الطاقة الشمسية في أفريقيا.. فشل برنامج مساعدة الدول النامية لهذا السبب
نوار صبح
تُعَد الطاقة الشمسية في أفريقيا موردًا متاحًا ورخيصًا للخروج من أزمة شح إمدادات الطاقة التي تعاني بسببها دول القارة السمراء رغم ما تزخر به أرضها وسماؤها من إمكانات هائلة.
وفي هذا الصدد، أطلقت مؤسسة التمويل الدولية برنامج "سكيلنغ سولار" بهدف خفض تكاليف معدات الطاقة الشمسية في القارة السمراء على نحو خاص، وفي البلدان محدودة الدخل بصورة عامة، بحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ونال البرنامج انتقادات واتهامات بالفشل؛ كان آخرها على لسان محلل أبحاث الاستثمار السابق في الأسواق الناشئة لدى شركة مورغان ستانلي لإدارة الاستثمار تيل إيمري.
وفي ورقة بحثية حديثة، وجّه الباحث البارز اتهامات لبرنامج سكيلينغ سولار؛ قائلًا إنه لم يكتسب دعمًا واسع النطاق، وأن المشكلة تكمن في تصميمه، بحسب ما نشرته وكالة بلومبرغ في 18 مايو/أيار الجاري.
مشروعات الطاقة الشمسية في أفريقيا
رغم إمكانات الطاقة الشمسية في أفريقيا -أكثر مناطق العالم ثراء بهذا المورد النظيف- فإن 50% من سكانها ما زالوا يعيشون دون كهرباء حتى الآن.
كانت أواخر عام 2010 حقبة الطاقة الشمسية الأرخص سعرًا، وذلك بفضل انخفاض تكاليف المعدات وأسعار الفائدة التي تقترب من الصفر.
وبلغت أسعار شراء الكهرباء من مشروعات الطاقة الشمسية الكبيرة، مستويات قياسية منخفضة، وذلك على أساس سنوي.
وكان هذا الانخفاض القياسي نتيجة لبرنامج توسيع نطاق الطاقة الشمسية التابع لمؤسسة التمويل الدولية (سكيلينغ سولار)، الذي صُمم لمساعدة البلدان الأقل ثراءً في العالم على تطوير الطاقة الشمسية وبنائها دون الاعتماد على الإعانات.
كما سُجِّلَ العديد من الأرقام القياسية العالمية في الشرق الأوسط، لكن عام 2016 شهد رقمًا قياسيًا إقليميًا مهمًا في زامبيا.
غير أن البرنامج لم يدعم سوى مشروعين فقط، حتى مع انخفاض التكاليف، كما لم يؤدِّ إلى انتشار أوسع للطاقة الشمسية هناك، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
كانت السنغال وأوزبكستان الوحيدتين اللتين بَنَيَتا أصولًا إضافية في إطار البرنامج خلال سنواته الـ8 الأولى، وأيضًا لم يكن التوسع في استعمال الطاقة الشمسية هناك على نطاق واسع.
برنامج سكيلينغ سولار
تمثّل الغرض الأساسي من برنامج سكيلينغ سولار، التابع لمؤسسة التمويل الدولية (آي إف سي)، في خفض تكلفة رأس المال لبناء مشروعات الطاقة الشمسية في أقل البلدان والأسواق نموًا بالعالم.
وقدّم البرنامج المشورة للحكومات بشأن العناية الواجبة للمشروع، وتقديم المساعدة الفنية للحكومات الجديدة في إدارة المزادات التنافسية، وتوفير التمويل لمقدمي العطاءات الفائزين والضمانات للتخفيف من مخاطر الائتمان لشركات الكهرباء المملوكة للدولة.
وفي حين أن تكاليف الأجهزة قد تكون متماثلة الصفات نسبيًا عبر الحدود عند تعديلها للشحن، فإن التكاليف المالية ليست كذلك، ونشر البرنامج عددًا قليلًا من الآليات لخفض هذه التكاليف، بحسب التقرير.
ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- سعة الطاقة الشمسية في أفريقيا على مدار 10 سنوات بين عامي 2012 و2022:
أسباب فشل البرنامج
يوضح البحث الذي أعدّه تيل إيمري، الذي يتمتع بخبرة في أفريقيا والشرق الأوسط، أسباب قلِّة انتشار الطاقة الشمسية في أفريقيا والبلدان محدودة الدخل.
خلص بحث إيمري إلى أن البرنامج لم يتوسع نطاقه؛ لأسباب رئيسة، على سبيل المثال، قللت مؤسسة التمويل الدولية من أهمية الدور الأساسي الذي أدته الإعانات في تمكين أسعار الطاقة الشمسية المنخفضة للغاية التي تحققت في زامبيا.
وأرسلت الأسعار المنخفضة الناتجة في زامبيا إشارات خاطئة إلى الحكومات الأفريقية الأخرى، التي لن تكون قادرة على مضاهاة اقتصادات مشروعات التوسع في الطاقة الشمسية بزامبيا دون تلك الإعانات.
كما أدى الافتقار إلى الشفافية في شروط التمويل المستعملة في زامبيا إلى منع مطوري الطاقة الشمسية الآخرين في أماكن أخرى من معرفة طريقة تمويل مشروعات برنامج سكيلينغ سولار، التابع لمؤسسة التمويل الدولية في زامبيا.
وقال: "أعطى إقراض برنامج سولار سكيلينغ "تأثير الهالة" (التفاوت في الحكم الفوري)؛ لأن مؤسسة التمويل الدولية وغيرها من المؤسسات المماثلة تتمتع بوضع دائن مفضل في عمليات إعادة الهيكلة المالية، كما أن التخلف عن سدادها ينطوي على تكلفة مالية (ودبلوماسية) عالية".
وأوضح إيمري أن مقرضي القطاع الخاص لا يتمتعون بالوضع التفضيلي نفسه؛ ما يعني أنهم أكثر عرضة لخطر التخلف عن السداد من قبل الكيانات المملوكة للحكومة أو التي ترعاها، بحسب ما نشرته وكالة بلومبرغ في 18 مايو/أيار الجاري.
وبالنظر إلى كل هذه الفوائد معًا، يرى إيمري أنه لا يمكن لأي مقدم عطاء من القطاع الخاص أن يقترب من الأسعار نفسها التي أتاحتها مشاركة مؤسسة التمويل الدولية في زامبيا، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
رد مؤسسة التمويل الدولية
من جهتها، دحضت مؤسسة التمويل الدولية الادعاءات بأنها أرسلت إشارات أسعار غير صحيحة، وأوضحت أن "أوراق الشروط كانت متاحة لمقدمي العطاءات ومستشاريهم ومقرضيهم والسلطات الزامبية والمشاركين الآخرين في المشروع، واصفة ذلك "بالممارسة المعتادة".
وقالت -أيضًا- إن برنامج سكيلينغ سولار في زامبيا أتاح لمقدمي العطاءات إعادة التفاوض بشأن الأحكام الضريبية بعد الفوز بالعطاءات، وقدم مئات الآلاف من الدولارات لإعداد المشروعات التي لم تأخذ في الحسبان الحسابات المالية للمطورين.
وفي بيان، وصفت مؤسسة التمويل الدولية تقرير إيمري بأنه "مليء بالمعلومات غير الدقيقة والافتراضات المعيبة والحقائق المضللة"، وقالت إن برنامج سكيلينغ سولار "قابل للتكرار وشفاف ومُثبت الآن".
كما أشارت المؤسسة إلى وجود مشروعات جارية للطاقة الشمسية في 5 دول أخرى، بسعة أكثر من 400 ميغاواط.
تعديلات مطلوبة
قال محلل أبحاث الاستثمار السابق في الأسواق الناشئة لدى شركة مورغان ستانلي لإدارة الاستثمار تيل إيمري، إن اختيار أفضل طريقة لخفض تكاليف رأس المال وتسريع تحول الطاقة في الاقتصادات النامية، يُعَد قضية رئيسة بين دبلوماسيي المناخ، وستخضع لتدقيق مكثف في وقت لاحق من هذا العام خلال قمة المناخ كوب 28 في دبي.
وأضاف: "اللافت للنظر أن مؤسسة التمويل الدولية تعد شروط التمويل لديها حساسة من الناحية التجارية".
وتابع: "أنا من القطاع الخاص؛ لذا فأنا متعاطف مع الحجة القائلة إنه إذا أرادت مؤسسة التمويل الدولية عقد صفقات في العالم الحقيقي؛ فمن الضروري وجود مستوى معين من السرية التجارية بما يتماشى مع معايير الصناعة".
وقال -أيضًا-: "أعتقد أن هناك فرصة أمام مؤسسة التمويل الدولية لاستعمال دورها لتعزيز الشفافية بشكل كبير في عقود الكهرباء".
وأشار إلى أن بناء الطاقة الشمسية على نطاق المرافق في البلدان منخفضة الدخل عمومًا، ينطوي على توقيع اتفاقيات شراء متعددة العقود مع مرافق مملوكة للدولة غير مستقرة ماليًا.
كما أكد أن تكلفة رأس المال تُعَد قيدًا ملزمًا أمام بناء الطاقة الشمسية في البلدان منخفضة الدخل والبلدان ذات الدخل الأدنى إلى المتوسط.
اقرأ أيضًا..
- صادرات الطاقة الروسية تنقذ دول آسيا من موجات الحر (تقرير)
- معركة استثمارات الغاز بين مجموعة الـ7 ونشطاء المناخ.. من يربح في النهاية؟
- أكبر 10 حقول نفط في العالم حسب الاحتياطيات المؤكدة المتبقية (إنفوغرافيك)
- إكسون موبيل قد تخسر 350 مليون دولار شهريًا في غايانا.. هل يتوقف الإنتاج؟