المجلس العربي للطاقة المستدامة: 9 دول عربية تقود الهيدروجين الأخضر عالميًا (حوار)
داليا الهمشري
توقّع رئيس المجلس العربي للطاقة المستدامة، رئيس شعبة الكهرباء بنقابة المهندسين المصرية، الدكتور محمد اليماني، أن الهيدروجين الأخضر سيلقى اهتمامًا كبيرًا لدى الدول العربية؛ وفي مقدمتها مصر.
وأوضح أن هناك 9 دول عربية ستُسهِم بقوة عالميًا في إنتاج الوقود الأنظف وتصديره؛ وهي: مصر والإمارات والسعودية والمغرب وعمان والعراق والجزائر وقطر وموريتانيا.
وأبرز اليماني أن مصر قد وقّعت، خلال قمة المناخ كوب 27 في مدينة شرم الشيخ، عددًا من الاتفاقيات الإطارية ومذكرات التفاهم مع مطورين بقيمة 83 مليار دولار، في قطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر؛ ما يعزز جذب الاستثمارات ويجعل مصر مركزًا دوليًا محوريًا للطاقة الخضراء.
وتحدث رئيس المجلس العربي للطاقة المستدامة، خلال حوار له مع منصة الطاقة، عن واقع الطاقة المتجددة ومستقبلها في المنطقة العربية.. وإلى نصّ الحوار:
ما تقييمكم لوضع الطاقة المتجددة في المنطقة العربية حاليًا؟
نجحت أغلب الدول العربية في رفع حصة مشاركة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة لديها، في إطار خفض تكاليف توليد الكهرباء وعدم التعرض لتقلبات الأسعار التي يشهدها الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى مواجهة التغيرات المناخية وتقليل الانبعاثات الكربونية الصادرة من قطاع الكهرباء.
وارتفع إجمالي الكهرباء المُولّدة عالميًا من الطاقة المتجددة، خلال عام 2021، بنسبة 16.5%، مُسجلة 3 آلاف و657.2 تيراواط في الساعة مقابل 3 آلاف و146.6 تيراواط في الساعة، خلال العام السابق له، وفقًا لبيانات شركة النفط البريطانية بي بي.
وأكثر الدول العربية توليدًا للكهرباء من الطاقة المتجددة، خلال العام الماضي، وفقًا لبيانات المراجعة الإحصائية الصادرة عن شركة النفط البريطانية بي بي، منتصف العام الماضي 2022، تأتي على النحو التالي:
تصدرت مصر قائمة أكثر الدول العربية توليدًا للكهرباء من الطاقة المتجددة خلال عام 2021، بنسبة سنوية وصلت إلى 8.3%؛ حيث سجّلت نحو 10.5 تيراواط/ساعة، مقابل 9.7 تيراواط/ساعة في العام السابق له 2020.
وفي المركز الثاني جاء المغرب، في قائمة أكثر الدول العربية توليدًا للكهرباء من الطاقة المتجددة خلال عام 2021، بنسبة نمو سنوية بلغت 13.6%؛ حيث استطاع زيادة الكهرباء المُنتجة من مصادر الطاقة المتجددة إلى 6.9 تيراواط/ساعة خلال 2021، وذلك بعد تراجع سجلته البلاد في 2020 عند 6.1 تيراواط/ساعة، مقابل 6.3 تيراواط/ساعة خلال عام 2019.
وحلّت الإمارات في المركز الثالث بنسبة نمو على أساس سنوي بلغت 13%؛ حيث رفعت حجم الكهرباء المُولَّدة من الطاقة المتجددة في 2021 إلى 5.2 تيراواط/ساعة، مقابل 4.6 تيراواط/ساعة عام 2020.
وسجّلت السعودية أعلى نسبة نمو سنوية عربيًا في توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة خلال عام 2021، وصلت إلى 301.7%، وفقًا لبيانات شركة النفط البريطانية بي بي.
ومع ذلك، جاءت المملكة في المركز الرابع؛ إذ بلغ إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة 0.8 تيراواط/ساعة عام 2021، مقابل 0.2 تيراواط/ساعة خلال عام 2020.
وتراجع حجم الكهرباء المُولّدة عبر الطاقة المتجددة في الجزائر هامشيًا خلال عام 2021، لينخفض إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة النظيفة بنحو 2.4% على أساس سنوي.
وجاءت الجزائر في المركز الخامس بقائمة أكثر الدول العربية توليدًا للكهرباء عبر الطاقة المتجددة، مُسجّلة 0.67 تيراواط/ساعة خلال 2021، مقابل 0.69 تيراواط/ساعة عام 2020.
وفي المركز السادس، جاء العراق الذي بلغ إجمالي الكهرباء المُنتجة من الطاقة المتجددة خلال العام الماضي لديه نحو 0.4 تيراواط/ساعة، وهو الرقم نفسه المُسجل عام 2020.
وحلّت سلطنة عمان في المركز السابع بارتفاع حجم الكهرباء المُولّدة عبر مصادر الطاقة المتجددة هناك، خلال عام 2021، بزيادة 15.6% على أساس سنوي؛ حيث بلغ إجمالي إنتاجها عبر مصادر نظيفة نحو 0.4 تيراواط/ساعة، مقابل 0.3 تيراواط/ساعة في 2020.
أي أن مصر تتصدر قائمة الدول العربية في توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، يليها المغرب ثم الإمارات ثم السعودية ثم الجزائر ثم العراق ثم سلطنة عمان، وتسعى باقي الدول العربية لرفع حصة مساهمة الطاقة النظيفة في مزيج توليد الكهرباء لديها.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، النسب المُستهدف تحقيقها في إنتاج الطاقة المتجددة في الدول العربية:
ما دور المجلس العربي للطاقة المستدامة في الوقت الحالي؟ وماذا قدم في هذا الملف المهم؟
المجلس يتبع منظمة الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة -منظمة دولية غير حكومية- ويتخذ من مدينة القاهرة مقرًا دائمًا له بموجب اتفاقية مقر مع وزارة الخارجية المصرية، وهو عضو بالمكتب التنفيذي الدائم لملتقى الاتحادات العربية النوعية بجامعة الدول العربية.
ويضم المجلس نخبة من العرب المتخصصين في الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، ونظم العديد من الندوات المتعلقة بالطاقة المتجددة ونظم كفاءة الطاقة.
وشارك في هذه الندوات عدد كبير من الخبراء من مختلف الدول العربية، وذلك بهدف نشر الوعي بالطاقة النظيفة عديمة الانبعاثات وتعزيز التوسع في مشروعاتها ورفع كفاءة الكوادر الفنية.
وشارك أعضاء المجلس بأوراق عمل في بعض المؤتمرات داخل مصر وخارجها، في القاهرة ومسقط وكوسوفو ولبنان ودبي والجزائر.
ويسعى المجلس العربي للطاقة المستدامة إلى فتح قنوات تواصل وتعاون مع المؤسسات المناظرة بالدول الأعضاء وإبرام شراكة وتنسيق بما يحقق المصالح المشتركة.
كما يتلقّى المقترحات من الشركات والمؤسسات والمنظمات الأعضاء بالمجلس.
وينسق المجلس لإقامة المؤتمرات والمعارض بشكل دوري في مختلف الدول الأعضاء بالمجلس، وإعداد البرامج التدريبية المتميزة في المجالات المختلفة للبيئة والطاقة والاقتصاد الأخضر.
ويتولّى المجلس العربي للطاقة المستدامة -أيضًا- متابعة التجارب الناجحة وإتاحتها للشركات والمؤسسات والمنظمات الأعضاء، وكذلك تبادل الخبرات فيما بينها، وإيجاد آلية تعاون بين الشركات الأعضاء ومنظمات المجتمع المدني؛ بما يعزز التوجه نحو الطاقة المستدامة.
وعلى الرغم من تفشي وباء كورونا؛ فقد نظّم المجلس، خلال العامين الماضيين، أكثر من 24 ندوة ودورة تدريبية شارك فيها أكثر من 4 آلاف شخص من مختلف الدول العربية بأوراق بحثية.
كما شارك المجلس في مؤتمرات الطاقة داخل جامعة الدول العربية، وفي بعض الجامعات، وأنشأ مجموعات لتوفير الوظائف في مجال الطاقة المتجددة بمختلف الدول العربية.
هل الدول العربية مؤهّلة للريادة في مجال الهيدروجين الأخضر؟
تُسهِم 9 دول عربية بقوة عالميًا في إنتاج الهيدروجين الأخضر؛ لدوره في خفض الانبعاثات الكربونية المُسبِّبة لظاهرة الاحتباس الحراري.
وهذه الدول تشكّل مستقبل إنتاج الهيدروجين الأخضر في الشرق الأوسط؛ وهي: مصر والإمارات والسعودية والمغرب وعمان والعراق والجزائر وقطر وموريتانيا.
واحتلّت الأمونيا الخضراء والهيدروجين الأخضر المرتبة الأولى بإجمالي 23 مشروعًا؛ بينما تتوسّع 9 مشروعات في إنتاج الهيدروجين الأزرق ومشتقاته مثل الأمونيا الزرقاء.
ويوجد مشروعان لاستخدام الهيدروجين بوصفه وقودًا في المركبات العاملة بخلايا الوقود، ووقّعت مصر -خلال قمة المناخ كوب 27 في مدينة شرم الشيخ- عددًا من الاتفاقيات الإطارية وبروتوكولات التعاون، ومذكرات التفاهم بين صندوق مصر السيادي وعدد من المطورين بقيمة 83 مليار دولار في قطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر؛ ما يعزز جذب الاستثمارات ويضع مصر مركزًا دوليًا محوريًا للطاقة الخضراء.
ما أهم التحديات التي تواجه الدول العربية للتوسع في الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر؟
يرتبط الموضوع بدراسات الأطلس المتاحة والمُشجعة في كل دولة، وتخصيص الأراضي، والتشريعات المُحفزة والتمويل وصنع القرار، وتوفر الخبرات والشراكات، والتصنيع المحلي والبنية التحتية والاستقرار الأمني.
ولا شك في أن توافر الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة وتوافر مصادر المياه العذبة سيعززان مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر.
صرّح وزير الكهرباء المصري -مؤخرًا- بوجود نية لرفع إستراتيجية الطاقة المتجددة إلى 72% بحلول 2035.. هل تعتقد أن الوصول لهذه النسبة ممكن؟
انتهجت الدولة المصرية إستراتيجية شاملة للنهوض بقطاع الطاقة في إطار رؤيتها الطموحة للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة الطاقة وتداولها، وأن تكون منطقة جاذبة للاستثمارات الأجنبية.
واستغلّت مصر لتحقيق هذه الأهداف موقعها الإستراتيجي والثروات الطبيعية التي تتمتع بها وتوافر مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وكذلك الأصول والبنية التحتية التي طُورت على مدار الأعوام الـ8 الماضية ليشهد هذا القطاع المهم طفرة غير مسبوقة على صعيد تأمين الإمدادات والاستدامة والإدارة الرشيدة.
فضلًا عن إنشاء محطات جديدة لتوليد الكهرباء وتنويع مصادر إنتاجها؛ الأمر الذي انعكس على قدرة مصر في التغلب على التحديات الكبيرة التي واجهتها في توفير الطاقة للسوق المحلي خلال مرحلة سابقة.
كما يسهم في دعم عملية التنمية الشاملة في المجالات كافةً، وتمكن قطاع الكهرباء المصري خلال تلك السنوات في تحقيق تقدم هائل في توفير التغذية الكهربائية وبجودة، في ظل اهتمام ومتابعة متواصلة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعمل متواصل على أسس علمية لوزير الكهرباء والطاقة المتجددة الدكتور محمد شاكر، وتعاون وثيق من وزارات البترول والمالية والتعاون الدولي والبنك المركزي والقوات المسلحة والشرطة.
وتسعى مصر للوصول إلى نسبة 60% من الطاقة المتجددة (وليس 42% فقط) وفق إستراتيجية 2035، والوصول وفق المخطط الأخضر إلى 72% من الطاقة المتجددة في عام 2040.
وأعتقد أن الطاقة المتجددة ستطغى على إنتاج الطاقة خلال الأعوام الـ15 أو الـ20 المقبلة، وتؤكد دراسات الأطلس أن مصر يمكن أن تُنتج 90 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وخصصت الحكومة بالفعل مساحات كبيرة من الأراضي لهذا الغرض وأصدرت التشريعات المُحفزة للاستثمار.
هل سعر الكهرباء المُولّدة من الطاقة المتجددة يحقق الجدوى الاقتصادية المطلوبة؟
لا شك في أن تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة انخفضت إلى نحو 2 سنت/دولار للكيلوواط، وهذا دافع ومُحفز للتوسع في المشروعات وتحقيق الجدوى الاقتصادية المطلوبة.
وحتى الآن، لا يزال إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة بصورة متقطعة وغير مستمرة، إلا أنه مع توافر أشعة الشمس ونسبة سرعة الرياح؛ فإن المركزات الشمسية الحرارية مستمرة في الإنتاج ويمكن أن تدعم هذا التوجه، بجانب الهيدروجين الأخضر بالتأكيد.
فمع نضوب الوقود الأحفوري ومواجهة التغيرات المناخية؛ فإن الطاقة المتجددة تمثل الخيار الأفضل حاضرًا ومستقبلًا.
كيف تقيّم الجهود المبذولة لجذب الاستثمارات الأجنبية في هذا المجال؟
بعد إصدار التشريعات ذات الصلة، وتعدد نظم التعاقد، وتوفير الأراضي، وبعد تحقيق نسبة أكثر من 20% من الطاقة المتجددة، أعدت مصر إستراتيجية وطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالتعاون مع البنك الأوروبي؛ لكونه وقود المستقبل الصديق للبيئة.
وتعتزم مصر إضافة طاقة الهيدروجين الأخضر إلى منظومة الطاقة المتكاملة لعام 2035.
ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر -وذلك دون بنية تحتية إضافية- 20 مليار دولار.
وقد نجحت المشروعات الضخمة في مصر في جذب أنظار مستثمري العالم؛ نتيجة لنجاح قطاع الطاقة المصري وتوافر العوامل الإيجابية؛ وعلى رأسها موقع مصر الإستراتيجي وقربها من أسواق الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط، والتي قد تشهد طلبًا كبيرًا على الهيدروجين.
بالإضافة إلى أن مصر لديها البنية التحتية للغاز الطبيعي ومحطات الإسالة العملاقة والمواني البحرية وغيرها.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة المتجددة في تونس تشهد مشروعات جديدة في 2023 (فيديو)
- 5 دول تقود مسيرة الهيدروجين الأخضر في أفريقيا.. أبرزها المغرب ومصر
- مصر تستعين بخبرات بلجيكا في تحديث منظومة الكهرباء والطاقة المتجددة
اقرأ أيضًا..
- معلومات عن أكبر مشروع للطاقة الشمسية وتخزين البطاريات بعد انهياره (إنفوغرافيك)
- أكثر 5 شخصيات اعتبارية تأثيرًا في أسواق الطاقة العالمية خلال 2022 (تقرير)
- أنس الحجي: اتهام أوبك بممارسة الاحتكار أكبر أخطاء الغرب.. وهذه توقعات 2023
- حيلة جديدة لتصدير النفط الروسي وتخزينه بإحدى الدول العربية