الجفاف يقوض سعة الطاقة الكهرومائية في تركيا.. كيف تتصرف حكومة أردوغان؟
محمد عبد السند
- الطاقة الكهرومائية في تركيا هي أكبر مصدر لتوليد الكهرباء
- موجات الجفاف تضرب تركيا في السنوات الأخيرة
- موجات الجفاف تؤثّر سلبًا بسعة الطاقة الكهرومائية في تركيا
- بلغت سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية 67 تيراواط/ساعة في 2022
- شانلي أورفا الولاية الأكثر تضررًا جراء موجات الجفاف في 2021
في ظل تناقص سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا نتيجة موجات الجفاف التي ضربت البلاد في السنوات القليلة الماضية، لم يعد أمام أنقرة سوى التحول السريع إلى مصادر الطاقة المتجددة الأخرى -الشمس والرياح- من أجل تعزيز إنتاج الكهرباء النظيفة، بما يكفي لتلبية الطلب المحلي المتنامي.
وما يعزز حاجة البلد العابر للقارات -أيضًا- إلى توليد الكهرباء المتجددة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، هو رغبتها القوية في تحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2053.
وفي هذا الإطار، تفرض التقلبات الناجمة عن موجات الجفاف مخاطر كبيرة أمام حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ظل اعتماد بلاده على الطاقة الكهرومائية اعتمادًا أساسيًا في توليد الكهرباء المتجددة.
وهبط معدل توليد الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا بنسبة 39%، أو ما يعادل 10 تيراواط/ساعة، في ولايات شانلي أورفا وإيلازيغ وديار بكر خلال المدة من عام 2020 إلى 2021، وفق ما خلصت إليه نتائج تقرير حديث صادر عن مركز أبحاث الطاقة النظيفة "إمبر".
وتعوّل تركيا على الغاز المستورد باهظ الثمن لتعويض العجز في سعة الطاقة الكهرومائية، ما يفرض على أنقرة ضرورة مُلحّة لتسريع تبنّي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وزيادة حصتيهما في مزيج الكهرباء الوطني، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
موجات جفاف متكررة
تعدّ الطاقة الكهرومائية في تركيا هي أكبر مصدر لتوليد الكهرباء، غير أنّ تعرُّض البلاد لفترتي جفاف في 5 أعوام قد عرّى نقاط ضعف هذا المصدر المتجدد للطاقة، وأثبت عدم موثوقيته في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في البلاد.
وتمتلك تركيا ثاني أعلى سعة لتوليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في عموم أوروبا خلف النرويج، بسعة 32 غيغاواط، وفق التقرير.
وفي العام الماضي (2022)، لامست سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا 67 تيراواط/ساعة، ما يربو على خُمس إجمالي معدل توليد الكهرباء في البلاد.
وفي يناير/كانون الثاني (2023)، أعلنت تركيا خطة الطاقة الوطنية التي تتضمن أهدافًا للسعة المستهدفة حتى عام 2035، وتعدّ الخطة هي الأولى من نوعها التي ترتكز على أهداف الحياد الكربوني والوصول إليها في عام 2053.
ارتفاع متوقع
ويتوقع التقرير أن ترتفع سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا بواقع 4 غيغاواط، لتلامس ذروتها عند 36 غيغاواط في نهاية العقد الجاري (2030)، قبل أن تبقى تلك السعة عند معدلات مستقرة.
في غضون ذلك، تخفض دراسات بحثية أخرى صادرة عن مؤسسات، مثل مركز إسطنبول للسياسات "آي بي سي"، وحملة أوروبا بعد الفحم "إي بي سي"، ومركز شورى لتحول الطاقة، توقعاتها لسعة الكهرباء المولدة بالطاقة الكهرومائية في تركيا خلال المدة ذاتها.
فعلى سبيل المثال، يتوقع "آي بي سي" أن تلامس سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا 33 غيغاواط بحلول عام 2030، في حين توقعت "إي بي سي" أن يصل هذا الرقم إلى 32 غيغاواط.
وبالنظر إلى الزيادات المحدودة في سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في الخطة الوطنية، والتوقعات الأخرى، يتضح جليًا أن مصادر الطاقة المتجددة -بخلاف الطاقة الكهرومائية- ستقود مسار تحول الطاقة في تركيا.
الولايات الأكثر تضررًا من جفاف 2021
كان 2018 و 2021 هما عامي الجفاف في تركيا، إذ لم تتجاوز سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية نحو 60 تيراواط/ساعة في عام 2018، ما يقل بواقع 14% عن متوسط الأعوام الـ5 الممتدة بين 2018 و 2022.
ومع ذلك كانت موجة الجفاف التي اجتاحت البلاد في عام 2021 هي الأشدّ على الإطلاق، إذ لم تسلم منها أيّة محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في تركيا.
وخلال عام 2021، تراجع معدل هطول الأمطار إلى أدنى مستوى في عقدين، بانخفاض من 56 تيراواط/ساعة إلى 22 تيراواط/ساعة، أو ما يعادل نسبته 29%.
ورغم صعود سعة توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في تركيا إلى 67 تيراواط/ساعة في العام الماضي (2022)، ظل هذا المعدل منخفضًا بنسبة 14% عن المستويات المرصودة في عام 2020.
وكانت شانلي أورفا، الولاية الرائدة في قطاع الطاقة الكهرومائية في تركيا، من حيث متوسط توليد الكهرباء خلال 5 أعوام، المتضرر الأكبر في عام 2021.
وشهدت شانلي أورفا هبوطًا في سعة توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في تركيا بواقع النصف، أو ما يعادل 4.5 تيراواط/ساعة، من العام السابق (2020).
وحلّت إيلازيغ في المرتبة الثانية بقائمة المحافظات الأكثر تضررًا جراء موجات الجفاف، إذ فقدت 2.2 تيراواط/ساعة من سعة توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في تركيا، بتراجع نسبته 30% على أساس سنوي.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكثر 8 ولايات في جنوب شرق تركيا تأثّرًا بموجات الجفاف:
ولايات البحر الأسود ليست مُحصنة
رغم أن منطقة جنوب تركيا كان لها النصيب الأكبر من موجات الجفاف، لم تكن الولايات الواقعة في منطقة البحر الأسود بمنأى هي الأخرى عنها.
فعلى سبيل المثال، شهدت أرتوين انخفاضًا نسبته 17% في سعة توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في تركيا، أو ما يعادل 0.8 تيراواط/ساعة.
وبالمثل، هبطت سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في محافظة غيرسون بنسبة 14%، أو ما يعادل نحو 0.3 تيراواط/ساعة.
ولايات الجنوب الشرقي تتخلف في 2022
رغم أن العام الماضي (2022) لم يشهد تكرارًا في سيناريو الجفاف الحاصل خلال العام السابق (2021)، شهدت بعض الولايات -دون الأخرى- تعافيًا في سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا.
فقد تخلّفت الولايات الواقعة جنوب شرق تركيا، ولم تسجل زيادة كبيرة، أو حتى هبوطًا من العام السابق.
وشهدت ولايتا أضنة على الساحل الجنوبي لتركيا، وأرتوين على ساحل البحر الأسود، أقوى معدل تعافٍ في سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا.
بل حتى تجاوزت أرتوين سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في عام 2020، بنحو 1.1 تيراواط/ساعة، لترتقي من المرتبة الـ5 في قائمة منتجي الطاقة الكهرومائية بتركيا خلال عام 2020، إلى المرتبة الأولى في عام 2022.
وتُعزى القفزة التي حققتها أرتوين في سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا -أساسًا- إلى الهبوط في سعة توليد الكهرباء في الولايات الأخرى الغنية بالطاقة الكهرومائية، مثل إيلازيغ وشانلي أورفا.
وتصدّرت ولايات أرتوين وإيلازيغ وديار بكر وشانلي أورفا وأضنة المراكز الـ5 الأولى في قائمة الولايات التركية الأكثر إنتاجًا لسعة الكهرباء المولدة بالطاقة الكهرومائية.
الجفاف يعرقل تحول الطاقة
تُسهم موجات الجفاف بتباطؤ وتيرة تحول الطاقة في تركيا؛ فإبّان أوقات الجفاف الطويلة، استبدلت تركيا الكهرباء المولدة بالغاز بنظيرتها المولدة من الطاقة الكهرومائية.
وبالنظر إلى أن الطلب على الكهرباء لأغراض التبريد يرتفع -أيضًا- إبان أشهر الصيف الحارة، فإن موجات الجفاف لها تأثير سلبي في حصة الطاقة المتجددة من إجمالي توليد الكهرباء في تركيا.
وإذا ما كان الجفاف في موسمي الشتاء والربيع يعني عدم ملء خزانات محطات الطاقة الكهرومائية المحاطة بالسدود بالصورة الكافية، لا يمكن أن تُغطي سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا تلك الزيادة في الطلب على الكهرباء بقصد التبريد في الصيف.
وبالنظر إلى أن سعة الكهرباء المولدة من مصادر متجددة، بخلاف الطاقة الكهرومائية، لا تكفي في الوقت الراهن لسدّ تلك الهُوة، ترتفع معدلات توليد الكهرباء من المحطات العاملة بالغاز الطبيعي في فصول الصيف خلال سنوات الجفاف.
ومن منطلق أن إضافات السعة، وتحديث المحطات، لا يمكنها سوى أن ترفع سعة توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية إلى نطاق محدود جدًا في المستقبل، يتعين على أنقرة تسريع وتيرة التوسع في سعة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح للتخلّي عن بدائل الوقود الأحفوري إبان أوقات الجفاف.
موضوعات متعلقة..
- تخزين الكهرباء في تركيا يستهدف استثمارات بـ 25 مليار دولار
- أسعار الغاز والكهرباء في تركيا تسجل قفزة كبيرة
- الكهرباء في تركيا.. أبرز تداعيات أزمة الغاز الإيراني (إنفوغرافيك)
اقرأ أيضًا..
- ألواح شمسية تعمل 1000 ساعة متواصلة بكفاءة.. أين تُستعمَل؟
- حصة الرياح والشمس في مزيج الكهرباء العالمي تسجل 12% للمرة الأولى
- مخزونات النفط الأميركية ترتفع مع السحب من الاحتياطي الإستراتيجي