التقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء وتخزينه في "الخرسانة".. لأول مرة عالميًا
هبة مصطفى
يبدو أن الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ مقبلة على مرحلة مهمة بالكشف عن تعاون بين شركة أميركية وأخرى كندية، يجري من خلاله التقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في الخرسانة التي تسمح مكوناتها بحبس الانبعاثات داخلها لمئات السنوات.
وقررت شركتا "إيرلوم كاربون تكنولوجيز" الأميركية و"كاربون كور تكنولوجيز" الكندية خوض تجربة هي الأولى من نوعها في هذا الشأن، إذ تؤدي تقنيات تلك التجربة دورًا مزدوجًا بالتقاط الكربون من الهواء من جهة، وحبسه في الصخور الخرسانية، بما يقلل الانبعاثات ويخفض مستويات أسعار الكربون، وفق تقرير نشرته رويترز.
ورغم الطموحات المتفائلة واسعة النطاق المعلّقة على نجاح التعاون بين الشركتين، فإنه لم يخلُ من المخاوف حول انبعاثات الخرسانة ذاتها بصفتها مسؤولة في الأساس عن 8% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
تقنية التعاون
تهدف الشركتان الأميركية والكندية إلى تقديم نموذج لأول تعاون عالمي لمكافحة تغير المناخ عبر التقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في أبرز مواد البناء.
وكان لشركة "إيرلوم" تجربة سابقة في التقاط الكربون من الهواء عبر الصخور، بينما سبق أن احتجزت شركة "كاربون كور تكنولوجيز" الغاز في المواد الخرسانية، بما يشير إلى أن التعاون ودمج الجهود قد يسفر عن نموذج عالمي جديد لخفض الانبعاثات.
ويعتمد التعاون المشترك بين الشركتين على تقنية الالتقاط المباشر للكربون من الغلاف الجوي والهواء، واحتجازه في الخرسانة لمدة تمتد إلى مئات السنوات.
ورغم استعدادات دمج الجهود والتقنيات، فإنه ما زال هناك تحدٍّ كبير يواجه طموحات "عولمة" تجربة التعاون لتوسعة نطاق التقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في الخرسانة بضرورة تحديث البنية التحتية وإدخال مرافق يمكنها تطبيق التقنية، واستيعاب ما يصل إلى مليارات الأطنان سنويًا.
الكربون وانبعاثات الخرسانة
مع التوسع في سعة التقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه على النطاق العالمي، تجني الأسواق الدولية مكاسب بخفض سعر الكربون إلى 100 دولار/الطن، مقارنة بتسجيل الطن 1000 دولار في الآونة الحالية.
ويبدو أن هذا التطور يحمل سلاحًا ذا حدّين؛ إذ إن أكثر مواد البناء شيوعًا في العالم "الخرسانة"، والمكون الرئيس بها "الأسمنت، يسهمان بنحو 8% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.
وقد تُحجّم تقنية شركة "كاربون كور" من انبعاثات الخرسانة والأسمنت، وليس الانبعاثات المنطلقة في الغلاف الجوي فقط، بنسبة 5%، كما أنها طرحت أيضًا إمكان استعمال المياه المستعملة مسبقًا، بما يخفض الانبعاثات لما يتراوح بين 5 و10% إضافية.
ورغم مخاطر إطلاق الخرسانة للانبعاثات، فإنها تعدّ حلًا أمثل -حتى الآن- لخفض الانبعاثات؛ نظرًا لمحدودية المواقع التي يمكن استعمالها لتخزين ثاني أكسيد الكربون بصورة آمنة.
خطوات ذات صلة
لم يكن الاتجاه نحو التقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في الخرسانة وليد اللحظة، إذ سبقته محاولات لتنقية الهواء والغلاف الجوي باستعمال أبرز مكونات البناء.
ونجحت شركة "إيرلوم كاربون تكنولوجيز" الأميركية في التقاط الكربون من الهواء المحيط بمقرّها في سان فرانسيسكو، بكميات تقارب 30 كيلوغرام، ونقلته إلى شركة "سنترال كونكريت" التابعة لشركة "فولكان ماتيريالز"، التي ضخت بدورها الانبعاثات في الخرسانة، يوم الأربعاء الماضي.
وتعادَل كميات الانبعاثات التي امتصّتها الخرسانة انبعاثات عوادم السيارات بمسافة قيادة يصل طولها إلى 120 كيلومترًا.
ويرصد الرسم أدناه -الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- أبرز المعلومات حول مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه عالميًا حتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي:
وتعكف الشركة الأميركية على تعريض الحجر الجيري المسحوق (مسحوق الصخور) للحرارة لتسريع عملية امتصاصه للكربون من الغلاف الجوي، لتتولى شركة "كاربون كور" الكندية المرحلة الثانية بدمج ثاني أكسيد الكربون الممتص داخل الصخور الجيرية مع المكونات المستعمَلة لإنشاء القوالب الخرسانية.
وبتطبيق تلك التقنية، تنخفض الحاجة إلى الاعتماد على الأسمنت ضمن المكونات الخرسانية، وأكثر محتوياتها ضمًا للبصمة الكربونية.
وطورت الشركة الكندية الأمر بصورة أكبر، إذ اختبرت -الأسبوع الجاري- إمكان دمج الكربون في المياه المستعمَلة من قبل في تنظيف الشاحنات، ثم إعادة دمجه مرة أخرى في القوالب الخرسانية.
اقرأ أيضًا..
- تحذير.. تركيب ألواح الطاقة الشمسية في المنازل بهذه الطريقة قد يؤدي إلى الموت
- ناقلات النفط تقود إيرادات قناة السويس لتحقيق مستوى قياسي (إنفوغرافيك)
- مسؤول عراقي للطاقة: سددنا مستحقات الغاز الإيراني.. وهذا موعد استئناف الضخ
- إنتاج الطاقة النووية في فرنسا يسجل أعلى مستوياته منذ عام.. وينقذ أوروبا
- تحلية المياه والإنارة بالطاقة الشمسية.. تفاصيل جديدة لابتكار مصري