السعودية والكويت تقودان انتعاش قطاع تكرير النفط بالشرق الأوسط في 2023
دينا قدري
من المتوقع أن يعاود قطاع تكرير النفط نشاطه في عام 2023، بقيادة منطقة الشرق الأوسط، بعد تراجع ملحوظ على مدار العامين الماضيين.
إذ سيؤدي تشغيل المصافي في الشرق الأوسط لزيادة تدفقات النفط الخام إلى 9.3 مليون برميل يوميًا في العام المقبل (2023)، وفق تقديرات مؤسسة "ستاندرد آند بورز غلوبال"، التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
كما سيرتفع إجمالي الصادرات من المنتجات النفطية الرئيسة -بما في ذلك البنزين وزيت الغاز ووقود الطائرات وزيت الوقود- إلى 3.37 مليون برميل يوميًا في مطلع عام 2023.
وقال محلل النفط في "إس آند بي غلوبال"، رسول باروني: "من المتوقع حدوث تغييرات في تدفقات تجارة النفط الخام والمنتجات النفطية في عام 2023، مع بدء تشغيل المصافي الجديدة، بما في ذلك المصافي الضخمة في الشرق الأوسط وآسيا".
وأضاف أن "العقوبات المفروضة على صادرات المنتجات النفطية الروسية وحصص تصدير المنتجات الصينية ستؤثّر في تدفقات التجارة العالمية العام المقبل".
مصافي تكرير النفط في الشرق الأوسط
بدأت المرحلة الأولى من مصفاة الزور بقدرة 615 ألف برميل يوميًا في الكويت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وصدّرت أول نافثا وزيت وقود منخفض الكبريت ووقود طائرات في النصف الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني.
وأشار محلل النفط رسول باروني إلى أن بدء تشغيل الوحدة الأولى ستتبعه الوحدتان الثانية والثالثة لتصل إلى طاقتها الكاملة العام المقبل (2023).
ويشمل تشغيل المصافي الأخرى في الشرق الأوسط مصفاة جازان بقدرة 400 ألف برميل يوميًا في المملكة العربية السعودية، ومصفاة كربلاء بقدرة 140 ألف برميل يوميًا في العراق، ومصفاة الدقم بقدرة 230 ألف برميل يوميًا في سلطنة عمان.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز مشروعات مصافي التكرير المخططة في آسيا والشرق الأوسط خلال عامي 2022 و2023:
وبمجرد بدء تشغيل وحدة التكسير المائي الذي طال انتظاره، ستملأ مصفاة جازان السعودية -التي بدأت العمل تدريجيًا منذ أواخر عام 2021- الفراغ في أوروبا الذي خلّفته صادرات الديزل الروسية.
ويرى محللون أن الديزل الروسي من المرجح أن يتوجه إلى الشرق الأوسط، إذ سيُمزج بالمواد الإقليمية قبل إعادة شحنه إلى أوروبا.
وقال كبير محللي النفط في وكالة رفينيتيف، إحسان الحق: "مع ذلك، قد يكون لذلك تأثير بأسعار الديزل في الشرق الأوسط وآسيا".
وأوضح أنه جُدِّدَ مخزون الديزل الأوروبي في الأشهر الأخيرة، لكن العقوبات ضد روسيا قد تتسبب في شح الإمدادات بسوق نواتج التقطير في حوض الأطلسي مرة أخرى على الأقلّ لمدّة قصيرة من الزمن.
انخفاض سعة تكرير النفط العالمية
كانت قدرة تكرير النفط العالمية قد انخفضت لأول مرة في عام 2020، ثم استمر التراجع في العام الماضي (2021)، وفق تقرير أصدره منتدى الطاقة الدولي بالتعاون مع مؤسسة "ستاندرد آند بورز غلوبال".
وتراجعت طاقة تكرير النفط بمقدار 3.8 مليون برميل يوميًا منذ مارس/آذار 2020، وحتى نهاية عام 2021؛ ما أدى إلى تفاقم أزمة الإمدادات وتقلبات الأسعار على نطاق واسع.
وفي غضون المدة نفسها، شهد الطلب العالمي على النفط نموًا بنحو 5.6 مليون برميل يوميًا، وهو ما تسبَّب في زيادة الضغوط على قدرة التكرير لتعمل عند مستويات مرتفعة من أجل مواكبة الطلب.
ومن المقرر إضافة مليوني برميل يوميًا إلى صافي سعة تكرير النفط عالميًا بحلول نهاية عام 2023، لتكون أعلى بنحو 1.5 مليون برميل يوميًا، مقارنةً بمستويات عام 2019.
ومن المرجح أن يستمر نقص الإمدادات في أسواق المنتجات النفطية حتى حلول منتصف العقد الجاري (2025)؛ نظرًا لأن تعزيز سعة تكرير النفط يحتاج إلى استثمارات ضخمة ومُدد زمنية طويلة.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إنتاج مصافي التكرير حول العالم، منذ عام 2019 حتى عام 2023:
عوامل تراجع سعة التكرير العالمية
تركزت عدّة عوامل وراء انخفاض سعة تكرير النفط العالمية خلال العامين الماضيين، وجاءت في مقدمتها جائحة فيروس كورونا وتداعياتها على هوامش التكرير وإغلاق المصافي.
كما تحوّلت بعض مصافي التكرير حول العالم إلى إنتاج الوقود الحيوي بدلًا من المنتجات النفطية، في ظل جهود خفض الانبعاثات ومكافحة تغير المناخ.
وبالإضافة إلى ذلك، تراجعت الاستثمارات العالمية في قطاع التكرير، مع توقعات تباطؤ الطلب على الوقود خلال السنوات المقبلة، خاصةً مع تزايد الاتجاه العالمي نحو الوقود الأخضر.
ثم جاءت الحرب الروسية في أوكرانيا لتزيد من العقبات أمام قطاع تكرير النفط؛ إذ أدّت إلى تفاقم أزمة الإمدادات، كما أحدثت اضطرابات بتجارة الوقود العالمية، في ظل صعوبة تصدير المنتجات النفطية الروسية أو إيجاد مشترين بسبب العقوبات الغربية على موسكو.
ورغم أن الصين لديها طاقة تكرير غير مستغلة، من غير المرجح أن تساعد هذه القدرة في دعم الأسواق العالمية؛ إذ تعمل مصافي التكرير الصينية بمعدل 75% من سعتها، مقارنةً بالمعدل التاريخي البالغ 80%.
كما أن الحرب الروسية أدّت إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي لمستويات قياسية، ما يزيد من تكاليف تشغيل المصافي التي تستعمل الغاز في عمليات التسخين اللازمة للتقطير والعمليات الكيميائية، فضلًا عن إنتاج الهيدروجين المستعمَل في إزالة الكبريت من النفط.
موضوعات متعلقة..
- صناعة تكرير النفط بين التحديات العالمية والتوقعات المحبطة (تقرير)
- 9 مشروعات لتكرير النفط في آسيا والشرق الأوسط تعزز السعة العالمية (تقرير)
- سعة تكرير النفط وأزمة الوقود بعد كورونا وحرب أوكرانيا.. الرابحون والخاسرون
اقرأ أيضًا..
- هل أسعار النفط الخام تحت 80 دولارًا تُرضي السعودية ودول أوبك؟ أنس الحجي يجيب
- أوابك: انخفاض كبير في صادرات الجزائر من الغاز المسال.. وهذا هو السبب
- أوابك تكشف بالأرقام موقف العرب من سباق الهيدروجين.. مصر في المقدمة وهذا موقع المغرب
- الإمارات تزود السيارات اليابانية بألمنيوم مصنوع من الطاقة الشمسية