أثار استيراد المغرب الغاز من إسبانيا خلال الأشهر الماضية عدّة تساؤلات حول مصدر الوقود الذي تضخّه مدريد نحو الرباط، في ظل اعتماد البلد الأوروبي بتأمين احتياجاته من خلال الاستيراد.
وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة هسبريس المغربية، أن إسبانيا واصلت خلال الأشهر الماضية دعم المغرب بالغاز المسال "الذي يأتي غالبًا من السوق الأميركية"، حسب قولها.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخطوة تعكس متانة وقوة العلاقات بين الرباط ومدريد، إذ تحافظ الأخيرة على إمداد جارتها الجنوبية بالغاز المسال بعد قرار الجزائر وقف تزويد إسبانيا بالغاز عبر أنبوب المغرب العربي وأوروبا.
ودفعت الأزمة الدبلوماسية بين الرباط والجزائر إلى توقّف إمدادات الغاز الجزائري عبر أنبوب الغاز المغاربي -الذي بدأ عام 1996 بعقد مدّته 25 عامًا- من حقل حاسي الرمل في الجزائر، إلى إسبانيا والبرتغال عبر المغرب.
إعادة الضخ العكسي
في محاولة لتدارك الأزمة، عمل المغرب على تشغيل خط الأنابيب الذي يبلغ طوله 325 ميلًا، بقدرة تصدير 390 مليار قدم مكعبة سنويًا، في الاتجاه العكسي لتأمين الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء.
وأعلن رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، بدء بلاده ضخ الغاز إلى المغرب، والكهرباء عبر الخط البحري الموجود في الجزيرة الخضراء.
كان المغرب يعتمد على الغاز الجزائري في تأمين الوقود اللازم لمحطتي كهرباء "تهدارت" و"عين بني مُطهر" اللتين توفران نحو 10% من إجمالي الطلب في المملكة.
وتبلغ تكلفة الغاز الذي ترسله إسبانيا إلى فرنسا أو المغرب أكثر من 100 مليون يورو شهريًا، وهي التكلفة الإضافية لجلب سفن الغاز المسال من الولايات المتحدة أو روسيا.
من جهتها، أرسلت منصة الطاقة طلبًا إلى وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب، للتعليق، لكن لم تتلقَّ ردًا.
صادرات إسبانيا من الغاز
بدأت إسبانيا في يونيو/حزيران 2022 ضخ 60 غيغاواط/ساعة، وهي كمية نمت تدريجيًا على مدار الأشهر الماضية، وارتفعت في نوفمبر/تشرين الثاني إلى 553 غيغاواط/ساعة.
وعادةً ما تستعمل شركات الغاز في أوروبا وحدات القياس غيغاواط وتيراواط في تعاملاتها الأوروبية (غيغاواط/ساعة = 3.2 مليون قدم مكعبة من الغاز)، و(تيراواط/ساعة = 3.2 مليار قدم مكعبة من الغاز).
وكانت تقارير قد أفادت بأن إسبانيا تفضّل تصدير الغاز إلى الرباط عن الدول الأوروبية، في إطار التزاماتها بتأمين احتياجات الرباط من إمدادات الوقود.
وحافظت إسبانيا خلال الأشهر الماضية على شحنات مستمرة إلى الرباط، بالرغم من أنها توقفت عن تصدير الغاز إلى شمال أوروبا بعض الأوقات.
تعتمد إسبانيا بشكل رئيس على استيراد الغاز من الأسواق الدولية، وفي مقدمتها الجزائر وأميركا وروسيا، قبل إعادة توجيه الشحنات إلى التصدير نحو الرباط.
وتصدّرت الولايات المتحدة خلال 2022 قائمة أكبر مورّدي الغاز إلى إسبانيا، قبل أن يعود الغاز الجزائري إلى الصدارة في يناير/كانون الثاني (2023)، ويستحوذ على أكثر من ربع واردات مدريد.
وشكّل الغاز الجزائري نحو 25.7% من إجمالي واردات إسبانيا خلال يناير/كانون الثاني، في حين تراجعت الصادرات الأميركية إلى مدريد عند 21.3%.
وشكّلت شحنات الغاز المسال نحو 67.3% من إجمالي واردات إسبانيا خلال يناير/كانون الثاني، بينما شكّلت المشتريات عبر خطوط الأنابيب 32.7%.
واستحوذ الغاز الروسي في يناير/كانون الثاني على نحو 19.2% من واردات إسبانيا، التي أعادت تصدير ما يعادل 7.4 غيغاواط/ساعة من الغاز -بزيادة قدرها 107% مقارنة بشهر يناير/كانون الأول 2022- إلى فرنسا والمغرب بشكل أساس.
كانت الولايات المتحدة قد احتلّت في ديسمبر/كانون الأول 2022 قائمة أكبر مورّد للغاز إلى إسبانيا بنحو 12.5 تيراواط/ساعة، أو قرابة 32.9% من إجمالي واردات الغاز الطبيعي والمسال.
صادرات الكهرباء الإسبانية
استورد المغرب من جارته الشمالية ما مجموعه 1430 غيغاواط/ساعة طيلة العام 2022 مقابل 179 غيغاواط/ساعة صُدِّرَت من المغرب إلى إسبانيا في عام 2021، وفق بيانات صحيفة هسبريس.
وتشير البيانات إلى أن حجم تبادلات الطاقة الكهربائية عبر الخطوط البحرية الرابطة بين البلدين ارتفع بوتيرة متسارعة منذ زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى الرباط في أبريل/نيسان 2022، التي تُوّجت بإعلان مدريد والرباط "عزمهما فتح مرحلة جديدة من الشراكة".
وفي يونيو/حزيران 2022، نقلت خطوط نقل الكهرباء المغمورة تحت مياه البحر بين البلدين نحو 205 غيغاواط/ساعة من الكهرباء المنتَجة بإسبانيا في اتجاه الرباط، بعد أن كانت في شهر مايو/أيار من العام نفسه لا تتجاوز 38 غيغاواط/ساعة، وفي أبريل/نيسان 23 غيغاواط/ساعة.
وواصلت صادرات الكهرباء الإسبانية تسجيل أرقام قياسية نحو المغرب خلال النصف الثاني من العام الماضي، بلغت ذروتها خلال أغسطس/آب، مسجلة نحو 292 غيغاواط/ساعة، ورغم تراجعها في سبتمبر/أيلول إلى 243 غيغاواط/ساعة، وفي أكتوبر/تشرين الأول إلى 247 غيغاواط/ساعة، فإنها كانت عند مستويات قياسية مقارنة بالأوقات السابقة.
يشار إلى أن مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وإسبانيا انطلق الجزء الأول منه عام 1997، والجزء الثاني في 2006، ويدور حاليًا الحديث حول "خط بحري" ستستورد بموجبه بريطانيا الكهرباء من المغرب.
وتصل المبادلات عبر الخطين الرابطين بين مدريد والرباط إلى نحو 5 آلاف غيغاواط، ما يلبي نحو 17% من الاستهلاك السنوي للمغرب، وفقًا لإحصاءات 2016.
موضوعات متعلقة..
- توقف الغاز الجزائري يدفع المغرب لزيادة واردات الكهرباء من إسبانيا
- المغرب يخسر إيرادات نقل الغاز.. وإسبانيا تجمع 2.1 مليون دولار سنويًا
اقرأ أيضًا..
- نقل الهيدروجين في خطوط الغاز.. هل تتبخر خطط الجزائر والمغرب؟
- تونس تحسم الجدل حول اكتشاف احتياطيات ضخمة للنفط والغاز قبالة سواحل البلاد
- شيرون إنرجي تتحرك للاستفادة من 300 مليون برميل نفط في حقل مصري