مخصصات الطاقة في أوروبا قد تقفز إلى 723 مليار دولار تحسبًا للشتاء (تقرير)
عمرو عز الدين
رجّح تقرير بحثي ارتفاع مخصصات الطاقة في أوروبا إلى 700 مليار يورو (723 مليار دولار)، وسط تعهدات حكومية بزيادة الإنفاق على حماية المستهلكين، تحسبًا لتداعيات لفصل الشتاء.
وأشار التقرير الصادر في 29 نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، عن مركز أبحاث براغل -ومقرّه بروكسل- إلى تحديثات مالية في خطط دول الاتحاد الأوروبي لدعم المستهلكين بزيادة 50 مليار يورو عن خطط أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وقال المركز المتخصص في دراسة السياسات العامة، إن دول الاتحاد رصدت منذ سبتمبر/أيلول (2021) قرابة 600 مليار يورو (623 مليار دولار) لدعم مخصصات الطاقة في أوروبا، بهدف حماية المستهلكين من اشتعال الأسعار العالمية، وفقًا لموقع بلومبرغ.
50 مليار يورو زيادة
تزيد مخصصات الطاقة في أوروبا (بعد التحديث) بقيمة 50 مليار يورو مقارنة بحسابات الشهر الماضي (أكتوبر/تشرين الأول 2022).
وتعهّد قادة أوروبا، في قمة بروكسل المنعقدة في 20 و21 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بمساندة الشركات والمستهلكين المنزليين بحزمة إنفاق ضخمة على بنود الطاقة تصل إلى 550 مليار يورو، لمساعدتهم على تحمّل تكاليف أزمة الطاقة العالمية.
ويقول مركز براغل، إن الأرقام المعلنة من جانب الاتحاد لا تأخذ في حسبانها مخصصات مالية أخرى تدخل بأبواب مخصصات الطاقة في أوروبا بصورة أو بأخرى، مثل برامج القروض و دعم المرافق وعمليات التأميم و الإنقاذ، ما يجعل برامج الإنفاق المعلنة أقلّ من الإنفاق الفعلي.
وأغفلت حزم الإنفاق المعلنة احتساب برنامج الاقتراض الأوروبي التاريخي الموسّع لدعم تعافي دول أوروبا من آثار جائحة كورونا، والذى تصل قيمته إلى 90 مليار يورو، لمدة عامين.
الرقم قد يصل 710 مليارات يورو
استنادًا إلى ذلك، رجّح مركز براغل أن يصل إجمالي مخصصات الطاقة في أوروبا إلى 710 مليارات يورو، وليس 600 مليار كما هو معلَن، بمعدل زيادة 110 مليارات يورو.
وكان المركز قد انتقد -في تقرير سابق- أسلوب توزيع مخصصات الطاقة في أوروبا بين دول الاتحاد الكبرى والصغرى، استنادًا إلى ضخامة حجم برنامج دعم الطاقة الذي أعلنته ألمانيا بصورة منفردة في 29 سبتمبر/أيلول (2022).
ويبلغ حجم البرنامج الألماني 200 مليار يورو من إجمالي 550 مليار يورو تعهدت بها دول الاتحاد مجتمعة، زيدَت لاحقًا إلى 600 مليار يورو.
( اليورو = 1.03 دولارًا أميركيًا)
ألمانيا تستحوذ على 35%
يعنى هذا استحواذ دولة واحدة على 35% من إجمالي مخصصات الطاقة في أوروبا، بينما تتشارك دول الاتحاد الأخرى البالغة 26 دولة في نسبة الثلثين.
وأثار البرنامج الألماني انتقادات طبقية حادة بين دول الاتحاد الأوروبي بقمّة بروكسل المنعقدة في 20 -21 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
وانتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انفراد ألمانيا بهذا البرنامج الضخم الذي يعزل برلين عن أوروبا، وفق تصريحاته التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ويحتجّ المعارضون على ضخامة البرنامج الألماني بمقولات التنافسية، إذ يخشون من تأثير هذا الانفاق الضخم لدى المستهلكين الألمان في معايير التنافسية بين اقتصاديات دول الاتحاد التي لا يقوى أغلبها على رصد مبالغ مماثلة أو قريبة في ظل تحديات اقتصادية ومالية وصحية ضخمة .
كما يخشى المعارضون من حدوث اختلالات مالية هيكلية يصعب إصلاحها داخل دول الكتلة الأوروبية، بسبب ضخامة الإنفاق الألماني على دعم الطاقة.
ألمانيا تعارض تقنين الغاز
تواجه ألمانيا انتقادات أخرى على قيادتها تيارًا داخل الاتحاد الأوروبي يرفض فكرة تقنين أسعار الغاز الطبيعي المستعمَل في توليد الكهرباء على مستوى الاتحاد.
ويلحّ فريق داخل الاتحاد تتزعمه فرنسا وإيطاليا وبولندا على ضرورة تبنّي تشريع موحّد يضع سقفًا لأسعار الغاز محليًا، بينما يرفض الفكرة ويعرقلها فريق آخر تتزعمه ألمانيا -أكبر دول الاتحاد- وهولندا والدنمارك.
وأصدرت 15 دولة في الاتحاد بيانًا في 27 سبتمبر/أيلول 2022 يطالب بسَنّ قانون لوضع حدّ أقصى لأسعار جميع تعاملات الجملة على الغاز، لكن المفوضية الأوروبية ما زالت مترددة، وتفكر في طرح حلول جزئية في المسار نفسه، دون تبنّي مسألة التقنين التي تتطلب موارد مالية ضخمة.
ويحتجّ الفريق الألماني المعارض بعدم جدوى سقف الأسعار في ظل تراجع الإمدادات الروسية بصورة كبيرة، تصل إلى التوقف شبه التام، وتشارك ألمانيا في الرأي نفسه دول أوروبا الوسطى.
تحذيرات بحثية من تقنين الغاز
تخشى مؤسسات بحثية عالمية من تداعيات ارتفاع مخصصات الطاقة في أوروبا وتطبيق مقترح تقنين أسعار الغاز على سياسات خفض الاستهلاك، في ظل انقطاع إمدادات الغاز الروسي بصورة شبه نهائية منذ نهاية سبتمبر/أيلول 2022.
وحذّر خبراء في مؤسسات مورغان ستانلي، وريستاد إنرجي، وسيتي غروب، من حدوث أزمة في فصل الشتاء الحالي، بسبب الإفراط في برامج دعم الطاقة في أوروبا؛ ما قد يؤدي لزيادة الطلب على الطاقة، ويعصف بسياسات خفض الاستهلاك.
ويقول المحلل في شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي، فابيان روننجين، إن تقنين سعر الغاز ووضع حدّ أقصى له سيدفع الطلب للارتفاع بصورة مصطنعة، ما قد يخفض حافز المستهلكين لتوفير الطاقة.
ويبدو أن بعض الدول الأوروبية قد استعدت لفصل الشتاء بصورة جيدة، عبر تعزيز مخزونات الغاز بكميات وفيرة، إلّا أن موجات البرد القارس لا يمكن ضبط آثارها، ما ينذر بانقطاعات في التيار الكهربائي خلال فصل الشتاء.
ودفعت مثل هذه العوامل خبراء مورجان ستانلي إلى تشديد توصياتهم بخفض استهلاك الطاقة أكثر من أيّ وقت مضى، وسط مخاوف من استمرار إلحاح بعض الدول الأوروبية في اتجاه التقنين، تأثرًا بضغوط المواطنين وارتفاع حالة الشكوى والتذمر.
وأشارت مذكرة صادرة عن مورغان ستانلي -اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة- إلى صعوبة التحديد الدقيق لآثار تقنين الغاز في أوروبا، لكنها جزمت بأن زيادة الطلب ستكون من ضمن الآثار المتوقعة.
فرض ضرائب استثنائية
اقترحت ألمانيا خطة بديلة للتقنين تستهدف ترويض التضخم القياسي الذي يضرب القارة العجوز؛ بسبب اشتعال أسعار الغاز الطبيعي أضعافًا مضاعفة، منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية فبراير/شباط (2022).
وتشمل مقترحات ألمانيا فرض ضرائب استثنائية على أرباح شركات الوقود الأحفوري المسجلة خلال عام 2022 أو عام 2023، بجانب وضع حد أقصى لسعر الكهرباء غير المولّدة بالغاز، والتي تضم محطات الرياح والطاقة النووية والفحم والطاقة الشمسية.
ووافقت دول الاتحاد على مقترح الضريبة الاستثنائية في 30 سبتمبر/أيلول 2022، كما شرعت أكثر من دولة في فرض هذا النوع من الضرائب بصور مختلفة، أمّا مسألة وضع حدّ أقصى لسعر الغاز فلم تُحسم بعد.
موضوعات متعلقة..
- خطة أوروبا لتقنين أسعار الطاقة مهددة بالفشل (تقرير)
- أزمة الطاقة في أوروبا تدفع الشركات الإيطالية لابتكار حلول ذاتية (تقرير)
- فاتورة أزمة الطاقة في أوروبا تقترب من 500 مليار دولار (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- رئيس أرامكو: أزمة الطاقة لن تنتهي بوقف الحرب الروسية الأوكرانية.. وهذه هي الأسباب
- نوفاك: فرض سقف لسعر النفط الروسي يهدد بنقص موارد الطاقة
- بعد توقف الغاز الروسي.. 53 مليار دولار لإنقاذ يونيبر الألمانية من الانهيار