التقاريرتقارير الغازرئيسيةغاز

دعم الطاقة في خطط حكومات أوروبا قد يصل إلى 700 مليار دولار (دراسة)

عمرو عز الدين

رجّح مركز أبحاث مستقل في دراسة السياسات العامة الأوروبية أن تصل فاتورة برامج دعم الطاقة في خطط حكومات أوروبا إلى 710 مليارات يورو (699.91 مليار دولار)، خلافًا للرقم المعلن الذي يقل عن ذلك بكثير.

وتعهّد زعماء قادة الاتحاد الأوروبي، الذين اجتمعوا في قمة بروكسل على مدار يومي 20 و21 أكتوبر/تشرين الأول (2022)، بدعم المواطنين والشركات بقيمة 550 مليار يورو (536 مليار دولار)، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويقول مركز براغل -المتخصص في الاقتصاد السياسي والسياسات العامة- إن الأرقام الأوروبية المعلنة لخطط دعم الطاقة تغفل مخصصات برامج القروض ودعم المرافق وعمليات الإنقاذ، بما يجعلها أقل من الإنفاق الفعلي، وفقًا لوكالة بلومبرغ.

وتشير دراسة حديثة صادرة عن المركز إلى إغفال احتساب مبلغ 90 مليار يورو مخصص لمدة عامين لدعم تعافي البلدان الأوروبية من آثار جائحة كورونا، عبر برنامج الاقتراض الأوروبي التاريخي الموسّع.

حقيقة أرقام دعم الطاقة

يرجّح المركز الألماني -ومقره بروكسل- ارتفاع مخصصات دعم الطاقة الأوروبية فعليًا من 550 مليار يورو إلى 710 مليارات يورو، بعد احتساب هذا البند وغيره.

وتشير طريقة توزيع هذه المخصصات بين دول الاتحاد إلى حالة من حالات عدم المساواة المالية داخل دول الكتلة، ما بين كبيرة وصغيرة ومتوسطة من حيث السكان والموارد المالية.

وأعلنت ألمانيا وحدها برنامجًا ضخمًا لدعم الطاقة يصل إلى 200 مليار يورو من أصل 550 مليار يورو متعهد بها اتحاديًا، لكن لم يخصص منها حتى الآن إلا أقل من النصف تقريبًا.

ولم يسلم برنامج ألمانيا السخي المعلن في 29 سبتمبر/أيلول (2022)، من الانتقادات الحادة، من جانب بعض قادة الاتحاد في قمة بروكسل، ولا سيما فرنسا، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إن برنامج دعم الطاقة الألماني المعلن يعزل برلين عن أوروبا في مسار خاص بها.

دعم الطاقة
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون - الصورة من بلومبرغ

وأضاف، في كلمة على هامش قمة بروكسل، أنه "ليس من الجيد للجميع أن تعزل ألمانيا نفسها، يجب أن نحافظ على وحدتنا.. وسنعمل مع المستشار الألماني، أولاف شولتس، لإيجاد حل لهذه الأزمة".

بدوره، حذّر رئيس الوزراء الإيطالي -المنتهية ولايته- ماريو دراغي، زعماء الاتحاد من الركود الذي تعانيه دول أوروبا، مشيرًا إلى أن الانقسامات داخل التكتل لا تفيد إلا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

(اليورو يساوي 0.99 دولارًا)

لا نستطيع مجاراة ألمانيا

يعتقد المنتقدون أن البرنامج الألماني ضخم جدًا وسيؤثر في المنافسة بين دول الاتحاد التي لا تستطيع مجاراة ألمانيا في رصد مخصصات مماثلة لبند الطاقة في ظل أوضاع اقتصادية ومالية صعبة تواجهها أغلب دول الاتحاد، خلافًا لألمانيا التي تبدو لهم في سعة من أمر اقتصادها، وإن بدت تعاني أزمات الطاقة مثلهم.

كما تخشى دول الاتحاد المعارضة من أن تتسبب الخطة الألمانية المتوسعة في اختلالات لا يمكن إصلاحها داخل الكتلة الأوروبية.

ويمثل إنفاق الاتحاد الأوروبي قرابة 3% من الناتج المحلي الإجمالي لدول الكتلة، وتحل ألمانيا في المرتبة الثانية في نسبة الإنفاق المطلقة بعد مالطا بنسبة 7.4%، بينما تأتي السويد في آخر قائمة الدول المنفقة بنسبة (0.3%)، وفقًا لدراسة مركز براغل.

أما بريطانيا فقد خصصت قرابة 91 مليار يورو (79 مليار جنيه إسترليني) في أعقاب خفض الحكومة خطة تجميد أسعار الطاقة إلى 6 أشهر بدلًا من عامين.

فجوة اللامساواة تتسع

تسلّط الأرقام التي تعهّدت بها الحكومات الأوروبية للإنفاق على الطاقة، الضوء على الفوارق المختلفة لميزانيات دول الاتحاد، ولا سيما ألمانيا، وهو ما أثار انتباه بعض الباحثين في مركز براغل للبحوث.

دعم الطاقة
المستشار الألماني أولاف شولتس - الصورة من دويتش فيله

ويقول المؤلف المشارك في تقرير المركز، سيمون تاغليا بيترا، إن الأرقام المعلنة من جانب دول الاتحاد تؤكد ما نعرفه جميعًا، في إشارة إلى حجم اللامساواة المنتشرة بين دول الاتحاد الكبرى والصغرى.

ويضيف بيترا: "يمكن للبلدان ذات القدرة المالية الكبيرة أن تقدم المزيد من الدعم لعائلاتها وشركاتها، بينما تواجه دول أخرى أقل في القدرات المالية مشكلة في تخصيص حزم دعم أقل، بما يشير إلى حجم عدم تكافؤ الفرص داخل الاتحاد، وينذر بعواقب اقتصادية وسياسية خطيرة".

وتعارض بعض الدول الأوروبية ممن توصف بـ"الصقور المالية" تكرار صندوق استرداد كوفيد، بينما تؤيد دول أخرى اللجوء إلى آلية إصدار الديون المشتركة لصرف القروض اللازمة لدعم الاقتصادات المتعثرة داخل الاتحاد.

كما تدفع دول أخرى توصف بـ"الحمائم المالية"، مثل فرنسا وإيطاليا والبرتغال، باتجاه إنشاء آليات جديدة داخل الاتحاد الأوروبي للمساعدة في تقاسم العبء الاقتصادي بين الجميع.

اجتماع دون اتفاق حاسم

ناقش قادة الاتحاد الأوروبي في قمة بروكسل عددًا من القضايا الخلافية؛ من بينها مبادرات خطط دعم الطاقة وتحديد سقف لأسعار الغاز الطبيعي المستخدم في توليد الكهرباء، إضافة إلى مبادرات دعم الدول المتعثرة.

وشدد جميع الزعماء في خطاباتهم على حاجة أوروبا إلى متابعة العمل المشترك للتخفيف من تداعيات أزمة الطاقة على الشركات والمستهلكين، والحفاظ على تكافؤ الفرص وتجنب تقويض الأسواق.

وبدأت محادثات قمة بروكسل، بعد ظهر يوم الخميس 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، واستمرت حتى الساعات الأولى من يوم الجمعة 21 أكتوبر/تشرين الأول 2022، دون اتفاق بشأن ما إذا كان سيجري وضع حد أقصى لأسعار الغاز؛ إذ تمسّكت ألمانيا برفضها وضع حد أقصى لأسعار الغاز، وأعلنت -دول الاتحاد- مواصلة دراسة الخيارات لوضع سقف للتكاليف.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: "لدينا الآن خريطة طريق جيدة جدًا ومتينة لمواصلة العمل بشأن موضوع أسعار الطاقة"، وفق ما نقلته وكالة رويترز.

كما أيّد قادة الاتحاد الأوروبي المقترحات التي قدمتها المفوضية الأوروبية هذا الأسبوع لإطلاق معيار سعر بديل للغاز الطبيعي المسال والشراء الطوعي المشترك للغاز، على الرغم من أن القوانين لتحقيق ذلك ستحتاج إلى التفاوض بشأنها خلال الأسابيع المقبلة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق