التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

كوارث التغير المناخي والزلزال تعمّق جراح المناطق الزراعية في سوريا (تقرير)

نوار صبح

مع الأزمات الكبيرة التي يعانيها القطاع الزراعي في منطقة شمال شرق سوريا، بسبب تداعيات التغير المناخي، جاء الزلزالان المدمران اللذان ضربا شمال غرب ووسط البلاد وجنوب تركيا، في 6 فبراير/شباط الجاري، وتسبّبا في مقتل عشرات آلاف الأشخاص، ليزيد من معاناة الفلاحين ومربّي الماشية في المناطق الزراعية السورية.

وشهدت سوريا، منذ صيف عام 2020، موجة جفاف وانحباس مَطَري واسعة النطاق، عدّها المراقبون من أقسى الموجات في الأعوام الـ70 الماضية، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وانحبست الأمطار في شتاء عام 2020، وتراجعت نِسَب الهطول من أكتوبر/تشرين الأول 2021 إلى مايو/أيار 2022، لِما دون 75% إلى 95% عن المعدّلات الوسطية الاعتيادية في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور شمال شرق البلاد، التي تُعدّ سلة غذاء سوريا.

وفي نهاية العام الماضي 2022، انحبست الأمطار مُجدّدًا، ويتخوّف السوريون من شُحّ المياه لعامٍ ثالث، حسبما نشر موقع المونيتور (Al-Monitor)، المعني بالأخبار والتحليلات المرتبطة بالشرق الأوسط.

إزاء ذلك، يلجأ الفلاحون في شمال شرق سورية إلى حفر الآبار الجوفية للحصول على الماء، في محاولة لريّ محاصيلهم والتكيّف مع تداعيات التغير المناخي.

انخفاض الإنتاج الزراعي

انخفض الإنتاج الزراعي في سوريا بأكثر من 80% في عام 2022، مقارنة بعام 2020، وهو آخر محصول قبل بداية الجفاف الحالي.

في شمال شرق سوريا، تعتمد غالبية السكان على الزراعة لكسب لقمة العيش، إذ تسبَّب الجفاف في خسائر فادحة، وفقًا لتقييم حديث للأحوال الإنسانية أجرته مؤسسة ميرسي كوربس غير الحكومية، المعنية بشؤون الأزمات والفقر والتغير المناخي.

وتعرَّض محصول القمح، الذي يُعدّ غذاء أساسيًا للسكان، لأضرار كبيرة بسبب اعتماد معظم مناطق زراعته في سقايته على مياه الأمطار.

في المقابل، يعاني مُرَبّو الأغنام من قِلّة المراعي وتكاليف الأعلاف المرتفعة، وسط شح مياه الأمطار، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

انعكاسات التغير المناخي

تعرضت مناطق شمال شرق سوريا لموجات جفاف متكررة. ويتخوف بعض الخبراء من غياب مستقبلي لهطول الأمطار المنتظم، بعد 3 سنوات من الانحباس المطري.

آثار التغير المناخي في سوريا
أحد بيادر القمح بريف القامشلي شمال شرق سوريا – الصورة من رويترز

ودعا منسق مجموعة عمل الأمن الغذائي وسبل العيش التابعة لمنتدى شمال شرق سوريا -وهي منصة إنسانية تنسق المنظمات غير الحكومية في شمال شرق سوريا- جوزيف شلهوب إلى التكيُّف مع حالة الجفاف، مشيرًا إلى أن هذا السنة ستكون محورية بالنسبة للبلاد.

ويرجح المراقبون أن تشهد منطقة الشرق الأوسط ارتفاعًا في درجات الحرارة وتراجُع هطول الأمطار وتسارع التصحر في السنوات المقبلة بسبب تغير المناخ، الذي يلقي على البيئة القاحلة في شمال شرق سوريا واستنزاف موارد المياه.

ويشعر المزارعون، حاليًا، بتأثير التغير المناخي من خلال ارتفاع درجات الحرارة، وتزايُد أوقات هطول المطر غير المنتظمة وتكرار موجات الجفاف، حسبما نشر موقع المونيتور (Al-Monitor)، المعني بالأخبار والتحليلات المرتبطة بالشرق الأوسط، في 18 فبراير/شباط الجاري.

في المقابل، قلّما يرى الفلاحون أن هذه المشكلات ناجمة عن ظاهرة التغير المناخي. وقال أحد مُزارعي القمح، لموقع المونيتور، إنه لا يعرف مفهوم التغير المناخي، وإنه سمع أن التلوث الناجم عن مصافي النفط القريبة يتسبب في تلك الحالة.

مواجهة مشكلة الجفاف

اعتمدت مواجهة مشكلة الجفاف، في تاريخ سوريا الحديث، على إستراتيجية بسيطة تتمثل في ضخ كميات كبيرة من المياه من جوف الأرض، وتوسعت المساحات المروية بنسبة 127% وارتفع عدد الآبار المرخصة من 53 ألف بئر إلى 124 ألفًا في النصف الأول من عقد التسعينيات وحده.

وتبيّن أن إستراتيجية مواجهة الجفاف هذه قاصرة، لأن معظم الآبار الزراعية في شمال محافظة الحسكة تُعدّ آبارًا سطحية تتغذى من خلال مياه الأمطار وتجف بسرعة، أو لا يستطيع المزارعون تحمُّل تكلفة الوقود اللازم لضخ المياه.

بالنسبة للآبار العميقة، التي تستفيد من طبقات المياه الجوفية وتتغذى ببطء، فإنها تُفرط في الضخ، ما دفع السلطات المحلية في شمال شرق سوريا إلى حظر حفر آبار زراعية جديدة في الخريف الماضي، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ولجأت السلطات المعنية إلى مواجهة الجفاف المستمر وتضاؤل موارد المياه اعتمادًا على حلول أنظمة الري الذكية وترشيد استعمال المياه، بدلًا من إغراق الأراضي الزراعية بالمياه دوريًا.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق