى من أسعار البنزين والديزل.

من هذه الزاوية لا يمكن للحكومات الغربية أن تتوسع في إنتاج هذا النوع من الوقود، إلا بزيادة مخصصات دعمه للمستهلكين بصورة كبيرة، أما غير ذلك فلا يتصور أن تكون هناك زيادة في الطلب على الوقود الحيوي.

كما تستند الوكالة إلى زيادة واردات الاتحاد الأوروبي من وقود الديزل الحيوي أو المواد الأولية اللازمة لإنتاجه بنسبة تجاوزت 40% في عام 2022، ما يثير مخاوف وشكوكًا حول متطلبات المزج مع صعوبة التحقق من بيانات استدامة هذه الواردات.

ويمتد ضعف التوقعات إلى الولايات المتحدة التي لا يتوقع حدوث تغيير ملحوظ في معدلات إنتاجها أو طلبها على الوقود الحيوي حتى 2024، رغم ما يوفره قانون خفض التضخم من حوافز استثمارية ضخمة لبدائل الوقود وتقنيات الطاقة المتجددة حتى عام 2030.

إذ تستغرق مشروعات الوقود الحيوي الجديدة -في الغالب- أكثر من عامين حتى تدخل حيز الإنتاج، ما يعني أن المشروعات التي أطلقت في عام 2021 ما زالت في مكانها أو توشك على الإنتاج بحلول 2024.

وعزّزت وكالة حماية البيئة الأميركية تخوفات وكالة الطاقة الدولية عبر تحليل حديث يشير إلى أن قيود المواد الأولية وارتفاع أسعارها ربما يحد من إمدادات الديزل المتجددة في الولايات المتحدة خلال 2023 وحتى 2025.

موضوعات متعلقة..

• رحلة زيت الطهي المستعمل من المقلاة إلى الوقود الحيوي (تقرير)
• بايدن يواجه أسعار الوقود بتوفير البنزين المخلوط بالوقود الحيوي
• إندونيسيا ترفع مزيج زيت النخيل في الديزل الحيوي إلى 35% بحلول 2023

اقرأ أيضًا..

• المغرب يستضيف أول مصنع لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أفريقيا
• إنتاج الهيدروجين في الإمارات ينتعش باتفاقية تصنيع المحلل الكهربائي
• تجارب اليورانيوم عالي التخصيب.. هل تجعل من أميركا ملهمة للجماعات المسلحة؟