أول مفاعل نووي صغير في أميركا يحظى بالموافقة.. يوفر الوقت والتكاليف
محمد عبد السند
مع اقتراب تصنيع أول مفاعل نووي صغير في أميركا؛ تقف الولايات المتحدة على أعتاب حقبة جديدة في مجال الطاقة النووية؛ إذ يُعوَّل على المفاعل الجديد في إسدال الستار على بعض مشكلات المفاعلات الحالية.
وباتت الطاقة النووية فرس الرهان للعديد من البلدان حول العالم، في مسار تحول الطاقة، والوصول إلى الحياد الكربوني، عبر إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وفي هذا الإطار، نشرت هيئة تنظيم الطاقة النووية الأميركية لائحتها الأخيرة في السجل الفيدرالي "الجريدة الرسمية" للولايات المتحدة؛ لتمهّد السبيل بذلك أمام قبول التصميم الخاص بأول مفاعل نووي صغير في أميركا، بحسب ما أعلنه موقع "إنتريستنغ إنجنيرنغ" نقلًا عن بيان صحفي صادر عن مكتب الطاقة النووية.
وتتهيأ الطاقة النووية للعودة بقوة، بينما تتطلع الدول إلى التحول بعيدًا عن الانبعاثات الكربونية الناجمة عن استخدام مصادر الوقود الأحفوري، غير أن الصناعة النووية بالغة الحساسية لم تضع يدها بعد على الطريقة التي تستطيع من خلالها التغلب نهائيًا على مشكلة تقطع الطاقات المتجددة.
مشكلات تقليدية
لا يمكن لمَزارع الرياح أو حتى محطات الطاقة الشمسية أن تُستخدم في توليد الكهرباء بصفة مستمرة، أو حتى ضبط سعتها إبان ارتفاع الطلب.
لكن الطاقة النووية ملائمة تمامًا لمثل هذا الشرط؛ إذ يمكن زيادة إنتاج الطاقة النووية، أو حتى خفضها، بمقتضى الطلب.
ورغم الجدل المُثار حول الطاقة النووية؛ فإن إنتاجها لا تنجم عنه أي انبعاثات كربونية ضارة بالبيئة.
وجعلت التطورات التي أُدخلت على تصميم أول مفاعل نووي صغير في أميركا، محطات الطاقة تبدو أصغر حجمًا، فضلًا عن سرعة وتيرة بنائها.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- تصدُّر أميركا قائمة أكبر 10 دول تملك سعة نووية عالميًا حتى نهاية عام (2021):
أول مفاعل نووي صغير في أميركا
تُبنى محطات الطاقة النووية -تقليديًا- في الموقع المحدد، ويعني نطاقها الضخم أن بناء المشروع من الممكن أن يستغرق ما يصل إلى عقد كامل، بل مدة تزيد على ذلك في بعض الأحيان.
وينتج عن هذا بالطبع ارتفاع مضطرد في التكاليف، فضلًا عن تزايد سهام الانتقادات الموجَّهة صوب مصدر هذه الطاقة التي من الممكن أن تشكل تهديدًا للبشر، حال أُسيء استخدامها.
وتواجه المفاعلات المعيارية الصغيرة المعروفة اختصارًا بـ"إس إم آر" تلك المشكلة، عبر محطات الطاقة النووية، وهي تُصنع باستخدام أجزاء من الممكن إنتاجها في مصنع، ثم شحنها إلى الموقع، حيث تُجمع هناك.
وتعني البصمة الصغيرة للمفاعلات النووية أنها تحتاج إلى مساحة موقع أصغر، وكذلك وقت أقل لبنائها.
ويبنى تصميم المفاعل النووي المعياري، الذي طورته شركة "نوسكيل باور كورب"، ومقرها ولاية أوريغون الأميركية، على غرار مفاعل الماء الخفيف؛ حيث تستطيع كل وحدة طاقة توليد 50 ميغاواط من الكهرباء.
وتُستخدم وحدة الطاقة عمليات طبيعية مثل الحمل الحراري -إحدى طرق انتقال الحرارة- والجاذبية لتبريد المفاعل؛ ما ينهي الحاجة لمياه أو طاقة أو حتى عمالة إضافية.
وكانت هيئة تنظيم الطاقة النووية الأميركية قد وافقت على طلب اعتماد تصميم "نوسكيل باور كورب"، في عام 2018، بينما أنهت الشركة مراجعتها التقنية في عام 2020.
وفي يوليو/تموز (2022)، أقرت الهيئة التصميم، وبموجب التغيير الأخير في القواعد، منحت هيئة تنظيم الطاقة النووية -أيضًا- الضوء الأخضر لأول مفاعل معياري صغير في عموم الولايات المتحدة الأميركية.
وبدءًا من 21 فبراير/شباط 2023، سيكون بمقدور الجهات الراغبة في الحصول على ترخيص بناء منشأة نووية في أميركا، اختيار تصميم مفاعل صغير معياري من شركة "نوسكيل باور كورب"، بحسب ما ذكره البيان الصحفي الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
محطة طاقة جديدة
تستهدف شركة "نوسكيل باور" تشييد محطة طاقة معيارية صغيرة في مختبر أيداهو الوطني.
وتتألف المحطة التي ستُستَخدم في توليد الكهرباء المحايدة كربونيًا، من 6 مفاعلات صغيرة سعة 462 ميغاواط، وستعمل بكامل قدرتها في نهاية العقد الحالي (2030)، بحسب معلومات تثبتت منها منصة الطاقة المتخصصة.
أما عن التسعيرة المستهدفة للكهرباء المولَّدة من المحطة المقترحة؛ فتصل إلى 89 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة، بارتفاع نسبته 53%، مقارنة بالتقدير السابق الذي تبلغ قيمته 58 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة، وفق ما صرحت به "نوسكيل باور".
وعلى الأرجح أن تتسم هذه المفاعلات بقدر أكبر من الأمان، مقارنة بنظيراتها التقليدية الأكبر حجمًا المنتشرة في الوقت الراهن، وفق تصريحات "نوسكيل باور".
وتتوقع الشركة أن تنتج عن المفاعلات المذكورة نفايات شديدة السمية، شأنها في ذلك شأن المحطات النووية التقليدية.
موضوعات متعلقة..
- قطاع الطاقة النووية في أميركا ينتعش بعد الموافقة على مفاعل صغير
- هل تطيل ألمانيا عمر المحطات النووية لتعويض إمدادات الغاز الروسي؟
- "نوسكيل" تحصل على رخصة لتنفيذ مفاعلات صغيرة في أميركا
اقرأ أيضًا..
- الغاز المغربي يتلقى ضربة غير متوقعة على يد شركة بريطانية
- إيرادات صادرات النفط السعودي ترتفع 12% في نوفمبر
- على غرار الجزائر.. الغاز الأفريقي يستعد لدخول شمال أوروبا عبر إيطاليا
- تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر تضع المغرب والإمارات في صدارة الموردين إلى أوروبا