نفطتقارير النفطرئيسيةروسيا وأوكرانيا

تجارة النفط السوداء تهدد سلامة الشحن وتنذر بكوارث بيئية (تقرير)

600 سفينة خارج الرقابة تنقل النفط من إيران وروسيا وفنزويلا

رجب عز الدين

تهدّد تجارة النفط السوداء في الخامات الإيرانية والروسية والفنزويلية سلامة الشحن والملاحة العالمية، مع رصد حوادث متكررة لسفن تحمل الخامات المحظورة دوليًا.

وتتسابق مئات السفن والناقلات على حمل النفط من الدول الخاضعة للعقوبات الغربية لتحقيق مكاسب استثنائية، لا تقارن بنقل الخامات من دول أخرى، وفقًا لوكالة رويترز.

وتتزايد المخاوف من حوادث تسرب الناقلات وتصادمها المنخرطة في تجارة النفط السوداء، ما دفع بعض شركات التأمين إلى سحب تغطيتها لمخاطر هذه السفن، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

3 حوادث جنوح وتسرب

جنحت ناقلة نفط محظور قبالة الساحل الشرقي للصين، ما أدى إلى تسرب حمولتها النفطية في المياه، كما وقع حادث تصادم آخر لناقلة مشابهة بالقرب من كوبا خلال العام الماضي.

وصادرت السلطات الإسبانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 ناقلة نفط من النوع نفسه، لخروجها عن السيطرة في أثناء عبورها من الميناء وتصادمها مع السفن المجاورة.

وكانت هذه الناقلات جزءًا من أسطول الظل العالمي الذي أسهم في تغذية تجارة النفط السوداء في الدول المتضررة من العقوبات الغربية، لا سيما إيران وروسيا وفنزويلا.

ولاحظ تجار السلع وشركات الشحن في الصناعة انضمام مئات السفن إلى تجارة النفط الموازية الغامضة خلال السنوات القليلة الماضية.

العقوبات السبب

يعود السبب الرئيس لانتعاش تجارة النفط السوداء إلى العقوبات الغربية المفروضة على إيران منذ سنوات طويلة، ما اضطرها إلى إيجاد سوق موازية لمنتجاتها النفطية عبر أساطيل ناقلات الظل العالمية.

كما أسهمت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا منذ العام الماضي في انتعاش السوق السوداء للنفط بصورة أكبر وأضخم من أي وقت مضى في التاريخ المعاصر.

ولا تقتصر مخاطر هذه الناقلات على مساعدة دول خاضعة للعقوبات الغربية، وإنما تمتد المخاطر إلى عوامل الأمن والسلامة في قطاعات الشحن والملاحة العالمية.

وتحذّر شركة ستينا بولك المتخصصة في تشغيل الناقلات من ارتفاع مخاطر وقوع حوادث الجنوح والتسرب بمعدلات أكبر في القطاع، بسبب حركة هذه الناقلات حول العالم.

أغلب الناقلات قديمة

يقول الرئيس التنفيذي لشركة ستينا بولك، إريك هانيل، إن أغلب الناقلات المنخرطة في تجارة النفط السوداء قديمة، وتفتقر إلى الصيانة بصورة دورية، ما يزيد من احتمالات حوادث جنوحها أو تسريبها أو اصطدامها بغيرها.

وسحبت عدة شركات تأمين خدماتها في مجال تراخيص السلامة والصلاحية للإبحار، من السفن التي تحمل النفط من إيران أو روسيا أو فنزويلا، ما أضعف الرقابة على رحلات هذه السفن شرقًا وغربًا.

وتحمل هذه الناقلات عشرات الملايين من براميل النفط إلى أماكن مختلفة حول العالم، ما يهدد بكوارث ضخمة قد تذكّر العالم بحادث التسرب التاريخي لحاملة النفط إكسون فالديز في ألاسكا عام 24 مارس/آذار 1989، الذي تسبب في أضرار بيئية مدمرة.

وكانت ناقلة إكسون فالديز تحمل 50 غالونًا من النفط إلى ولاية كاليفورنيا، إلا أنها اصطدمت بالشعاب المرجانية، ما أدى إلى تسرب 11 مليون غالون في مضيق الأمير ويليام بولاية ألاسكا.

تجارة النفط السوداء
حادثة ناقلة إكسون فالديز - الصورة من hakai magazine

كارثة إكسون فالديز

تسبب هذا الحادث في آثار مدمرة للحياة البرية والبحرية بالمنطقة، فقد بلغ عدد الطيور البحرية الميتة بسبب الحادث قرابة 300 ألف طائر وكائن بحري.

كما أدى الحادث إلى انهيار مصايد أسماك السلمون والرنجة وإفلاس الصيادين، وتدهور اقتصادات المدن الساحلية الصغيرة لسنوات طويلة بعد الحادث، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وقدرت بعض التقارير خسائر الحادث بـ2.8 مليار دولار، وكان تصنيفه الأسوأ عالميًا في حوادث التسرب النفطي، إلى أن وقع انفجار منصة حفر "ديب ووتر هوريزون" في خليج المكسيك عام 2010.

ويخشى خبراء الشحن والملاحة استيقاظ العالم على حادثة أو أكثر من هذا النوع، مع اتساع تجارة النفط السوداء، وتزايد عدد الناقلات القديمة المتنافسة على نقله عبر دول العالم.

8 حوادث في 2022

رُصدت 8 حوادث تصادم لناقلات نفط خلال العام الماضي 2022، كان من بينها سفن تحمل منتجات نفطية خاضعة للعقوبات، وفقًا لبيانات وكالة رويترز.

وسجلت صناعة الشحن 61 حادثًا على وجه العموم عام 2022، شاملة حوادث ناقلات النفط وغيرها من سفن السلع الأخرى، ما يعني أن حوادث النفط ما زالت محدودة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ورغم محدودية حوادث ناقلات النفط وعدم مصاحبتها لأي إصابات أو معدلات تلوث كبيرة حتى الآن، فإن الفاعلين في صناعة الشحن والملاحة ما زالوا يخشون أي حادث كارثي مفاجئ.

ويقول رئيس قسم النقل البحري في مجموعة كارجيل للسلع الأساسية جان ديليمان، إن أسطول الظل المظلم المنخرط في تجارة النفط السوداء ضخم العدد، ولا يجري فحصه بصورة دورية، ما يزيد من مخاوف الكوارث.

ولم يرد المسؤولون الحكوميون في إيران أو فنزويلا أو روسيا على طلبات التعليق على مشاركتهم في نقل النفط عبر سوق سوداء دولية موازية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ولا تعترف هذه الدول بالعقوبات الغربية المفروضة عليها، ما يجعلها تنظر إلى تصريف منتجاتها النفطية في الأسواق العالمية بطريقة مختلفة تمامًا عن فارضي العقوبات أو مؤيديها.

وتضطر إيران وروسيا وفنزويلا إلى شحن خاماتها النفطية عبر سفن الظل القديمة ذات الصيانة الضعيفة، لضمان الحفاظ على تدفق الصادرات والحصول على عوائد مالية ضرورية لاقتصاداتهم المحلية المحاصرة.

وتحجم السفن الأخرى الأحدث تقنية والأكثر أمانًا عن المشاركة في نقل خامات النفط الإيراني والروسي والفنزويلي، التزامًا بالعقوبات الغربية المفروضة عليها.

600 سفينة منخرطة

تختلف تقديرات حجم أسطول الظل وعدد السفن المشاركة في نقل النفط المحظور، ما بين 400 و600 سفينة، ما يعادل خُمس أسطول ناقلات النفط العالمي.

وترجّح مجموعة ترافيغورا لتجارة السلع الأساسية ارتفاع حجم أسطول الظل العالمي إلى 650 سفينة، منها 70% تنقل النفط.

وتُعد مجموعة ترافيغورا -ومقرها سنغافورة- ثاني أكبر تاجر نفط في العالم، بعد مجموعة فيتول العالمية ومقرها سويسرا، وتليهما مجموعات غلينكور وجوفنور.

وأحجمت المجموعتان عن تجارة النفط الروسي منذ الحرب الأوكرانية، إلا أنهما تفكران في استئناف نشاط التجارة في الخامات والمشتقات الروسية مجددًا، وفقًا لتصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة للرؤساء التنفيذيين للمجموعتين.

تجارة النفط السوداء
وزير النفط الإيراني جواد أوجي - الصورة من وكالة شانا

ناقلات النفط الإيراني

ارتفع عدد ناقلات النفط والمنتجات البتروكيماوية الإيرانية إلى 300 ناقلة خلال شهر مارس/آذار 2023، باستثناء أسطول الدولة، مقارنة بـ70 ناقلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وفقًا لبيانات تتبع الناقلات الإيرانية المرصودة بالأقمار الصناعية الأميركية.

وافتخر وزير النفط الإيراني هذا الشهر بارتفاع صادرات النفط الإيراني إلى أعلى مستوى منذ إعادة فرض العقوبات الأميركية على بلاده في عام 2018، إذ نجحت في زيادة التصدير بمعدل 83 مليون برميل خلال 2022، مقارنة بأرقام عام 2021.

ويحذّر الفاعلون في صناعة الشحن العالمية من تضخم أسطول الظل الموازي في تجارة النفط السوداء مع استمرار العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران وروسيا وفنزويلا، ما يهدد بخروج هذا الأسطول عن نطاق السيطرة الملاحية والبيئية.

وتشدد الولايات المتحدة العقوبات على قطاع الشحن المساند للدول الخاضعة للعقوبات مثل إيران وفنزويلا ومؤخرًا روسيا، لكن حركة الشحن السوداء ما زالت تعمل ويتزايد نطاقها عامًا بعد عام، ما يلقي بظلال من الشك على فاعلية هذه العقوبات وسهولة الالتفاف عليها من قبل أسطول الظل العالمي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق