طاقة متجددةتقارير الطاقة المتجددةرئيسية

الطاقة الحرارية الجوفية كنز في كرواتيا يضمن مستقبلًا جديدًا لأوروبا

مي مجدي

اقرأ في هذا المقال

  • الطاقة الحرارية الجوفية تكتسب زخمًا واسعًا في جميع أنحاء العالم
  • العديد من التجارب الأوروبية يثبت مدى كفاءة الطاقة الحرارية الأرضية
  • الطاقة الحرارية الجوفية تعدّ كنزًا لكرواتيا لتوليد كهرباء خالية من الانبعاثات
  • محطة فيليكا سيغلينا هي أول محطة كرواتية لتوليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية

مع تفاقم الأزمة المناخية، بات تسريع الجهود لتحقيق الحياد الكربوني أمرًا ضروريًا، ووفقًا لبعضهم، قد يكون الحل تحت أقدامنا، من خلال الطاقة الحرارية الجوفية.

فعلى الرغم من أنها لم تحظَ بشهرة وانتشار كبير مثل باقي مصادر الطاقة المتجددة، هي قادرة على تغيير قواعد اللعبة في العديد من دول العالم، وإزاحة الفحم والغاز من مزيج الطاقة في أوروبا الوسطى، حسبما نشر موقع واشنطن بوست.

ويبدو أن محطة فيليكا سيغلينا، التي تشبه إلى حدّ ما الطبق الطائر، ستستفيد من الطبيعة الجيولوجية لكرواتيا من خلال تسخير الطاقة المختزنة في باطن الأرض.

وتقع كرواتيا والبلدان المجاورة على بقعة جيولوجية فريدة من نوعها، إذ يمكن لكميات هائلة من الحرارة في جوف الأرض الوصول بسهولة إلى السطح.

ونتيجة لذلك، تتمتع بنسبة عالية من الطاقة الحرارية الجوفية المحتملة الخالية من الانبعاثات، والتي يمكن أن تشكّل قاعدة أساسية لشبكة كهرباء خالية من الكربون، على عكس طاقة الرياح والطاقة الشمسية، التي لا يمكنها توليد الكهرباء على مدار الساعة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

مميزات الطاقة الحرارية الجوفية

تكتسب الطاقة الحرارية الجوفية زخمًا في جميع أنحاء العالم -مؤخرًا-، وسط تحسّن التكنولوجيا وسعي المجتمعات للحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

ويرى المؤيدون أن الطاقة الحرارية الجوفية تتطلب مساحة ضئيلة نسبيًا، إذ تفوق قدرتها على توليد الكهرباء لكل قدم مربعة مقارنة بطاقة الرياح والطاقة الشمسية، وكلتاهما تحتاج إلى مساحة ضخمة لتوليد الكهرباء.

كما إن الطاقة الحرارية الجوفية لا تتضمن المخاطر المتعلقة بالنفايات والسلامة نفسها، مثل الطاقة النووية، والتي تعدّ مصدرًا منافسًا آخر لتوليد كهرباء خالية من الانبعاثات.

لذا يدفع المؤيدون لتطوير مشروعات الطاقة الحرارية الجوفية في جميع أنحاء العالم، كلما كانت القشرة الأرضية مناسبة.

محطة فيليكا سيغلينا في كرواتيا
محطة فيليكا سيغلينا في كرواتيا – الصورة موقع واشنطن بوست

تجارب أوروبية

في باريس -على سبيل المثال-، تعمل الآبار الحرارية الأرضية على تدفئة مبانٍ سكنية تعود إلى القرن الـ19.

وفي الجبال الوعرة بشرق كاليفورنيا، افتُتِحت محطة رئيسة جديدة لتوليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية في أغسطس/آب (2022).

في حين تستعين آيسلندا -وهي دولة جزرية صغيرة تقع فوق عدد لا يُحصى من الينابيع الساخنة- بمحطات الطاقة الحرارية الجوفية لتغذية أكبر محاولة في العالم لالتقاط الكربون، وهو مسعى جديد لسحب الكربون من الهواء وضخّه في الأرض.

كما شهدت كرواتيا طفرة في المشروعات بعدما غيرت الحكومة اللوائح في عام 2016، للسماح بإعادة استعمال آلاف آبار النفط والغاز المهجورة لإطلاق مشروعات الطاقة الحرارية الأرضية.

وتعدّ المنطقة الشمالية من البلاد جزءًا من حوض بانونيا الغني بالحرارة الجوفية، إذ اصطدمت فيها الصفائح القارية منذ قرابة 16 مليون سنة، وتكونت ثنايا، ونتج عن ذلك صخور متصدعة تسمح للحرارة بالارتفاع من لب الأرض المنصهر بالقرب من السطح.

كنز في كرواتيا

ترى مؤسسة شركة "جيودا" للاستشارات، الخبير الاستشاري في مشروعات الطاقة الحرارية الجوفية بكرواتيا زيلكا سلادوفيتش، أن الطاقة الحرارية الأرضية كنز في كرواتيا.

وقالت: "لعقود من الزمن، عمل الجيولوجي في صناعة النفط والغاز بكرواتيا، عندما كانت تتمتع بهذه الموارد لمدة طويلة.. الآن نفد النفط بقدر كبير، وتستورد البلاد معظم الغاز، لكن الخرائط الجوفية التفصيلية التي خلّفتها عقود من التنقيب عن الوقود الأحفوري يمكن أن تساعد المستثمرين في قطاع الطاقة الحرارية الجوفية بالعثور على فرص جيدة.

ويعني ذلك تطوير مشروعات توفر التدفئة لمناطق بأكملها في المدن التي لديها بنية تحتية مركزية للتدفئة، بدلًا من الأفران أو السخانات في كل مبنى.

محطة فيليكا سيغلينا

في الريف الكرواتي، يمكن العثور على هيكل غريب يشبه إلى حدّ كبير الطبق الطائر، مختبئ وسط التلال، وينظر إليه مؤيّدو الطاقة الحرارية الجوفية على أنه الأمل لتحقيق مستقبل خالٍ من الانبعاثات في المنطقة، وتلبية احتياجات كرواتيا، والبلدان المجاورة التي لديها طبيعة جيولوجية مماثلة، مثل النمسا والمجر وصربيا.

وافتُتِحت أول محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية في عام 2021، وسط حقل ذرة على مشارف قرية سيغلينا، التي يبلغ عدد سكانها قرابة 300 شخص، وتبعد نحو 20 ميلًا عن الحدود المجرية.

وتتكون المحطة من 44 مروحة ضخمة، يبلغ عرض كل منها قرابة 20 قدمًا، وتدور بالتوازي مع الأرض، وتعمل على تبريد المياه قبل ضخّها مرة أخرى في الأرض.

وفي هذا الشأن، قال الرئيس التنفيذي لهيئة الهيدروكربون الكرواتية ماريجان كربين، إن هناك إمكانات هائلة لتوليد كميات ضخمة من الكهرباء، ولتدفئة المناطق، وللزراعة، من خلال محطة فيليكا سيغلينا، معربًا عن أمله بتوفير ثلث الطلب على الكهرباء في البلاد من الطاقة الحرارية الجوفية.

محطة فيليكا سيغلينا في كرواتيا
محطة فيليكا سيغلينا في كرواتيا – الصورة موقع ثينك جيوإنرجي

وأشار أحد المستثمرين الذين أسهموا في بناء المحطة دراغان يوريلي إلى أن كرواتيا أظهرت للعالم وللقطاع أن إمكانات الطاقة الحرارية الأرضية في البلاد قابلة للتطبيق.

ويمكن للمحطة توليد قرابة 17 ميغاواط من الكهرباء، لكن قدرتها لا تتعدى الـ10 ميغاواط -حاليًا-؛ نظرًا للطريقة التي تعمل بها الشبكة الكرواتية.

وسيلة للتحوط ضد التقلبات المناخية

على الجانب الآخر، يقول المشككون، إن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تساعدان في توليد كهرباء بتكلفة أقلّ، خاصة في كرواتيا، ويزعمون أن المياه الجوفية ليست ساخنة كما هي الحال في الأماكن البركانية، مثل أيسلندا.

وأعرب رئيس المركز الدولي للتنمية المستدامة للطاقة والماء والبيئة نيفن دويك عن شكوكه بمدى جودتها اقتصاديًا.

إلّا أن مؤيدي الطاقة الحرارية الجوفية يزعمون أنه يمكن أن تكون وسيلة جيدة للتحوط ضد تقلبات الطقس، والتي يمكن أن تهدد مصادر الطاقة المتجددة، إذ شهدت أوروبا واحدًا من أكثر فصول الصيف حرارة خلال العام الجاري (2022)، وجفّت الأنهار، وهدد ذلك الطاقة الكهرومائية.

وفي الوقت الحالي، تسبَّب الغزو الروسي لأوكرانيا في أزمة طاقة بالقارة العجوز، وسط قطع إمدادات الغاز الطبيعي، وبات الاستثمار في مصادر الطاقة المحلية أمرًا ملحًا.

وقال مدير شركة "كاليدا أكوا" -وهي مجموعة استشارية للطاقة الحرارية الأرضية- دراغوتين دوميتروفيتش، إن الطاقة الحرارية الجوفية تعدّ موردًا مهمًا لأوكرانيا.

ورغم التحديات التي تواجه القطاع، يُتوقع أن استمرار ارتفاع أسعار الطاقة الأوروبية -كما كانت خلال هذا الصيف- سيدفع إلى إطلاق العديد من المشروعات في السنوات المقبلة.

وتحرص السلطات الكرواتية على تطوير هذا النوع من المشروعات، وأصدرت العديد من التصاريح الجديدة لبناء محطات الطاقة الحرارية الجوفية في الأشهر الأخيرة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق