دول الخليج تفجر ثورة الهيدروجين الأخضر.. والمنافسة تشتد بين السعودية والإمارات وعمان
مي مجدي
- الهيدروجين الأخضر مهم للتحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري
- ثورة الهيدروجين الأخضر في دول الخليج تضمن لها الريادة بالأسواق العالمية
- السعودية تضع أسسًا لتصبح أكبر منتج للهيدروجين في العالم
- بناء اقتصاد الهيدروجين يعزز مكانة الإمارات في السوق العالمية
- استثمارات مليارية في عمان لتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر
- الكويت تعمل على تطوير إستراتيجية وطنية للهيدروجين الأخضر
- التكلفة العقبة الرئيسة التي تواجه اعتماد الهيدروجين الأخضر
تمتلك دول الخليج خططًا طموحة لتعزيز اقتصاد الهيدروجين الأخضر، وسط رهان الحكومات والشركات على الوقود النظيف لمحاولة خفض الانبعاثات.
وبدأت هذه الدول بوضع إستراتيجيات وطنية للوقود النظيف، مع تزايد المخاوف المتعلقة باستدامة الإيرادات من الهيدروكربونات.
وخلال السنوات الأخيرة، شهدت هذه الخطط طفرة، حتى إن بعضهم يصفها بأنها "ثورة دول الخليج المقبلة".
وفي ظل التطورات الحاصلة، أشادت الكاتبة أنيلا دوكسو بالمشروعات الضخمة التي تبنّتها دول الخليج، مثل السعودية وعمان والإمارات، في أحدث مقال لها بعنوان "دول الخليج تشعل ثورة الهيدروجين الأخضر" بموقع إنرجي نيوز (Energy News)، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
أهمية الهيدروجين الأخضر
ترى كاتبة المقال أن الهيدروجين الأخضر يمثّل الخطوة المهمة المقبلة في التحول من الوقود الأحفوري إلى الحلول الصديقة للبيئة.
ويعد الهيدروجين الأخضر وقودًا فريدًا خاليًا من الانبعاثات، ويمكن أن تعتمد عليه الصناعات التي يصعب إزالة الكربون منها، مثل الصلب والطيران والشحن.
وأوضحت أن الهيدروجين الأخضر يُنتَج عن طريق التحليل الكهربائي للماء باستعمال الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، إذ تنقسم جزيئات المياه إلى هيدروجين وأكسجين، ويُطلق الاكسجين في الغلاف الجوي ويُخزَّن الهيدروجين بصفته وقودًا.
وقالت، إن وقود الهيدروجين ينتج 33.33 كيلوواط/ساعة/كيلوغرام، بينما ينتج البنزين 12 كيلوواط/ساعة/كيلوغرام، والغاز الطبيعي المضغوط 14.7 كيلوواط/ساعة/كيلوغرام.
ويستطيع كيلوغرام من الهيدروجين تشغيل مركبة تعمل بخلايا الوقود لمسافة 100 إلى 131 كيلومترًا، مقارنة بـ16 كيلومترًا للبنزين.
ومع ذلك، ما يزال الهيدروجين الأخضر غير مهيَّأ للاستعمال، وكان إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات أقلّ من مليون طن في عام 2021، ومعظمه من منشآت الوقود الأحفوري باستعمال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
وقالت كاتبة المقال، إنه رغم التحديات التي تواجه القطاع، تعتزم دول الخليج التوسع وتعزيز الاستثمارات لترسيخ مكانتها في السوق العالمية.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مشروعات إنتاج واستعمال الهيدروجين في الدول العربية حتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول (2022):
الهيدروجين في السعودية
في أكتوبر/تشرين الأول (2021)، أعلن وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، هدفًا بأن تصبح المملكة أكبر منتج للهيدروجين في العالم.
ورغم عدم توافر إستراتيجية رسمية للهيدروجين، فإن سياسة الوقود النظيف في البلاد ترتبط برؤية 2030، التي تعتمد على تنويع الصادرات، والاستفادة من سلاسل التوريد للقطاعات الحالية، وتطوير قطاعات صناعية جديدة.
وسيسمح إنتاج الهيدروجين في السعودية بأن تصبح أقلّ اعتمادًا على النفط بصفته مصدرًا رئيسًا للدخل.
وكشف تقرير لمنظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول أوابك، صدر ف 19 ديسمبر/كانون الأول (2022)، أن السعودية تستهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق بمعدل 2.9 مليون طن سنويًا، بحلول عام 2030.
وتأمل البلاد زيادة حصتها إلى 4 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2035، و11 مليون طن سنويًا من الأمونيا الزرقاء بحلول عام 2030.
وفي سبتمبر/أيلول 2020، تصدّرت شركة أرامكو المشهد، عندما أعلنت نجاح إنتاج وتصدير أول شحنة من الأمونيا الزرقاء (40 طنًا) إلى اليابان.
وسلّط ذلك الضوء على التزام أرامكو بتوفير حلول تقنية فاعلة من حيث التكلفة وخفض الانبعاثات، مثل استخراج الغاز الطبيعي ومعالجته وتحويله إلى هيدروجين وأمونيا،
كما يعدّ الهيدروجين القائم على مصادر الطاقة المتجددة من الركائز الأساسية لمدينة نيوم المستقبلية.
وتتميز مدينة نيوم بمشروع للهيدروجين الأخضر بقيمة 5 مليارات دولار أميركي، وهو مشروع مشترك بين نيوم وأكوا باور السعودية ووشركة إير برودكتس- ومقرّها بنسلفانيا- ومن المتوقع بدء الإنتاج في عام 2026.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت شركة أكوا باور توقيع مذكّرة تفاهم مع بوسكو الكورية في شهر يوليو/تموز 2022، لدراسة الفرص المتاحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، مثل الأمونيا الخضراء، بهدف إزالة الكربون من عمليات توليد الكهرباء وتصنيع الحديد في مجموعة "بوسكو".
وتخطط الشركة لاستثمار مليارات الدولارات بمشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر وجنوب أفريقيا وتايلاند، بحسب ما ذكرته كاتبة المقال.
وفي أحدث التطورات، وقّعت السعودية واليابان اتفاقيات تعاون في الهيدروجين والأمونيا وإعادة تدوير الكربون يوم الأحد 25 ديسمبر/كانون الأول (2022).
وتأمل الدولتان من خلال هذه الشراكة تعزيز سبل البحث والتطوير في تقنيات الهيدروجين والأمونيا، واستعمالها على المستويات المحلية والثنائية والإقليمية والدولية.
الهيدروجين الأخضر في الإمارات
على الجانب الآخر، أعلنت الإمارات في قمة المناخ "كوب 26" أنها تعمل على وضع خريطة وطنية للهيدروجين تعزز مكانتها بصفتها دولة رائدة في القطاع.
ووقّعت شراكة إستراتيجية مع الشركة الأسترالية "جي إتش دي" للاستشارات الهندسية، ومركز الأبحاث الألماني "فراونهوفر"، لوضع الاتجاه العام نحو بناء اقتصاد للهيدروجين في الإمارات.
وتعتزم دولة الإمارات توفير سلاسل قيمة جديدة لتصدير الهيدروجين منخفض الكربون ومشتقاته، فضلًا عن إنتاج الصلب ووقود الطائرات القائم على الوقود النظيف.
وأوضح تقرير لمنظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول أوابك أن الإمارات تخطط للاستحواذ على حصة 25% من السوق العالمية للهيدروجين بحلول عام 2030.
وافتتحت الإمارات أول منشأة للهيدروجين الأخضر في الخليج العربي، خلال عام 2021، كما أعلنت حزمة مشروعات جديدة خلال الربع الثاني والثالث من عام 2022 مع شركات كورية ويابانية.
فقد وقّعت شركة بترولين كيمي الإماراتية، في شهر يونيو/حزيران 2022، اتفاقية مع تحالف مكون من 3 شركات كورية لبناء محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الإمارات، بقدرة إنتاجية تبلغ 200 ألف طن سنويًا من الأمونيا الخضراء.
كما وقّعت شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" مع شركتي "إينوس" و"ميتسوي" اليابانيتين مذكرة تفاهم لإجراء دراسة جدوى حول فرص إنشاء سلسلة توريد للهيدروجين بين الإمارات واليابان، بطاقة إنتاجية تبلغ 200 ألف طن سنويًا.
وبحسب مذكرة التفاهم، سيُقَيَّم إمكان تحويل الهيدروجين الناتج ثانويًا من عمليات التكرير والبتروكيماويات في شركات "أدنوك"، والهيدروجين الأزرق المنتج من الغاز الطبيعي إلى مادة "ميثيل سيكلوهكسان"، بصفته وسيلة فعالة لنقل الهيدروجين وتصديره إلى اليابان.
وستستثمر شركة مصدر المملوكة للدولة 10 مليارات دولار في مشروعات الهيدروجين الأخضر بمصر، وتعمل على تطوير مشروعات الطاقة المتجددة في أذربيجان، إلى جانب دعم شركة ناشئة في شمال إنجلترا متخصصة في الهيدروجين الأخضر.
وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول (2022)، وصلت أول شحنة تجريبية من الأمونيا منخفضة الكربون القائمة على الهيدروجين من الإمارات إلى ألمانيا.
بالإضافة إلى ذلك، تخطط الإمارات لتطوير أول محطة لإنتاج الهيدروجين من النفايات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بإمارة الشارقة.
وستعمل المحطة على تحويل النفايات الخشبية والبلاستيكية إلى خلايا هيدروجين أخضر، بهدف استعماله وقودًا ضمن مركبات مجموعة بيئية.
الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان
أشارت كاتبة المقال إلى أن سلطنة عمان تدرس استثمار نحو 30 مليار دولار في الهيدروجين الأخضر.
وأعلنت البلاد إستراتيجية وطنية للهيدروجين في فبراير/شباط (2020)، وأنشأت العديد من التحالفات واللجان لتنسيق الإستراتيجيات وتطويرها.
ففي أغسطس/آب (2021)، أسست وزارة الطاقة والمعادن تحالفًا وطنيًا للهيدروجين، المعروف بـ"هاي فلاي"؛ لإرساء مكانتها على خريطة تطوير إنتاج الهيدروجين النظيف.
كما دشّنت أقسامًا للهيدروجين في العديد من من الوزارات، وأسست شركة مملوكة للدولة باسم "هيدروجين ديفلوبمنت عمان".
وأشار التقرير الأخير لمنظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول أوابك -والذي أعده الخبير المهندس وائل حامد عبدالمعطي- إلى أن سلطنة عمان تستهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر بمعدل 1 إلى 1.25 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، وزيادة الطاقة إلى 3.25 و3.75 مليون طن سنويًا بحلول 2040، وسط خطط للوصول إلى حصة 8.5 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050.
وفي شهر يونيو/حزيران 2022، وقّعت مجموعة "أوكيو" العمانية اتفاقية للتطوير المشترك مع شركة "أكوا باور" السعودية، وآير برودكتس الأميركية، لتنفيذ مشروع ضخم لإنتاج الهيدروجين في محافظة "ظفار"، بغرض تطوير مصادر الطاقة البديلة والتكامل المبتكر للطاقة المتجددة من الطاقة الشمسية والرياح في سلطنة عمان.
الهيدروجين الأخضر في الكويت
لم تتبنَّ الكويت بعد إستراتيجية وطنية للهيدروجين، لكن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي قدّمت مسودة أولية في يناير/كانون الثاني (2021).
وتقترح المسودة تعزيز تقنيات احتجاز الكربون والطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق.
كما تدعو البلاد إلى الاستعمال المحلي للهيدروجين، وتكثيف التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى في القطاع.
ورغم أن المسودة تركّز على الهيدروجين الأزرق، فإن الهيدروجين الأخضر يعدّ أكثر الحلول العملية في البلاد، خاصة أن الكويت مستورد صافٍ للغاز الطبيعي.
واحتلّت الكويت المرتبة الأخيرة على قائمة مجلة ميد لمشروعات الهيدروجين الأخضر بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويرجع ذلك إلى أن قيمة مشروعات الهيدروجين الأخضر في الكويت بلغت 15 مليون دولار فقط، ومع ذلك، تعمل البلاد على تطوير إستراتيجية وطنية للهيدروجين في أسرع وقت.
الهيدروجين الأخضر في قطر
في الوقت نفسه، تعتزم دولة قطر تطوير العديد من مشروعات الهيدروجين الأخضر؛ لضمان مكانة في السوق العالمية.
وأظهر التقرير الأخير لمنظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول أوابك أن شركة "قطر للطاقة للحلول المتجددة" وشركة "قطر للأسمدة الكيماوية (قافكو)"، التابعتين لشركة "قطر للطاقة"، وقّعتا اتفاقيات خلال شهر أغسطس/آب 2022 لتطوير منشأة لتصنيع الأمونيا الزرقاء، بطاقة إنتاج تبلغ 1.2 مليون طن سنويًا، في مدينة مسيعيد الصناعية.
وسيدخل المشروع طور الإنتاج في الربع الأول من عام 2026، إذ يعدّ المشروع أكبر منشأة لتصنيع الأمونيا الزرقاء في العالم من حيث الطاقة الإنتاجية.
تحديات تواجه القطاع
قالت كاتبة المقال، إن الهيدروجين الأخضر بصفته وقودًا ومصدرًا للطاقة يواجه العديد من العقبات والتحديات.
وتعدّ التكلفة العقبة الرئيسة أمام اعتماد الهيدروجين الأخضر، إذ تتجاوز تكلفته تكلفة الهيدروجين المنتج من الوقود الأحفوري، لذا من الصعب تطبيقه في القطاع الصناعي.
وعلى الرغم من استعمال كميات ضخمة من الهيدروجين، فإن العديد من شركات الصلب والكيماويات تتردد في التحول إلى الهيدروجين الأخضر.
وأضافت أن المنافسة تشتد بين الوقود الأخضر والوقود الرمادي الأرخص، عندما يتعلق الأمر بالأعمال التجارية القائمة على كثافة رأس المال، مع هوامش ربح منخفضة.
وأوضحت أن الهيدروجين الرمادي الذي يُستخرج من الغاز الطبيعي عن طريق فصل الهيدروجين عن الكربون عبر عملية إصلاح الميثان بالبخار تصل تكلفته إلى 3.30 دولارًا للكيلوغرام، في حين تراوحت تكلفة الهيدروجين الأخضر بين 3.80 و5.80 دولارًا للكيلوغرام، قبل الحرب في أوكرانيا.
وترى أنه من الضروري خفض تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر إلى دولارين للكيلوغرام، بحلول عام 2030.
كما أشارت كاتبة المقال إلى عدم توافر البنية التحتية لوقود الهيدروجين الأخضر أو محطات الوقود والتخزين والمركبات، وكلها تتطلب استثمارات ضخمة.
وتُقدّر لجنة انتقالات الطاقة "إي تي سي" أن إزالة الكربون من مصادر الطاقة والصناعات الأخرى التي تستعمل الهيدروجين تتطلب استثمارات بنحو 15 تريليون دولار بحلول عام 2050، وستبلغ ذروتها عند 800 مليار دولار سنويًا بنهاية عقد 2030.
ووفقًا للجنة، سيتطلب إنتاج الهيدروجين الأخضر نحو 30 ألف تيراواط/ساعة من الكهرباء الخالية من الكربون بحلول عام 2050، بالإضافة إلى 90 ألف تيراواط/ساعة لازمة لإزالة الكربون.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أنواع الهيدروجين حسب طريقة الإنتاج:
موضوعات متعلقة..
- السعودية تخطط لصدارة توريد الهيدروجين المتجدد ومنخفض الكربون عالميًا (تقرير)
- تطوير إستراتيجية الهيدروجين في الإمارات بالتعاون مع مؤسستين دوليتين
- سلطنة عمان تعلن في كوب 27 تطورات مبشرة بمشروعات الهيدروجين الأخضر
اقرأ أيضًا..
- الغاز الجزائري يتدفق إلى أسواق جديدة في 2023.. وأوروبا أولوية (خاص)
- أولى محاولات إعادة ملء مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي تفشل.. وهذا هو السبب
- طفرة عربية في صفقات النفط والغاز البحرية خلال 2022.. والصدارة لـ3 شركات خليجية (تقرير)