التقاريرتقارير النفطرئيسيةروسيا وأوكرانيانفط

النفط الروسي يستعد لمواجهة الحظر الأوروبي وتحديد سقف الأسعار

موسكو تبحث عن ناقلات وتزيد صادراتها إلى آسيا في أكتوبر

هبة مصطفى

تسعى موسكو بكل ما أوتيت من قوة لإنقاذ قطاع النفط الروسي من التداعيات المحتملة لدى بدء تنفيذ الحظر الأوروبي له في 5 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

ويسعى قطاع الطاقة بالبلاد إلى فتح منافذ جديدة يمكنها استقبال صادراته بدلًا من الأسواق الأوروبية التي كانت تُشكّل المشتري الرئيس لخامات موسكو، غير أنها تستعد لإغلاق أبوابها أمام شحنات النفط تمهيدًا للحظر بعد أسابيع قليلة من توقّف تدفقات الغاز الروسي أيضًا عبر خط نورد ستريم.

وفي الوقت الذي تُكثّف خلاله موسكو الصادرات إلى منافذ خارج حدود القارة العجوز لتعويض حظر دول الاتحاد الأوروبي شحناتها المنقولة بحرًا، تواجه تحديات عدّة، أبرزها توافر ناقلات بما يكفي لنقل كل الشحنات والصادرات التي تسعى لتكثيف وتيرتها، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

صادرات النفط الروسي إلى آسيا

شكّلت صادرات خام الأورال الروسي المنقولة بحرًا إلى آسيا 50% من إجمالي صادرات موسكو النفطية خلال المدة من مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ليسجل عدد الشحنات 2.08 مليون طن، بحسب بيانات نقلتها رويترز عن متعاملين ومؤسسة ريفينتيف آيكون.

النفط الروسي إلى أوروبا
ناقلة ضخمة تتسع لشحنات كبيرة النفط الخام - الصورة من (The Japan Times)

ووفق البيانات، يزيد عدد شحنات الخام الروسي المتجهة بحرًا إلى آسيا خلال الـ20 يومًا الأولى من الشهر الجاري، بنسبة 8%، مقارنة بالمدة ذاتها شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

وتباينَ معدل الشحنات المتجهة إلى البلدان الآسيوية، إذ سجلت خلال المدة ذاتها 1.38 مليون طن، منخفضة عن شهر سبتمبر/أيلول الماضي، الذي سجلت خلاله 1.72 مليون طن، وفي المقابل، ارتفعت شحنات النفط الروسي إلى الصين من 0.1 مليون طن إلى 0.3 مليون طن.

(1 طن مكافئ من النفط يعادل 7.1 برميلًا في المتوسط)

وبصورة إجمالية، زاد صادرات النفط الروسي ونقل الشحنات من المواني الغربية بمعدل 1% عن الشهر الماضي، مسجلة 5.38 مليون طن، وتصدّرت الهند وتركيا وجهات شحنات صادرات روسيا من خام الأورال.

صادرات الخام الروسي إلى أوروبا

فيما يتعلق بصادرات الخام الروسي إلى أوروبا خلال تلك الآونة، تشير البيانات إلى انخفاض الشحنات الروسية من الخام ذاته إلى دول الاتحاد المنضمة للعقوبات بنسبة 22%، إذ سجلت خلال المدة ذاتها 1.1 مليون طن فقط، رغم ارتفاع الطلب.

وكان الأمر خلاف ذلك فيما يتعلق بالدول غير المنضمة لحزمة العقوبات، إذ ارتفعت شحنات النفط الروسي إليها خلال الـ20 يومًا الأولى من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري بنحو 6%، وزادت الشحنات إلى بلغاريا من 0.4 مليون طن إلى 0.48 مليون طن.

وتعدّ بلغاريا -الواقعة جنوب شرق أوروبا- الدولة الوحيدة بالقارة العجوز التي يمكنها استقبال شحنات الخام الروسي المنقولة بحرًا، عقب حظر 5 ديسمبر/كانون الأول، بينما انضمت المجر وسلوفاكيا والتشيك إلى قائمة استثناءات الحظر ومواصلة الشراء من موسكو، لكن عبر خطوط الأنابيب، وليس الشحن البحري.

ويرصد الرسم البياني أدناه حجم إنتاج خام موسكو خلال 15 عامًا من عام 1985 حتى عام 2020، وفق بيانات شركة النفط البريطانية بي بي، وما رصدته منصة الطاقة المتخصصة:

روسيا

سقف أسعار النفط الروسي

بالتزامن مع زيادة معدل صادرات النفط من موسكو منذ بداية الشهر الجاري، عكفت شركة روسنفط الروسية على البحث عن ناقلات لتأجيرها؛ خوفًا من ملاحقة الناقلات التابعة لشركات غربية، أو تعرّضها لعقوبات، أو امتناعها عن مواصلة تعاونها مع الجهات الروسية المعنية، وفق ما نشرته رويترز في 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وعدّلت الشركة من سياستها التي كانت تقضي في وقت سابق ببيع شحنات الخام عبر أرصفة التحميل وإسناد مهمة الاتفاق مع ناقلات للمشتري، مع تحمّل تكلفة الشحن والتأمين، غير أن العقوبات التي فرضتها أوروبا وأميركا عقب الغزو الروسي لأوكرانيا عدّلت من هذه السياسات، وتحمّل المُصدّرين الروس تلك المسؤوليات.

ولم يعد الحظر المفروض من قبل الاتحاد الأوروبي على الخام الروسي بدءًا من 5 ديسمبر/كانون الأول المقبل المعضلة الوحيدة التي تواجه صادرات موسكو النفطية، إذ إن هناك قيودًا إضافية على نطاق أوسع وأشمل، تتمثل في تحديد سقف لأسعار الخام.

وكانت دول مجموعة الـ7 (التي تضم أميركا، بريطانيا، كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان) قد اتفقت، مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي، على تحديد سقف لأسعار النفط الروسي وفرض قيود على خدمات النقل البحري والتأمين على عمليات الشحن تماشيًا مع مستويات الأسعار التي تحددها الجهات الممثلة لدول المجموعة.

توافر الناقلات

يطرح بدء تنفيذ الحظر وسقف الأسعار على الخام الروسي تساؤلات عدّة، أبرزها: "كيف تنقل ثاني أكبر مُصدّري الخام في العالم شحناتها؟" لا سيما في ظل تزايد التحديات اللوجستية، وينعكس على المعروض النفطي بحسب ما نشرته مؤسسة ستاندرد أند بورز غلوبال كومودتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights).

وتوقّع المحلل في ستاندرد أند بورز غلوبال ماركت إنتيليغنس، فوتيوس كاتسولاس، زيادة معدل الطلب على الشحن في الآونة المقبلة، إثر مخاوف الحظر المرتقب، مستندًا إلى قرار مجموعة الـ7 وحظره الناقلات وشركات التأمين غير الملتزمة بسقف الأسعار الذي تقرّه المجموعة لخام موسكو.

وقدّر محللون أن حجم الصادرات النفطية من روسيا إلى آسيا الآخذ في النمو يتطلب حصول موسكو على 157 ناقلة من طراز "أفرا ماكسيز" و65 ناقلة من طراز "سويز ماكسيز" و18 ناقلة من طراز "في إي سي سي"؛ لتغطية الصادرات الروسية المنقولة بحرًا التي يدور حجمها في نطاق 3.5 مليون برميل يوميًا.

ويوضح الرسم أدناه حجم صادرات النفط الروسي والمشتقات النفطية إلى الاتحاد الأوروبي وآسيا وأميركا والصين وغيرها، وفق بيانات الوكالة الدولية للطاقة، وما رصدته منصة الطاقة المتخصصة:

النفط الروسي

حلول بديلة وتغيير المسار

بمقارنة معدل الصادرات ومدى توافر الناقلات من النماذج السابق ذكرها، تبرز على السطح احتمالات لجوء مُصدّري النفط الروسي إلى الناقلات التي تغذّي الصفقات مع إيران وفنزويلا -الخاضعتين للعقوبات الأميركية- وتنقل شحناتهم.

ومع ظهور مخاوف من عدم كفاية تلك الناقلات، زادت تكهنات المحللين بعدم التزام عدد من مالكي الناقلات الأوروبية بالحظر، وقدرتهم على التحايل عليه لاستمرار أعمالهم التجارية المعنية بنقل النفط الروسي لسنوات طويلة مضت.

وذهب آخرون إلى سيناريو يقضي بفتح شركات الشحن الأوروبية والروسية غير الراغبة في الالتزام بقرار الحظر وسقف الأسعار مقرّات لها بدول خارج حدود القارة العجوز ودول مجموعة الـ7، مثل الإمارات.

وقد تحتاج موسكو إلى تغيير مسار ناقلاتها لنقص الناقلات الجليدية وصعوبة نقل الشحنات خلال فصل الشتاء، وتعرُّض مياه البحار إلى التجمد.

وعقب سريان الحظر وظهور تداعياته، تُشير التقديرات إلى أنه بحلول فبراير/شباط من العام المقبل (2023)، يُرجح عثور النفط الروسي على مشترين يعوّضون الصادرات إلى أوروبا، والتي تُقدَّر بنحو 2.5 مليون برميل يوميًا.

صعوبة تقييد النفط الروسي

لوك أويل الروسية -
مستشار تحرير "الطاقة" الدكتور أنس الحجي

قلّل مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، من إمكان تطبيق قرار تحديد سقف لسعر النفط الروسي خلال مدة وجيزة، إذ أشار إلى أن سريان القرار وفق اتفاق مجموعة الدول الـ7 يحتاج ما يتراوح بين 9 أشهر وعام لإنجاز التدابير المُنظّمة كافة.

وأوضح خلال إحدى حلقات برنامج "أنسيات الطاقة" بموقع "تويتر"، في سبتمبر/أيلول الماضي، أن تطبيق القرار يعني مراقبة ممثلي دول المجموعة للناقلات الحاملة للنفط الروسي، ومطالبتها بأوراق رسمية لتفاصيلها كافة، بما يشمل مستندات بنكية لقيمة الدفع مقابل الشحنات وفق السعر المحدد، ما يرفع تكلفة الشحن.

ونسفَ الحجي قابلية تطبيق القرار من أساسها، بالنظر إلى مدى قانونية تطبيقه، قائلًا، إن مجموعة الدول الـ7 لا تملك أيّ صلاحيات تسمح لها بتفتيش الناقلات المنتشرة في أعالي البحار بمناطق العالم، لا سيما أن قرارها لم يحظَ بموافقات من مجلس الأمن أو الأمم المتحدة تتيح لها عمليات التفتيش بحثًا عن النفط الروسي.

وأضاف أن دول المجموعة استهدفت شحنات النفط الروسي زهيدة الثمن المنقولة بحرًا إلى الهند والصين، التي تدور في نطاق 65 إلى 70 دولارًا للبرميل.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق