وزير البترول المصري: نواصل التنقيب عن النفط والغاز.. واهتمام كبير بالصادرات
هبة مصطفى
قال وزير البترول المصري طارق الملا، إن مصر تأثرت بالتقلبات العالمية خلال العام الماضي (2022)، غير أنها طوّعت إمكاناتها ومواردها -خاصة في قطاع الغاز الطبيعي- للتوسع في التصدير للسوق الأوروبية، بعدما حققت الاكتفاء الذاتي محليًا.
وأضاف أن ما لحق بالأسواق مؤخرًا وما واجهته صناعة الطاقة من تحديات يبرهن على ضرورة استمرار الطاقات التقليدية -في إشارة إلى الوقود الأحفوري- في مزيج الطاقة، لا سيما مع صعوبة تحقيق تحول الطاقة بصورة فورية.
وتمسَّك وزير البترول المصري طارق الملا بالتقنيات الخافضة للانبعاثات وضرورة دمجها في صناعات النفط والغاز، مشددًا في الوقت ذاته على أن نقص الاستثمارات كان سببًا رئيسًا في وقوع الأسواق تحت ضغط نقص الإمدادات، حسب تصريحات في العدد الإلكتروني الأول لمجلة البترول الصادرة عن الوزارة، والتي حصلت منصة الطاقة على نسخة منها.
تحديات عالمية
أكد وزير البترول المصري المهندس طارق الملا أن الربع الأول من العام الماضي (2022) كان موعد انطلاقة للتحديات التي تواجه صناعة الطاقة العالمية، والتي ألقت بظلالها على مصر.
وأضاف أن إمدادات الطاقة العالمية واجهت فجوة، لأسباب عدّة، من بينها نقص الاستثمارات خلال السنوات الأخيرة في استكشاف موارد جديدة للنفط والغاز، وضغوط العالمية لإسراع وتيرة التحول الطاقي والحدّ من الوقود الأحفوري.
وأوضح أن الحرب الأوكرانية وتوقُّف التدفقات الروسية عزّزا من تلك الفجوة، إذ لم تكن الطاقات المتجددة كافية لسدِّها وتلبية الطلب، ما دفع أسعار النفط إلى الارتفاع متجاوزة 120 دولارًا للبرميل في بعض الأحيان، لتشهد السوق بعدها تقلبات سعرية انخفضت بسعر البرميل حاليًا إلى 85 دولارًا.
وقال الملا، إن هذه التقلبات تسببت في زيادة التكاليف التشغيلية، كما أنها عمّقت أزمات سلاسل الإمداد والتوريد.
وعلى الصعيد المصري، أشار وزير البترول إلى أنه كان هناك تحرك متوازٍ لتقليص تأثير الأزمة، لا سيما أن القاهرة تعتمد على الوقود الأحفوري بصورة رئيسة، موضحًا أن بلاده رغم كونها دولة مُصدّرة للغاز الطبيعي، فإنها تستورد جانبًا من النفط الخام والمشتقات وتتحمل الأعباء المالية لذلك.
إجراءات محلية
قال طارق الملا، إن الوزارة أطلقت برنامجًا موسعًا للحفر الاستكشافي بالبحر المتوسط، للوصول للاحتياطيات الكامنة وزيادة الموارد الغازية.
وأردف أن التحديات العالمية والمحلية كان يجب أن تُواجَه بزيادة وتيرة استكشافات النفط والغاز، لزيادة الاحتياطيات والإنتاج، وتوفير منتج محلي يسهم بخفض الاستيراد.
وأضاف الوزير المصري أن مصر لجأت إلى ترشيد الاستهلاك وتقنيات رفع كفاءة الاستعمال، بهدف تعزيز الاستفادة من الموارد.
وكشف أن مصر تواصل إنجاز مشروعات متعلقة بمصافي التكرير، وأبرزها توسعات مصفاة "ميدور"، ومجمع أنوبك بأسيوط، لتأمين توافر الاحتياجات من المنتجات النفطية محليًا، والحدّ من استيرادها تدريجيًا والوصول للاكتفاء الذاتي من البنزين والسولار.
وشدد على أن منظومة التكرير -الآخذة في التطوير منذ عام 2016- تكتسب أهمية متزايدة في ظل مشكلات سلاسل الإمداد والارتفاعات الكبيرة بأسعار المنتجات النفطية عالميًا.
وأشاد وزير البترول المصري بانعقاد النسخة الـ6 لمؤتمر مصر الدولي للبترول "إيجبس"، مشيرًا إلى أنه كان بمثابة منصة مصرية ضمت أهم مستثمري صناعة البترول والغاز عالميًا.
وأوضح أن إيجبس عزّز صورة مصر للعالم بصفتها مركزًا إقليميًا لتداول وتجارة الطاقة، يحظى بمميزات تعزز الاستثمارات وفرص التعاون كونها شريكًا دوليًا وإقليميًا.
وقال وزير البترول المصري طارق الملا، إنه من المقرر تحول "إيجبس" إلى "مؤتمر مصر الدولي للطاقة"، بحثًا عن المزيد من فرص التعاون في مجالات: الهيدروجين منخفض الكربون، والأمونيا الخضراء، وتقنيات التقاط وتخزين واستعمال الكربون، وخفض انبعاثات صناعة البترول والغاز.
ثروة الغاز
قال وزير البترول المصري طارق الملا، إنه لمواجهة التحديات العالمية لصناعة الطاقة أيضًا، تسعى مصر للاستفادة من البنية الأساسية لتصدير الغاز التي تُعدّ ميزة تنافسية مهمة تمتلكها مصر في المنطقة، مشيرًا إلى أن التحديات تولّد الفرص.
وتابع: "في ظل طلب إقليمي ودولي متزايد على إمدادات الغاز الطبيعي كانت مصر -التي أصبحت بالفعل مركزًا إقليميًا لتداول وتجارة الغاز- أحد الحلول الجاهزة للمساهمة فى تلبية جانب من هذا الطلب".
ويكشف الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز الدول التي استوردت الغاز المسال المصري، خلال الأشهر الـ9 الأولى من العام الماضي (2022)، بحسب بيانات أوابك:
وأشار إلى أن تلك الخطوة تأتي استثمارًا لما تمتلكه القاهرة من طاقات كبيرة بمحطتي إسالة وتصدير الغاز في إدكو ودمياط على البحر المتوسط، ما ساعدها على استقبال الغاز من حقول شرق المتوسط لإعادة تصديره من خلالها إلى الأسواق الخارجية وفي مقدّمتها السوق الأوروبية.
ولفت إلى أنه منذ تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، تُصدّر فائض إنتاجها، وتتحرك لتأمين كميات جديدة من شرق المتوسط، لإعادة تصديرها في ظل توافر طاقات فائضة بمحطتي إسالة وتصدير الغاز.
تحول الطاقة
اتفق وزير البترول المصري مع المدرسة الرامية إلى كون الانتقال للاعتماد على الطاقة النظيفة لن يحدث بصورة فورية، مشيرًا إلى أن تلك الخطوة تتطلب جهودًا كبيرة، وضخ استثمارات ضخمة.
وقال: "بجانب ذلك، يتطلب هذا التحول مساحة زمنية لتنفيذ وتشغيل مشروعات الطاقة النظيفة، لا سيما أن التحديات العالمية الأخيرة أثبتت أن العالم ما زال يحتاج للطاقات التقليدية".
وفسّر أن تداعيات التحديات العالمية ساعدت في إظهار أهمية الغاز الطبيعي بصفته أفضل وقود أحفوري، إذ يمتاز بخصائص صديقة للبيئة، ويعدّ وقودًا للمرحلة الانتقالية نحو التحول الطاقي الكامل.
وربط الملا بين هذه الرؤية وبين ما أُبرز خلال قمة المناخ كوب 27 -التي استضافتها مصر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- إذ شاركت الوزارة وشركات البترول والغاز المحلية والعالمية للمرة الأولى في تاريخ قمم المناخ .
وللتوافق مع هذا الاتجاه، أوضح وزير البترول المصري أنه خُصِّص يوم لخفض الانبعاثات الكربونية بمشاركة كيانات صناعة النفط والغاز، بهدف تطبيق حلول للتغيرات المناخية وتقديم مبادرات فاعلة للاستمرار في إنتاج الوقود التقليدي، وخاصة الغاز الطبيعي.
وقال الملا، أن ذلك يجري عبر استعمال تقنيات حديثة للحفاظ على البيئة في أثناء العملية الإنتاجية، من خلال التقاط وتخزين الكربون والاستفادة منه بدلًا من تلويثه للبيئة.
اقرأ أيضًا..
- صادرات النفط الروسي إلى الهند أعلى من السعودية والعراق مجتمعين
- حقل بارس الجنوبي.. نقص الغاز يهدد إيران (مقال)
- كارول نخلة: الجزائر ومصر موردان مهمان للغاز إلى أوروبا.. وتكهنات حول احتياطيات المغرب