بطاريات السيارات الكهربائية تشهد تطورات مثيرة لتجنب الحرائق
دينا قدري
تشهد سوق السيارات الكهربائية ثورة هائلة بوصفها إحدى الركائز الرئيسة لتحقيق الحياد الكربوني، بهدف التخلص التدريجي من بيع سيارات محركات الاحتراق الداخلي الجديدة تمامًا خلال العقود المقبلة.
وفي العقد الماضي، حققت سوق السيارات الكهربائية العالمية قفزة كبيرة إلى الأمام، مع زيادة طلب المستهلكين على المركبات ذات الانبعاثات المنخفضة للغاية التي أدت إلى تطور الصناعة.
وظل النمو في مبيعات السيارات الكهربائية إيجابيًا، على الرغم من أن جائحة فيروس كورونا تسببت في تعطيل صناعة السيارات إلى حدٍ ما.
ويُعدّ تطوير تقنيات البطاريات التي تمنح المركبات الكهربائية نطاقًا أفضل وأوقات شحن أسرع وأداءً وموثوقية وأمانًا محسّنًا، محورًا مركزيًا للبحث في الصناعة، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن منصة "إيه زد أو كلينتك" (Azo Cleantech).
وقد أُبلِغَ عن العديد من التطورات المثيرة من قبل الباحثين وصنّاع السيارات في السنوات القليلة الماضية، والتي ستساعد صناعة السيارات الكهربائية على تلبية المطالب ومعالجة مخاوف المستهلكين.
بطارية سيارة كهربائية هجينة سريعة الشحن
أحد الاهتمامات الرئيسة التي تعوق اعتماد المستهلكين على نطاق واسع لتقنيات السيارات الكهربائية هو وقت الشحن.
ففي حين أُحرِز تقدّم بتقليل أوقات الشحن من عدّة ساعات كانت تتطلبها المركبات الكهربائية حتى وقت قريب، لا يمكن للنماذج المتاحة تجاريًا حاليًا التنافس مع مركبات محركات الاحتراق الداخلي في هذا الصدد.
لذلك، سيكون شحن البطارية في وقت أقلّ مما تتطلبه إعادة التزود بالوقود في سيارة محرك الاحتراق الداخلي، بمثابة تطور يغير قواعد اللعبة في تكنولوجيا البطاريات التي يمكن أن تزيد بشكل كبير من تبنّي المستهلكين لهذه المركبات.
وفي هذا الإطار، كشفت شركة موراند السويسرية الناشئة عن تقنية بطارية مبتكرة تقلل من وقت الشحن للمركبات الكهربائية إلى نحو 72 ثانية.
وتُعدّ بطارية السيارة الكهربائية المبتكرة للشركة نظامًا هجينًا يستعمل تقنيات البطاريات التقليدية والمكثفات الفائقة.
وتوفر التكنولوجيا -التي يُطلق عليها اسم إي تكنولوجي- شحنًا بنسبة 80% في 72 ثانية، ويمكنها شحن سيارة كهربائية بنسبة 100% في غضون 2.5 دقيقة فقط.
وفي حين كونها لا تستطيع تلبية متطلبات المركبات الكهربائية طويلة المدى، فإن التكنولوجيا مناسبة بشكل مثالي لسيارات المدن الصغيرة والدراجات الكهربائية والطائرات دون طيار، وتعمل التقنية أيضًا بكفاءة في درجات الحرارة القصوى.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم، منذ عام 2015 حتى عام 2022:
تحسين سلامة بطاريات الليثيوم أيون
السلامة هي الشاغل الرئيس لمصنّعي بطاريات السيارات الكهربائية، بحسب ما أورده تقرير "إيه زد أو كلينتك".
ففي حين إن بطاريات الليثيوم أيون نادرة، فإنه يُمكن أن تشتعل فيها النيران، خاصةً في حالة تلفها؛ وهو ما دفع الشركات إلى إنفاق مبالغ طائلة على تطوير واختبار بطاريات أكثر أمانًا لا تتعرض لخطر نشوب حريق.
وقد طوّر باحثون في جامعة ستانفورد إلكتروليتًا مقاومًا للحريق حتى في درجات الحرارة القصوى التي تزيد عن 140 درجة فهرنهايت.
* (الإلكتروليت هو الناقل الأيوني في البطارية)
ومركز هذا المحلول هو ملح الليثيوم الإضافي في الإلكتروليتات، وأضاف الفريق ملح الليثيوم إلى إلكتروليت قائم على البوليمر، مع زيادة محتوى ملح الليثيوم في الإلكتروليت من أقلّ من النصف إلى 63% من الوزن.
بشكل فعّال، يعمل ملح الليثيوم بوصفه "مرتكزًا" في الإلكتروليت لجزيئات المذيبات شديدة الاشتعال.
ومن خلال هذا الحل المبتكر، يمكن أن تستمر بطاريات الليثيوم أيون في العمل بدرجات حرارة تصل إلى 212 فهرنهايت.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أفضل 15 دولة في سلسلة التوريد العالمية للبطاريات:
كيمياء الطور البيني باستعمال الأشعة السينية
في سياقٍ متصل، قدّم علماء من وزارة الطاقة الأميركية رؤى جديدة في كيمياء الطور البيني؛ إذ يُعدّ الطور البيني في البطارية أمرًا ضروريًا لتحسين كثافة الطاقة.
ويتكون الطور البيني بين الإلكتروليت والأنود، إذ تخضع البطارية لدورات الشحن والتفريغ.
(الطور البيني عبارة عن سلسلة من التغيرات التي تطرأ على الخلية التي تشكّلت حديثًا، ونواتها، قبل أن تصبح قادرة على الانقسام مرة أخرى)
نشر الباحثون دراسة متعمقة في "نيتشر نانوتكنولوجي" حول الطور البيني للإلكتروليت الصلب في بطاريات الليثيوم أيون، وكشفوا عن الكيمياء المعقدة.
استفاد النهج المبتكر للفريق من مزيج فريد من تقنيات الأشعة السينية المتقدمة لتوفير خريطة كيميائية مفصلة غير مسبوقة لمكونات الطور البيني.
وكشف البحث عن تفاصيل دقيقة للكيمياء البينية، التي ستساعد علماء المستقبل على تصميم أطوار بينية محسنة في بطاريات الليثيوم المعدنية.
التطورات الجديدة الأخرى
كما استكشف العلماء زوايا بحث متعددة لتحسين تصميم البطاريات والعناصر التكنولوجية المرتبطة بالمركبات الكهربائية في السنوات القليلة الماضية، ما يوفر حلولًا مبتكرة للعديد من التحديات الرئيسة في الصناعة.
فقد صُممت تقنيات "ناوا" قطبًا كهربائيًا ثوريًا فائق السرعة للأنابيب النانوية الكربونية، يعزز بشكل كبير طاقة البطارية وتخزين الكهرباء ودورة الحياة.
وركّز الباحثون في جامعة تشالمرز للتكنولوجيا على دمج البطاريات بوصفها عناصر هيكلية، والتي يمكن أن تقلل من وزن السيارات الكهربائية.
بينما استكشفت جامعة تكساس البطاريات الخالية من الكوبالت، والتي تغلبت على مشكلات ندرة الموارد لهذا المعدن المهم.
كما طوّر باحثون في فنلندا بطاريات أنود السيليكون، وتعمل شركة "آي بي إم" مع شركة مرسيدس بنز لتطوير بطاريات بمواد مستخرجة من مياه البحر.
ويجري حاليًا البحث عن بطاريات الحالة الصلبة والزنك الهوائية والرملية، والتي يمكن أن توفر تحسينات في السلامة والأداء والاستدامة، مقارنةً ببطاريات الليثيوم أيون الحالية في السوق.
موضوعات متعلقة..
- محطات شحن السيارات الكهربائية قد تشهد استثمار 200 مليار دولار بحلول 2026
- احتكار بطاريات السيارات الكهربائية في الصين يدفع الاتحاد الأوروبي إلى تصنيعها محليًا (تقرير)
- السيارات الكهربائية في الصين تستحوذ على ثلثي المبيعات العالمية (دراسة)
اقرأ أيضًا..
- الإمارات تقترب من شراء شركة الوقود التابعة للجيش المصري (خاص)
- أمين عام أوبك في إيجبس 2023: ملتزمون بدعم أسواق النفط والاستثمارات
- انتشار الهيدروجين الأخضر في المملكة المتحدة يتوقف على أنابيب الغاز (دراسة)
- تحلية المياه بالطاقة الشمسية.. هل تحل أزمة ندرة المياه في المنطقة العربية؟