إستراتيجية ألمانيا المناخية تتزعزع بعد الموافقة على هدم قرية لتوسعة منجم فحم (تقرير)
نوار صبح
- إعادة تنشيط محطات الفحم الألمانية في إستراتيجية المناخ الأوروبية لها تأثير محدود
- انبعاثات الطاقة السنوية في ألمانيا ترجع إلى زيادة استهلاك البلاد للفحم والنفط
- زيادة أوروبا في إنتاج الفحم تقف "عثرة" في الاستغناء التدريجي عن الفحم
- ضرورة إنتاج الفحم مؤقتًا لتلبية الطلب على الكهرباء في ظل ارتفاع أسعار الغاز
تزعزعت إستراتيجية ألمانيا المناخية الهادفة للاستغناء التدريجي عن الفحم وتحقيق هدف الحياد الكربوني، بعد سماح الحكومة، الشهر الماضي، بهدم مساكن قرية لوتزيرات لتوسعة منجم الفحم السطحي المفتوح "غارزفايلر" المجاور، التابع لشركة الطاقة الألمانية العملاقة آر دبليو إي.
وأصبحت قرية لوتزيرات، في يناير/كانون الثاني 2023، نقطة اشتعال للنشاط المناخي عندما أَجْلَتْ الشرطة بالقوة النشطاء الذين يقاومون توسعة منجم غارزفايلر 2 للفحم الحجري على حدود القرية، حسبما نشر موقع إنرجي مونيتور (Energy Monitor) في 15 فبراير/شباط الجاري.
في أكتوبر/تشرين الأول 2022، تبنّت الحكومة الألمانية لوائح تنظيمية سمحت بإعادة تشغيل محطات الكهرباء المتقاعدة بفحم الليغنيت حتى عام 2024، استجابةً طارئة لارتفاع أسعار الغاز الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
عودة الفحم لتهديد تحول الطاقة العالمي
في الأشهر التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا، كان السؤال المطروح لدى الجميع، وعلى وجه الخصوص، شركة إنرجي ويندِه الألمانية: هل سيعود الفحم ويهدد تحوّل الطاقة العالمي؟
ويشير المحللون إلى أدلة على أن تأثير إعادة تشغيل محطات الفحم الألمانية في إستراتيجية المناخ الأوروبية طويلة المدى محدود.
وتُظهر البيانات التي نشرها مركز الأبحاث أغورا إنرجي ويندِه، الشهر الماضي، أنه رغم ارتفاع انبعاثات الطاقة السنوية في ألمانيا لعام 2022 بنسبة 3% عن العام السابق -عند 255 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون-، فإنها ظلّت أقلّ بقليل من هدفها البالغ 257 مليون طن.
ويدّعي البحث أن هذه الزيادة ترجع إلى زيادة استهلاك البلاد للفحم والنفط، التي عوّضت انخفاض الانبعاثات من حصة ألمانيا القياسية البالغة 46% من مصادر الطاقة المتجددة، فضلًا عن انخفاضها السنوي في إجمالي استهلاك الطاقة بنسبة 4.7%.
وعلى الرغم من جهود الدولة للتعويض عن انخفاض واردات الغاز الروسي، بما في ذلك افتتاح أول محطة للغاز الطبيعي المسال في ديسمبر/كانون الأول 2022، وإدخال تدابير لكفاءة الطاقة، تُظهر الأرقام السنوية تقدمًا هامشيًا في إجمالي استهلاك الطاقة.
وكشفت البيانات التي نشرها مكتب الإحصاء الفيدرالي الألماني، في يناير/كانون الثاني 2023، أن استهلاك الفحم في البلاد ارتفع بنسبة 13% في الربع الثالث من عام 2022، مقارنة بالمدة نفسها من العام السابق.
ويوضح تقرير أغورا إنرجي ويندِه أن نصيب ألمانيا القياسي من مصادر الطاقة المتجددة "لا يمثّل نجاحًا من حيث سياسة المناخ"، ولكنه يرجع بدلًا من ذلك إلى "الطقس المشمس والرياح"، مشيرًا إلى أن "أزمة التوسع في طاقة الرياح البرية مستمرة".
وعلى الرغم من تأكيد المستشار الألماني أولاف شولتس أن الحكومة تقترب من التوسع في الرياح البرية "بوتيرة منتظمة" في مقابلة هذا الشهر مع بيلد، تُظهر بيانات أغورا أن عمله قد توقَّف عند هذا الحدّ، إذ كان النمو في قدرة توليد طاقة الرياح البرية الإضافية في عام 2022 ضئيلًا.
من ناحيتهم، يزعم نشطاء المناخ أن التركيز المتزايد على مصادر الطاقة المتجددة، بدلًا من الاستثمار في المزيد من الوقود الأحفوري، يُعدّ أفضل طريقة للحفاظ على أمن الطاقة وأهداف المناخ.
تشير البيانات الأخيرة من مركز الأبحاث إمبر إلى أن زيادة أوروبا في إنتاج الفحم تقف "عثرة" في الاستغناء التدريجي عن الفحم، على عكس الإشارة إلى أننا على وشك خوض تجربة العودة الكاملة لاستعماله.
خسارة كبيرة في الثقة
يكمن السبب الذي جعل قرية لوتزيرات الألمانية رمزًا قويًا لانهيار خطة تحوّل الطاقة في ألمانيا في أن الحكومة ليست على استعداد للاستماع إلى العلم؛ ما يفرض عدم الحاجة إلى استخراج فحم أو نفط أو غاز جديد في سيناريو وكالة الطاقة الدولية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.
بالإضافة إلى ذلك، رأى معارضو المنجم المجاور للقرية بأن تقديم هدف الحياد الكربوني الخاص بشركة آر دبليو إي لا يُحدث فرقًا، إذا كان ذلك يعني أنها ستطلق المزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فقط.
وعلى الرغم من إشارة معارضي منجم غارزفايلر 2 إلى أنه بحلول الوقت الذي يصبح فيه الفحم بالقرب من قرية لوتزيرات جاهزًا للحرق، فإن أسعار الطاقة من المحتمل أن تكون قد استقرت، حسبما نشر موقع إنرجي مونيتور (Energy Monitor) في 15 فبراير/شباط الجاري.
فحم قرية لوتزيرات لا حاجة لها
تُظهر الأبحاث أن احتياطيات الفحم في قرية لوتزيرات الألمانية ليست ضرورية ضمن سياق إستراتيجية الفحم المعدلة في ألمانيا، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ووجدت دراسة بحثية، نشرتها في أغسطس/آب 2022 حَمْلة أوروبا ما بعد الفحم "يوروب بيوند كول"، موارد الفحم في مجمع منجم هامباخ و غارزفايلر 2 المفتوح هي "أكثر من كافية" لتغطية سيناريو الحد الأقصى المتوقع للطلب.
وأشارت الدراسة إلى ضرورة إنتاج الفحم مؤقتًا لتلبية الطلب على الكهرباء في ظل ارتفاع أسعار الغاز، وأضافت أنه حتى مع الحد الأقصى للطلب، سيبقى ما يقرب من 30 مليون طن من الليغنيت في المجمع بحلول عام 2030.
اقرأ أيضًا..
- شركة نسر العالمية: مصر الممر الوحيد لتصدير 125 تريليون قدم مكعبة من الغاز
- مسؤول عراقي يكشف لـ"الطاقة": مصير صفقة أكوا باور بعد عامين من التفاوض
- أنس الحجي: خفض إنتاج النفط الروسي كان متوقعًا.. وهذا ما تفعله موسكو