وكالة الطاقة الدولية تتوقع اتجاهات الغاز عالميًا في 3 سيناريوهات (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
- الطلب العالمي على الغاز قد يتباطأ في جميع سيناريوهات وكالة الطاقة
- استهلاك الغاز العالمي قد يبلغ ذروته قريبًا في سيناريو التعهدات المناخية
- إنتاج الغاز الطبيعي الروسي يهبط في جميع السيناريوهات مع العقوبات الغربية
- أسعار الغاز الطبيعي الدولية قد تنخفض مع تراجع الطلب على المدى الطويل
- الغاز المسال يهيمن على تجارة الغاز حول العالم في سيناريوهات مختلفة
ترى وكالة الطاقة الدولية أن الغزو الروسي لأوكرانيا نقطة فارقة في مستقبل الغاز الطبيعي عالميًا، لأنه يُعيد تشكيل اتجاهات التجارة والطلب، في ظل رغبة أوروبا بصفة خاصة في استبدال إمدادات الطاقة الروسية والتحول إلى الطاقة المتجددة تدريجيًا.
وبحسب التقرير السنوي بشأن آفاق الطاقة عالميًا -الصادر حديثًا عن وكالة الطاقة- فإن نمو الطلب على الغاز الطبيعي قد يتباطأ في العقد الحالي قبل أن يستقر بداية من عام 2030 حتى منتصف القرن الحالي (2050)، في ظل السياسات الحالية.
وحال تحقيق التعهدات المناخية المعلنة حتى الآن، ينخفض الطلب أكثر، لتتراجع حصة الغاز الطبيعي في مزيج الطاقة العالمي من 23% عام 2021، إلى 15% بحلول 2030، حسب التقرير الذي اطلعت على تفاصيله وحدة أبحاث الطاقة.
وتوضح وكالة الطاقة الدولية أن الإستراتيجيات الداعمة للغاز الطبيعي بصفته وقودًا انتقاليًا نحو الطاقة النظيفة في حاجة إلى المراجعة بعد أزمة غزو أوكرانيا، مع مخاوف بشأن التكلفة المستقبلية ومدى توافر الإمدادات.
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع الوصول لذروة استهلاك الوقود الأحفوري هذا العقد
- وكالة الطاقة الدولية ترسم ملامح سوق النفط في سيناريوهات مختلفة (تقرير)
الطلب على الغاز
نما الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بمعدل سنوي 2.2% منذ عام 2010، ليصل إلى 4.213 تريليون متر مكعب في العام الماضي (2021)، لكن ارتفاع أسعار الغاز ورغبة أوروبا في تقليل الاستهلاك سيؤثران في وتيرة النمو خلال السنوات المقبلة.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية نمو الطلب على الغاز الطبيعي بمعدل سنوي 0.4% بين عامي 2021 و2030، ليصل إلى 4.372 تريليون متر مكعب مكافئ، بقيادة القطاع الصناعي (يُشكل 90% من النمو)، قبل أن يستقر في الـ20 عامًا التالية، ليسجل 4.357 تريليون متر مكعب بحلول 2050، وفق سيناريو السياسات الحالية.
وفي سيناريو التعهدات المناخية المعلنة، من المتوقع أن يصل استهلاك الغاز الطبيعي عالميًا إلى ذروته قريبًا، مع هبوطه بنحو 10% بحلول عام 2030 مسجلًا 3.874 تريليون متر مكعب، مع زيادة متواضعة في الطلب من قبل الدول النامية، في حين تستبدل البلدان المتقدمة تدريجيًا الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة بالغاز، إذ يعمل الاتحاد الأوروبي على خفض الطلب 45% بنهاية العقد.
وبحلول عام 2050، من المرجح أن يهبط الطلب على الغاز بنسبة 40% عن مستويات 2021، ليصل إلى 2.661 تريليون متر مكعب، على أن تمثل الغازات ذات الانبعاثات المنخفضة (الهيدروجين والغازات الحيوية والميثان الاصطناعي) أكثر من تريليون متر مكعب مكافئ من الغاز، ما يعادل ثلث إجمالي الطلب على الوقود الغازي.
وفي سيناريو الحياد الكربوني، تتوقع وكالة الطاقة الدولية انخفاض الطلب على الغاز بنحو 20% أو 900 مليار متر مكعب هذا العقد، ليصل إلى 3.268 تريليون متر مكعب.
وبموجب هذا السيناريو، يواصل استهلاك الغاز عالميًا الهبوط بلا هوادة، ليصل إلى 1.159 تريليون متر مكعب، على أن تمثّل الغازات منخفضة الانبعاثات أكثر من 70% من إجمالي الطلب.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- تطور الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بين عامي 1965 و2021:
إنتاج الغاز في العالم
ترى وكالة الطاقة الدولية أن منطقة الشرق الأوسط ستقود نمو إنتاج الغاز الطبيعي من 4.149 تريليون متر مكعب في عام 2021، إلى 4.372 تريليون متر مكعب بحلول 2030، من أجل تلبية الطلب المحلي، قبل أن يهبط قليلًا إلى 4.355 تريليون متر مكعب، بموجب سيناريو السياسات الحالية.
أما في سيناريو التعهدات المناخية المعلنة، فمن المتوقع تراجع إنتاج الغاز الطبيعي إلى 3.878 تريليون متر مكعب في 2030، إذ تمنع طفرة تجارة الغاز المسال انخفاضًا كبيرًا في الإنتاج، لكن الإمدادات ستواصل الهبوط إلى 2.660 تريليون متر مكعب بحلول منتصف القرن.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية تراجع إنتاج الغاز الطبيعي إلى 3.264 تريليون متر مكعب بحلول 2030، ثم إلى 1.178 تريليون متر مكعب بحلول 2050، في سيناريو الحياد الكربوني.
ومن المرجح، انخفاض إنتاج الغاز الطبيعي الروسي في كل السيناريوهات، ليتراجع بمقدار 155 مليار متر مكعب بحلول 2030، من 793 مليار متر مكعب في عام 2021، وذلك في سيناريو السيارات الحالية، إلى توقعات بهبوطه بمقدار 210 مليارات متر مكعب بموجب التعهدات المناخية المعلنة، مع العقوبات الغربية والرغبة في تقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
ويوضح الرسم أدناه -الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- تطور إنتاج الغاز الطبيعي في روسيا، وفق بيانات شركة النفط البريطانية بي بي:
ومن حيث الاستثمارات، تقدّر وكالة الطاقة الدولية إنفاق 300 مليار دولار سنويًا على الغاز الطبيعي بين عامي 2022 و2050، منها 30 مليار دولار على البنية التحتية للغاز المسال وتعزيز قدرات الإسالة، في سيناريو السياسات الحالية.
وفي سيناريو التعهدات المناخية المعلنة، تنخفض استثمارات الغاز إلى أقل من 100 مليار دولار بحلول 2050، في حين يقتصر الإنفاق على الحفاظ على الإمدادات في الحقول الموجودة وتقليل الانبعاثات في سيناريو الحياد الكربوني.
أسعار الغاز
شهدت أسعار الغاز الطبيعي مستويات قياسية خلال العام الجاري (2022)، خاصة في أوروبا، إذ تجاوزت أكثر من 70 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في أغسطس/آب الماضي، وفق مؤشر تي تي إف الهولندي، مع تراجع تدفقات الغاز الروسي إلى القارة، في ظل أزمة غزو أوكرانيا.
وفي سيناريو السياسات الحالية، تقدر وكالة الطاقة الدولية أن أسعار الغاز في أوروبا ستتراوح بين 20 و30 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في منتصف العقد الحالي، ثم تنخفض تدريجيًا مع زيادة المعروض من الغاز المسال، لتستقر عند 8.50 دولارًا بحلول 2030.
ومن المتوقع أن تنخفض أسعار الغاز في آسيا، لتتراوح بين 12 و18 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بحلول عام 2025، بعدما بلغت مستوى قياسيًا أعلى من 80 دولارًا في أغسطس/آب الماضي، كما يُتوقع تراجع أسعار الغاز في الولايات المتحدة.
وفي سيناريو التعهدات المناخية المعلنة، سيؤدي التحرك القوي في أوروبا للابتعاد عن الغاز الروسي إلى زيادة أسعار الغاز حتى عام 2025، قبل أن تتراجع بحلول 2030، مع انخفاض الطلب، إذ تصل الأسعار الآسيوية إلى نطاق 9 و11 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وفق وكالة الطاقة الدولية.
وفي سيناريو الحياد الكربوني، يُتوقع تراجع أسعار الغاز الطبيعي الدولية إلى 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بحلول 2025، إذ يؤدي الانخفاض الحاد في الطلب على الغاز الطبيعي عالميًا إلى تخفيف الضغط على المعروض، على أن تهبط لاحقًا إلى 5 دولارات بنهاية العقد.
الغاز المسال يقود تجارة الغاز عالميًا
في سيناريو السياسات الحالية، ترتفع تجارة الغاز العالمية بوتيرة سنوية تقل عن 1% بين عامي 2021 و2030، مقارنة مع 3% في السنوات الـ10 السابقة، على أن تستمر تجارة الغاز المسال في تجاوز نظيرتها عبر خطوط الأنابيب.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية، ارتفاع حجم التجارة العالمية للغاز إلى 944 مليار متر مكعب بحلول 2030، قبل أن تصل إلى 991 مليار متر مكعب بنهاية 2050، على أن يمثّل الغاز المسال 559 و649 مليار متر مكعب من الإجمالي على التوالي.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي ملامح سوق الغاز الطبيعي المسال في العام الماضي، مع الوضع في الاعتبار أن مليون طن يعادل 1.379 مليار متر مكعب:
وتحتاج سعة تصدير الغاز المسال إلى الارتفاع 240 مليار متر مكعب سنويًا أعلى من السعة الحالية أو السعة قيد الإنشاء في الوقت الحالي، حسب التقرير الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وفي هذا السيناريو، من المتوقع أن تتفوّق الولايات المتحدة قريبًا على روسيا لتصبح أكبر مصدّر للغاز الطبيعي عالميًا، إلى جانب صدارتها في الغاز المسال، على أن تكون الصين أكبر مستورد للغاز الطبيعي مع تلبية الواردات 35% من نمو الطلب بحلول 2030.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية بنسبة 60% عن مستوى عام 2021، لتصل إلى 150 مليار متر مكعب بحلول عام 2030، منها 60 مليار متر مكعب تُنقل إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي سيناريو التعهدات المناخية المعلنة، يُرجح أن تنخفض تجارة الغاز العالمية بصورة طفيفة بين عامي 2021 و2030، لتصل إلى 833 مليار متر مكعب مدفوعة بهبوط أسرع عبر خطوط الأنابيب ونمو أبطأ في الطلب على الغاز المسال في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية في آسيا، قبل أن تتراجع 45% بحلول 2050، لتسجل 497 مليار متر مكعب.
وتبلغ تجارة الغاز المسال ذروتها عند 550 مليار متر مكعب قبل عام 2030 ثم تنخفض إلى 320 مليار متر مكعب بحلول عام 2050، بانخفاض 30% عن مستويات عام 2021،
في المقابل، من المتوقع انخفاض تجارة الغاز عبر خطوط الأنابيب من 430 مليار متر مكعب في 2021، إلى أقل من 200 مليار متر مكعب بحلول عام 2050، حسب وكالة الطاقة الدولية.
وفي سيناريو الحياد الكربوني -كما ترى وكالة الطاقة الدولية- تبلغ التجارة العالمية للغاز الطبيعي المسال ذروتها في منتصف العقد الحالي، ثم تنخفض إلى مستويات 2021 بحلول 2030 مسجلة 443 مليار متر مكعب، قبل الانخفاض الحاد إلى 153 مليار متر مكعب بحلول عام 2050، مع عدم الحاجة إلى سعة تصدير إضافية في هذا السيناريو.
ونتيجة لذلك، تنخفض التجارة العالمية للغاز إلى 667 مليار متر مكعب (من بينها 224 مليار متر مكعب عبر خطوط الأنابيب) بحلول 2030، ثم تهبط إلى 224 مليار متر مكعب في منتصف القرن الحالي، على أن تمثّل تجارة خطوط الأنابيب 71 مليار متر مكعب من الإجمالي.
موضوعات متعلقة..
- الغاز الطبيعي.. تعرّف على اتجاهات الإنتاج والاستهلاك عالميًا
- تجارة الغاز المسال عالميًا ترتفع 4.5% خلال 2021
- إنتاج الغاز الطبيعي في 2021.. انتعاش قوي بعد الوباء
اقرأ أيضًا..
- قبل كوب 27.. خبراء: مصر ستكون مركزًا لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر
- كيف تدعم النرويج إمدادات الغاز في أوروبا؟