لتران فقط.. محطات الوقود في المجر تخفّض مبيعاتها لأصحاب السيارات
بسبب الأزمة الممتدة منذ 3 أسابيع
عمرو عز الدين
دفعت أزمة الوقود في المجر بعض محطات البنزين إلى تحديد الكميات التي ستبيعها إلى أصحاب السيارات، إذ أخطرتهم بعدم قدرتها إلا على تزويدهم بلترين فقط من الوقود المحددة أسعاره من قبل الحكومة.
وعلّقت بعض محطات الوقود في بلدة مارتون فاسار غرب العاصمة المجرية بوادبست لافتات تخطر قوائم السيارات المتكدسة بعدم قدرتها على بيع البنزين بالأسعار الحكومية، إلا في حدود لترين لكل سيارة، ما يعادل نصف غالون فقط، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس الأميركية.
وتشتكي مئات المحطات الخاصة المنتشرة عبر جميع أنحاء المجر أزمة وقود حادة ممتدة منذ 3 أسابيع، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
نقص الإمدادات من شركة الحكومة
تتمثّل أزمة الوقود في المجر في نقص الإمدادات محددة السعر التي تصل إلى المحطات من قبل شركة النفط والغاز الحكومية (مول)، التي تنتج أغلب المشتقات النفطية وتوزعها في البلاد.
وتتولى شركة النفط والغاز الحكومية (مول) توزيع إمدادات الوقود لنحو 2000 محطة وقود حكومية خاصة منتشرة عبر أنحاء البلاد.
وتمتلك الشركة الحكومية وحدها 500 محطة وقود، تشكو 100 منها نقص الإمدادات خلال الأسبوع الماضي، ما يعني امتداد حجم الأزمة إلى المحطات الحكومية نفسها، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
سعر البنزين 1.22 دولارًا
فرضت الحكومة المجرية حدًا أقصى لأسعار بيع الوقود (البنزين والديزل) عند 480 فورنتًا مجريًا (1.22 دولارًا للتر) منذ نوفمبر/تشرين الثاني (2021).
واشتكى رئيس الرابطة المجرية لمحطات الوقود الخاصة لازلو غيبير، اختفاء الوقود من الأسواق بسبب انخفاض حجم الإمدادات التي تصل إلى المحطات تدريجيًا خلال الأسابيع الماضية، وصولًا إلى الصفر خلال الأسبوع الحالي.
وتواجه الحكومة المجرية أزمة في استيراد الوقود والمشتقات النفطية، بسبب اشتعال الأسعار العالمية على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية الممتدة منذ فبراير/شباط 2022، وما أعقبها من قطع إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا.
ودفعت أزمة الوقود في المجر الموردين الأجانب إلى الابتعاد عن بيع النفط ومشتقاته إلى البلاد، بسبب عدم جاذبية الأسعار، مقارنة بأسواق أخرى أوروبية مستعدة للشراء بأسعار أعلى.
كما ألقت هذه الأزمة بثقلها على شركة النفط والغاز المجرية الحكومية (مول)، التي تكافح على مسارات متعددة لإنتاج الديزل والغاز وبيعه بسعر مخفض على مستوى البلاد.
واشتكت شركة مول -مؤخرًا- انخفاض الطاقة الإنتاجية لمصافيها التي تقع في وسط البلاد إلى 50%، بسبب عدد من الصعوبات الفنية، بالإضافة إلى انقطاع الإمدادات عبر خط دروجبا المعروف بخط أنابيب الصداقة.
كما اشتكت استمرار العمل بقرار الحد الأقصى لأسعار الوقود، مطالبة بوقفه في أسرع وقت ممكن لما يترتب عليه من خسائر ضخمة لا تستطيع تحملها.
وينقل خط أنابيب دروجبا النفط الروسي إلى المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك، بقدرة 1.4 مليون برميل يوميًا، وهو أطول خط نفط في العالم، ويمثّل انقطاع إمداداته مشكلة كبيرة للمجر التي تعتمد بصورة كبيرة على روسيا في ضمان أمن الطاقة.
تقنين السعر يرفع الاستهلاك 25%
يقول مالك محطة وقود في مدينة مارتونفاسار، إن المحطات ظلت تعمل بالحد الأقصى للأسعار طوال عام كامل، لكن ارتفاع الاستهلاك تسبب في تفاقم مشكلة نقص الإمدادات لأكثر من 500 محطة وقود منتشرة في جميع أنحاء المجر.
ويلقي صاحب المحطة باللوم على الحد الأقصى للأسعار، لتسببه في مشكلة ارتفاع الاستهلاك، فالناس من وجهة نظره غالبًا ما تستهلك الأشياء الرخيصة بسرعة وبكميات كبيرة، ما يؤدي إلى نفادها من الأسواق بسرعة أكبر من السلع ذات الأسعار المتوسطة والكبيرة.
وتشير بيانات محلية إلى ارتفاع إجمالي استهلاك الوقود في المجر خلال عام 2022، بنسبة تتراوح بين 20% و25%، مقارنة بنسب الاستهلاك خلال العام الماضي، ما يفوق قدرة وزارة العمل المجرية المنوطة بتوفير احتياجات الوقود في البلاد.
زيادة الضرائب إلى 40%
حاولت الحكومة تفادي أزمة الوقود في المجر، من خلال احتواء مشكلة ارتفاع الاستهلاك عبر فرض ضريبة مفاجئة على أرباح شركات الطاقة في البلاد، بما فيها شركة النفط والغاز الحكومية (مول)، منذ يوليو/تموز 2022.
وأظهر مرسوم الضرائب الجديد فرض ضريبة غير متوقعة على أرباح الشركة الحكومية (مول) من 25% إلى 40%، بداية من شهر أغسطس/آب 2022.
كما أظهر مرسوم آخر قصر الاستفادة بالبنزين المدعم على السيارات الخاصة وسيارات الأجرة والشاحنات الزراعية، مع رفع السيارات التابعة للشركات من قائمة المستفيدين ودفعها إلى الشراء بأسعار السوق.
انتهاء التقنين 31 ديسمبر
في محاولة لتجنّب أزمة الوقود في المجر، مددت الحكومة الحد الأقصى لأسعاره أكثر من مرة منذ إقراره في نوفمبر/تشرين الأول 2021، ومن المقرر انتهاء العمل به في 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، وفق آخر تمديد.
وصرّح رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، بإمكان تمديد العمل بالحد الأقصى، ولكن بشرط استطاعة وزارة العمل تلبية الطلب المتزايد في جميع أنحاء البلاد.
وأضاف أوربان، في مؤتمر صحفي الأربعاء 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2022: "إذا لم تستطع وزارة العمل ذلك، وإذا كان لا بد من استيراد الوقود، فمن الواضح أن سعر الاستيراد سيكون أغلى بكثير، ما يدفعنا إلى التساؤل، إلى متى يمكننا تزويد البلاد بالبنزين والديزل، في إشارة إلى الحد الأقصى للسعر".
واضطرت إحدى المزارعات المجريات، وتدعى ماريكا فاستاج، إلى تعبئة جركن سعة 10 لترات بالديزل بسعر السوق، لعدم تسلم المحطة القريبة منها أي كميات من الوقود المدعم منذ أسبوعين.
وتقول السيدة، التي تخطت الـ73 عامًا بقليل، إن "عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا هي السبب فيما نحن فيه الآن"، مطالبة الاتحاد بالتوقف عن مطالبة بلادها بالتخلي عن النفط والغاز الروسيين.
وأضافت: "لسوء الحظ نحن لسنا مستقلين، وليس لدينا اكتفاء ذاتي من كل شيء نحتاج إليه، خاصة الوقود، لذلك علينا أن نلتزم بأولئك الذين يساعدوننا، وإن اختلفنا معهم".
المجر تحتج على عقوبات روسيا
تعتمد المجر بصورة كبيرة على واردات النفط والغاز الروسيين، ما يفسر هجوم حكومتها اليمينية الشعبوية على عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على موسكو منذ غزوها لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
وتقع المجر في وسط أوروبا، وهي إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لكنها تخشى انقطاع إمدادات النفط والغاز، إذا وقّعت على العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا.
كما تحتج المجر على العقوبات من منظور الأسعار، وتلقي باللوم على قرارات الاتحاد التي دفعت أسعار الطاقة وأرقام التضخم إلى تسجيل مستويات قياسية في جميع أنحاء القارة العجوز.
الاتحاد يستثني المجر
حصلت المجر في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 على استثناء يرفع عنها حرج الالتزام بقرار تحديد سقف سعر النفط الروسي المنقول بحرًا عبر اعتماد صيغة أخف للقرار الأوروبي.
وتنص الصيغة الأخف على إعفاء شحنات النفط عبر خطوط الأنابيب من سقف السعر، ما يعني أن المجر لن تتأثر بدخول قرار الحد الأقصى حيز التنفيذ.
وأبدت حكومات الاتحاد الأوروبي موافقة مبدئية في 1 ديسمبر/كانون الأول 2022 على مقترح مجموعة الدول الـ7 بتحديد سعر النفط الروسي عند 60 دولارًا.
ومن المقرر أن يدخل هذا القرار حيز التنفيذ بداية من 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري، مع إمكان مراجعة السقف كل شهرين، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتتوقع الدول الأوروبية أن يُسهم القرار في تشديد الضغوط الاقتصادية على روسيا، عبر خفض عوائدها من الصادرات النفطية، ما قد يدفع اقتصاد موسكو إلى مزيد من الانكماش خلال العام المقبل 2023.
وأما الولايات المتحدة فتستهدف تحقيق أمرين من هذا القرار، الأول ضمان خفض عوائد روسيا من النفط، والثاني ضمان وصول دول العالم إلى مصادر الطاقة بأسعار رخيصة، وفقًا لنائب وزير الخزانة الأميركي والي أدييمو.
موضوعات متعلقة..
- إعفاء المجر من تطبيق سقف أسعار النفط الروسي
- مسؤول: تدفق النفط الروسي إلى المجر يضمن استقرار أسعار الطاقة
- المجر ترجّح عودة النفط الروسي عبر خط دروجبا قريبًا وتؤكد سلامة الأنابيب
اقرأ أيضًا...
- كيف يغيّر سقف أسعار النفط الروسي خريطة التجارة العالمية؟
- خطط باكستان لاستيراد النفط الروسي قد تصطدم بضوابط سقف الأسعار (تقرير)
- مخصصات الطاقة في أوروبا قد تقفز إلى 723 مليار دولار تحسبًا للشتاء (تقرير)