أسعار البنزين في أميركا.. خبير يحدد شرطًا وحيدًا لهبوطها في 2023
محمد عبد السند
تستحوذ أسعار البنزين في أميركا على أهمية خاصة في هذه الآونة، لا سيما من قبل سائقي المركبات الذين يترقبون هبوطها بين الحين والآخر هذا العام (2023)، بعد ارتفاعها مجددًا لعوامل تتعلق بالعرض والطلب، وعدم وصول سعة مصافي النفط إلى ذروتها، من بين عوامل أخرى.
وتنعكس أسعار الوقود على المزاج العام للأميركيين، إذ يصنّفها الكثير منهم من بين العوامل المحددة لاختيار مرشحهم في الانتخابات الرئاسية.
ولا يختلف اثنان على أن 2022 كان عامًا بالغ الصعوبة بالنسبة إلى سائقي المركبات، خاصة بعدما بلغت أسعار البنزين في أميركا مستوى قياسيًا، مسجلة 5 دولارات أميركية للغالون في يونيو/حزيران (2022)، حسبما أورد موقع "نيوز نيشن".
ومع ارتفاع متوسط أسعار البنزين في أميركا مجددًا، يتساءل الكثير من سائقي المركبات عن موعد هبوط الأسعار في محطات الوقود.
وارتفع متوسط أسعار البنزين في أميركا -صاحبة أكبر اقتصاد في العالم- مؤخرًا، للأسبوع الـ5 على التوالي، مسجلًا 3.49 دولارًا للغالون، وفقًا لتقديرات كشفت عنها الجمعية الأميركية للسيارات، وطالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويزيد هذا بواقع 9.7 سنتًا، عن متوسط الأسعار المسجل قبل أسبوع.
وأبدى رئيس قسم التحليلات النفطية في مؤسسة "غاز بادي" باتريك دو هان، شكوكه في إمكان هبوط أسعار البنزين في أميركا نتيجة بعض العراقيل الرئيسة التي تعترض هذا المسار النزولي.
ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مخزون النفط التجاري في الولايات المتحدة الأميركية:
العرض والطلب
أوضح دو هان أن مسألة العرض والطلب دائمًا ما تكون العامل الأكبر الذي يوجه أسعار البنزين في أميركا، بل وفي كل أرجاء العالم، مشيرًا إلى أن الكثير من الأمور غير الطبيعية ما تزال تحرّك السوق.
وقال دو هان: "سعة التكرير في الولايات المتحدة الأميركية لم تصل بعد إلى سابق عهدها قبل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد".
وتابع: "حال وجود أي مشكلات، فإن الحرب الروسية الأوكرانية والاقتصاد العالمي ستكون لهما تداعيات كبيرة على أسعار النفط، لا سيما مع اتجاه الصين إلى إعادة فتح اقتصادها عبر إنهاء القيود الصارمة ذات الصلة بالوباء، وسيرتفع الطلب على الأرجح".
سعة المصافي
أشار دو هان إلى أن سعة المصافي لم تتعافَ بعد بصورة كاملة من الطقس الشتوي الذي ساد شهر ديسمبر/كانون الأول (2022)، الذي قاد بدوره إلى إرجاء موسم صيانة المصافي.
وواصل: "بسبب صعود الأسعار في الربيع الماضي، اضطرت العديد من مصافي النفط التي كانت تخطط لإنجاز أعمال الصيانة إلى إرجاء تلك الأعمال حتى العام الجاري (2023)".
وأردف دو هان: "ومع بدء عام 2023، ربما نجد أنفسنا وجهًا لوجه أمام تحديات مشابهة تُجبرنا على تصنيع كميات كافية من المنتجات المكررة، بغية تلبية الطلب المتنامي، لا سيما مع حظر الاتحاد الأوروبي استيراد المنتجات النفطية من روسيا، الذي بدأ سريانه منذ 5 فبراير/شباط (2023)".
ويبيّن الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- متوسط أسعار البنزين في الولايات المتحدة الأميركية:
وأشار دو هان إلى أنه ومع اشتداد الطقس البارد فسيكون هناك المزيد من التداعيات.
وقال: "الطقس القطبي قد أثّر سلبًا في مصافي النفط بجبال روكي".
واستطرد موضحًا: "في الواقع، تسبب الطقس الشتوي المتطرف في غلق بعض المصافي لمدة زمنية طويلة في ولاية كولورادو، وشهدت الولاية الأميركية زيادة في أسعار البنزين بواقع 90 سنتًا للغالون، ومن ثم كان لزامًا جلب البنزين من مصافٍ مجاورة".
ترقب سائقي المركبات
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يحتاج سائقو المركبات إلى الاستعداد لتكرار سيناريو العام الماضي، حينما لامس متوسط سعر الغالون ذروته عند 4 دولارات؟
في رده على هذا السؤال، قال دو هان إن سيناريو العام الماضي (2022) قد يتكرر وعلى نحو أسرع من المتوقع.
وفي ضوء هذا السيناريو، أضاف دو هان: "توقعنا في السابق إمكان وصول متوسط أسعار البنزين في أميركا إلى 4 دولارات في مايو/أيار (2023)، والآن قد يتحقق هذا في شهر أبريل/نيسان (2023) أو ربما حتى في مارس/آذار (2023)، ليس فقط بسبب إعادة الفتح في الصين، وإنما بسبب الطقس القطبي المتطرف الذي خلّف تداعيات قوية على التوازن الحساس بين العرض والطلب".
وتتفاوت أسعار البنزين عادةً باختلاف المواسم، بالنظر إلى خضوع مصافي النفط لأعمال الصيانة، قبل أن تستقبل فصل الصيف بأسعار بنزين مرتفعة، ويستمر هذا التغيير عادةً حتى الخريف، قبل أن تشرع أسعار البنزين في النزول".
ويُظهر التصميم البياني أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- واردات الولايات المتحدة الأميركية من النفط الخام والمشتقات النفطية:
هبوط مشروط
لن يشهد سائقو المركبات على الأرجح انخفاض أسعار البنزين في أميركا حتى انتهاء الصيف المقبل، حال لم تتأجل أعمال صيانة المصافي لمدة أطول.
وفي ضوء هذا السيناريو، ماذا بوسع سائقي المركبات فعله خلال تلك الآونة؟ يقترح دو هان على سائقي المركبات الالتزام بضوابط القيادة الفاعلة، قائلًا: "الحقيقة هي أننا لا نقود مركباتنا بكفاءة نسبيًا، بما يمكننا من تقليص استهلاكنا للوقود".
وأردف: "أشياء مثل تسخين سيارتك في فصل الشتاء قبل السير، من الممكن أن تساعد على السير بسلاسة، وتقلل من استهلاك الوقود".
وذكر دو هان: "أعلم بأن تلك أمور بسيطة، لكننا قد نقلّل استهلاكنا بما يتراوح من 5% إلى 10%".
وأضاف: "إذا ما استطاع كل أميركي أن يفعل الأشياء البسيطة نفسها لتحسين كفاءة الوقود، فقد يصنع هذا الفارق، بل وتكون له انعكاسات إيجابية على أسعار البنزين في أميركا".
أسعار البنزين في 2022
هبطت أسعار البنزين في أميركا، في نهاية العام المنقضي (2022)، بعكس ما شهدته في بداية العام ذاته، رغم ارتفاعها الحاد في يونيو/حزيران 2022.
وفي الـ5 من يناير/كانون الثاني 2023، كشف تقرير أفرجت عنه إدارة معلومات الطاقة الأميركية، عن هبوط متوسط سعر التجزئة للبنزين العادي في أميركا إلى ما قيمته 3.09 دولارًا للغالون في 30 ديسمبر/كانون الأول 2022، قياسًا بـ3.28 دولارًا للغالون في بداية العام، وتحديدًا في 3 يناير/كانون الثاني (2023).
وعزا المحللون هذا النزول في أسعار البنزين بأميركا نهاية 2022، إلى ارتفاع إنتاجية مصافي التكرير، وهبوط الطلب خلال الشهور الـ6 الأخيرة من العام ذاته، نتيجة عوامل عدة، أبرزها تطبيق الصين سياسة غلق صارمة متمثلة في "صفر كوفيد"، حسبما ورد في تقرير إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وكان العدوان الروسي لأوكرانيا الذي دارت رحاه للمرة الأولى في 24 فبراير/ شباط (2022) قد قاد إلى صعود أسعار النفط، ما انعكس على أسعار البنزين في أميركا، التي ارتفعت بالتبعية -هي الأخرى- مع نقص المخزونات بحدة في شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان من العام الفائت (2022).
ووسط صعود أسعار البنزين في النصف الأول من 2022 كان الطلب على الوقود منذ صيف 2022 أقل قياسًا بالمدّة ذاتها في العام السابق (2021)، ما أدّى إلى هبوط الأسعار في نهاية المطاف.
موضوعات متعلقة..
- أبرز 10 توقعات لأسعار البنزين في أميركا خلال 2023
- أكبر مصافي التكرير الأميركية تستعيد نشاطها والبقية ما زالت تعاني (تقرير)
- أنس الحجي: النفط الروسي يواجه مشكلتين.. وهكذا اتجه إلى آسيا (صوت)
اقرأ أيضًا..
- 3 شواهد منطقية تشير إلى تدفق الغاز الجزائري للمغرب سرًا (مقال)
- المجلس العربي للطاقة المستدامة: 9 دول عربية تقود الهيدروجين الأخضر عالميًا (حوار)
- سعر برميل النفط عالميًا يرتفع بسبب زلزال تركيا.. وخام برنت فوق 82 دولارًا