غازتقارير الغازرئيسية

اتفاقية مدفوعات الطاقة بين تركيا وروسيا صداع في رأس "الناتو"

محور أردوغان-بوتين يتنامى

محمد عبد السند

ساعدت اتفاقية مدفوعات الطاقة بين تركيا وروسيا أنقرة على إرجاء سداد ملايين الدولارات المُستحقة عليها لموسكو عن فاتورة الغاز الطبيعي، ما يؤكد عُمق العلاقات الثنائية بين البلدين، إلى الحد الذي يثير معه حفيظة القوى العالمية.

ويُذكي التقارب الواضح في الآراء والمواقف بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قلقًا متناميًا لدى الغرب الذي يخشى تحول أنقرة -تدريجيًا- عن علاقاتها مع أقرانها من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، والارتماء في أحضان الروس، ما سيغيّر توازن القوى تمامًا في المنطقة.

وبمقتضى اتفاقية مدفوعات الطاقة بين تركيا وروسيا أرجأت الأولى سداد فاتورة غاز طبيعي مُستحقة لموسكو، بقيمة إجمالية تلامس 600 مليون دولار، حتى عام 2024، حسبما أوردت وكالة رويترز نقلًا عن مصدرين مطلعين.

وتأتي الخُطوة -الأولى من نوعها- بموجب اتفاقية أُعلنت الأسبوع الماضي، ما يُسلط الضوء على عُمق العلاقات الإستراتيجية الثنائية بين أنقرة وموسكو، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- صادرات روسيا من الغاز عبر خطوط الأنابيب:

صادرات الغاز الطبيعي الروسية

مدفوعات إجمالية

بموجب بنود اتفاقية مدفوعات الطاقة بين تركيا وروسيا المذكورة، قد يُؤجل سداد مدفوعات طاقة إجمالية تركية تصل قيمتها إلى 4 مليارات دولار أميركي، مُستحقة لروسيا، حتى العام المقبل (2024)، حسبما ذكر المصدران اللذان رفضا الكشف عن هويتهما لسرية الأمر.

ولم يُكشف مُسبقًا عن تفاصيل الاتفاقية.

وتعتمد تركيا، التي تستعد لإجراء انتخابات يوم الأحد 14 مايو/أيار (2023)، بقوة على واردات الطاقة، إذ تبرز روسيا بصفتها أكبر الموردين إلى أنقرة في هذا القطاع.

وتُسهم اتفاقية مدفوعات الطاقة بين تركيا وروسيا في تخفيف بعض الضغوط الواقعة على احتياطي أنقرة الأجنبي، الذي اُستنفد جراء السياسات الاقتصادية التي انتهجتها حكومة أردوغان والتي استهدفت من خلالها دعم العملة المحلية "الليرة"، بجانب ارتفاع أسعار الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا الذي اندلعت شرارته الأولى في 24 فبراير/شباط (2022).

وقد أُرجئ سداد ما قيمته 600 مليون دولار أميركي حتى عام 2024، وكان للزيادة في أسعار الطاقة تأثير ضخم في هذا الأمر، بحسب ما قاله أحد المصدرين.

أسعار الطاقة عامل مُحدد

قد تؤجل تركيا مثل تلك المدفوعات إلى آجال أطول في الشهور المقبلة، وهذا يتوقف على المسار الذي تمضي فيه أسعار الطاقة.

وذكر وزير الطاقة التركي فاتح دونماز، الأسبوع الماضي، أن أنقرة وموسكو قد وافقتا على اتفاقية تسمح للأولى بإرجاء مدفوعات الطاقة حتى مبلغ معين، لكنه لم يكشف عن مزيد من التفاصيل في هذا الخصوص.

وفي العام الماضي (2022)، سجلت فاتورة واردات الطاقة التركية مستوى قياسيًا ناهز 100 مليار دولار أميركي.

وفي شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط (2023)، مثّلت واردات الطاقة ما نسبته 39% من إجمالي حجم الغاز الطبيعي المستورد من روسيا، والبالغ حجمه 53.5 مليار متر مكعب.

تقارب واضح

تُسلّط اتفاقية مدفوعات الطاقة بين روسيا وتركيا الضوء على أواصر العلاقة بين البلدين في الوقت الراهن، التي تعكس التقارب الواضح في السياسات والمواقف بين أردوغان وبوتين، ما يتجسد في المباحثات المتكررة التي يعقدها الزعيمان -بين الحين والآخر- وتتركز على قضايا تتدرج من الطاقة إلى الحرب في أوكرانيا وسوريا.

وتسعى تركيا إلى تحقيق توازن في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، إذ تعارض العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، في حين تزود كييف بالسلاح في حربها ضد موسكو.

كما ساعدت تركيا في جهود الوساطة التي قادت إلى اتفاق لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية.

ليس هذا فحسب، وإنما تتعاون أنقرة وموسكو في الجهود الرامية لوضع حد للصراعات الإقليمية، ويُعزى هذا أساسًا إلى التقاء مصالح البلدين في العديد من القضايا المختلفة، ما يساعدهما في التوصل إلى حلول مشتركة في كل من ليبيا وسوريا، وأيضًا بين أرمينيا وأذربيجان، رغم دعمهما لأطراف مختلفة.

محطة طاقة نووية
محطة طاقة نووية - الصورة من ceenergynews

تعاون نووي

مؤخرًا، بنت روساتوم، عملاقة الطاقة النووية الروسية، محطة أكويو النووية في تركيا، البالغة سعتها 4 آلاف و800 ميغاواط، بُكلفة استثمارية إجمالية بلغت 20 مليار دولار.

وسبق أن ألمح أردوغان إلى استعداد تركيا وروسيا تعزيز أوجه التعاون الثنائي في قطاعي الدفاع والطاقة.

غير أن العلاقات المتنامية بين تركيا وروسيا قد أثارت -أيضًا- مخاوف الغرب من أن الأولى تبتعد تدريجيًا عن علاقتها مع دول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وهو ما نفته أنقرة جملة وتفصيلًا، مؤكدة أنها تحتاج إلى موازنة تلك العلاقات.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أردوغان قد يخسر نتائج الانتخابات الرئاسية، نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة للأتراك، والهبوط غير المسبوق في سعر الليرة، بسبب البرنامج الذي تنفذه حكومته ويرتكز على خفض أسعار الفائدة رغم التضخم المرتفع.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق