الطائرات الهيدروجينية أم الكهربائية.. أيهما أفضل لتجنب انبعاثات الصناعة؟
ونماذج تجريبية منها برنامج "زيرو" من "إيرباص"
هبة مصطفى
مع مواكبة قطاع النقل لحالة التطور الهادفة للتخلص من الانبعاثات، تتجه الأنظار إلى كل من الطائرات الهيدروجينية والكهربائية بصفتها أحد مسارات النقل النظيف صديق البيئة.
ورغم المكاسب البيئية من وراء نشر استعمال الطائرات عديمة الانبعاثات، سواء العاملة بخلايا وقود الهيدروجين أو تلك الكهربائية بالكامل أو الهجينة، فإن هناك تحديات تواجه بعض تلك الأنواع ترجّح كفة بعضها دون الآخر، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ويعني تعزيز انتشار أيّ من أنواع الطائرات النظيفة (الطائرات الهيدروجينية أو الكهربائية) تجنّب انبعاثات الكربون العالمية لنحو 2.5% تُسهم بها صناعة الطيران وحدها، بحسب موقع سيمبل فلاينغ (Simple Flying).
الخيار الأفضل
مع الاتفاق على أن إدخال الطائرات النظيفة بكثافة تدريجية في صناعة الطيران لتجنّب الانبعاثات الهائلة للقطاع، يتبادر إلى الأذهان تساؤل حول الوسيلة الأمثل لتسيير تلك الطائرات، سواء بوقود نظيف أو بمزج وقود محركاتها "ما يُطلق عليه طائرات هجينة" أو تلك العاملة بالبطاريات "طائرات كهربائية بالكامل".
وبرزت الطائرات الهيدروجينية أفضل الخيارات مستقبلًا، بالنظر إلى أن تقنيات الوقود النظيف تؤدي دورًا مهمًا وسهلًا في تسيير الطائرات بدلًا من انبعاثات تلك العاملة بالوقود، أو تحديات الطائرات الكهربائية العاملة بالبطاريات.
وبالمقارنة بين تسيير الطائرات الهجينة أو بالبطارية الكهربائية، نجد أن الناتج الكهربائي لوحداتها ضعيف، بالرغم من كفاءة محركات كل منهما التي تتفوق على محركات التوربينات العاملة بالغاز.
ويبدو خيار اعتماد الطائرات العاملة بالبطاريات أكثر صعوبة في التطبيق، بالنظر إلى أن معدل كثافة طاقتها أقلّ من كثافة طاقة الطائرات العاملة بالوقود بنحو 70 ضعف.
ولم تكن كثافة الطاقة المعيار الوحيد الذي يقلّل من جدوى الطائرات الكهربائية، إذ إن أداء البطارية يعدّ أيضًا معيارًا لاختبارها بصفتها مصدرًا لتزويد الطائرة بالإمدادات اللازمة.
ميزات الطائرات الهيدروجينية
تفوق كثافة طاقة الطائرات الهيدروجينية كثافة طاقة الطائرات التقليدية العاملة بالوقود بنحو 3 أضعاف، ما يؤهل وقود الهيدروجين لتزويد الطائرات قصيرة ومتوسطة المدى بإمدادات نظيفة خاصة، إذا ما أُنتِجَ اعتمادًا على مصادر طاقة متجددة.
وتكتسب الطائرات العاملة بوقود الهيدروجين ميزة إضافية من حيث التكلفة، إذ إنها تتطلب -فقط- إضافة تعديلات على محركات توربين الغاز بالطائرات التقليدية بما يسمح بحرق الهيدروجين السائل، أو اللجوء إلى خيار الحصول على الكهرباء عبر تفاعلات خلايا وقود الهيدروجين.
ويكشف الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم الانبعاثات الكربونية الصادرة عن قطاع الطيران، بحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة:
وتُتيح تلك التفاعلات توافر إمدادات كهرباء بصورة متواصلة، إذ إن توافر الوقود والأوكسجين يعزز عملية توليد الكهرباء المستمرة في خلايا وقود الهيدروجين، وهو ما يميزها عن السيارات العاملة بمحركات الاحتراق أو السيارات الكهربائية المعتمدة على البطارية.
وتوفر تقنية عمل خلايا الوقود بالهيدروجين ضمانات بيئية لتجنّبها الانبعاثات الكربونية والأكاسيد النيتروجينية، ما يضمن نظافة الطائرات الهيدروجينية بصفتها إحدى وسائل النقل صديقة البيئة.
نماذج تجريبية
منحت ميزات الطائرات الهيدروجينية للشركات المعنية بالطيران النظيف فرصة مثالية لاختبار تقنياتها من حيث التطبيق ومرونة التنفيذ.
وتبنّت شركة "إيرباص" -خلال العام الجاري (2022)- برنامجًا حمل اسم "زيرو"، يركّز على تطوير الاستعمالات التجارية للطائرات الخالية من الانبعاثات بحلول عام 2035، باختبار عدد من تقنيات الهيدروجين.
ووقع اختيار إيرباص على طرازها "إيه 380" الأكبر بالعالم للاختبار بالبرنامج، إذ إن إمكانات الطراز تؤهلها لاستيعاب محرك توربينات الغاز وتطويره للعمل بالهيدروجين عبر مدّ خطوط داخلية لتغذية المحرك بالهيدروجين السائل المخزن.
وتهدف إير باص من خلال برنامج "زيرو" إلى تشغيل طائرة تتسع لـ100 راكب لمدى يصل إلى 1850 كيلومترًا، وتزويدها بالكهرباء النظيفة عبر تقنيات خلايا وقود الهيدروجين.
وقبل عامين ونصف، في يوليو/تموز عام 2020، تعاونت جامعة ديلفت للتقنيات في هولندا مع الخطوط الجوية الوطنية "كيه إل إم" لتطوير طائرة من طراز "فلاينغ في" باستعمال تقنيات الهيدروجين أيضًا.
ووفق الخطط، تتسع الطائرة الهيدروجينية المعلَن تطويرها حينها لنقل 300 راكب، وتعمل سواء بمحرك توربيني معدّل من العمل بالغاز إلى العمل بالهيدروجين، أو بخلايا وقود الهيدروجين التي تولّد الكهرباء عبر حرق الهيدروجين السائل المُخزّن مسبقًا.
بيانات إياتا
بخلاف الطائرات الهيدروجينية بالكامل، تستعمل ما يقرب من 30 شركة ومطارًا تقنيات الوقود النظيف في قطاع الطيران، بحسب بيانات الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا".
ووفق البيانات، فإن 15 مطارًا يُجري تجارب واختبارات لاستعمال الهيدروجين في العمليات التشغيلية للقطاع دون تزويد الطائرات به، بينما جذب الوقود النظيف اهتمام 15 شركة بالمجال.
ومع تصاعد وتيرة الطلب على السفر، تُشير التوقعات إلى نمو صناعة الطيران التي تُسهم بنحو 2.5 إلى 3% من حجم الانبعاثات العالمية، ما يعزز ضرورة بدء تفعيل التقنيات النظيفة، ومن ضمنها اختبار تسيير الطائرات الهيدروجينية.
وبحسب إياتا، فإن المرحلة الأولى لتطوير صناعة النقل الجوي تشير إلى أن الطائرات الصغيرة التي تتسع إلى ما بين 19 و20 راكبًا ستتوسع في استعمال الهيدروجين بحلول عام 2030، مع انخفاض تكلفته.
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: مشروع الغاز النيجيري إلى المغرب أو الجزائر لن يكتمل
- أفضل 5 تقنيات لتخزين الكهرباء بأسعار في متناول اليد
- هل أسعار النفط الخام تحت 80 دولارًا تُرضي السعودية ودول أوبك؟ أنس الحجي يجيب