صادرات الفحم الروسي تعاود الانتعاش بعد تخفيف القيود الأوروبية
محمد عبد السند
عادت صادرات الفحم الروسي المحمولة بحرًا إلى الانتعاش مجددًا بعد تخفيف الاتحاد الأوروبي القيود المفروضة على نقل السلع، في خطوة من شأنها أن تسمح بوصول هذه السلعة الحيوية إلى بلدان أخرى خارج القارة العجوز.
وتقترب صادرات الفحم القادمة من روسيا -التي يواجه نفطها عقوبات أوروبية حاليًا- من أعلى مستوياتها على الإطلاق، إذ أسهم تخفيف القيود المفروضة من جانب الاتحاد الأوروبي في تسهيل إعادة توجيه الشحنات إلى دول آسيا، وفق ما نشرت وكالة بلومبرغ.
وسجلت صادرات الفحم الروسي نحو 16.6 مليون طن، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي (2022)، بانخفاض طفيف عن صادرات شهر يونيو/حزيران (2022)، التي كانت الأعلى خلال 5 سنوات، بحسب بيانات صادرة عن شركة "كبلر" لتحليل بيانات الطاقة، رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
نقل صادرات الفحم الروسي
يرتكز التحليل، الذي أجرته شركة "كبلر"، على بيانات تتعلق بالفحم المستخدم لأغراض الطهي والتدفئة، القادمة من المواني، جنبًا إلى جنب مع تلك التي تم الحصول عليها من وسطاء وشبكة التحليلات الخاصة بالشركة.
واستبعد التحليل صادرات الفحم الروسي المنقولة عبر السكك الحديدية، لا سيما أن الصادرات شهدت هبوطًا طفيفًا تزامن مع التقلبات الموسمية الطبيعية، وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض حظرًا على الفحم الروسي وسلعًا أخرى، بداية من 10 أغسطس/آب 2022، قبل أن توصي المفوضية الأوروبية في سبتمبر/أيلول الماضي باستئناف تقديم خدمات الشحن والتمويل والتأمين اللازمة لنقل الفحم ومنتجات أخرى لبلدان خارج الاتحاد الأوروبي، لحل أزمتي الغذاء والطاقة العالميتين.
روسيا بين الـ3 الكبار
تُصنّف روسيا من بين أكبر 3 دول مصدرة للفحم في العالم، على الرغم من أن هذا الوقود لا يمثّل سوى نسبة ضئيلة من الاقتصاد الروسي، وفق المعلومات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال المحلل في "كبلر"، فيكتور كاتونا: "تغيّرت الوجهات التي تتجه إليها صادرات الفحم الروسي منذ بداية العام، وتُعَد تركيا من الأسواق الرئيسة التي تستقبل هذه الشحنات القادمة من موسكو، وهو ما ينطبق -أيضًا- على الصين".
وعلى الرغم من تراجع مبيعات الفحم الروسي بعد بدء سريان القيود التي فرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو، ما زال بإمكان الشركات الأوروبية شحن الفحم الذي تنتجه روسيا إلى دول أخرى خارج الاتحاد الأوروبي.
وشهدت مبيعات الفحم الروسي طفرة في أعقاب غزو أوكرانيا في 24 فبراير/شباط (2022)، إذ أعادت روسيا توجيه بعض من صادراتها الأوروبية إلى دول أخرى خارج القارة العجوز، لكنها تواجه تكاليف شحن مرتفعة نتيجة بيع الفحم لبلدان بعيدة عنها جغرافيًا.
زيادة استهلاك الفحم
في غضون ذلك، شهد استهلاك الفحم عالميًا زيادة كبيرة، مع اندلاع شرارة الحرب الأوكرانية، إذ تبحث دول العالم عن بدائل رخيصة التكلفة لأسعار الغاز الطبيعي المتذبذبة.
وقال المحلل في منظمة الشحن الدولية فيليب جوفيا، إن التوضيح الذي أصدره الاتحاد الأوروبي بشأن عقوباته على صادرات الفحم الروسي قد هدّأ من روع شركات التشغيل، بشأن ما إذا كان بمقدورها نقل الفحم القادم من موسكو أم لا.
يُشار إلى أن معدل الطلب العالمي على الفحم ارتفع من 5.220 مليار طن متري في عام 2010، إلى 5.444 مليار طن في عام 2021، بفضل اعتماد قطاع الكهرباء على التوليد من محطات الفحم، إذ شهد العام الماضي مستوى قياسيًا بلغ 10 آلاف و350 تيراواط/ساعة.
ويأتي ارتفاع الطلب العالمي على الفحم في وقت تتصاعد فيه الأصوات المطالبة بتقليص استهلاك الوقود الأحفوري، تماشيًا مع أهداف الأمم المتحدة للتغيرات المناخية والوصول إلى الحياد الكربوني.
وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة تراجع الاستهلاك العالمي للفحم بواقع 10% خلال العقد الحالي (2021 - 2030)، ليصل إلى 5.149 مليار طن بحلول نهاية العقد، قبل هبوطه إلى 3.828 مليار طن في عام 2050.
الطلب في الاقتصادات المتقدمة
تتزامن توقعات الوكالة الدولية للطاقة مع أخرى مماثلة تشير إلى هبوط الطلب بنسبة 45% في الاقتصادات المتقدمة بين عامي 2021 و2050، بواقع قرابة 40% في الصين.
وفي إطار سيناريو التعهدات المناخية المعلنة، من المرجّح أن يهبط الطلب على الفحم بنسبة 20% بحلول عام 2030، وبنحو 70% حتى عام 2050، مقارنة بالعام الماضي 2021، ليصل إلى 4.539 و1.613 مليار طن على التوالي.
وفي السياق ذاته، تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن تشهد الدول المتقدمة تراجعًا في استهلاك الفحم بنسبة 65% بحلول عام 2030، على أن يصل الطلب إلى أعلى مستوياته في الصين أوائل العقد الحالي، وفي الهند أواخر العقد ذاته.
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية تراجع الإنتاج العالمي للفحم إلى 5.149 مليار طن بحلول عام 2030، مقابل 5.825 مليار طن في العام الماضي، مع تراجع وتيرة الاستثمارات والرغبة المتنامية في التخلص التدريجي من الوقود الأكثر تلويثًا.
ومن المتوقع -أيضًا- أن يمضي إنتاج الفحم في مساره الهبوطي بوتيرة سريعة تصل إلى 25% خلال 20 عامًا المقبلة، ليصل إلى 3.829 مليار طن، مع تراجع إمدادات الصين بنحو 35%، وكذلك إنتاج الهند والاقتصادات المتقدمة بنسبة 20%.
- موضوعات متعلقة..
- بعد حظر الفحم الروسي.. طوابير طويلة في بولندا للحصول على وقود التدفئة
- صادرات الفحم الروسي إلى الهند تتضاعف 6 مرات خلال 20 يومًا
- الفحم الروسي يُقيِّد نفوذ الدولار الأميركي في الهند.. ويمهد الطريق لليورو والدرهم الإماراتي
اقرأ أيضًا..
- 5 عوامل تشجع تبني النفط المحايد للكربون عالميًا (تقرير)
- نيوميد إنرجي الإسرائيلية توقع اتفاقًا للتنقيب عن الغاز في المغرب
- طفرة في مشروعات الطاقة الشمسية في الصين والسعودية
- هيونداي تتفوق على تويوتا في مبيعات سيارات خلايا وقود الهيدروجين