توليد الكهرباء بالفحم والمصادر المتجددة يسجل أرقامًا قياسية جديدة في الصين
نوار صبح
ارتفع توليد الكهرباء بالفحم في الصين، منذ يناير/كانون الثاني حتى أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام، وازدادت كمية الانبعاثات المصاحبة لذلك إلى مستويات عالية جديدة.
يأتي ذلك بالتزامن مع طفرة في إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، حسبما أوردت وكالة رويترز.
وارتفع توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الصين بأكثر من 30% في المدة من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول مقارنة بالمدة نفسها من عام 2021، في حين قفز توليد الكهرباء من طاقة الرياح بنسبة 25%.
دعمت أحدث بيانات إنتاج الكهرباء من مصادر النظيفة مكانة الصين باعتبارها أكبر ناشر للطاقة المتجددة في العالم، وفقًا لبيانات من مركز إمبر لأبحاث الطاقة والمعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويرى المحللون أنه إذا اتبع استخدام الفحم في الصين الأنماط الموسمية التقليدية وارتفع بنحو 30% في ديسمبر/كانون الأول عن إجمالي أكتوبر/تشرين الأول؛ فإن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للعام بأكمله من محطات الكهرباء بالفحم ستصل إلى 4.5 مليار طن في عام 2022.
وتُعَد كمية ثاني أكسيد الكربون هذه أعلى من انبعاثات قطاع الكهرباء في أوروبا في عام 2021، وتمثل زيادة قدرها مليار طن في انبعاثات محطات الكهرباء بالفحم في الصين منذ عام 2017، وفقًا للنشرة الإحصائية للطاقة العالمية لشركة بي بي البريطانية.
احتياجات الصين من الكهرباء
تقيّد إجمالي احتياجات الصين من الكهرباء في عام 2022 جرّاء عمليات الإغلاق المتكررة الرامية إلى مكافحة وباء كورونا "كوفيد-19"، التي عاقت نشاط التصنيع في العديد من المجالات وأبطأت الإنتاج الصناعي، حسبما أوردت وكالة رويترز.
وفي حالة كان النشاط الاقتصادي الصيني أقوى هذا العام؛ فمن المحتمل أن يكون استخدام الفحم في البلاد وانبعاثاته أعلى من ذلك، خصوصًا أن أسعار الغاز الطبيعي المرتفعة القياسية قللت من الجاذبية الاقتصادية لمنتجي الكهرباء للتحول من الفحم إلى الغاز الأنظف.
في المقابل، تستمر تدابير احتواء وباء كورونا "كوفيد-19" في خنق النشاط الاقتصادي العام والإنفاق، بينما يتسبب ضعف قطاع العقارات في انخفاض حاد في الاستثمار المحلي قد يؤدي إلى زيادة الحد من استخدام الكهرباء بشكل عام في الأشهر المقبلة.
ويتوقع المراقبون أن تحفز بيئة الاقتصاد الكلي القاتمة بكين على انتهاج سياسات مصممة لتحفيز الطلب المحلي لتعويض الأجزاء الأضعف من الاقتصاد؛ ما قد يرفع الاستخدام الكلي للطاقة في عام 2023.
ومن المرجّح أن تفضل الصين التوسع في سعة حرق الفحم على الغاز -حتى لو استمرت الانبعاثات في الاتجاه الصعودي- إذا ظلت سوق الغاز الطبيعي العالمية مضطربة في عام 2023 بسبب تحوّل أوروبا بعيدًا عن الإمدادات الروسية في أعقاب غزو أوكرانيا.
معالجة تغير المناخ
نظرًا إلى المعارضة العالمية الشديدة لاستخدام الفحم وسط المعركة المكثفة ضد تغير المناخ؛ فقد يبدو أن إجمالي التلوث بالفحم في الصين يتعارض تمامًا مع طموح البلاد المعلن لكونها رائدة في مجال معالجة أزمة المناخ.
من ناحيتها، تنظر بكين إلى أمن الطاقة على المدى القريب باعتباره أمرًا حيويًا للاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل، وهي مرتاحة لنشر محطات توليد الكهرباء بالفحم، اليوم، إلى جانب تعزيز نفوذها في تقنيات الطاقة النظيفة في المستقبل.
تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن التشكيك في التزام بكين بتطوير إمدادات الطاقة المتجددة على نطاق ملحوظ؛ فقد نشرت الصين المزيد من مشروعات توليد الطاقة المتجددة في عام 2021 أكثر من بقية العالم مجتمعة، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
في عام 2022، أدت توسعات الصين في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى وضعها على المسار الصحيح للوصول إلى هدف 3000 تيراواط/ساعة من توليد الكهرباء من الطاقة النظيفة، أكثر بكثير من أي دولة أخرى.
علاوة على ذلك، رفعت تلك التوسعات حصة الطاقة النظيفة في مزيج الكهرباء في الصين إلى رقم قياسي وطني يبلغ 31.9%، حسبما تظهر بيانات مركز إمبر لأبحاث الطاقة.
ويقارن ذلك بحصة 26.3% في عام 2015، ويضع الصين في المقدمة بين قادة العالم من حيث نشر الطاقة النظيفة على نطاق واسع.
ويلاحظ المهتمون بالشأن المناخي أن التطورات الصينية الرائدة في مجال الطاقة المتجددة تحدث جنبًا إلى جنب مع استخدام الفحم المهيمن.
ويتناسب حجم تأثير الصين على صعيد الطاقة النظيفة مع نفوذها الاقتصادي، الذي انتعش في العقود الأخيرة بفضل استخدام مليارات الأطنان من الفحم.
اقرأ أيضًا..
- الحرب في أوكرانيا تسرّع تحول الطاقة (مسح)
- باحث فرنسي يتراجع عن هجومه على الغاز المغربي وجدوى الاكتشافات
- كيف يغيّر سقف أسعار النفط الروسي خريطة التجارة العالمية؟