التقاريرتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

هذه خطط الصين لجني تريليون دولار من المعادن الأرضية النادرة في أفغانستان

معادلة النفط مقابل النحاس

رجب عز الدين

تحاول الصين ترسيخ أقدامها بقطاع المعادن الأرضية النادرة في أفغانستان، وسط توقعات عالمية باشتعال الطلب عليها في مجالات السيارات الكهربائية ومشروعات الطاقة المتجددة خلال العقد الحالي وما بعده.

وتسعى بكين لتعزيز اقترابها من ثروة المعادن النادرة الهائلة في أفغانستان عبر مساعدة حكومة طالبان على استخراج النفط والغاز ومصادر الطاقة الحيوية للحياة اليومية للمواطنين، وفقًا لموقع مودرن دبلوماسي المتخصص (moderndiplomacy)

وتُقدَّر ثروة أفغانستان من المعادن الأرضية النادرة غير المستغلة بأكثر من تريليون دولار، بينما ترجّح الحكومة الأفغانية الحالية ارتفاع هذا التقييم إلى 3 أضعاف الرقم المقدَّر خلال الغزو الأميركي لأفغانستان منذ 22 عامًا، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

احتياطيات أفغانستان

تمتلك أفغانستان 1.75 تريليون قدم مكعبة من احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة، إضافة إلى كميات نفط مختلَف في تقديرها، لكنها تواجه معضلة في استخراجها لضعف التقنيات المحلية وظروف الحرب المستمرة على البلاد منذ أحداث 11 سبتمبر 2001.

كما تخشى شركات النفط والغاز الدولية من دخول بلاد مفروض عليها عقوبات منذ 20 عامًا أو أكثر، بوصفها بلدًا راعية للإرهاب.

وقدّرت وزارة الطاقة الأميركية حجم احتياطيات النفط في أفغانستان بنحو مليار برميل في عام 2006، بينما ذهبت هيئة المسح الجيولوجي الأميركي إلى تقديره بنحو ملياري برميل في العام نفسه، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

استخراج النفط 25 عامًا

المعادن الأرضية النادرة في أفغانستان
حفل توقيع عقد النفط بين الحكومة الأفغانية والصين في 5 يناير/كانون الثاني الماضي - الصورة من بلومبرغ

سارعت الصين إلى مساعدة حكومة حركة طالبان -التي تولّت السلطة في أغسطس 2021- في مجال استخراج النفط من الحقول الشمالية في البلاد، ضمن معادلة تستهدف استحواذها على النصيب الأكبر في مشروعات استخراج المعادن الأرضية النادرة.

كما تهدف الصين إلى إدخال أفغانستان ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية العالمية التي تستهدف تطوير وربط البنيية التحتية في آسيا وأوروبا وأفريقيا عبر شبكة واسعة من الطرق والقطارات والمواني.

وتنظر الحكومة الصينية إلى أفغانستان -الحبيسة جغرافيًا- بصفتها مشاركًا أساسًا في مبادرتها العالمية الرامية إلى توسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي في العالم.

ووقّعت الحكومة الصينية أول صفقة مع حكومة طالبان في 5 يناير/كانون الثاني 2023، لاستخراج النفط من 3 مقاطعات أفغانية لمدة 25 عامًا، باستثمارات تصل إلى 540 مليون دولارًا.

وتتضمن الاتفاقية الموقّعة مع شركة شينغانغ آسيا الوسطى للنفط والغاز (كابيك)، قيامها بضخ استثمارات بقيمة 150 مليون دولارًا سنويًا، ترتفع إلى 540 مليون دولارًا في غضون 3 سنوات.

ويغطّي التعاقد الموقّع مع الشركة الصينية مساحة امتياز 4500 كيلومتر، عبر 3 مقاطعات تقع في شمال أفغانستان بالقرب من الحدود مع تركمانستان.

تطوير منجم ميس عينك

على الجانب الآخر، أصدرت حكومة طالبان قرارًا يسمح لتحالف شركات صينية باستئناف أعمال تطوير منجم النحاس الضخم في منطقة ميس عينك، وهو أحد أكبر المناجم غير المستغلة للمعدن الأصفر في العالم.

وتقوم شركة "تشينا ميتالورجيكال غروب" الصينية بتطوير هذا المنجم جزئيًا منذ سنوات طويلة، وتسعى للتوسع في أعمال التعدين خلال السنوات المقبلة، بدعم من حكومة طالبان؛ ما قد يسهم في توفير آلاف الوظائف ويعزز اقتصاد البلاد المأزوم.

وتسيطر الصين على قرابة 60% من إنتاج المعادن الأرضية النادرة في العالم، من أبرزها: الليثيوم والكوبالت والنيكل والغرافيت والمنغنيز، إضافة إلى عناصر أخرى، وفقًا لتقرير صادر عن معهد بيكر لدراسة السياسات العامة في الولايات المتحدة.

وتدخل هذه المعادن بصورة أساسية في صناعة السيارات الكهربائية والبطاريات وأجهزة الحاسوب والسلع المنزلية، كما تدخل في صناعة الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وبطاريات تخزين الكهرباء النظيفة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتنشط الشركات الصينية بالبحث وراء هذه المعادن النادرة في كل بلاد العالم، بما في ذلك أفغانستان التي تستحوذ على كميات هائلة من خامات النحاس والحديد والليثيوم والذهب وغيرها.

مخاوف أمنية منذ 2005

تضع الصين عينها على قطاع المعادن الأفغاني منذ عام 2005، عندما فاز تحالف مستثمرين بقيادة شركة "ميتالورجيكال" المملوكة للدولة بمناقصة ضخمة، بلغت قيمتها آنذاك 3 مليارات دولار، لتعدين النحاس في "ميس عينك" بالقرب من العاصمة كابول.

وواجهت الشركة الصينية متاعب كبيرة منذ دخولها للقطاع بسبب المخاوف الأمنية وضعف شبكة الطرق والسكك الحديدية ومحطات الكهرباء؛ ما أدى إلى تأخّر الشركة في الاستخراج حتى الآن.

واشتكت ميتالورجيكال، في 2020، من ضعف الجدوى الاقتصادية للمشروع، مع تآكل الأمل بتحسّن الظروف الأمنية في البلاد، كما أعلنت رغبتها إعادة التفاوض مع الحكومة الأفغانية بشأن العقد.

وأعطت حكومة طالبان الضوء الأخضر للشركة الصينية لاستئناف أعمال التعدين مع تعهدات بتسهيل أعمال البنية التحتية اللازمة، ضمن إطار التعاون الأخير في مجال استخراج النفط والغاز مع شركات صينية أخرى بدعم من حكومة بكين.

لماذا تقلق أميركا؟

المعادن الأرضية النادرة
الرئيس الأميركي جو بايدن - الصورة من أسوشيتد برس

تشعر الولايات المتحدة والهند وأوروبا بالخطر من استحواذ الصين على سلاسل تعدين المعادن الأرضية النادرة المستعمَلة في مشروعات الطاقة المتجددة اللازمة لخطط الانتقال المناخي والحياد الكربوني بحلول 2050.

وكشف تقرير مرسل للرئاسة الأميركية، العام الماضي، استحواذ الصين على 95% من عمليات تكرير خام المنغنيز في العالم، على الرغم من إسهامها بنسبة 10% في إمداداتها العالمية.

ويُستعمل خام المنغنيز في صناعة البطاريات والصلب، كما تسيطر بكين على معظم سوق معالجة خامات الكوبالت والليثيوم، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

التضاريس تواجه بكين

على الجانب الآخر، تواجه الصين مخاطر شتى من تعزيز حضورها المبكر في قطاعات الطاقة والمعادن الأفغانية في ظل المخاطر الأمنية والاقتصادية المتصاعدة التي تواجه حركة طالبان منذ نجاحها في هزيمة الجيش الأفغاني وطرد آخر القوات الأميركية منذ البلاد، أغسطس/أب 2021.

كما ستواجه بكين احتمالات تصاعد الصراعات العرقية بين القبائل الأفغانية المسلحة وأمراء الحرب المتنازعين على السلطة والثروة؛ ما قد يعطّل، أو يعرقل، الخطط الصينية في التعدين والطاقة مجددًا.

وستواجه الشركات الصينية -بدورها- معضلة التضاريس الصعبة لجغرافيا أفغانستان، وضعف بنيتها التحتية في مجال النقل والطرق والمواصلات؛ ما سيعقّد مهمتها في إعادة توجيه الموارد إلى بكين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق