التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير دوريةرئيسيةروسيا وأوكرانياطاقة متجددةوحدة أبحاث الطاقة

سباق التقنيات النظيفة.. كيف تستطيع أوروبا المنافسة عالميًا؟

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي

اقرأ في هذا المقال

  • الغزو الروسي لأوكرانيا شجّع الدول على دعم التقنيات النظيفة
  • الاتحاد الأوروبي في منافسة صعبة مع أميركا والصين لدعم الإنتاج المحلي
  • خطة الصفقة الخضراء في أوروبا تدعم الطاقة المتجددة والهيدروجين
  • صناعة البطاريات في أوروبا تواجه تحديات كبيرة مقارنة بالصين وأميركا
  • الاتحاد الأوروبي يهدف لتعزيز إمدادات الهيدروجين الأخضر بحلول 2030

لم يتسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في تضييق الخناق على الاتحاد الأوروبي من حيث إمدادات الطاقة فحسب، بل وضع الكتلة أمام منافسة صعبة في سباق التقنيات النظيفة، كونه دفع العديد من الدول الكبرى لتقديم حوافز ضخمة.

وفي ظل انشغال الاتحاد الأوروبي بتأمين إمدادات النفط والغاز بعيدًا عن روسيا، أقرّت الولايات المتحدة أكبر حزمة مناخية في تاريخها لدعم صناعة الطاقة النظيفة محليًا، والمتمثلة في قانون خفض التضخم، كما تواصل الصين تقديم الحوافز لتعزيز الصناعة المحلية، بل والتوغل داخل السوق العالمية.

ورغم أن الاتحاد الأوروبي أقرّ هو الآخر خطة "ريباور إي يو" لدعم التقنيات النظيفة، فإن القارة العجوز ما زالت في حاجة إلى المزيد من الدعم المالي وتسهيل الإجراءات التنظيمية حتى تلحق بالركب، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ومن هذا المنطلق، يعمل الاتحاد الأوروبي -حاليًا- على اتخاذ تدابير تستهدف الوصول إلى إطار تنظيمي مُبسّط وآليات دعم مالي لتسريع نشر التقنيات النظيفة، ليس فقط للّحاق بالركب والتنافس مع أميركا والصين، ولكن لتأمين الطاقة المستدامة لمواطنيه، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حسب تقرير صادر حديثًا عن شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي.

الصفقة الخضراء الصناعية

يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى ضمان إمدادات كافية من المواد الخام الحيوية مع تعزيز سلسلة قيمة التقنيات النظيفة، لكي يفي بأهدافه المناخية.

وقدّمت المفوضية الأوروبية يوم 1 فبراير/شباط 2023 مقترحًا لخطة الصفقة الخضراء الصناعية، لمناقشته من جانب الدول الأعضاء خلال اجتماع في بروكسل 9 فبراير/شباط الجاري، وبناءً على المناقشات، ستضع المفوضية اقتراحًا أكثر رسمية لتقديمه إلى المجلس الأوروبي مارس/آذار المقبل.

وتتكون الصفقة الخضراء من 4 ركائز أساسية، هي:

أولًا: توفير بيئة تنظيمية مناسبة للارتقاء السريع بقطاعات التقنيات النظيفة المهمة، عبر اقتراح قانون "صناعة صفر انبعاثات" (Net Zero Industry Act) يحدد أهدافًا لصناعة التكنولوجيا النظيفة في الاتحاد الأوروبي، مع التركيز على استثمارات سلسلة التوريد.

كما تخطط المفوضية لاقتراح قانون "المواد الخام الحيوية" من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الخام والمعادن المهمة في تحول الطاقة بنسبة 30% بحلول 2030، إلى جانب تعظيم قدرة إعادة التدوير لتقليل الاعتماد على الواردات ومتطلبات الإنتاج.

ثانيًا: التمويل والدعم الحكومي عبر تقديم حوافز تنافسية، مثل الإعفاءات الضريبية، من أجل تحقيق التكافؤ مع الدعم الذي يقدّمه قانون خفض التضخم الأميركي -على سبيل المثال-، ويتطلب ذلك تسريع وتبسيط قواعد الحصول على المساعدات الحكومية.

ثالثًا: تعزيز مهارات العمالة الأوروبية بالتوازي مع الانتقال إلى التقنيات النظيفة، ويجب أن يحدث ذلك عبر دعم صناعة نشطة تتطلب قدرات كبيرة بدايةً من البحث والتطوير إلى تشغيل الأصول، كما ترى ريستاد إنرجي.

رابعًا: توفير سلاسل إمداد دولية مرنة من خلال الاتفاقيات التجارية بقطاعات التقنيات النظيفة مع الدول الناشئة في أفريقيا وأميركا الجنوبية، وكذلك البلدان المتقدمة.

وترى ريستاد إنرجي أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يعمل على استمرار العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، في ضوء تأثير قانون خفض التضخم بديناميكيات التجارة، بهدف التطلع إلى التعاون بدلًا من الدخول في سباق الدعم.

وبصفة عامة، تركّز هذه العناصر على 3 صناعات رئيسة في تحول الطاقة: مصادر الطاقة المتجددة والبطاريات والهيدروجين.

دعم الطاقة المتجددة

من أجل اللحاق بالركب في سباق التقنيات النظيفة، يراهن الاتحاد الأوروبي على توفير إطار تنظيمي مبسّط ودعم مالي لتسريع مصادر الطاقة المتجددة.

ومع أزمة الطاقة، أقرّ الاتحاد الأوروبي خطة ريباور إي يو (REPowerEU) في 2022؛ بهدف تقليل الاعتماد على روسيا وتسريع تحول الطاقة عبر زيادة هدف الطاقة المتجددة لعام 2030 من 40% إلى 45% من إجمالي إمدادات الكهرباء، لكن الخطة لا تتضمن تدابير ملموسة لتحقيق هذه الأهداف.

وتتوقع ريستاد إنرجي تركيب 870 غيغاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية بحلول عام 2030، رغم أن تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي يتطلب 1100 غيغاواط، ويمكن سدّ هذه الفجوة عبر معالجة اضطرابات سلسلة التوريد ونقص العمالة الماهرة والاعتماد على المواد الخام المستوردة وقلة الحوافز المالية.

وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن سعة الطاقة المتجددة المضافة في أوروبا خلال 2022 قد بلغت 63 غيغاواط، مقارنة مع 45.3 غيغاواط العام السابق له، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويوضح الرسم التالي سعة الطاقة المتجددة المضافة حول العالم بين عامي 2000 و2022:

سعة الطاقة المتجددة المضافة عالميًا

ونظرًا لأن الدول الأخرى قد قدّمت حوافز قوية، فإن القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي في سوق الطاقة المتجددة معرّضة للخطر، خاصة مع الدعم الذي تقدّمه الصين والولايات المتحدة لتعزيز إنتاج التقنيات النظيفة محليًا.

وحددت شركة أبحاث الطاقة 3 عوامل رئيسة أمام الاتحاد الأوروبي لدعم صناعة مصادر الطاقة المتجددة محليًا، وعدم انتقالها إلى السوق الأميركية أو الصينية: الحدّ من مخاطر الاضطرابات الناجمة عن الدعم المقدّمة في الأسواق الأخرى، وتحديد إطار تنظيمي مبسّط وواضح على المدى الطويل، وتقديم الدعم المالي.

معالجة تأخير مشروعات البطاريات

بصفة عامة، يجد الاتحاد الأوروبي نفسه في موقف محفوف بالمخاطر عندما يتعلق الأمر بصناعة السيارات الكهربائية والبطاريات، نظرًا للطلب المتزايد على البطاريات؛ لتعزيز طموحات الحياد الكربوني من جهة، والحاجة إلى إنشاء سلسلة توريد محلية من جهة أخرى.

ويهدف الاتحاد الأوروبي إلى تقليل التأخيرات الإدارية لمشروعات سلسلة توريد البطاريات، التي يُتوقع أن تؤدي دورًا في إزالة الكربون من قطاع النقل وتلبية الطلب المتزايد على تخزين الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة.

ويخطط الاتحاد الأوروبي إلى أن تُشكّل السيارات الكهربائية جميع مبيعات المركبات الجديدة بحلول عام 2035، في حين تهدف الولايات المتحدة إلى أن تمثّل المركبات الكهربائية 50% من حصة السوق بحلول عام 2030.

ومع ذلك، فإن السباق نحو كهربة النقل لا يقتصر على الأهداف فقط؛ إذ أدّى قانون خفض التضخم الأميركي إلى تحول جذري في ديناميكيات سوق السيارات الكهربائية، التي تحتلّ المرتبة الثانية من حيث التمويل بموجب القانون، وهو ما يعني حاجة الاتحاد الأوروبي لتقديم المزيد من الدعم لضمان اللحاق بالركب.

وتجدر الإشارة إلى أن حصة الاتحاد الأوروبي من مبيعات المركبات الكهربائية عالميًا بلغت 21% في عام 2022، في حين كانت حصة الولايات المتحدة 6.5%.

ويرصد الرسم البياني الآتي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم بين عامي 2025 و2022:

مبيعات السيارات الكهربائية تسجل قفزات سنوية مع توجه العالمي إلى تقليل الانبعاثات

ويواجه مستقبل البطاريات في الاتحاد الأوروبي -حاليًا- تحدّيين رئيسين: صعوبة جذب الاستثمار إلى شركات الاتحاد الأوروبي؛ نظرًا لضعف سلسلة توريد البطاريات، وارتفاع تكاليف الطاقة والعمالة.

بينما يتمثل التحدي الثاني بدخول الشركات الصينية العاملة في صناعة البطاريات إلى السوق الأوروبية، مثل شركة كاتل الصينية في المجر.

وفي تقرير حديث، أشارت مؤسسة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس إلى أن الاتحاد الأوروبي يتعرض لضغوط من اللاعبين في صناعة البطاريات لتيسير منح التصاريح، وربما تخصيص أموال إضافية لإمداد سلسلة البطاريات.

دعم الإنتاج المحلي للهيدروجين الأخضر

مع توجّه الاتحاد الأوروبي نحو اقتصاد الهيدروجين، ستكون سلسلة التوريد القوية ضرورة لدعم الطلب المتزايد على خلايا الوقود والمحللات الكهربائية، خاصة أنه من أكثر التقنيات النظيفة في مرونة الاستعمال.

وكان الاتحاد الأوروبي الأوفر حظًا في سباق الهيدروجين، مع وضع هدف 10 ملايين طن سنويًا من الإنتاج المحلي و10 ملايين طن سنويًا أخرى من واردات الهيدروجين، ضمن خطة "ريباور إي يو" المعلنة في مايو/أيّار 2022.

ومع ذلك، جاء قانون خفض التضخم الأميركي في أغسطس/آب 2022، ليعطي التفوق للولايات المتحدة في سباق الهيدروجين من خلال الائتمان الضريبي للإنتاج، الذي يمكن أن يمنح المطورين ما يصل إلى 3 دولارات لكل كيلوغرام من الهيدروجين.

وكانت الحوافز التجارية، التي أعلنها الاتحاد الأوروبي مسبقًا لتعزيز إنتاج الهيدروجين معقّدة، لكن تعمل المفوضية الأوروبية -حاليًا- على تغيير ذلك.

ومن ناحية أخرى، يعمل الاتحاد الأوروبي بالفعل على إقامة علاقات تجارية مع دول في أفريقيا والشرق الأوسط، وكذلك مع أستراليا، والتي من المقرر أن تصبح جميعها من المصدّرين الرؤساء للهيدروجين.

وفي يناير/كانون الثاني 2023، وقّعت إيطاليا اتفاقية مع الجزائر لإنشاء خط أنابيب لنقل الهيدروجين إلى أوروبا، ضمن عدّة صفقات أخرى في قطاع الطاقة.

وتُقدّر ريستاد إنرجي أن تكلفة استيراد الهيدروجين الأخضر في أوروبا قد تكون أقلّ من الإنتاج المحلي، وهو ما أكدّته -أيضًا- دراسة حديثة لشركة أورورا إنرجي ريسيرش، مشيرةً إلى أن استيراد أوروبا الهيدروجين الأخضر من المغرب -على سبيل المثال- سيكون أكثر فائدة من الإنتاج المحلي عام 2030.

على الرغم من اقتصادات الاستيراد المواتية، سيظل إنتاج الهيدروجين الأخضر محليًا يؤدي دورًا مهمًا في التحول إلى التقنيات النظيفة بأوروبا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق