دعم الوقود في نيجيريا وإقليم دلتا النيجر النفطي يتصدران تحديات الرئيس الجديد
رجب عز الدين
يأتي ملف إلغاء دعم الوقود في نيجيريا بصدارة التحديات التي ستواجه الرئيس الجديد بولا أحمد تينوبو، الفائز مؤخرًا في الانتخابات، وسيتولى مهام المنصب رسميًا في مايو/أيار المقبل.
فقد أعلنت لجنة الانتخابات، مطلع مارس/آذار الجاري، فوز مرشح الحزب الحاكم بولا تينوبو بأغلبية الأصوات في انتخابات شهدت أكبر منافسة في تاريخ نيجيريا الحديث، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وفاز تينوبو بأغلبية 8.8 مليون صوتًا، بينما حصل أقرب منافسيه -وهو مرشح حزب الشعب الديموقراطي عتيق أبو بكر- على 6.9 مليون صوتًا، وحصل مرشح حزب العمال وبيتر أوبي على 6.1 مليون صوتًا، لكنه شكّك في النتيجة، واتهم الحزب الحاكم "مؤتمر كل التقدميين" بعمليات تزوير في النتائج.
ورغم الأغلبية المريحة التي فاز بها تينوبو، فإنه فشل في الحصول على ثقة الناخبين في إقليم دلتا النيجر الغني بالنفط، ما يهدد باندلاع أعمال عنف محتملة من قبل حركات مسلحة هناك.
لمن صوَّت سكان دلتا النيجر؟
يُشترط في إعلان الفائز بالانتخابات النيجيرية أن يحصد أكثر من 25% من الأصوات في 24 ولاية على الأقلّ من أصل 36 ولاية، أي ما يعادل ثلثي ولايات البلاد، إضافة إلى العاصمة أبوجا.
ونجح مرشح الحزب الحاكم في الفوز بالنسبة المطلوبة متوفقًا على منافسيه، إلّا أنه أخفق بصورة كبيرة في كسب ثقة الناخبين في إقليم دلتا النيجر الغني بالنفط، إذ فضّل سكانه مرشح حزب العمال بوضوح، وفقًا لتقرير منصة إس آند بي غلوبال المتخصصة (S& p global).
يخشى مراقبون من اندلاع أعمال عنف في إقليم دلتا النيجر من قبل حركة "ميند" المسلحة التي تدّعي القتال من أجل عدالة توزيع الثروة ومنح حق تقرير المصير لشعب الإقليم في مواجهة السلطات الفيدرالية منذ عام 2006.
كما يخشى تينوبو من أن تكون خسارته لأصوات دلتا النيجر مؤشرًا على عدم سيطرته على تلك المنطقة الغنية بالنفط، أو ربما يُسخِّر جزءًا كبيرًا منها، في إطار انتشار أعمال سرقة الخام.
إلغاء دعم الوقود في نيجيريا
وعدَ بولا أحمد تينوبو في برنامجه الانتخابي بإصلاحات كبيرة في قطاع الطاقة، تشمل تعزيز التعاون بين الأجهزة الأمنية وشركات النفط لمكافحة ظاهرة سرقة النفط المتفاقمة في البلاد منذ سنوات.
وتتعرض نيجيريا لعمليات سرقة منظمة للنفط الخام، أغلبها في إقليم دلتا النيجر، ما أدى إلى انخفاض إنتاجها الإجمالي في 2022 إلى أدنى مستوياته في 32 عامًا.
كما خسرت البلاد ملياري دولار على الأقلّ من تفاقم السرقة، إضافة إلى فقدانها مركز الصدارة الأفريقية في إنتاج النفط لصالح أنغولا منذ العام الماضي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي أثناء حملته الانتخابية، وعدَ بولا أحمد تينوبو بإلغاء نظام دعم الوقود في نيجيريا، المتّبع بالبلاد منذ عقود، واستبدال برامج الدعم النقدي للفئات الأكثر فقرًا، به.
واستحوذ دعم الوقود على جانب كبير من الجدل بين المرشحين في الانتخابات النيجيرية خلال الأشهر الماضية، وكان أغلبهم من المهاجمين له، حتى وصفه مرشح حزب العمال بـ"الاحتيال".
مخصصات دعم الوقود في نيجيريا
يخشى مراقبون من تغيّر أولويات المرشح الفائز وضعف قدرته على تنفيذ وعده بإلغاء دعم الوقود، كما فعله سلفه محمد بخاري الذي لم يستطع تنفيذ وعوده الانتخابية في عام 2015 بإصلاح نظام الدعم، بل سار على نهج سابقيه في مضاعفة المخصصات المالية السنوية لبند الدعم، خشية غضب الجمهور.
واستقر الجنرال المتعاقد محمد بخاري في الحكم لمدة 8 سنوات من 2015 إلى 2023، بعد فوزه بدورتين متتاليتين، ومن المقرر أن يسلّم السلطة إلى صديقه في الحزب الحاكم بولا أحمد تينوبو عبر حفل توديع خلال شهرين.
وأنفقت حكومة محمد بخاري 11 تريليون نايرا (24 مليار دولار) على برامج دعم الوقود على مدار سنوات حكمه الثّماني، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
(الدولار الأميركي = 460.4 نايرا نيجيرية).
وبلغ متوسط حجم الإنفاق على الدعم سنويًا خلال مدة بخاري قرابة 1.37 تريليون نايرا (2.8 مليار دولار)، مقارنة بـ317 مليار نايرا (688 مليون دولار) في عام 2015.
كما بلغ متوسط حجم الإنفاق الشهري على الدعم قرابة 265 مليار نايرا (575.4 مليون دولار) خلال الـ6 أشهر الممتدين من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران 2022.
العسكريون لم يفعلوها
بدأت برامج دعم الوقود في نيجيريا لأول مرة عام 1973، في إطار محاولات تخفيف صدمة اشتعال أسعار النفط العالمية بسبب الحرب بين مصر وإسرائيل وقطع إمدادات النفط العربي.
ولم ينجح أيّ من رؤساء نيجيريا العسكريين منذ 50 عامًا في تنفيذ أفكارهم بشأن إلغاء دعم الوقود نهائيًا، رغم محاولاتهم ذلك، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وحاول الجنرال السابق إبراهيم بابنجيدا إلغاء دعم الوقود في تسعينيات القرن الماضي، إلّا أنه لم يفلح، وواجه احتجاجات واسعة من النقابات العمالية انتهت بخروجه من منصبه عام 1993.
كما حاول الرئيس غودلاك جوناثان عام 2012 الاقتراب من رفع الدعم، فواجه احتجاجات مماثلة أسهمت بخسارته ثقة الناخبين في دورة التجديد الثانية عام 2015.
خسائر سرقة النفط
لدى المرشح الفائر بولا تينوبو (يبلغ من العمر 70 عامًا) خبرة إدارية واقتصادية واسعة، اكتسبها من ولايته للعاصمة الاقتصادية والتجارية لنيجيريا "لاغوس" خلال المدة من 1999 وحتى 2003، ما يرجّح سهولة تفاعله مع أزمات البلاد بصورة أكبر من غيره.
ومن المقرر أن يتولى السلطة رسميًا في 29 مايو/أيار 2023، خلفًا لصديقه في الحزب محمد بخاري، إلّا أنه سيواجه تحديات اقتصادية ضخمة متمثلة في ارتفاع معدلات التضخم وتدهور البنية التحتية ونقص البنزين وسرقة النفط وزيادة فاتورة الاستيراد.
وفقدت نيجيريا 500 ألف برميل يوميًا من إنتاج النفط خلال عام 2022، بسبب السرقة المنظمة، وكلّفت الحكومة زعيمًا متشددًا من أبناء إقليم دلتا النيجر بحماية خطوط الأنابيب من عصابات المجرمين منذ منتصف يونيو/حزيران 2022.
وأسهم هذا الاختيار في ترويض السرقة جزئيًا، ورفع إنتاج البلاد إلى 300 ألف برميل يوميًا منذ سبتمبر/أيلول وحتى نهاية 2022، وفقًا لمنصة إس آند بي غلوبال المتخصصة.
موضوعات متعلقة..
- إلغاء دعم الوقود في نيجيريا يتصدر الجدل بين مرشحي الرئاسة (تقرير)
- نيجيريا.. ماذا تعرف عن أكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا؟
- سرقة النفط تربك حسابات أكبر شركة نفط حكومية في نيجيريا
اقرأ أيضًا..
- 4 دول عربية تشتري المشتقات النفطية الروسية.. وصفقات مفاجئة لدولتين
- أزمات الكهرباء في جنوب أفريقيا تتواصل بعد أيام من طرد الرئيس رقم 13 لـ"إسكوم"
- إندونيسيا تبني محطة طاقة كهرومائية باستثمارات 2.6 مليار دولار