لدفع ثمن الغاز الروسي.. بوتين يقدم عرضًا جديدًا إلى الدول "غير الصديقة"
محمد عبد السند
يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تحصيل مدفوعات الغاز الروسي المتأخرة لدى العملاء الأوروبيين من الدول التي يعدها غير صديقة لبلاده من خلال مقترح جديد.
وأتاحت روسيا للدول "غير الصديقة" الفرصة لسداد مدفوعات الديون المستحقة عليها عن إمدادات الغاز بعملة أجنبية، وفقًا لتغييرات أدخلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مرسوم سابق، نشرها موقع إذاعة "راديو فري يوروب" الأوروبية.
وتنص الوثيقة -التي نُشرت الجمعة 30 ديسمبر/كانون الأول (2022) على الموقع الرسمي للحكومة واشتملت على معلومات قانونية- على أن مزودي الغاز الروسي بوسعهم القيام بتسويات مع المشترين من الدول "غير الصديقة" بالعملة الأجنبية المحددة في العقد.
وسيُعد الدَّين المستحق على إمدادات الغاز مدفوعًا عقب إيداع الأموال من قبل المشترين الأجانب في بنك معتمد، ثم فتح حساب مصرفي به بغرض تلقي أموال المدفوعات، بحسب معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
مرسوم الغاز
في مارس/آذار (2022)، وقّع بوتين مرسومًا بشأن مدفوعات الغاز الروسي من شأنه أن يُلزم العملاء الأوروبيين "غير الأصدقاء" بفتح حسابات بعملة الروبل الروسي لدى مصرف "غازبروم بنك" الروسي، والدفع بها إذا ما أرادوا الاستمرار في الحصول على الشحنات.
ويتعلّق هذا المرسوم -فقط- بتسليمات الغاز الآتية من "غازبروم،" عملاقة الطاقة الروسية الحكومية، وفق المعلومات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وبناء على هذا المرسوم، قطعت موسكو إمدادات الغاز عن بعض الشركات والدول، مثل بولندا وفنلندا، التي رفضت الامتثال لشروط الاتفاقية التي يُنظر إليها على أنها وسيلة لتحفيز الطلب على الروبل.
ويعني مرسوم الرئيس الروسي أن مشتري الغاز من موسكو في أوروبا كان عليهم شراء الروبل في السوق الروسية، للتمكن من سداد مدفوعات إمدادات الغاز.
ويُشار هنا إلى أن دول الاتحاد الأوروبي كافّة مدرجة في فئة الدول "غير الصديقة" التي حددها الرئيس فلاديمير بوتين.
ودافع بوتين عن سياسته تلك، قائلًا إن الدول الغربية قد "قوّضت الثقة في عملاتها" عبر فرض عقوبات على موسكو بسبب حربها في أوكرانيا.
وفي مقابل ذلك لا يعني إعلان بوتين السماح بتسوية ديون شحنات صادرات الغاز الروسي من قبل "الدول غير الصديقة" بصورة تلقائية استئنافًا لإمدادات الغاز.
وسبق أن أصدر بوتين أوامره إلى البنك المركزي والحكومة في روسيا باستحداث "نظام معاملات لشراء الروبل في السوق المحلية الروسية من قبل مشتري الغاز".
عودة الصادرات إلى أوروبا
قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك إن بلاده مستعدة لاستئناف توصيل إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خط أنابيب يامال-أوروبا، موضحًا أن السوق الأوروبية ما تزال تعاني عجز الغاز، في حين أن موسكو تملك جميع الإمكانات لاستعادة الإمدادات.
واستشهد نوفاك، على سبيل المثال، بخط أنابيب يامال-أوروبا، الذي ما يزال غير مستخدم، بعد وقفه لأسباب سياسية، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وينساب الغاز عبر خط أنابيب "يامال-أوروبا" غربًا، وهو ما تغيّر منذ ديسمبر/كانون الأول (2021)، حينما أحجمت بولندا عن شراء الغاز من موسكو لصالح الاعتماد على الغاز المخزن في ألمانيا.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -من إنتاج منصة الطاقة المتخصصة- الدول التي تتلقى الغاز الروسي من خلال خط يامال-أوروبا:
وكانت وارسو قد أنهت اتفاقها مع موسكو، في مايو/أيار (2022)، بعد أن رفضت الأولى مطالب موسكو بدفع مستحقات الغاز الروسي بالروبل، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
في مقابل ذلك لم يتأخر رد شركة غازبروم الروسية على وارسو، إذ قطعت الإمدادات، مبررة الخطوة بأنها لن تتمكن من تصدير الغاز من روسيا عبر بولندا بعد أن عاقبت موسكو الشركة التي تمتلك القسم البولندي من خط أنابيب يامال-أوروبا.
خطط لتعزيز صادرات الغاز الروسي عبر تركيا
تعكف السلطات الروسية -الآن- على إجراء سلسلة من المفاوضات بشأن زيادة إمدادات الغاز الروسي المتدفق إلى أوروبا عبر تركيا بعد إنشاء مركز للغاز، يعوّل عليه في تعزيز الإمدادات والصادرات إلى بلدان القارة العجوز.
وفي هذا الصدد قال نوفاك: "حاليًا تتيح روسيا الغاز عبر خط أنابيب ترك ستريم، الذي يعمل حاليًا بكامل طاقته، في حين يوفر المسار الأوكراني 42 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، أو ما يعادل نحو ثلث حجم النقل المنصوص عليه في العقد".
وأضاف: "نبحث الآن سبل تعزيز حجم إمدادات الغاز عبر تركيا بعد إنشاء مركز للغاز هناك. وتتعاون موسكو مع الدول التي ستشارك في هذا المشروع، وأيضًا مع المستهلكين الذين لا يستغنون ولو ليوم عن غازنا".
تراجع إنتاج الغاز الروسي في 2022
على الأرجح لن يهبط إنتاج الغاز الروسي وصادراته في 2022 بسبب إغلاق البنية التحتية للتصدير، بحسب توقعات نائب رئيس الوزراء الروسي.
وكانت صادرات روسيا من الغاز الطبيعي إلى القارة العجوز عبر عدد من خطوط الغاز الرئيسة وفي مقدمتها نورد ستريم 1 ويامال، قد توقفت وسط تصاعد التوترات في أعقاب غزو أوكرانيا.
وفي هذا الشأن أوضح نوفاك: "سيقل إنتاج الغاز الروسي بحلول نهاية العام بنسبة 12% عن العام الماضي (2021) وستنخفض الصادرات بنحو الربع، ويُعزى ذلك في المقام الأول إلى إغلاق البنية التحتية للتصدي"، حسبما ذكرت وكالة تاس الروسية، ورصدته منصة الطاقة المتخصصة.
موضوعات متعلقة..
- موسكو تبدي استعداداتها لإعادة إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خط يامال
- مولدوفا تقترب من إنهاء اعتمادها على الغاز الروسي
- بوتين يعتزم زيادة صادرات الغاز الروسي إلى الصين.. ويكشف عن آلية جديدة للأسعار الأوروبية
اقرأ أيضًا..
- خريطة طريق الهيدروجين الأخضر تعزز مكانة المغرب في الأسواق العالمية (تقرير)
- أسعار الوقود في قطر لشهر يناير 2023.. لا أعباء جديدة
- حصاد وحدة أبحاث الطاقة لعام 2022.. أسواق الطاقة في 365 يومًا