مصفاة البترول الأردنية.. قصة منشأة لتكرير النفط منذ الخمسينيات (تقرير)
وأرامكو المورد الرئيس للمصفاة
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- الأردن يضم 12 منطقة استكشافية بحاجة إلى استثمارات شركات عالمية
- عام 1956 كان شاهدًا على قرار الحكومية الأردنية ببدء إنشاء مصفاة البترول
- المصفاة أسهمت في خفض استيراد المشتقات النفطية وتقليل فاتورة الاستيراد
- تكلفة التوسعة الرابعة لمصفاة البترول الأردنية قد تتخطى حاجز 2.6 مليار دولار
تؤدّي مصفاة البترول الأردنية دورًا بارزًا في قطاع التكرير في البلاد منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي؛ بهدف العمل على تلبية احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية وتقليل فاتورة الاستيراد.
ويعتمد الأردن على الاستيراد بصورة كبيرة؛ من أجل تلبية احتياجاته النفطية، ما يضعه أمام خطورة تقلبات الأسعار وأزمة الإمدادات.
وحددت البلاد نحو 12 منطقة استكشافية تؤكد أنها بحاجة إلى شركات عالمية لاستكشاف النفط والغاز فيها، مع تقدم تحالف (سعودي - أميركي) لهذا الغرض في حقل السرحان الأردني العام الماضي (2022).
ويمتلك الأردن مصفاة وحيدة لتكرير النفط الخام، تُعَدّ الأقدم والوحيدة في البلاد، وتتجه إلى تنفيذ توسعة رابعة باستثمارات تتخطى ملياري دولار، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
تسلسل تاريخي وأرامكو المورد الرئيس
منذ منتصف خمسينيات القرن الـ20، تبنّت البلاد فكرة إنشاء مصفاة البترول الأردنية بمحافظة الزرقاء، في إطار أهمية صناعة التكرير لمساعدتها على تقليل فاتورة استيراد المشتقات النفطية من الخارج.
وفي عام 1956، قررت الحكومية الأردنية بدء إنشاء مصفاة البترول، وتسجيلها شركة مساهمة عامة محدودة ذات امتياز، برأسمال بلغ وقتها نحو 4 ملايين دينار (5.63 مليون دولار)، قبل أن يصل إلى 100 مليون دينار (140.98 مليون دولار)، في الوقت الحالي.
وشهد عام 1958 إرساء عطاء تأسيس مصفاة الأردن على شركة إيطالية، لتقوم بإنشاء وتشغيل المصفاة بطاقة ألف طن متري يوميًا، وإنشاء أنبوب للنفط الخام لربط المصفاة بخط التابلاين وإيصال النفط الخام إلى موقع المصفاة باستثمارات 235 ألف دينار (330.98 مليون دولار).
(الطن الواحد يساوي 7.33 برميلًا من النفط الخام).
يشار إلى أن خط التابلاين بدأ العمل في 1950 بهدف نقل النفط السعودي إلى الأسواق الأوروبية مرورًا بالأردن وسوريا ولبنان، إذ كان ينقل براميل الخام من بقيق على الخليج العربي إلى ميناء صيدا على البحر المتوسط في لبنان، قبل أن يتوقف عام 1990، مع ظهور ناقلات النفط العملاقة، التي أصبحت أكثر جدوى.
وبدأت مصفاة البترول الأردنية العمل في إنتاج المشتقات النفطية للسوق المحلية منذ فبراير/شباط لعام 1961، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
وتعدّ شركة أرامكو السعودية المورد الرئيس للنفط الخام إلى مصفاة البترول الأردنية، بالإضافة إلى توريد 10 آلاف برميل يوميًا من العراق، بناءً على اتفاق موقع بين الدولتين.
مراحل توسع المصفاة
بعد 9 سنوات من العمل، تقرر تنفيذ أول مشروع لتوسعة المصفاة في عام 1970 لزيادة طاقة التكرير إلى 2.1 ألف طن يوميًا، ثم مشروع توسعة ثانية في عام 1973 يهدف إلى زيادة قدرة الوحدة التحويلية.
وفي عام 1982، نُفِّذَ مشروع توسعة ثالث لمصفاة البترول الأردنية لزيادة طاقة التكرير إلى 8.7 ألف طن يوميًا، وفق البيانات، التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
ومن ثم، قرر الأردن زيادة السعة التخزينية للمصفاة إلى 1.55 مليون طن في عام 2002، وإلى 1.58 مليون طن مع نهاية عام 2007، قبل رفعها إلى 1.62 مليون طن مع نهاية 2013.
وتعمل مصفاة البترول الأردنية على تنفيذ مشروع التوسعة الرابعة بهدف رفع طاقتها الإنتاجية إلى 14 ألف طن يوميًا، في مسعى لتلبية احتياجات السوق المحلية المتزايد وتقليل فاتورة استيراد المشتقات النفطية المشتعل سعرها في السوق العالمية.
كما تهدف التوسعة إلى الالتزام بالمتطلبات البيئية داخل المصفاة، ومواصفات المنتجات النفطية، مع التوقف عن إنتاج زيت الوقود عالي الكبريت.
وتلقّت المصفاة عروضًا فنية وتمويلية من شركات كورية وإيطالية وإسبانية وبريطانية لتنفيذ مشروع التوسعة الحالي.
وبالفعل، اختير تحالف مكون من شركات إيطالية وصينية ويابانية يُجرى حاليًا مفاوضات بشأن توقيع الاتفاقية.
ومن المتوقع أن تتجاوز تكلفة مشروع التوسعة الرابعة للمصفاة نحو 2.6 مليار دولار، ستُمول عن طريق وكالات ائتمان صادرات من دول مختلفة مع مشاركة المساهمين الحاليين وآخرين جدد.
وبحسب بيان للمصفاة، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة، فإن عملية التفاوض مع التحالف مرهونة بالإعفاءات من الضرائب والرسوم الحكومية، والتي يطلبها الائتلاف لتوقيع الاتفاقية.
دور مهم للمصفاة
تقوم مصفاة البترول الأردنية بتكرير النفط وتصنيع المركبات الهيدروكربونية والمواد الثانوية المشتقة من عمليات التكرير، ومنها غاز النفط المسال، والبنزين بنوعيه أوكتان 90 و95 الخالي من الرصاص والديزل ووقود الطائرات، وكذلك الزيوت المعدنية، ومنتجات الأسفلت.
ويؤكد الأردن أن المصفاة منذ نشأتها ساعدت على وقف استيراد المشتقات النفطية ذات التكلفة العالية، وتقليل فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة.
ويرصد الرسم التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، واردات الأردن النفطية بين عامي 2019 و2022:
ويوفر إنتاج مصفاة البترول الأردنية من المشتقات النفطية نحو 47% من حاجة السوق المحلية، كما تعدّ المصفاة الوحيدة في البلاد، التي تقوم بتعبئة أسطوانات الغاز المنزلي، وتغطية احتياجات السوق المحلية، وكذلك توفير مادتي زيت الوقود والأسفلت.
كما أسهمت في دعم قطاعات اقتصادية مهمة، مثل قطاع الكهرباء و النقل و الصناعة و الإنشاءات، ومنها قيام المصفاة منذ سبعينيات القرن الماضي بتزويد محطات توليد الكهرباء بمادة زيت الوقود والديزل.
وتمتلك مصفاة البترول الأردنية وحدات رئيسة لتكرير النفط الخام المستورد إلى مشتقات، ويتبعها -أيضًا- شركة لتسويق المنتجات النفطية مملوكة لها بالكامل.
ولدى المصفاة كذلك 3 محطات لتعبئة غاز النفط المسال في عمان، بطاقة إنتاجية تصل إلى 280 ألف أسطوانة يوميًا، إضافة إلى مصنع للزيوت المعدنية الذي أنشئ في عام 1977، بالتعاون مع شركة شل.
ويستحوذ مصنع الزيوت المعدنية على حصة سوقية تبلغ 40%، كما يصدّر المصنع منتجاته إلى العراق وتشاد وفلسطين وجورجيا ولبنان والسودان واليمن وليبيا والكاميرون وليبيريا.
وقررت المصفاة تأسيس الشركة الأردنية لصناعة الزيوت المعدنية، لتتولى إدارة مصنع الزيوت برأسمال 6 ملايين دينار (8.452 مليون دولار).
وتقوم المصفاة بتصدير الفائض عن حاجة السوق المحلية من إنتاجها من مادة زيت الوقود وبعض المشتقات النفطية.
المصفاة مقيدة بالبورصة
تعدّ مصفاة البترول الأردنية شركة مساهمة متداولة في بورصة عمان منذ يناير/كانون الثاني 1978.
وبحسب بيانات الشركة، الذي تابعتها وحدة أبحاث الطاقة، يبلغ رأسمال مصفاة الأردن الحالي نحو 100 مليون دينار (140.98 مليون دولار) موزعًا على 100 مليون سهم بقيمة دينار للسهم الواحد.
ويتوزع رأسمال المصفاة على الأردنيين بنسبة استحواذ 84.8%، والعرب بنسبة 12.1%، والأجانب بنسبة 3.1%.
ويستحوذ الأفراد على الحصة الأكبر من رأسمال المصفاة بـ63.33%، ثم المؤسسة العام للضمان الاجتماعي بنسبة 20.14%، والبنوك بحصة 6.86%، في حين تتوزع الحصص الباقية على مؤسسات وشركات وصناديق وفئات أخرى.
وفي عام 2022، قفزت أرباح مصفاة البترول الأردنية لأكثر من 105 ملايين دينار (147.89 مليون دولار)، مقابل 52.24 مليون دينار (73.58 مليون دولار) في عام 2021.
علاقة المصفاة بالحكومة
منذ مارس/أذار 2008، انتهت اتفاقية الامتياز الموقّعة بين الحكومة الأردنية والمصفاة، وتوصّل الطرفان إلى اتفاق تسوية بينهما، أمّا في مايو/أيار 2018، فقد انتهت العلاقة المالية بين المصفاة والحكومة الأردنية، مع وضع ضوابط تحدّد وضع المصفاة بعد ذلك.
وحصلت شركة مصفاة البترول الأردنية خلال العام الماضي (2022) على رخصة لممارسة نشاط التكرير والتخزين لمدة 30 عامًا، وكذلك 3 رخص لممارسة نشاط الغاز المسال في محطات تعبئة الغاز المنزلي (غاز النفط المسال) الـ3المملوكة لها، و3 رخص لممارسة نشاط التوزيع المركزي.
يشار إلى أن مصفاة البترول الأردنية تتولى تنفيذ الاتفاق الموقّع بين الحكومة الأردنية والعراقية بشأن استيراد النفط من بغداد.
وفي عام 2013، أسست مصفاة البترول الأردنية شركة لتسويق منتجاتها من المشتقات النفطية، برأسمال 65 مليون دينار (91.56 مليون دولار).
وكانت الشركة قد حصلت في 2012 على رخصة تشغيل وتوزيع المشتقات النفطية واستيرادها، وفي عام 2018، استحوذت شركة تسويق المنتجات البترولية الأردنية على كامل حصص شركة هيدرون للطاقة.
موضوعات متعلقة..
- مصفاة البترول الأردنية تكشف تطورات جديدة في مشروع التوسعة الرابعة
- سعر سهم مصفاة البترول الأردنية يتراجع.. هل تأثر بتحرير تجارة غاز النفط المسال؟
- مصفاة البترول الأردنية تحسم الجدل بشأن بيعها لحلّ أزمة الديون
اقرأ أيضًا..
- أرامكو للتجارة.. ماذا تعرف عن ذراع عملاقة النفط السعودية في بيع الخام ومشتقاته؟
- الكشافات الشمسية في مصر.. الاستعمالات والأسعار (صور)
- أمين عام أوابك: 3 مشروعات غاز عربية مرتقبة.. وتكلفة إنتاج النفط في الخليج الأقل عالميًا (حوار)