كيف يستفيد اقتصاد الهيدروجين من ازدهار سوق الغاز الطبيعي المسال؟
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- الاستفادة من إمكانات الهيدروجين تتطلب إنشاء سوق عالمية له
- اقتصاد الهيدروجين يمكن أن يستفيد من تجربة سوق الغاز المسال
- البنية التحتية للنقل مهمة للغاية لتطوير سوق الهيدروجين العالمية
- سوق الهيدروجين لن تكون موحدة مثل الغاز المسال لاختلاف مصادر إنتاجه
- دعم السياسات الحكومية مهم للغاية في تطوير سوق الهيدروجين
يُعتقد أن يتبع اقتصاد الهيدروجين الطريق نفسه لتجارة الغاز الطبيعي المسال منذ بدايتها حتى الوصول إلى سوق عالمية، لتكون بمثابة تجربة ملهمة لذلك الوقود الناشئ.
ويرى منتدى الطاقة الدولي، في تقرير حديث، أن الاستفادة من إمكانات الهيدروجين الضخمة في إزالة الكربون تتطلّب إنشاء سوق من الصفر تقريبًا، لذلك فإن مستقبل هذا الوقود مليء بالشكوك.
وأمام ذلك، فإن مراحل تطور سوق الغاز الطبيعي المسال -الذي يُعد وقودًا متعدد الاستعمالات يسهل نقله وتخزينه- قد تمثّل تجربة ملهمة لمستقبل اقتصاد الهيدروجين.
تجربة سوق الغاز المسال
شهد عام 1959 أول شحنة للغاز الطبيعي المسال، الذي اقتصر في بدايته على تجارة محدودة تتألف من شحنات مباشرة من المورد إلى المستهلك، بناءً على عدد قليل من العقود طويلة الأجل، ليتوسع بعد ذلك ويتحوّل إلى سوق عالمية في الآونة الأخيرة فقط، وفقًا للتقرير.
وقد يستغرق اقتصاد الهيدروجين بالمثل عقودًا، لكي ينمو ويصل إلى مستوى مماثل لتجارة الغاز المسال، من سوق محلية إلى تجارة ثنائية متفرقة، ثم إلى عمليات تسليم دولية متعاقد عليها، ليصل في نهاية الأمر إلى سوق مزدهرة عالميًا.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- استهلاك الهيدروجين حسب القطاع:
ويصف منتدى الطاقة الدولي اقتصاد الهيدروجين الحالي بأنه في مرحلة مبكرة، إذ يُستهلك أغلب ذلك الوقود في موقع الإنتاج، متوقعًا أن تتمثّل الخطوة التالية في تحوّل السوق إلى مراكز للهيدروجين في التجمعات الصناعية القائمة.
ومن بين تلك التجمعات المرتقبة مركز لنقل الهيدروجين في المملكة المتحدة، الذي سيتيح بيع ذلك الوقود من خلال المعاملات المحلية بين التجمعات الصناعية أولًا، ثم الإقليمية فيما بعد.
البنية التحتية مهمة لاقتصاد الهيدروجين
يوضح التقرير أن البنية التحتية المخصصة للنقل ستكون أمرًا بالغ الأهمية لتجارة الهيدروجين لمسافات طويلة، كما كان الحال بالنسبة إلى الغاز المسال.
ونجحت عملاقة النفط السعودي شركة أرامكو في استكشاف ذلك من خلال نقل 40 طنًا من الأمونيا الزرقاء إلى اليابان في عام 2020، عبر ناقلات مخصصة لذلك.
وفي السياق ذاته، أظهر تقرير حديث لشركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي، أن هناك 91 مشروعًا مخططًا لخطوط أنابيب نقل الهيدروجين في العالم، بإجمالي 30 ألفًا و300 كيلومتر، ومن المقرر بدء تشغيل هذه المشروعات بحلول عام 2035.
وفي الوقت الحالي، تصل خطوط أنابيب الهيدروجين إلى أكثر من 4 آلاف و300 كيلومتر، لكنها تُستعمل لتزويد المنشآت الصناعية المحلية، ما يعني الحاجة إلى مشروعات لنقل الوقود إلى مسافات طويلة.
كما تعمل العديد من الدول العربية، مثل الجزائر والمغرب، على الاستفادة من خطوط أنابيب الغاز القائمة لنقل الهيدروجين إلى أوروبا، إذ تُقدّر الدراسات أن الاعتماد على البنية التحتية للغاز أكثر فاعلية من حيث التكلفة بمقدار 4 مرات، مقارنة بإنشاء خطوط أنابيب جديدة.
ورغم ذلك، هناك مخاوف فنية كبيرة تتعلق بخصائص الهيدروجين، التي قد تؤدي إلى تآكل خطوط أنابيب الغاز الطبيعي.
السوق لن تكون موحدة
يشير التقرير إلى أن إنتاج الهيدروجين يحدث بطرق مختلفة ذات تكاليف وتأثيرات بيئية متفاوتة في ما بينها، وهو ما يدل على أن سوق الهيدروجين لن تكون موحدة، كما هو الحال بالنسبة إلى الغاز الطبيعي المسال.
وعلى سبيل المثال، يتطلّب إنتاج الهيدروجين الأخضر بنية تحتية مختلفة عن الهيدروجين الذي ينتج بالوقود الأحفوري، إذ يتطلب النوع الأخضر محللًا كهربائيًا يوجد في مواقع ذات موارد طاقة متجددة، بعيدًا عن البنية التحتية للغاز، رغم أنه يمكن نقل كل أنواع الهيدروجين وتخزينها بالبنية التحتية نفسها، لكن ما يزال الأمر قيد الدراسة.
ويقترن نمو الهيدروجين الأخضر بصورة وثيقة بانخفاض تكلفة مصادر الطاقة المتجددة، وفقًا لتقرير منتدى الطاقة الدولي، الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
كما يرى التقرير أن هناك العديد من الأطر التعاقدية التي طُبقت في سوق الغاز لتقليل المخاطر، يمكن تنفيذها في دعم اقتصاد الهيدروجين.
ومن بينها، أن عقود الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل تتطلّب دفع غرامة في حالة عدم شراء الحد الأدنى للكمية المتعاقد عليها.
وتُعد -كذلك- سياسة التوسع في الطاقة المتجددة ملهمة لسوق الهيدروجين الناشئة، إذ يرى التقرير أن الهيدروجين في وضع مماثل لنمو مصادر الطاقة المتجددة، مثل الرياح البحرية قبل 10 و15 عامًا.
وأكد منتدى الطاقة الدولي أن السياسات التي طُبقت للطاقة المتجددة مثل الإعفاءات الضريبية وتعرفات التغذية الكهربائية بهدف تقليل المخاطر، يمكن أن تقدم دورًا مهمًا في اقتصاد الهيدروجين حال تطبيقها.
السياسات الحكومية مهمة
شدّد منتدى الطاقة الدولي على ضرورة تقديم الدعم الحكومي إلى سوق الهيدروجين، لتقليل المخاطر والتغلب على الحواجز ونشر البنية التحتية، إذا كانت هناك رغبة في تسريع نمو تلك السوق، التي لديها طريق طويل لتقطعه حتى الوصول إلى الإمكانات الكاملة.
واستعرض التقرير بعض سياسات الدعم المقترحة، ومنها تأمين الطلب، مثل التي تشهده ألمانيا من مساعدة المشروعات في الحصول على التمويل من خلال بورصة حكومية لشراء الهيدروجين بسعر ثابت.
ودعا -أيضًا- إلى تعاون المنظمات للاتفاق على أفضل المسارات لتطوير اقتصاد الهيدروجين، مثل آليات قياس وتسعير كثافة الكربون للهيدروجين.
وبحسب التقرير، فإن توفير التمويل الحكومي والخاص مع إشراك جميع أصحاب المصلحة للحد من المخاطر، يمكن أن يؤدي إلى اتباع اقتصاد الهيدروجين الارتفاع الملحوظ والسريع نفسه الذي حققته تجارة الغاز الطبيعي المسال.
ويستعرض الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- كبار الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال خلال المدّة من 2019 حتى 2022:
موضوعات متعلقة..
- خطوط أنابيب نقل الهيدروجين تنتظر طفرة أوروبية كبيرة.. و3 دول في المقدمة
- نقل الهيدروجين في خطوط الغاز.. شركة أميركية تعزز أمال الجزائر والمغرب
- الهيدروجين الأخضر في بريطانيا ينتعش بإقرار دعم أول 20 مشروعًا
اقرأ أيضًا..
- 6 خبراء: قرارات أوبك+ استباقية.. وأسعار النفط قد تتخطى الـ100 دولار (خاص)
- سونلغاز: توربينات الغاز الجزائرية تتجه إلى دولة في الشرق الأوسط (فيديو)
- نتائج محبطة لإكسون موبيل في البرازيل بعد 6 سنوات من التنقيب